21 أغسطس 2010

الاستاذ عبد الوهاب حسين:
هناك من اغتال السيد معنوياً ليلتقي مع أجندة الشيطان الأكبر



قال الناشط البحريني المعروف الاستاذ عبد الوهاب حسين في كلمة له بمناسبة أربعينية الراحل الكبير آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله في الحسينية المهدوية ـ البلاد القديم ، مساء الجمعة ـ ليلة السبت ، الموافق 2 / رمضان / 1431هج . إن فكر العلامة الراحل قد إمتاز بالشمولية والعالمية ومواكبة المستجدات ومقاربة الواقع والتجديد في الطرح والمعالجة.

واضاف ان الراحل كان قد كتب في التفسير والفقه والأصول والسيرة وشؤون الحركة الإسلامية وعالج القضايا والمشاكل الفكرية والسياسية وغيرها للإنسان المعاصر، ولم تكن اطروحاته ومعالجاته محلية أو مذهبية الطابع، وإنما كانت عالمية الطابع، فقد كان يفكر ويكتب ويناقش بأفق عالمي واسع، وهي عينها عالمية الإسلام العظيم.

وقال الأستاذ عبد الوهاب حسين : لم يكن أسير الماضي والتراث في اللغة والمضمون، وإنما وضع نظره على القضايا المعاصرة والمستجدات وفكر فيها بعقل إسلامي أصيل وحر، ونقل نتاج فكره بلغة عصرية واضحة ومفهومة للإنسان المعاصر، ولم يكن أسير الخيال، ولم يفكر في الغرف المغلقه، وإنما اتصل بالناس، وفكر فيما يعيشونه في واقع حياتهم من قضايا ومشاكل فكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها، وما يحتاجونه لتطوير أوضاعهم، وقدم المعالجات للقضايا والحلول للمشاكل بشكل واقعي يتناسب مع أوضاع الناس وإمكانياتهم.

واعتبر السيد عبد الوهاب ان المرجع الراحل من الرواد الأوائل الكبار، مثل : الشهيد السيد محمد باقر الصدر، والإمام الخميني العظيم ( عليهما الرحمة ) الذين أسسوا للحالة الفكرية والسياسية والحركة الإسلامية المعاصرة، وتربت على أيديهم أجيال إسلامية ملتزمة بالدين التزاما واعيا ومسؤولا، وكان لهم حضورهم الفاعل والمؤثر الفكري والسياسي والجهادي ونحوه على كافة ساحات العمل والجهاد، وأثمر وعيا وحراكا ووجودات إسلامية متميزة.


وتناول الأستاذ عبد الوهاب حسين في كلمته بعض جوانب الخلل في إدارة الاختلافات البينية لدي المؤمنين، معتقداً بأن الخلل في إدراة الاختلافات يتحمل المسؤولية عن كثير من الأوضاع السيئة والمآسي التي تقع بيننا.

واعتبر الاستاذ عبد الوهاب حسين في إشارة إلى بعض المرجعيات التي إتهمت الراحل بالضلال والانحراف إن العالم الذي ينصب نفسه وكيلا على الحقيقة، ويجعل من رأيه معيار لها، لو أعطى للعالم الذي يختلف معه في الرأي ما أعطاه لنفسه من الحق لكان هو ـ بحسب منطقه ـ لدى العالم الآخر ضالا ومنحرفا .

وأشار في هذا الصدد إلى أن المخابرات الامريكية دفعت ملايين الدورات من أجل تصفية المرجع فضل الله بسبب الدور الذي يلعبه فكرا وحركة على الصعيد الإسلامي، وفي مواجهة المشاريع الصهيو/ أمريكية في العالم الإسلامي والشرق الأوسط .

وتأسف الاستاذ عبد الوهاب لحال من ساهم في استهداف السيد فضل الله بالاغتيال المعنوي، ليلتقي في النتيجة مع إرادة وأجندت الشيطان الأكبر أمريكا والكيان الصهيوني، ويخلق شرخا كبيرا في الجسد المؤمن.

متسائلاً: أين الحكمة ورضا الله سبحانه وتعالى من هذا التصرف ؟!

وقال الاستاذ عبد الوهاب ان هناك من يمارس الاقصاء والتضييق تجاه الآخرين بإسم الرب والدين معتبراً ذلك سلوك خسيس لا علاقة له بالتوحيد والقدسية والطهارة.


نص كلمة الاستاذ عبد الوهاب حسين بعنوان: عبرة في تأبين الراحل

أعوذ بالله السميع العليم، من شر نفسي الأمارة بالسوء، ومن شر الشيطان الرجيم .

بسم الله الرحمن الرحيم .

الحمد لله رب العالمين .

والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين الأخيار .

السلام عليكم أيها الأحبة : أيها الأخوة والأخوات في الله ورحمة الله تعالى وبركاته .

البداية ( 1 ) : رحم الله من قرأ السورة المباركة الفاتحة وأهدى ثوابها إلى روح الراحل الكبير آية الله السيد محمد حسين فضل الله .

البداية ( 2 ) : نرفع أحر التعازي والمواساة إلى مقام إمامنا وسيدنا وشفيع ذنوبنا الحجة بن الحسن العسكري ( أرواحنا لتراب مقدمه الفداء ) وإلى مقامات مراجع الأمة وفقهائها وعلمائها، وإلى جميع المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، في مشارق الأرض ومغاربها، وإليكم أيها الأحبة الأعزاء، بمناسبة رحيل آية الله السيد محمد حسين فضل الله ( رضوان الله تعالى عليه ) إلى جوار ربه الكريم .

أيها الأحبة الأعزاء : سماحة آية الله السيد محمد حسين فضل الله ( طيب الله تعالى ثراه ) شخصية فكرية ودينية وإجتماعية كبيرة ومهمة جدا، تعدى حضورها وتأثيرها ساحة العالم الإسلامي إلى الساحات الأخرى .

ويمتاز فكر سماحته واهتماماته بالشمولية والعالمية ومواكبة المستجدات ومقاربة الواقع والتجديد في الطرح والمعالجة، فقد كتب في التفسير والفقه والأصول والسيرة وشؤون الحركة الإسلامية وعالج القضايا والمشاكل الفكرية والسياسية وغيرها للإنسان المعاصر، ولم تكن اطروحاته ومعالجاته محلية أو مذهبية الطابع، وإنما كانت عالمية الطابع، فقد كان يفكر ويكتب ويناقش بأفق عالمي واسع، وهي عينها عالمية الإسلام العظيم، قول الله تعالى : ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ( الأنبياء : 107 ) ولم يكن أسير الماضي والتراث في اللغة والمضمون، وإنما وضع نظره على القضايا المعاصرة والمستجدات وفكر فيها بعقل إسلامي أصيل وحر، ونقل نتاج فكره بلغة عصرية واضحة ومفهومة للإنسان المعاصر، ولم يكن أسير الخيال، ولم يفكر في الغرف المغلقه، وإنما اتصل بالناس، وفكر فيما يعيشونه في واقع حياتهم من قضايا ومشاكل فكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها، وما يحتاجونه لتطوير أوضاعهم، وقدم المعالجات للقضايا والحلول للمشاكل بشكل واقعي يتناسب مع أوضاع الناس وإمكانياتهم، وسعى للإرتقاء بالأفراد والمجتمعات الإسلامية إلى الأفق الإسلامي الرفيع والواسع، وقدم الكثير من الجديد في معالجاته الإسلامية الأصيلة لمختلف القضايا والهموم والمشاكل التي قام بمعالجتها على الساحة الإسلامية الواسعة والمتداخلة مع الساحات الأخرى، وقد كتب وطرح وناقش بحس أدبي راقي ومتميز، وبلغة واضحة وعصرية يفهمها عموم الناس، وتدخل بسهولة وسلاسة إلى عقولهم وقلوبهم، ولم يكن أسير المصطلحات والألفاظ الموروثة، واللغة الجامدة في المعاهد والجامعات والحوزات ونحوها .

ويعتبر سماحة السيد محمد حسين فضل الله ( عليه الرحمة ) من الرواد الأوائل الكبار، مثل : الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر، والإمام الخميني العظيم ( عليهما الرحمة ) الذين أسسوا للحالة الفكرية والسياسية والحركة الإسلامية المعاصرة، وتربت على أيديهم المباركة أجيال إسلامية ملتزمة بالدين التزاما واعيا ومسؤولا، وكان لهم حضورهم الفاعل والمؤثر الفكري والسياسي والجهادي ونحوه على كافة ساحات العمل والجهاد، وأثمر وعيا وحراكا ووجودات إسلامية متميزة، مثل : الجمهورية الإسلامية في إيران، والمقاومة الإسلامية في لبنان، والحركات الإسلامية الأصيلة في جميع أنحاء العالم الإسلامي وخارجه .

وكانت الكثير من أطروحات سماحته ومعالجاته محل جدل واختلاف لدى الكثير من العلماء والمفكرين والنخب، ونحن نعلم بأن فتح باب الاجتهاد في مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) يعني : حرية التفكير العلمي، وحق الاختلاف المستند إلى الدليل والبرهان، وكان سماحة الراحل الكبير آية الله السيد محمد حسين فضل الله ( قدس سره ) يمتلك الشجاعة الكبيرة في ممارسة التفكير العلمي الحر، وطرح ما يتوصل إليه من نتائج البحث، وكان راقيا في التعامل مع الرأي الآخر، أما الذين اختلفوا مع سماحته في الرأي، فكان بعضهم راقيا في تعامله مع الآراء التي إختلف فيها مع سماحة السيد فضل الله، وكان حريصا عليه، وحكيما في إدارة الاختلاف معه، ولكن ليس الجميع كذلك .

وبهذه المناسبة أرغب في تناول بعض جوانب الخلل في إدارة الاختلافات البينية لدي المؤمنين، لأنني أعتقد بأن الخلل في إدراة الاختلافات يتحمل المسؤولية عن كثير من الأوضاع السيئة والمآسي التي تقع بيننا، وسوف اتناول باختصار شديد ثلاثة جوانب كنماذج لجوانب الخلل لدينا في إدارة الاختلاف ..

( 1 ) : البعض منا ينصب نفسه ـ بغير وجه حق ـ وكيلا على الحقيقة، ويجعل من رأيه معيار لها، ويعتبر من يختلف معه في الرأي ضالا ومنحرافا ومخطئا، ويغلق أبواب الحوار مع الآخر، والتفهم لما عنده .

وفي الحقيقة لا يوجد إنسان يمثل معيارا للحقيقة غير المعصوم، ولو كان كل عالم منا قد نصب نفسه وكيلا على الحقيقة، وجعل رأيه معيارا لها، لكانت الأجواء بيننا أجواء شحناء مكفهرة ومتشنجة، ولانقطع السبيل بيننا إلى معرفة الحق وتمييزه عن الباطل، ومعرفة الصواب وتمييزه عن الخطأ .

ولنأخذ ميزان عدل في الحكم : العالم الذي ينصب نفسه وكيلا على الحقيقة، ويجعل من رأيه معيار لها، لو أعطى للعالم الذي يختلف معه في الرأي ما أعطاه لنفسه من الحق ـ وهذا ما يدعو إليه العقل السليم والدين الحنيف ـ لكان هو ـ بحسب منطقه ـ لدى العالم الآخر ضالا ومنحرفا ومخطئا، لأن رأيه فيما يعتبر فيه من المسائل العالم الآخر ضالا ومنحرفا ومخطئا، يقابل الهدى والحق والصواب الذي يراه العالم الآخر في نفس المسائل، فيجب أن يكون هو ـ بحسب منطقه ـ في حكم العالم الآخر ضالا ومنحرفا ومخطئا، فالضلال والهدى لا يجتمعان، فإذا كان الهدى والصواب في جانب، كان الضلال والخطأ في الجانب الآخر، ولا شيء آخر . وتصوروا بعد ذلك الأجواء المشحونة التي يعيش فيها المؤمنون في ظل هذا النوع من التفكير .

ونحن في الحقيقة نعيش بعضا من هذه الأجواء لأن هناك من يحمل هذا النوع من التفكير، ولكن ليس كل أجوائنا ـ ولله الحمد ـ كذلك، لأن معظم علمائنا الأبرار لا يعطون لأنفسهم من الحق ما لم يعطهم الله عز وجل إياه، ويتصرفون بحكمة وبعد نظر، ولا يبخسون غيرهم من العلماء ومن سائر الناس حقوقهم .

( 2 ) : هناك من الأشخاص من يكون أسير الفكر النظري، ولا ينظر إلى تفاعلات الأطروحات ونتائجها العملية والفعلية على الأرض، والبعض يرى بأن هذا خارج تكليفه الشرعي، فالتكليف الشرعي عنده : أن يعرف الحق ويعرضه على الناس بأمانة كما يراه، أما نتائج الطرح فهو ليس مسؤولا عنها . وهذا الفهم خلاف المنهج القرآني النير، الذي لا يفصل بين الدعوة إلى الحق وأساليبها والنتائج التي تترتب عليها، قول الله تعالى : ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ( النحل : 125 ) وهو ـ أي الفهم السابق ـ خلاف منهج الأنبياء والأوصياء (ع) فقد كان الأئمة من أهل البيت ( ع ) ينظرون إلى أوضاع الأمة وما يصلحها في إدارة الاختلاف مع الخلفاء وغيرهم، ولم يكونوا أسرى الفكر أو الحق النظري، قول أمير المؤمنين ( ع ) : " لقد علمتم أني أحق بها ( أي الخلافة ) من غيري . ووالله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن فيها جور إلا عليّ خاصة " ( النهج : الخطبة : 73 ) وليس شيء أعظم على قلب أمير المؤمنين ( ع ) وأكثر مرارة وألما مما جرى على الزهراء ( ع ) ولكنه صبر أمتثالا لوصية الرسول الأعظم الأكرم ( ص ) بهدف الحفاظ على بيضة الإسلام، وبقاء الرسالة لتصل سالمة كما أنزلها الله سبحانه وتعالى إلى الأجيال القادمة، ولو تصرف أمير المؤمنين ( ع ) بشكل إنفعالي أو بسطحية أو سذاجة استنادا للفكر أو الحق النظري، لأنتهى الدين الحنيف ولم تقم له قائمة أبدا .

وبخصوص سماحة آية الله السيد فضل الله : فإن المخابرات الأمريكية دفعت ملايين الدولارات، وسعت لاغتياله وتصفيته بشكل صلف وبخلاف اللياقة الدبلوماسية والأعراف الدولية من خلال تفجير إرهابي ذهب ضحيته عشرات الأشخاص فضلا عن الخسائر المادية، وما ذلك إلا بسبب الدور الذي يلعبه فكرا وحركة على الصعيد الإسلامي، وفي مواجهة المشاريع الصهيو/ أمريكية في العالم الإسلامي والشرق الأوسط خصيصا .

ولسماحة السيد فضل الله مقلدين ومريدين من النخبة وعامة الناس على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم الإسلامي وخارجه، ومع ذلك نجد من المؤمنين من استهدف السيد فضل الله بالاغتيال المعنوي، ليلتقي في النتيجة مع إرادة وأجندت الشيطان الأكبر أمريكا والكيان الصهيوني، ويخلق شرخا كبيرا في الجسد المؤمن، فأين الحكمة ورضا الله سبحانه وتعالى من هذا التصرف ؟!

( 3 ) : هناك من المؤمنين من يسعى لاقصاء كل من يختلف معهم من المؤمنين وغيرهم في الرأي والموقف من الساحة والتضييق عليه وسلبه حق التحرك والعمل، ويعملون ذلك بأسم الرب والدين تحت عناوين باطلة عديدة ..

· فبعضهم من الذين يحتكرون الحقيقة والشرعية لأنفسهم .
· وبعضهم يدعي التصرف تحت عنوان المصلحة العامة .
· وبعضهم يدعي التصرف تحت عنوان الحق المكتسب من التصويت في صناديق الاقتراع .
· وغيرها من العناوين .

وأعتقد بأن هذا التوجه سلوك سلطوي بامتياز، لا يختلف في جوهره عن سلوك وتوجهات الحكومات السلطوية المستبدة، وهو سلوك خسيس لا علاقة له بالتوحيد والقدسية والطهارة، فهي جميعا بريئة منه .

ليست هناك تعليقات: