27 ديسمبر 2010

العلامة السيِّد علي فضل الله لـ «النَّهار» الكويتية:
ولاء الشِّيعة في الكويت والمنطقة لأوطانهم


يحمل أفكار ومبادئ والده العلامة المرجع الرّاحل السيّد محمد حسين فضل الله، كما يحمل هموم وطنه كأنّما لم يحملها غيره من الحريصين على وحدة لبنان واستقراره.

وبمناسبة زيارته إلى الكويت، التقت «النّهار» العلامة السيّد علي فضل الله، رئيس جمعيّة المبرّات الخيريّة ومؤسَّسات المرجع الرّاحل السيّد محمد حسين فضل الله، الّذي يعتبر أنَّ زيارته للكويت فرصة طيّبة ومحطّة مهمّة، وخصوصاً بعد لقائه صاحب السموّ، والرّسالة الّتي حمّله إيَّاها إلى جميع اللّبنانيّين، وحرصه على أن يتوحّد اللّبنانيّون، ليمنعوا مريدي الفتن من تحقيق مآربهم وغاياتهم.

السيّد فضل الله يؤكّد أنّ شيعة الكويت ولاؤهم الأوّل والأخير هو لوطنهم، لا لأيّ جهةٍ أخرى.

وقد دعا السيِّد فضل الله جميع المسلمين إلى التّركيز على إسلامهم، ومواجهة التحدّيات الّتي تواجههم، بدلاً من التّفكير في قضايا داخليّة يمكن أن تفرّقهم.

كما دعا إلى أن تكون عاشوراء لجميع المسلمين، معلّلاً ذلك بأنّ سيّدنا الحسين(ع) خرج لجميع المسلمين، وكان ولا يزال نقطة التقائهم، لأنّه كان يدافع عمّا أمر به جدّه سيّدنا محمّد بن عبد الله(ص).

وبهدوء كبير، وبابتسامة المتواضع، تطرّق فضل الله في حديثه إلى مسؤوليّة العلماء في توحيد الأمَّة، ونشر الوعي داخل المجتمعات، مؤكّداً أنَّ ما تشهده السَّاحات الإسلاميَّة من مشادات طائفيّة، غايتها الوحيدة تحقيق مكاسب سياسيّة.

فضل الله الّذي أحبّ لبنان، ويأمل تجاوز الأزمة الحاليّة، وألا تتطوّر إلى صراعٍ شيعيّ ـ سنّي، أدلى بالإجابات التّالية:

عاشوراء في الكويت:

*نعيش في هذه الأيّام ذكرى عاشوراء، كيف وجدتم إحياء هذه الذّكرى في الكويت؟

ـ يشعر الإنسان بأنَّ هناك سعياً حثيثاً بجعل عاشوراء ما أمكن إسلاميّة، وهذا نلمسه بما يقدّم من محاضراتٍ ومواعظ، كما أنّنا دائماً ندعو إلى تقديم الحسين(ع) في عنفوانه وقوّته ورباطة جأشه وإيمانه، ولا نريد أن تبقى عاشوراء في دائرة خاصّة، لأنّ الحسين(ع) هو نقطة التقاء جميع المسلمين، والجميع يعتبرونه "سيّد شباب أهل الجنّة"، وهو من رسول الله كما قال(ص): "حسين منّي وأنا من حسين"، فالجميع يمجّدون الحسين(ع)، وما يراه الإنسان في مصر يؤكّد هذه المقولة.

وعلينا أن نطلق العناوين الحسينيَّة في الفضاء الواسع، لأنَّ شعارات الحسين هي شعارات إسلاميَّة، وقد كان كلُّ همِّه أن يحفظ الإسلام، وأن يبقيه نقيّاً وصادقاً...

والحسين(ع) كان الخليفة الشَّرعيّ للمسلمين في تلك الفترة، وقد انطلق في حركته ليمنع الظّلم والطّغيان الّذي حصل من الحاكم الظَّالم والفاجر والمستبدّ.

ونحن ندعو دائماً إلى أن نزيل من عاشوراء كلّ ما يسيء إليها، ومن ذلك ضرب الرّؤوس وجلد الذّات بالسَّلاسل، وغير ذلك مما نعتبره محرَّماً من النّاحية الشّرعيَّة، لأنَّ مواساة الحسين لا تكون من خلال ذلك، وإنّما من خلال السّير على نهجه والأخذ بمواقفه. وقد رأينا لدى الواعين في الكويت، سعياً متنامياً بعدم تقديم عاشوراء بهذه الصّورة، وهذا ما سمعناه خلال هذه الزّيارة، وخصوصاً بمنع بعض الأشعار الّتي كانت تقدّم سابقاً، والّتي كانت تحتوي على نوعٍ من الغلوّ والتّجريح والتّجاوز للحدود، ولذلك بتنا الآن نحسّ بأنَّ هناك سعياً لجعل عاشوراء إسلاميّةً منفتحةً على الآخر، وتقديمها بالصّورة الصَّحيحة.

تأكيد على الإصلاح

*هناك متشدّدون من الطّائفتين الشّيعيّة والسنيّة، وقد ذكرتم أنّ سيّدنا الحسين(ع) يعدُّ نقطة التقاء المسلمين، كيف نوظِّف خصال هذا الإمام ومكارمه لجمع شمل المسلمين والقضاء على التعصّب؟

ـ ذلك يتمّ عندما نؤكّد أنّ الحسين(ع) كان إسلاميّاً بشعاراته، خرج للدّفاع عن جميع المسلمين، وليس عن طائفةٍ معيّنة دون أخرى، فالحسين (ع) كان يريد إصلاح الواقع الإسلاميّ، وأن يؤكّد ما دعا إليه النبيّ والقرآن:

{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}[آل عمران: 104]، وكذلك قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}[التّوبة: 71].

وقد كانت أهدافه(ع) منطلقةً من تعاليم رسول الله(ص)، ولذا قال: "أيّها النّاس، سمعت رسول الله(ص) يقول: من رأى منكم سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغر (يغيّر) عليه بفعلٍ ولا قولٍ، كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله، ألا وإنَّ هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشَّيطان، وتركوا طاعة الرَّحمن، وأظهروا الفساد... "، هذا هو الهدف الأساس.

وعندما نقدّم عاشوراء بهذه الصّورة، نستطيع أن نجعل منها إسلاميّةً، وكذلك عندما لا نثير التّشنّجات والعصبيّات المذهبيّة في عاشوراء، من خلال استحضار ما ورد في التّاريخ بطريقةٍ غير علميّة، وعندما نوضح معنى السّيرة الّتي تطرح في عاشوراء، وأيضاً عندما نزيل بعض الأجواء الّتي تساهم في وضع الحواجز بين أصحاب المذاهب الأخرى وعاشوراء، ونطالب بأن يكون هناك وعيٌ لتقديم عاشوراء بصورة إسلاميّة، ونجعلها منفتحة، وندعو المسلمين جميعاً، وخصوصاً السنّة، إلى أن تكون عاشوراء قضيّةً تعنيهم، لأنّ الحسين(ع) استشهد لإعلاء مبادئ الإسلام، ومن أجل أن يكرّس ما قاله وما جاء به الرّسول(ص)، ولينهى عن المنكر ويأمر بالمعروف، ولتصويب المسار الإسلاميّ، وهذا ما ينبغي أن نؤكّده.

ولذلك، ندعو المسلمين جميعاً إلى أن يتعاطوا مع عاشوراء كقضيَّة إسلاميَّة، وليس كقضيَّة شيعيَّة، وهذا يحتاج إلى لقاءٍ وتفاهمٍ بين المسلمين، ونحن نرى إيجابيّةً في هذا الأمر في لبنان وفي سورية، عندما يشارك علماء من السنَّة في عاشوراء، ويتحدَّثون في المناسبة، ونريد أن تعمّ هذه الظّاهرة كلّ الدّول الإسلاميّة، وأن تكون مكاناً يتحدّث فيه الجميع، لنـزيل الحساسيَّات، ولنصوِّب مسار عاشوراء، لأنَّها ليست من الشّيعة مقابل السنَّة.

مكاسب سياسيَّة

* ألا تعتقد أنَّ هناك من يريد تحقيق مكاسب سياسيَّة، لإثارة مثل هذه الحساسيَّات الّتي تحدَّثنا عنها، وخصوصاً في احتفالات عاشوراء؟

ـ أكيد أنَّ البعض يحمل هذا الفكر من أجل تأجيج الواقع السّياسيّ، وقد يكون الأمر أيضاً ناتجاً من جهل البعض بمنطلقات الحسين(ع)، بحيث يوجّهها بالاتّجاه الخطأ، والبعض أساساً لا يشعر بأنّه معنيّ بموضوع الوحدة الإسلاميّة، ويهمّه أن يبقى الشّيعة في دائرتهم وينعزلوا عن الآخرين.

فلا بدَّ من أن يشعر الإنسان عندما يفكِّر إسلاميّاً، بأنَّ الوحدة الإسلاميَّة هي دعوة القرآن... {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا}[آل عمران: 103].

فالله سبحانه وتعالى يحثّنا على النّظر إلى إيجابيّاتٍ توحّدنا كمسلمين لنصنع حضارةً، وعندما اختلفنا وتجذّر الخلاف بيننا، وسمحنا للّذين يريدون أن يصطادوا في الماء العكر، حصل ما حصل في الواقع الإسلاميّ، وانقلبت الصّورة، وأصبح المسلمون على هامش الحياة.

مسؤوليَّة العلماء

* ألا تعتقدون أنَّ هناك مسؤوليّةً تقع على علماء الإسلام بمختلف طوائفهم فيما يحدث؟

ـ العلماء عليهم مسؤوليَّة كبيرة، ودورهم هو محاربة البدع إذا ظهرت، وإخماد أجواء التشنّج والاختلاف، والمطلوب منهم أن يقوموا بدورهم.

ونحن نثمِّن ما صدر أخيراً عن شيخ الأزهر، وبعض الفتاوى أيضاً الّتي صدرت عن علماء شيعة بتحريم سبِّ الصّحابة وأمَّهات المؤمنين، ونحن نريد أن نؤكِّد أهميَّة الحوار، ولكن هذا لا يكفي، فلا بدَّ من أن يكون للواعين والمثقَّفين دورٌ في هذا الإطار، وكذلك الحكّام، وكلّ إنسانٍ في موقعه لا بدَّ من أن يطلق كلمة الإصلاح، كما أمرنا سبحانه وتعالى، وعلينا أن نؤكِّد وحدة المسلمين.

تقع على عاتق العلماء مسؤوليَّة كبيرة، ودورهم هو محاربة البدع إذا ظهرت، وإخماد أجواء التشنّج والاختلاف

تدخّلات أجنبيّة

* هناك من يتّهم أطرافاً أجنبيّة بمحاولة إثارة هذه الفتن بين مختلف الطّوائف والمذاهب الإسلاميّة، وخصوصاً بين السنّة والشّيعة، ما رأيكم في هذا الرّأي؟

ـ هذا الموضوع هو مشروع قديم ـ حديث، ونحن نؤكّد أنّه لا بدَّ من أن نتحسّس أنّ هناك مشروعاً أجنبيّاً ضدّنا، وذلك لموقع العالم الإسلاميّ الاستراتيجيّ، وللثّروات الطّبيعيّة الموجودة في هذه الدّول، ولذلك، سيبقى هذا العالم دوماً عرضةً للمؤامرات، ومن مصلحة الآخرين ألا نكون أقوياء. ولكنَّنا نركّز دائماً على ألا ينساق المسلمون وراء هذه الأجواء، لأن المشكلة ليست في الآخر، فالقويّ دائماً يسعى لكي يبقى الآخرون ضعفاء، والمسلمون يعرفون المآرب الأخرى، لكنّهم يصرّون على إضعاف أنفسهم.

*الشّارع العربيّ، وفي التفافه حول المقاومة اللّبنانيّة في حرب تموز 2006، أثبت سقوط نظريّة الانتماء الطّائفيّ، وكرّس نظريّة الانتماء إلى الوطن والإسلام، فلماذا توجّه الاتهامات دائماً إلى الشّارع بأنّه منقسم، هل من مصلحة في ذلك؟

ـ هذا طبيعيّ لمن يسعى لإثارة الفتنة الطّائفيّة، ومنع تقريب المسلمين بعضهم من بعض، وتفتيت مواقع القوّة لديهم، وعلى المسلمين أن يكونوا واعين، وألا يسمحوا للآخرين بأن يسقطوا مواقع قوّتهم، وهذا الكلام موجّه إلى الجميع، وفي أيّ موقعٍ كانوا.

فهذا الالتفاف لم يكن الأوّل ولن يكون الأخير، إذ نجد أنّ باكستان الّتي تعدّ قوّةً إسلاميّةً نوويّةً الآن، تتعرّض لهجماتٍ إرهابيّة، وهذا الأمر مدبّر وينطبق على جميع المسلمين.

تشويه الإسلام ومحاربته

*هناك من علماء السنّة من نادوا بعدم نشر المذهب الشّيعيّ في الدّول السنيّة، وعدم نشر المذهب السنّيّ في الدّول الشّيعيّة، وذلك منعاً لوقوع فتنة. كيف ترون هذه الدّعوة، وهل بإمكاننا الالتزام بها؟

ـ نحن نؤكّد ضرورة أن لا نعيش أزمةً داخل الإسلام، لأنّ أزمتنا ليست هنا، وإنّما هي في الاستكبار الّذي يسعى لإسقاط الإسلام، ولانتزاعه من نفوس أبنائنا، وتشويه صورته في الخارج، وألا يكون لنا أيّ قوّة، فلا بدّ من أن نتوجّه لمحاربة هذه الأشياء، وألا نشعر بأنّ هناك أزمةً داخل الإسلام.

المدّ الشّيعيّ في المنطقة

*هناك أيضاً من يتّهم إيران بنشر المذهب الشّيعيّ في المنطقة، ليكون لها مواطن نفوذ. كيف ترون ذلك؟

ـ أعتقد أنّ شيعة العالم، وليس شيعة المنطقة فقط، ولاؤهم الأوَّل هو لأوطانهم، وحرصهم هو للحفاظ عليها، وهذا ما نعرفه في لبنان، إذ هناك حرص على بقاء لبنان قويّاً في مواجهة إسرائيل، وهذا ما نجده أيضاً في شيعة الكويت، حيث إنّهم يحرصون على سلامة الكويت وأمنها، والمرجع الدّينيّ الراحل السيد محمد حسين فضل الله(رض)، كان دائماً يحرص على أن يكون الكويتيّون أمينين على بلدهم، ونحن دائماً في لقاءاتنا نؤكّد حرصنا على قوّة الكويت، لأنَّ قوَّتها هي قوّة للعرب وللمسلمين، ويستفيد منها الجميع، وهذا ينطبق على جميع الدّول العربيّة الأخرى، فنحن نؤكِّد ضرورة ألا يشعر المسلمون بالخوف من بعضهم البعض، وهناك من يسعى لأن يشعر السنّة بالخوف من إيران، أو أن يشعر المسلمون الشّيعة بالخوف من المملكة العربيّة السّعوديّة مثلاً، في سعيهم لتأزيم العلاقة بين الدّول الإسلاميّة والمسلمين، ولا بدَّ من أن لا نستكين لهذا الجوّ، وأن نؤكّد أنّ المسلمين هم وحدة، وأن نزيل ما يفرّقنا. ومن يدَّعي أنَّ هناك تيَّارات تعمل للامتداد الشّيعيّ في المنطقة، أو للامتداد السنيّ، وأنَّ هناك أموالاً طائلةً تصرف في هذا المجال، فأين الأرقام الّتي تتحدّث عن هذا الأمر؟ وهل يعقل أن ينشر المعتقد أو الفكر بالأموال؟ أعتقد أنّ هذه الفكرة لن تكون بالضّرورة صحيحةً، إذ يمكن للمال أن يؤلّف كتاباً لكي ينشر فكراً، ولكنّ الفكر لا بدَّ من أن يكون مقنعاً ليأخذ به الآخرون، ولذلك قد تكون هناك مبالغة في هذا الأمر.

الصّراع الطّائفيّ

* لماذا ظهرت هذه الفتن مع ظهور أزمات سياسيّة في العالم العربيّ، وخصوصاً بعد تحرير العراق، حيث ظهرت هناك أزمة طائفيَّة؟ ومن له المصلحة في ذلك، وخصوصاً أنّ العراق مثلاً تخلّص من حاكمٍ جائر؟

ـ مع الأسف، لقد صوّر الصّراع في العراق بعد سقوط النّظام البائد على أنّه صراع سنّي ـ شيعيّ، وهذا غير صحيح، لأنّ الواقع يدلّ على أنّ هناك صراعاً سياسيّاً داخل العراق، وكذلك في لبنان، حيث نجد أنّ فريق 8 آذار فيه سنّة وشيعة ودروز ومسيحيّون، وفي المقابل، نجد أنّ فريق 14 آذار أيضاً يحوي مختلف الطّوائف والدّيانات، ولذلك نجد أنّ الصّراع السياسيّ في العراق مثلاً، يمكن أن يشمل أطرافاً موجودين في الحكم، أو أطرافاً من الحكم البائد وأطرافاً من الحكم الجديد.

فهناك من يستخدم الورقة المذهبيّة والطائفيّة للإثارة في الواقع السياسيّ...

فما يحدث في لبنان حاليّاً، يصوّر على أنّه مشكلة بين السنّة والشّيعة، وهناك سعيٌ لإشعال فتيل الصّراع السنّي ـ الشيعيّ، من خلال توجيه الاتهام الى شخصية من الطّائفة الشّيعيّة، بارتكاب جريمة اغتيال شخصيّة سنيّة قياديّة.

نحن ندعو إلى أن تبقى الأمور في نصابها القضائيّ، لكن مع الأسف، نرى أنَّ الأمور تأخذ منحى آخر، ونقول للعالم العربيّ والإسلاميّ إنَّ قوَّته في وحدته، وإنَّ جميع الأمم تتوحَّد، مثل الاتّحاد الأوروبيّ والولايات المتّحدة، رغم أنّ توحّدهم في الشّكل وليس في المضمون، فالعالم العربيّ والإسلاميّ معنيّ بمواجهة التحدّيات التي تواجهه، والّتي لا يمكن أن يتخطَّاها إلا بوحدته، وعليه ألا يسمح بالاستفراد بأيِّ بلدٍ عربيّ أو إسلاميّ، أو أن يُترك ليعاني وحده، لأنّنا إذا بقينا على هذه الحال، فستسقط القدس، وستسقط فلسطين وجميع قضايانا.

استشراف مستقبل لبنان

*رغم أنّ حديثنا أخذ منحى دينيّاً، إلا أنّها مناسبة لأن نستشرف رؤيتك لمستقبل لبنان في ظلّ ما يحدث، وفي ظلّ ما لمستموه من تخوّفٍ لدى أمير الكويت حول هذا الموضوع.

ـ مع الأسف، لبنان لا يزال محكوماً بعدم الاستقرار، ومع الأسف، لا يزال اللّبنانيّون يصرّون على ألا يستقروا، لعدم وعيهم الكافي للمخاطر الّتي يمكن أن تفتك بهم، سواء من الخارج أو الدّاخل.

فنحن دائماً ندعو إلى الجلوس إلى طاولةٍ واحدة، ولكن هناك تشتّت، والكلّ يريد أن ينفّذ مشروعه ويضحّي بالآخر، لذلك نحن نرى أنّ المستقبل لن يكون مستقرّاً إذا ما بقي اللّبنانيّون على هذه الحال، وقد آن الأوان لأن نغيّر طريقة التّفكير، وألا يستفيد الخارج على حساب الوطن، وإذا لم يتحقّق ذلك، فلن يكون لبنان على خير.

فما نشهده هو ظاهرة، وقد تتبعها ظواهر أخرى، والمهمّ أن يبدأ اللّبنانيّون بالتّفكير وبالانفتاح على بعضهم بعضاً، وأن يخرج كلّ واحدٍ من طائفيّته ومن مذهبيّته لحساب الوطن، وأن يفكّر الجميع في أنّ لبنان يحتاج إلى روح الوحدة لمواجهة جميع التحدّيات.

فبعد كلِّ الآلام والأحزان الّتي يعاني منها اللّبنانيّون على المستوى السياسيّ، وعلى المستوى الأمنيّ، لا بدَّ من أن يفكِّروا بقلبٍ واحدٍ، وبشكلٍ جدّيّ، وأن ينطلقوا من قاعدةٍ واحدةٍ تمكِّنهم من أن ينقذوا لبنان، وأن يحبطوا كلّ المشاريع الّتي يراد تنفيذها، والّتي تسوّق انطلاقاً من السّاحة اللّبنانيّة.

لقد آن الأوان أن يتحلّق اللّبنانيّون حول طاولةٍ واحدةٍ، وأن يستمعوا إلى صوت العقل ومصلحة الوطن.

هناك تخوّفات حقيقيّة لما ستحمله الأيّام المقبلة، لكن لنبق متفائلين.

العمل الخيريّ

*نختم بالحديث عن عملكم الخيريّ، وخصوصاً أنّ لبنان، كما ذكرت، يعدّ ساحةً للتَّجاذبات السياسيّة الدّوليّة أو لهجماتٍ صهيونيّة، ما الدّور الّذي تقومون به من خلال ترؤّسكم لهذه المبرّات، وما مصادر التّمويل؟

ـ هي مناسبة أخرى لأتوجّه بالشّكر للقيادة الكويتية ، على قيامها بإعادة بناء مبرّتنا ، في الخيام ، بعدما تعرّضت لقصفٍ إسرائيليّ في حرب تموز 2006، ونحن نعمل كباقي المؤسّسات والمبرّات الخيريّة الموجودة، على مساعدة الأيتام والأرامل والمحتاجين، وخصوصاً أنّ الحرب الأخيرة أضافت أسماء أخرى إلى قوائم الشّهداء واليتامى والأرامل، كما لدينا جانب تثقيفيّ وتعليميّ نساهم به في نشر الوعي لدى النّاس.

وتبقى هذه المؤسّسات تعمل على إعداد برامج اجتماعيّة وخيريّة وتمدّ يدها إلى الجميع.

أمّا مصادر تمويلها، فنحن نعتمد على أهل الخير، وعلى التبرّعات الّتي تقدّم، وبالطّرق القانونيّة.

*هل لديكم تبرّعات خارجيّة؟

ـ لا، نحن لا نعتمد على هذه التبرّعات، وإنما جلّ اعتمادنا هو على التبرّعات من اللّبنانيّين والمحسنين.

سميرة فريمش

التاريخ: 13 محرّم 1432 هـ الموافق: 19/12/2010 م

ليست هناك تعليقات: