1 ديسمبر 2010

الشيخ الزهيري:
كانت كلّ حياته إسلاماً وكلّ عمره الشّريف من وحي القرآن



ضمن حفل التأبين الحاشد الذي أقامته بعثة الحج لمؤسسة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله في مكة المكرمة بمشاركةٍ واسعةٍ من جموع الحجيج، إضافةً إلى مشاركةٍ من بعثات حجٍّ رسميّةٍ وعلمائيّة، وحشدٍ من علماء الدّين. ألقى العلامة الشّيخ عبد الحليم الزّهيري من العراق كلمةً جاء فيها:

يعزّ عليّ أن أقف لأؤبّن السيّد بكلمةٍ، وهو الّذي علّمنا كيف تكون الكلمة..

الكلمة الَّتي انطلقت من شفتيه، وسطَّرتها أنامله منذ خمسين عاماً، كانت كلمةً تشعّ بالأضواء من " مجلّة الأضواء"، الّتي كان يكتب افتتاحيّتها تحت عنوان "كلمتنا"، والّتي شكّلت طليعة الوعي الإسلاميّ في العراق، فكانت كلمةً قويّةً مؤثّرة، لذلك أصبحت "كلمتنا" كلمة الأمّة الّتي تنطلق من الأقوياء الّذين لا يخافون في الله لومة لائم، هكذا كانت كلمة السيّد(رض) من أوّلها إلى آخرها، كلمةً واحدةً شاملةً للكون والحياة والإنسان، لقد أراد للكلمة أن تكون قويّةً، فألّف كتابه "الإسلام ومنطق القوّة"، لأنّه أراد أن يؤصِّل للإسلام كلمته المنطقيَّة العلميّة. ولا بدَّ للفكرة القويَّة من أن تنطلق من أسلوبٍ قويّ يتماثل ويتجانس معها، فلا بدَّ من أن يكون الأسلوب إسلاميّاً إلهيّاً قرآنيّاً، فكان "أسلوب الدّعوة في القرآن"، لأنّ الأسلوب جزء من الفكرة الّتي لا بدّ من أن تكون منسجمةً مع الخطّ...

وكانت قضيّة السيد فضل الله قضيّة الإسلام، لا قضيّة الذّات أو الشّخص، لذا كان كتابه "قضايانا على ضوء الإسلام"، وهي بداية تحقّق وعي الأمّة المعاصر، وكان يستوحي القضايا من تجربة الأنبياء، وواجه ما واجهه أبناء الدعوة الأوائل من "أساليب قديمة.. كحكايات أبي جهل اللئيمة"، وكان سماحته يرسم لنا القوّة حتى في شعره العذب، وكلماته الأدبيّة الشفّافة...

كان يرسم القوّة والثّورة، ولم تكن الكلمات عنده أحرفاً تنساب من شفتيه الطّاهرتين ومن أنامله الكريمة، إنما كانت أنشودةً يتغنّى بها ويحمل همّها، لذا حرّم على نفسه الرّاحة، وكان شعاره: "الرّاحة عليَّ حرام"...

كان السيّد(رض) في أسلوبه القرآنيّ، يؤكّد الدّفع بالّتي هي أحسن، وكان داعية حوار، ورفع شعار: "الحقيقة بنت الحوار"، وقد كان أباً للحركات الإسلاميّة جميعها، يهتمّ بأمورها، وخصوصاً في العراق... وقد كان سماحته أوّل من ألّف في الحوار، فكتب "الحوار في القرآن"، و"الحوار الإسلاميّ المسيحيّ"، كما نادى بوحدة المسلمين.

هكذا كان السيّد(رض) في منطلقاته الحواريّة، يخطو خطاه بوعيٍ، فكتب "خطوات على طريق الإسلام"، وهو الكتاب الّذي كان يتناقله شباب العراق وتتثقّف به طلائعه المؤمنة، وقد كانت كلّ خطوات سيّدنا الرّاحل على طريق الإسلام، منطلقاً "من وحي القرآن" الّذي شكّل موسوعته الفكريّة والفقهيّة والعمليّة، فقد كانت كلّ حياته إسلاماً، وكلّ عمره الشّريف من وحي القرآن.

فسلام عليه في عليائه، وإنّنا إن شاء الله على دربه سائرون.

ليست هناك تعليقات: