18 نوفمبر 2009

في معرض استقباله وفداً إيرانيّاً من مدينة يزد
فضل الله: إيران أمام منعطفٍ كبيرٍ ولا سبيل لحماية دورها إلا بوحدتها الدّاخليّة

رأى العلامة المرجع، السيّد محمّد حسين فضل الله، أنّ اختلاف الخطوط السياسيّة داخل إيران، ينبغي أن يكون مدعاةً للتنوّع في خدمة قضايا الشّعب الإيرانيّ والشّعوب الإسلاميّة والعربيّة، محذّراً من العمل على إضعاف إيران من الدّاخل، ودفعها إلى الانكماش في نطاق مشاكلها الدّاخليّة.

وأشار إلى أنّ إيران تمرّ بمنعطفٍ سياسيّ كبير، وهي بأمسّ الحاجة إلى تركيز عناصر الوحدة في الدّاخل، والتّحرّك في نطاق الحريّة المسؤولة الواعية.

استقبل سماحته وفداً إيرانيّاً من مؤسّسة الجواد الخيريّة في مدينة يزد الإيرانيّة، برئاسة مديرها غلام علي سعيد، والنّائب في مجلس الشّورى الإيراني، أولياء حسين، وعددٍ من العاملين في الجمعيّة.

وتحدّث سماحته في الوفد، مشيراً إلى أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران انتقلت من مرحلة البناء الذاتيّ في الدّاخل، إلى المرحلة التي تتطلّع فيها إلى الوقوف مع قضايا الأمّة، ودعم حركات التحرّر، والوقوف إلى جانب المظلومين والمضطهدين في العالم. ولذلك، فإنّ أيّ مسعى لإضعافها من الدّاخل، يمثّل خدمةً للمحاور الاستكباريّة التي تريد لها أن تنكمش في نطاقها الداخليّ، وأن تبقى أسيرةً لمشاكلها الذاتيّة، على حساب رسالتها في دعم قضايا الأمّة، وعلى رأسها القضيّة الفلسطينيّة.

أضاف: إنّ اختلاف الخطوط السياسيّة في الداخل الإيرانيّ، ينبغي أن يكون مدعاةً للتنوّع في خدمة الشّعب الإيرانيّ، وبالتّالي الشّعوب العربيّة والإسلاميّة، لا أن يتحوّل إلى عنصرٍ من عناصر إثارة الفتنة والقلاقل في الدّاخل. ولذلك، فإنّنا في الوقت الّذي نؤكّد حريّة الحركة للمجالات والتنوّعات السياسيّة المتعدّدة في إيران، نريد لهذه التنوّعات أن تكون حريصةً على وحدة البلد في خطّ حماية قضايا الأمّة، وأن يتحمّل الجميع المسؤوليّة فيما يثيرونه من أمور، وأن تُعتمَد الأساليب الحواريّة المنفتحة في عمليّة إدارة الخلافات، لا أن تتحرّك الخلافات في مجالات الفوضى السياسيّة التي يمكن أن تصيب الدّور الأساسيّ للجمهوريّة الإسلاميّة بخدوشٍ وندوب، لأنّنا نريد لهذا الدّور أن ينطلق في رحاب القضايا الإسلاميّة، وأن يمثّل السند للقضايا العربيّة، لا أن يدخل في المتاهات المعقّدة الّتي يخطّط لها أعداء الأمّة.

ورأى أنّ إيران تمرّ في هذه الأيام بمنعطفٍ سياسيّ كبير، وهي بأمسّ الحاجة إلى تركيز الوحدة في الدّاخل، لحماية حقوقها في المجال النّوويّ السّلميّ، ولتأكيد استقلالها في قضايا التّصنيع والتّكنولوجيا وغيرها. ومن هنا، فإنّ الاعتداء على هذه الوحدة، وفي هذا الوقت وهذه المرحلة، يمثّل الغاية في الخطورة. ولذلك، فالمسألة تحتاج إلى عنايةٍ خاصّةٍ في خطّ الحرّيّة المسؤولة التي تحفظ للبلد توازنه في القضايا الحيويّة والاستراتيجيّة، وتحفظ أدوار الجميع في الدّاخل في نطاق الحريّة المسؤولة الواعية.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

التاريخ: 25 ذو القعدة 1430 هـ الموافق: 12/11/2009م
استقبل الوزير عدنان السيّد حسين وجمعيّة "سكون"
فضل الله:على مجلس الوزراء أن يكون وحدةً متكاملةً، وخصوصاً في القضايا الحيويّة والإستراتيجية

شدّد العلامة المرجع، السيّد محمّد حسين فضل الله، على أهمّيّة أن يمثّل مجلس الوزراء وحدةً متكاملةً، وخصوصاً في المسائل الحيويّة والإستراتيجية، كمسألة المديونيّة، داعياً إلى تكامل الجميع في مسألة الحفاظ على سلام اللّبنانيّين الاجتماعيّ والاقتصاديّ والأمنيّ.

من جهةٍ أخرى، أكّد سماحته أنّ التّعاطي بالمخدّرات محرّم من النّاحية الشرعيّة حتى من بدايته، داعياً الدّولة اللّبنانيّة والجمعيّات الأهليّة والجهات الفاعلة إلى التصدّي لهذه الظّاهرة الّتي تفتك بالأجيال الشابّة، مشدّداً على أنّ موقع المدمنين هو في مراكز التّأهيل وليس في السّجون.

استقبل سماحته الوزير الدّكتور عدنان السيِّد حسين، حيث جرى عرضٌ للأوضاع العامَّة، وللدّور الّذي ينبغي للحكومة الجديدة أن تقوم به لمعالجة الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة الّتي يعاني البلد منها، إضافةً إلى التّهديدات الإسرائيليّة المتواصلة، وللحكومة الجديدة بالذّات.

وأكّد سماحة السيّد فضل الله أهميَّة أن تسهر الحكومة الجديدة للحفاظ على سلام اللّبنانيّين؛ سلامهم الاجتماعيّ والاقتصاديّ والأمنيّ، مشدّداً على ضرورة قيام الجميع بمسؤوليّاتهم في تحضير الأجواء لخطواتٍ أساسيّةٍ من شأنها تدعيم التّوافق الوطنيّ، داعياً إلى اعتماد خطابٍ سياسيّ نظيف وشفّاف لمواجهة الأجواء الانفعاليّة والعصبيّة التي سادت في الظّروف السّابقة، وإلى التّكامل بين الوزراء في قضايا النّاس، وحلّ المشاكل التي أطبقت على المجتمع، بحيث يمثّل مجلس الوزراء وحدةً متكاملةً، وخصوصاً في المسائل الحيويّة الاستراتيجيّة، ولا سيّما قضيّة المديونيّة التي لا بدّ من العمل على حلّها، حتى لا يسقط البلد في قبضة الإفلاس.

ثم استقبل سماحته منسّقة مشاريع الوقاية من الإدمان على المخدّرات في جمعيّة "سكون"، شانتال شديد، حيث وضعته في أجواء "مشروع الدّعوة لثقافة التقبّل والتفهّم... فلنتّحد لتخطّي الوصمة".

وشدّد سماحة السيّد فضل الله، في خلال اللّقاء، على ضرورة أن تتحمّل الدّولة اللّبنانيّة، إلى جانب الجمعيّات والجهات الفاعلة، المسؤوليّة في التصدّي لظاهرة الإدمان على المخدّرات، من خلال القيام بخطواتٍ استباقيّة تلتفّ على هذه الظّاهرة الخطيرة التي بدأت تفتك بالأجساد اللّبنانية الغضّة الطريّة، وبالجيل الشابّ تحديداً، والذي سقط المئات منه ضحيّةً للإهمال من جهة، وللمشاكل الاجتماعيّة الكبرى التي تحاصره من جهةٍ أخرى.

وأكّد سماحته أنّ التّعاطي بالمخدّرات محرّم من النّاحية الشرعيّة، حتّى وإن انطلق بطريقةٍ عاديّةٍ منذ البداية، وهو معصيةٌ، سواء أدخلناه في باب الإسكار أو غيره، لأنّ النتيجة واحدة في ضرره وخطره على الإنسان وأثّره التّدميريّ في المجتمعات البشريّة.

وشدّد سماحته على حرمة المعاملات الماليّة والتّجارية في مسألة بيع المخدّرات وشرائها.

ورأى سماحته أنّ موقع المدمنين على المخدّرات هو في مراكز التّأهيل الّتي ينبغي للدّولة وللجمعيّات الأهليّة التّواصل والتّنسيق معها، للمساهمة في تطويق هذه المشكلة التي لا يمكن للسّجون أن تحلّها، بل لا بدّ من السّعي لتهيئة الظروف السياسيّة والاجتماعيّة والصحيّة والأمنيّة لمعالجتها على جميع المستويات.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

التاريخ: 24 ذو القعدة 1430 هـ الموافق: 11/11/2009م
في معرض استقباله وفداً من‏ الباحثين والأكاديميّين النّروجيّين
فضل الله: ألمحُ حركةً دوليّةً تتزعّمها أمير‎‎‎‎‎كا تعمل لإخراج المسيحيّين من المعادلة الدّاخليّة

أبدى العلامة المرجع، السيّد محمد حسين فضل الله، خشيته من وجود حركة دوليّة تتزعّمها الولايات المتّحدة الأميركيّة، تعمل لإخراج المسيحيّين من المعادلة الدّاخليّة، أو على الأقلّ لإضعافهم، مشيراً إلى أنّ أميركا تنظر إلى لبنان من زاوية مصالحها في المنطقة.

ورأى أنّ مشكلة العراق تكمن في استمرار الاحتلال، وفي عدم وجود قوّة شعبيّة وسياسيّة عراقيّة تستطيع أن توحّد الجميع في ظلّ عمليّة التوزّع المذهبيّ والعرقيّ والسياسيّ.

وأشار إلى أنّ الجميع في المنطقة يتحضّر للحرب، فيما لغة الصّالونات السياسيّة هي لغة السّلام، لأنّ الإدارة الأميركيّة تتطلّع إلى مزيدٍ من العنف في المنطقة، وهي لا تختلف عن الإدارة السّابقة إلا في أساليب التّعاطي، أمّا على مستوى المضمون والمحتوى، فلم يتبدّل شيء.

استقبل سماحته وفداً نروجيّاً ضمّ: البروفسور في علم الاجتماع "بيورن أولاف أوتيل"، والدّكتورة تيلدا روسمر، الباحثة في الحركات الإسلاميّة على السّاحة الفلسطينيّة، والدّكتور "ترولس تونسن" الباحث حول: الإسلامويّة بين العنف والسياسة، والصّحافي كاي كغمه، حيث جرى حوارٌ مطوّلٌ حول النّظرة الغربيّة إلى الإسلام، ودور الحركات الإسلاميّة وتأُثيرها في منطقة الشّرق الأوسط، إضافةً إلى تطوّرات الأوضاع اللّبنانيّة والفلسطينيّة والعراقيّة.

وأشار سماحة السيِّد فضل الله إلى أنَّ المشكلة الّتي لا تزال قائمةً بين المسلمين والكثير من الشّرائح السياسيّة والثّقافيّة الغربيّة، تنطلق تارةً من جهل الكثير من هذه الشّرائح بالإسلام، وسيطرة مسألة الرّهاب من الإسلام على الكثير من الذهنيّات وأنماط التّفكير في تلك البلدان، وتارةً أخرى من عدم السّعي لإنجاز تفاهمٍ متبادلٍ يقوم على الحوار بين المهتمّين بالشّأن الإسلاميّ من الغربيّين، أو أولئك الّذين يشعرون بأنّهم على تماسٍ فعليّ مع المسلمين والجاليات الإسلاميّة.

أضاف: نحن لا ندعو إلى مصالحةٍ بين الإسلام والغرب، لأنّنا لا نعتقد أنّ الإسلام يمثّل عدوّاً للغرب، كما تحاول الكثير من الأجهزة المتّصلة بالصّهيونيّة العالميّة أن تقدّمه، بل إنّه يمثّل الفكر المنفتح على آفاق الرّوح والحياة، والّذي يسعى إلى تقديم نفسه إلى الآخرين في نطاق الأفكار والطّروحات والمناهج الكثيرة التي ينفتح الغربيّون عليها، كما أنّنا نرفض أن يُصار إلى التّعامل مع الغرب كعدوّ، كما نرفض لغة التّعميم الّتي تضع الشّعوب في مصاف الإدارات والسّلطات الحاكمة، لأنّنا نعتقد أنّ في الغرب مَنْ هم من أصحاب الحكمة والتعقّل، ومن يسعى لإعطاء الحقّ إلى صاحبه، مما قد لا نجد له مثيلاً في كثيرٍ من المواقع الشّرقيّة.

ورأى سماحته أنّ ثمّة خططاً رُسِمَتْ سلفاً لمنع الغربيّين من الدّخول في حواراتٍ منتجةٍ مع المسلمين أو المنتمين إلى الإسلام. ولذلك فإنّ الحاجة تبدو ماسّةً إلى حوارات فكريّة سياسيّة على نطاق واسع، تعالج فيها مراكز الدّراسات النّقاط المثارة هنا وهناك، على أساس المكاشفة الّتي تنفتح ـ بعد ذلك ـ على المواقع الإعلاميّة، وحتى الشّعبيّة.

وسئل سماحته عن السَّبب في بقاء الوضع اللّبنانيّ في نطاقٍ من التوتّر والجمود، والتأخّر في تشكيل الحكومة، فأشار إلى أنَّ بعض اللّبنانيّين ممّن يملكون مواقع قياديّة، سهّلوا الأمر للخارج لإدخال بلدهم في لعبة المساومات الإقليميّة والدوليّة، وفضّلوا سياسة الانسجام مع ما تطرحه المحاور الدوليّة على حساب الانسجام الدّاخليّ، وأصغوا إلى الخارج الّذي أصرّ على التّعامل مع الدّاخل على أساس أنّ الهزيمة لحقت بفئة لبنانيّة، وأنّ من الضّروريّ التّعاطي مع الوضع وفق منطق الرّبح والخسارة، حتى وإن أفضى ذلك إلى نتائج لا تُحمَد عقباها داخليّاً.

أضاف: إنّني ألمح حركةً دوليّةً تتزعّمها الولايات المتّحدة الأميركيّة، تعمل بطريقةٍ وأخرى، لإخراج المسيحيّين من المعادلة الداخليّة، أو على الأقلّ لإضعافهم، حيث يتطلّع الأميركيّون إلى لبنان من زاوية معيّنة، ومن منظورٍ يعتقدون من خلاله أنّ مستقبل لبنان لا تصنعه الجهات المسيحيّة المختلفة، كما أنّهم (الأميركيّين) يعملون لاجتذاب لبنان إلى سوق تجارتهم الدّوليّة في المنطقة، وهم ينظرون إلى المنطقة بعين المصلحة التي ترصد المواقع من خلال الحركة المذهبيّة والسياسيّة، كما ترصدها من زاوية الأمن الإسرائيليّ. ولذلك، فإنّنا عندما نرصد أيّة حركة داخليّة تتّصل بمسألة تأليف الحكومة أو غيرها، فإنّ علينا التّدقيق في كلّ ما يتّصل بالمصلحة الأميركيّة في تأليفها أو تعطيل هذا التّأليف أو تأجيله، من دون أن نستبعد بقيّة اللاعبين الإقليميّين من هذه الحسابات.

إنّنا، ومن خلال رصدنا للإدارة الأميركيّة الحاليّة، نعتقد أنّها تتبنّى الخطّ البراغماتيّ القائم على النفعيّة الّتي لا تقيم وزناً للقيم الإنسانيّة الحضاريّة، وبالتّالي، فهي لا تختلف في العمق عن الإدارات الأميركيّة المتعاقبة، الّتي لم تحترم الوجود المسيحيّ في لبنان، حيث عملت، ومنذ العام 1975، على إضعاف هذا الوجود. وعلى الجميع ألا يتناسوا مشروع "دين براون" الذي كان يقوم على تهجير المسيحيّين وإخراجهم من الشّرق، وهذا لا يعني أنّ الولايات المتّحدة الأميركيّة تُخلص للمسلمين، لأنّها لا تُخلص إلا لمصالحها ومصالح إسرائيل.

ورأى أنّ مشكلة العراق تكمن في استمرار الاحتلال، وفي فشل الكثير من الأطراف في التّوصل إلى إيجاد أرضيّة لوحدة شعبيّة واسعة النّطاق، مشيراً إلى أن توزّع القوى مذهبيّاً وعرقيّاً وسياسيّاً، ودخول مختلف الأطراف في لعبة تقاسم الحصص على الطّريقة اللّبنانيّة، أبقى العراق في دائرة الاهتزاز، لا على الصّعيد الميدانيّ فحسب، بل لجهة البنية الأساسيّة للنّظام. ولذلك فإنّ مصلحة العراقيّين جميعاً، تكمن في سعيهم لتشكيل قوّةٍ وطنيّة وسياسيّةٍ جامعة، تلمّ شملهم في إطار وحدة وطنيّة تتجاوز الطّوائف والمذاهب والأعراق، وهو الأمر الّذي يبدو صعباً ومستصعباً في الظّروف السياسيّة والأمنيّة الراهنة.

ورأى أنّ الفلسطينيّين يدفعون ثمن الموافقة الأميركيّة على إبقاء الكيان الصهيونيّ خارج نطاق المحاسبة، وبعيداً من متناول القانون الدوليّ، الأمر الّذي لا ينعكس على حياتهم ومستقبلهم فقط، بل على الوضع العام في المنطقة. ولذلك فإنّ الحديث عن مفاوضاتٍ للسّلام هو تعمية على الوقائع، لأنّ المنطقة مقبلة على المزيد من العنف، فيما يبتعد السّلام، وهذا ما تريده أمريكا بإدارتها الجديدة التي بدّلت الأساليب وغيّرت أِشكال التّعاطي مع العالم العربيّ والإسلاميّ، ولكنّها لم تبدّل شيئاً على مستوى المضمون والمحتوى... ولذلك، فالجميع يتحضّر للحرب في الوقت الّذي تضجّ الصّالونات السياسيّة بكلمات السّلام ومفرداته.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

التاريخ: 21 ذو القعدة 1430 هـ الموافق: 08/11/2009م
دعا الدّول الفاعلة في منظّمة المؤتمر الإسلاميّ إلى مبادرات فاعلة لرأب الصّدع بين بعض الدّول الإسلاميّة
فضل الله يستغرب صمت الأمّة أمام فتاوى القتل اليهوديّة، فيما تستمرّ فتاوى التّكفير الذّاتيّ في داخلها

دعا العلامة المرجع، السيّد محمّد حسين فضل الله، دول منظّمة المؤتمر الإسلاميّ، وخصوصاً الدّول الفاعلة منها، كسوريا وإيران وتركيا، إلى التقدّم بمبادراتٍ سياسيّةٍ نوعيّةٍ لمعالجة بعض الأزمات الحادّة في الأمّة، وما يتّصل بالعلاقات المتوتّرة بين بعض الدّول الإسلاميّة، والّتي تهدّد بنسف جسور التّعاون فيما بينها، مشدّداً على ضرورة التحرّك السّريع لرأب الصّدع، لأنّ ثمة من يعمل لإحداث فجوةٍ في العلاقات داخل الأمّة... مؤكّداً أنّ من المعيب أن تصدر فتاوى الحاخامات بقتل العرب والمسلمين، حتى الأطفال والرضّع، فيما لا يصدر عن الأمّة إلا فتاوى التّكفير الذاتيّة ضدّ هذا المذهب أو ذاك، أو داخل المذهب الواحد. واستغرب سماحته عدم تقديم القمّة الاقتصاديّة لمنظّمة المؤتمر الإسلاميّ، مبادرةً فاعلة لرفع الحصار الظّالم عن غزّة.

وجاء في بيان سماحته: "إنّ الوضع الصّعبَ والدّقيقَ الّذي تعيشه الأمّة الإسلاميّة، يحتاجُ إلى بذلِ الكثيرِ من الجهود الّتي تتجاوز الدّعوات المتواضعة، لإحراز تقدّم في الجانب الاقتصاديّ وفي العلاقات البينيّة بين الدّول الإسلاميّة، وهو الأمر الّذي أكّدته القمّة الاقتصاديّة لدول منظّمة المؤتمر الإسلاميّ، والّتي عقدت في اسطنبول قبل أيّام.

إنّنا، وإلى جانب المسألة الّتي ينبغي أن تحظى بمزيدٍ من الاهتمام فيما يتعلّق بالشّؤون الاقتصاديّة، وما يتّصل بالعلاقات بين الدّول الإسلاميّة في هذا الجانب، نعتقد أنّ على دول منظّمة المؤتمر الإسلاميّ، وخصوصاً الدّول الفاعلة، والّتي أبدت حرصاً مسؤولاً في السّنوات الأخيرة على احتضان قضايا العالم الإسلاميّ، وتبريد أزمة الخلافات بين دوله، والسّعي لتطوير العلاقات وتعزيزها فيما بينها، وخصوصاً تركيا وإيران وسوريا، أن تتقدّم بمبادراتٍ سياسيّةٍ نوعيّةٍ لمعالجة بعض الأزمات الحادّة، والّتي بدأت تأخذ طابعاً خطيراً، لا يتّصل بالدّول الّتي تجري المشاكل على أرضها، بل يتعدّاها إلى دولٍ أخرى، الأمر الّذي يهدّد بنسف جسور العلاقات فيما بينها، وخصوصاً في ظلّ الدّور غير الإيجابيّ الّذي مارسته وسائل إعلاميّة عربيّة وغير عربيّة، والّذي انعكس توتّراً ملحوظاً في العلاقات السياسيّة بين فريقٍ هنا وفريقٍ هناك.

إنّنا نعتقد أنّ من الضروريّ بمكان، أن تتحرّك الدّول الإسلاميّة الفاعلة لرأب الصّدع في بعض الملفّات والمشاكل الّتي خرجت عن طورها في الآونة الأخيرة، كما في مشكلة صعدة في اليمن وتشعّباتها، ودخول أطراف دوليّين وغير دوليّين على الخطّ، لجعل هذا الملفّ مشتعلاً، ولإحداث فجوةٍ في العلاقات الإسلاميّة ـ الإسلاميّة، بما يؤدّي إلى تفجّر الأوضاع بين بعض الدّول، وخصوصاً أنّ المشاكل السياسيّة بدأت تأخذ طابعاً مذهبيّاً، يعمل الإعلام المتعصّب على تغذيته، وتدخل على خطّه جهاتٌ تكيد للأمّة وقضاياها، لتوجّه الأمور نحو الاشتباك الداخليّ في الأمّة، بما يريح العدوّ الصهيونيّ أكثر، ويجعله أكثر استعداداً على المستويات السياسيّة والأمنيّة لمواجهة مواقع القوّة في الأمّة وحركات المقاومة فيها.

إنّ من اللافت فعلاً أن تصدر الكتب الصّهيونية الجديدة عن بعض الحاخامات في فلسطين المحتلّة، حاملةً عناوين القتل حتى للأطفال العرب والمسلمين، لأنهم "يسدّون طريق النّجاح" أمام جيش العدوّ، كما جاء في كتاب الحاخام الصّهيوني "شابيرا"، فيما تتصاعد الحملات الإعلاميّة والسياسيّة بين الدّول الإسلاميّة على خلفيّة تدخّل هذه الدّولة بشؤون تلك، أو اتهام هذه الدولة لتلك بالتورّط في هذا الملفّ السّاخن أو ذاك الملفّ المتوتّر... وهكذا.

إنّه لمن المعيب أن تصدر الفتاوى الصّهيونيّة بقتل العرب والمسلمين، حتى الرضّع منهم، ثم يعمل جيش العدوّ على تطبيق هذه الفتاوى وتجسيدها في الحرب على الفلسطينيّين واللّبنانيّين، وفيما يعدّ له من حروبٍ تستهدف دول الممانعة والمقاومة، فيما لا يصدر عن الأمّة إلا فتاوى التكفير الذّاتيّة من بعض رموز هذا المذهب ضدّ المذهب الآخر، أو العكس، أو حتى في داخل المذهب نفسه، وأن تتحكّم حركة العنف الدامي التي تديرها ذهنيّات إقصائيّة بواقع الأمّة من الدّاخل، فيُقتَل الأبرياء، وتُسفَك دماء المدنيّين، من دون أن تتحرّك الغيرة الإسلاميّة والعربيّة في الأمّة لمواجهة العدوّ الّذي ينظر إلى واقع الأمّة الممزّق، فيعمل على تمزيقه أكثر بمخابراته وجنوده المجهولين الّذين جنّدهم في واقعنا، أو حتى من خلال الوجوه السياسيّة المكشوفة التي تتبنّى سياسته وحركته بطريقة وبأخرى. وهي تُمعن في توتير الأمّة من الداخل، وشحن النفوس بالعصبيّات المذهبيّة القاتلة، وتحرّك السّاحات بأساليبها الإقصائيّة الحادّة.

إنّنا نستغرب الصّمت المطبق للأمّة، بما فيها القمّة الاقتصاديّة لمنظمة المؤتمر الإسلاميّ، حيال الحصار المتواصل لغزّة، وعدم القيام بأيّ مبادرةٍ حقيقيّةٍ لإنقاذ الشعب الفلسطيني الّذي يستقبل موسماً آخر من مواسم الشّتاء في الخيمة، حيث إنّ البيوت التي دمّرتها الوحشيّة الإسرائيليّة لا تزال على حالها، حتى ظنّ الكثيرون أنّ تهديدات العدوّ لهذا المسؤول الدّوليّ أو ذاك المسؤول التّركيّ قد فعلت فعلها، وأن المسألة بقيت في نطاق التّفاعل الكلاميّ الّذي لا تواكبه أيّة خطّة ميدانيّة. والأخطر من ذلك كلّه، أنّ الجامعة العربيّة لا تستحضر عناوين السّيادة إلا في المنازعات الداخليّة، ولا تبذل أيّ جهدٍ حقيقيّ للدّفاع عن السّيادة العربيّة التي ينتهكها العدوّ يوميّاً في لبنان وفلسطين المحتلّة...".

وختم سماحته: "إنّنا في الوقت الّذي نرحّب بالدّور الإطفائي الّذي قامت به تركيا في الآونة الأخيرة، ندعو إلى دورٍ أوسع على مستوى الأمّة كلّها، لإطفاء نيران النـزاعات الموضعيّة التي أوشكت أن تمتدّ إلى ساحاتٍ أكبر، ولا سبيل إلى ذلك إلا بتعاونٍ واسع النّطاق بين مختلف دول منظّمة المؤتمر الإسلاميّ، وخصوصاً الدّول الفاعلة، ولينطلق التّعاون في المجالات السياسيّة الواسعة، حيث لا مجال للنّجاح في النّطاق الاقتصاديّ بعيداً عن الملفّات الحيويّة الاستراتيجيّة فيما هي المسألة السياسيّة العامّة في الأمّة".

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

التاريخ: 28 ذو القعدة 1430 هـ الموافق: 15/11/2009 م
فضل الله: الأربعاء القادم أوّل ذي الحجّة والأضحى الجمعة في 27/11

أعلن العلاّمة المرجع، السيّد محمّد حسين فضل الله، أنّ يوم الأربعاء، الواقع فيه 18/11/2009م، هو أوّل شهر ذي الحجّة الحرام، وأنّ يوم الجمعة، الواقع فيه 27/11/2009م هو يوم عيد الأضحى المبارك.

إعلان سماحته جاء في بيانٍ هذا نصّه:

"لمّا كانت ولادة هلال شهر ذي الحجّة تصادف مساء الاثنين الواقع فيه 16/11/2009م، في السّاعة السّابعة والدّقيقة الرّابعة عشرة مساءً بالتوقيت العالمي، ممّا لا يُمكن معها رؤية الهلال في سائر أنحاء العالم، ممّا نشترك معه بجزءٍ من اللّيل، بحسب شهادات أهل الخبرة، فإنّ يوم الثلاثاء يكون هو المتمّم لعدّة شهر ذي القعدة. وعليه، يكون أوّل شهر ذي الحجّة الحرام هو يوم الأربعاء الواقع فيه 18/11/2009م، ويكون عيد الأضحى المبارك يوم الجمعة الواقع فيه 27/11/2009م. أعاده الله على المسلمين جميعاً بالخير والبركة ودوام العزّة والمنعة، وعلى بلاد المسلمين بالتّحرير وزوال الاحتلال؛ إنّه سميع مجيب.


مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

التاريخ: 29 ذو القعدة 1430 هـ الموافق: 16/11/2009 م