20 ديسمبر 2010

«من الذات إلى المؤسسة»
كتاب جديد يتحدث عن تجربة السيد فضل الله



« قاسم قصير - مؤسسة الفكر الاسلامي المعاصر » : عن دار الإسلام في لندن صدر كتاب جديد لسماحة العلامة السيد حسين الشامي تحت عنوان "الفقيه المجدد المقدَّس السيد محمد حسين فضل الله: من الذات إلى المؤسسة"، وهذا الكتاب محاولة جديدة من أجل دراسة لتجربة السيد فضل الله على صعيد المرجعية الدينية وبناء المؤسسات، إضافة لمواكبة الأطروحات الفكرية والعملية التي طرحها السيد وردود الفعل حولها، كما يواكب الكتاب حدث رحيل السيد من خلال ملاحق خاصة وتوثيق المواقف وبيانات النعي التي صدرت بعد رحيله.

المقدمة

في مقدمة الكتاب يستعرض المؤلف السيد حسين الشامي أهم المميزات التي اتصف بها السيد فضل الله والأسباب والظروف التي ساهمت في بلورة المشروع الفكري لسماحته ومما قاله في هذا المجال: "يُعد العلامة المرجع سماحة آية الله العظمى السيد فضل الله (قدس الله روحه الزكية) أحد أبرز الفقهاء الواعين والمفكرين والمجاهدين في الساحة الإسلامية، فقد شكلت حياته وحركته ظاهرة متميزة منذ بدايات النصف الثاني للقرن العشرين الميلادي... ولا شك أن لجامعة النجف الأشرف العريقة ذات الألف عام دوراً كبيراً في تعميق وبناء هذه الأصالة في فكره وحركته، وتشكيل عقله وبناء شخصيته الموسوعية.. كما أن للساحة اللبنانية المنفتحة على قضايا الفكر والسياسة والإعلام دوراً آخر في انطلاقته وحواراته في مختلف القضايا السياسية والمجالات الثقافية والاجتماعية المتنوعة.

ويضيف المؤلف "أن من الخصائص والمميزات في شخصيته: الاهتمام بالحركة الإسلامية وحمل همومها وتطلعاتها والتنظير لمفردات مسيرتها الفكرية والعملية، حتى أضحت مصطلحات: "الإسلام الحركي"، "الحالة الإسلامية"، "الواقع"، "الساحة"، "الانطلاق والانفتاح"، "المسألة والقضية"، "أسلوب الدعوة والتوازن"، "العمل والعاملين"، "الحياة والإنسان" وما شابه ذلك من المفردات، من مختصات قاموسه الثقافي المتداول في أدبيات الحركة الإسلامية المعاصرة وفي مختلف الساحات والمواقع.

ولعل كتابيه "خطوات على طريق الإسلام" و"الحركة الإسلامية.. هموم وقضايا" من الكتب الرائدة التي تعبر عن هذه الحقيقة.

إنجازات السيد ومميزاته

ثم يستعرض الكاتب أهم الإنجازات الفكرية والعلمية لسماحة السيد ومنها: العمل للتقريب بين المذاهب الإسلامية، حمل لواء الحوار الإسلامي ـ المسيحي وضرورة فتح آفاقه الرحبة في العناصر المشتركة بين المسلمين وغيرهم من أتباع الديانات السماوية، الدعوة للإصلاح، التجديد في كيان المرجعية الدينية، الإبداع والتجديد والريادة في دراساته الفقهية والتميز بالجرأة والشجاعة في عرض الآراء الفقهية ومناقشة آراء السلف الصالح وعدم الوقوف عند المألوف والمشهور، تميز بحوثه في التاريخ والتراث بالنقد والتقويم وعدم الاستسلام للقضايا التي تخالف المنهج العلمي السليم، إعداد الموسوعة التفسيرية "من وحي القرآن" والتي تجلت فيها أبعاده المعرفية ذات الأصالة والعمق والشمولية، البعد الأدبي والتجربة الغنية في الشعر والخطابة والتبليغ، إنجازاته الإنسانية ومشاريعه الخيرية التي انتشرت في لبنان والعالم الإسلامي.

فصول الكتاب

ويتضمن الكتاب بعد ذلك عدة فصول تتناول القضايا التالية:
1- السيد فضل الله وآفاق الفكر الحركي.
2- مشروع المرجعية المؤسسة في فكر السيد فضل الله.
3- أضواء على الأزمة التي أثيرت حول "السيد" بشأن آرائه حول ما تعرضت له السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام.
4- دور "دار الإسلام" في مواجهة الأزمة.
5- ملاحق ووثائق مصورة حول رحيل السيد وما قيل عنه وبيانات النعي.

وقد حرص المؤلف على التركيز على دور سماحة السيد على الصعيد الفكري والعملي فتحدث عن هموم الأمة في فكر السيد فضل الله وتطور نشاطاته منذ كتابه الأول "أسلوب الدعوة في القرآن" وهو من أوائل الكتب الحركية التي شهدتها الساحة الإسلامية، ومن ثم كتابه "قضايانا على ضوء الإسلام" والذي يتناول قضايا الأمة الحساسة وواقعها المعاصر، لينطلق بعد ذلك إلى كل القضايا العملية والتحديات التي واجهت العاملين على مدار الخمسين عاماً من حياته، وصولاً لمشروعه التجديدي حول "المرجعية الدينية" والتي تتشابه حسب رأي الكاتب "مع مرجعية الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر، فمرجعتيه كانت نتيجة حاجة الأمة إليها، ولم يتصد للمرجعية إلا بعد أتت إليه قطاعات الأمة تريد مرجعيته، ولذلك عندما تصدى لها تعامل معها على أنها مسؤولية وحالة إسلامية يجب أن تتعمق في الأمة وأن تسير وفق مشروع إصلاحي جديد".

مشروع المرجعية الجديدة

وعن مشروع السيد التجديدي للمرجعية الدينية الشيعية يستعيد الكاتب بعض ما طرحه سماحة السيد في كتابه الذي نشرته الملحقية الثقافية لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق، والذي يتضمن النقاط التالية:

1- واقع المرجعية الدينية والاتجاهات الفقهية المختلفة.
2- مشكلة المرجعية الدينية وانكماشها في الدائرة الخاصة لإصدار الفتاوى وعدم تحولها إلى مؤسسة متكاملة.
3- أسباب واقع المرجعية الدينية.
4- دور المرجعية في مواكبة الحياة.
5- علاقة المرجعية بالواقع الشيعي.
6- المبررات والدوافع لإطلاق مشروع "المرجعية المؤسسة".
7- الكوابح والعقبات في الإطار الفقهي.
8- نظرية ولاية الفقيه في الإطار الفقهي.
9- إشكالية العلاقة بين المرجعية المؤسسة والولاية والحلول العملية.

ومن خلال تقديم هذه الأطروحة حول المرجعية المؤسسة وما طرحه سماحة السيد من حلول وأفكار يسعى المؤلف للتأكيد على الدور الريادي لسماحته في معالجة هموم الأمة وقضاياها على ضوء الواقع المعاصر.

الأزمات التي واجهها السيد

وحول الأزمات العديدة التي واجهها السيد فضل الله بسبب آرائه الفقهية والفكرية التجديدية ودعوته لإعادة دراسة القضايا التاريخية، يعمد المؤلف إلى استعادة كل التفاصيل في هذا الإطار وخصوصاً المسألة المتعلقة بالسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، ويعود المؤلف في هذا المجال لاستعراض بعض الجوانب التاريخية حيث يُشِّبه ما تعرض له السيد فضل الله بما تعرض له المصلح الكبير الإمام السيد محسن الأمين العاملي (قدس سره) عندما أراد إصلاح الشعائر الحسينية.

ويتناول المؤلف هذه الأزمة بالتفاصيل تحت العناوين التالية:

1- العداء للحركة الإسلامية ولخط الإمام الشهيد الصدر.
2- الخوف من المرجعية الحركية الواعية.
3- الموقف العدائي من الثورة الإسلامية في إيران.

ويتضمن هذا القسم من الكتاب بعض التفاصيل والمعلومات التي من المفيد الإطلاع عليها لاستعادة بعض الأجواء التي حصلت خلال تلك الفترة والتي تساهم في فهم أبعاد استمرار الحملة على "السيد" بعد رحيله.

ويختتم المؤلف الكتاب بالحديث عن "دار الإسلام في لندن" ودورها في مواجهة الأزمة إضافة للملاحق الخاصة حول رحيل سماحته وبيانات النعي والمواقف التي صدرت وصور التشيع والعزاء.

والكتاب كذلك يشكل وثيقة هامة لإلقاء الضوء على الدور الذي لعبه سماحة السيد على صعيد العمل الإسلامي والمرجعية الدينية والأطروحة التجديدية في هذا المجال، إضافة لنتاجاته المتنوعة وهو يضيف إلى المكتبة الإسلامية مساهمة جديدة لإعادة قراءات تجربة السيد فضل الله بعيون مختلفة.

ليست هناك تعليقات: