25 يوليو 2008

دعا إلى قيام هيئة عربية إسلامية تُعنى بملاحقة الملفات القضائية التي تهم قضايانا
فضل الله: القائمة الأمريكية الجديدة حول مليون إرهابي دليل جديد على عدم وجود تغيير جذري في سياسة الإدارة


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً علّق فيه على إصدار "مركز مراقبة الإرهابيين" في وزارة العدل الأمريكية، قائمة أمريكية أدرجت أسماء نحو مليون إرهابي، وجاء في تصريحه:
إن هذه القائمة الأمريكية الجديدة الصادرة عن وزارة العدل الأمريكية وعمّا يسمونه "مركز مراقبة الإرهابيين" والتي أدرجت نحو مليون اسم على لوائحها، افترضت أنهم إرهابيون، تعطي دليلاً إضافياً على أن الإدارة الأمريكية الحالية ليست في وارد تغيير سياستها ـ في الأشهر المتبقية من عمرها ـ لا على المستوى الأمريكي الداخلي ولا على مستوى التعاطي مع الملفات الخارجية، وخصوصاً تلك التي تتصل بالمنطقة العربية والإسلامية.
إن إدارة الرئيس بوش ماضية في ابتداع الخرافات واختراع الأساطير حول الإرهاب لتخويف الأمريكيين في الداخل وتبرير سياسة البطش والقتل والاعتقال والاحتلال في الخارج، وقد صدرت في أمريكا نفسها العديد من الكتب والمقالات التي تؤكد أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش قد ارتكبت جرائم حرب، وأنها تستخدم لعبة مضاعفة الأسماء المتهمة بالإرهاب والتي تزداد بمعدل أكثر من 20 ألف اسم كل شهر لأسباب تهويلية ضد الآخرين، ولتبرير انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان وتمهيد السبل لفتح ملفات جديدة في الوقت الذي توحي بأنها في صدد إقفال ملفات قديمة.
إننا في الوقت الذي لا نستغرب صمت الكثير من جمعيات حقوق الإنسان في الغرب حيال هذه الانتهاكات، وعدم تعليق الكثير من الدول، وخصوصاً الأوروبية منها، على هذه السياسة الأمريكية التي تعمل لإدراج العالم العربي والإسلامي على لوائحها كمنطقة منبوذة وكبؤرة للإرهاب العالمي، نتساءل عن السبب في انكفاء العرب والمسلمين عن الردّ عملياً على هذه الاتهامات، وعن تقصير الإعلام العربي والإسلامي الموجّه للغربيين لكشف هذه الأكاذيب وفضحها، كما أننا نتساءل عن السبب في انكفاء الحقوقيين العرب والمسلمين عن القيام بدورهم في ملاحقة رموز الإرهاب الأمريكيين من خلال المحاكم الغربية، بحسب طاقاتهم وإمكانياتهم، وبحسب الظروف المتوافرة، ولماذا تبقى شخصية كنائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني بمنأى عن هذه الملاحقات، فضلاً عن بوش نفسه، وإن كانت المسألة في حدود الكشف عن مكامن الإجرام وانتهاكات حقوق الإنسان المتمثلة بهذين المجرمين العالميين.
إنني أدعو إلى قيام هيئة عربية وإسلامية تُعنى بهذه المسألة، وأن لا يقتصر عملها على الجانب الأحصائي في ذكر جرائم الحرب والانتهاكات الأمريكية والإسرائيلية لحقوق الإنسان، بل في العمل لملاحقة أي ملف قضائي يهم العرب والمسلمين ضمن الإمكانات المتوافرة في بلادنا أو في البلدان الغربية، على أن تُعنى من ناحية أخرى بفضح محاولات تسييس الملفات القضائية ووضع كل المعارضين للسياسة الأمريكية والأطلسية في خانة الملاحقة تحت عناوين سياسية واهية.
وعلينا، ونحن نثير هذا الملف وغيره في نطاق الدفاع عن قيمنا وإنساننا، ألا نسقط في متاهات ردود الفعل الانفعالية التي تجعلنا نعمّم الاتهامات أو نتحرك في نطاق تسجيل النقاط ضد الآخرين، بل أن نشير بالأرقام وبالدراسات العلمية والقانونية إلى الظلم اللاحق بشعوبنا من خلال الحروب المتنقلة التي شنتها أمريكا وحلفاؤها ضدها، بعيداً عن كل الاعتبارات الشرعية أو القانونية التي يفرضها القانون الدولي واتفاقيات جنيف، مع التركيز على رفض الإرهاب الذي يطاول الأبرياء، بصرف النظر عن هويتهم وانتمائهم السياسي أو الديني، والتأكيد على احترام حركة الشعوب في مقاومة المحتلين والغاصبين، كونها، أي المقاومة، تمثّل حقاً لا يمكن التنكّر له، ولكونها بممارستها هذا الحق وفق الضوابط الشرعية والأخلاقية، تتّسم بأعلى درجات الشرف والعزّة والكرامة.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 21-7-1429 هـ الموافق: 24/07/2008 م

ليست هناك تعليقات: