17 يوليو 2008

قيمة المقاومة في إجبارها العالم على الاعتراف بحقوقنا وإلهامها المتجدّد للشعوب العربية والإسلامية
فضل الله: عملية التبادل مثّلت صدمةً للعالم المستكبر وأعادت الاعتبار لإنساننا مقابل الإنسان اليهودي


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً تناول فيه عملية التبادل الأخيرة وما تحمله من دلالات، وجاء فيه:
لقد أعادت عملية التبادل مع كيان العدو بالطريقة التي تمّت بها، وبالشروط التي فرضتها المقاومة، الاعتبار إلى إنساننا العربي والمسلم... هذا الإنسان الذي تخلّت عنه الأنظمة وتعاملت معه المؤسسات الدولية كإنسان من الدرجة السادسة بعدما جعلت الإنسان اليهودي والإسرائيلي في قمة اهتماماتها، وبعدما أخذت مصالحه في الاعتبار في كل القرارات الدولية المتصلة بالصراع العربي ـ الإسرائيلي، كما صاغت دول الاستكبار سياساتها الخارجية على أساس احترام توجهاته والنزول عند شروطه.
لقد استطاعت المقاومة في لبنان أن تعيد للعالمين العربي والإسلامي توازنه وحضوره في مقابل الصورة الأسطورية التي صاغتها مخيلة الأنظمة وأجهزتها، وعملت على تركيزها في الذاكرة الشعبية لمنع شعوبنا من أن تمارس دورها في مقارعة المحتل، ولقد كان من المعيب حقاً أن تتخلى الأنظمة العربية عن أسراها ومعتقليها، أو أن ينزل بعضها عند شروط العدو فينقل أسراه مقيدين من سجونه إلى سجونها، كما أننا نعرف أن بعض المسؤولين العرب واجهوا باستياء بعض وسائل الإعلام التي أثارت قضايا أسراهم، وأبرزت وحشية العدو في دفنهم أحياء.
ولذلك فإن قيمة المقاومة في لبنان ـ من خلال عملية التبادل الأخيرة ـ لا تكمن في هذا الإلهام المتجدد لشعوبنا العربية والإسلامية فحسب، بل في أنها تملك أن تعيد الاعتبار لقضاياها وحقوقها وإنسانها، وأن تجبر العالم على الاعتراف بهذه الحقوق والقضايا، وعلى تقدير هذا الإنسان الذي أريد له أن يبقى في دائرة الاستضعاف والاختطاف والأسر وفي واقع الاستهلاك والتخلف والجهالة.
لقد مثلت عملية التبادل صدمة لكل هذا العالم المستكبر، الذي يسمونه مجتمعاً دولياً، لأن هذا العالم لم يقف متفرجاً على تدمير لبنان وقتل أطفاله ونسائه وشيوخه في حرب إسرائيل على لبنان في تموز2006 فحسب، بل عمل على توفير كل المناخات السياسية والإعلامية وحتى الأمنية لإسرائيل لشرعنة حربها على لبنان، بما يؤدي إلى إسقاط المقاومة وقتل روح الممانعة في الأمة، وقد رأينا كيف أن هذا العالم سكت عن كل جرائم إسرائيل ومجازرها في تلك الحرب ولم يؤرقه إلا أسر المقاومة لجنديي العدو، حيث ظل يطالب بإطلاق سراحهما دون قيد أو شرط، متناسياً المعتقلين اللبنانيين والآلاف من المعتقلين الفلسطينيين والعرب في سجون العدو.
إن علينا أن نستفيد من هذه التجربة المميزة للمقاومة في لبنان، في تعاملنا مع هذا العالم المستكبر لدفعه إلى الإقرار بحقوقنا واحترام إرادة شعوبنا، كما أن علينا أن نصرّ على الالتزام بالثوابت التي تحفظ قضايانا ولاسيما ما يتصل بالقضية الفلسطينية والقضية العراقية ـ على الرغم من كل الضغوط التي تمارس في العالم العربي وغيره لدفعنا إلى تقديم تنازلات قد تسقط قضايانا كما تسقط كرامتنا وشخصيتنا العربية والإسلامية.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 14-7-1429 هـ الموافق: 17/07/2008 م

ليست هناك تعليقات: