9 ديسمبر 2010

وقفة مع رأس السنة الهجريّة

في الأوّل من شهر محرّم تبدأ سنة هجريّة جديدة، وهو التأريخ الذي اختاره المسلمون عنواناً للزمن الذي احتضن كلّ المسيرة الإسلاميّة، منذ انطلاقتها وإلى يومنا هذا، بنجاحاتها وإخفاقاتها، وبحقّها وباطلها، وبعدلها وجورها، وبكلّ تقلّبات السلوك الإنساني الذي لم يكن المسلمون بدعاً منه.

ولرأس السنة ـ في السلوك العامّ المتداول بين الناس ـ معنىً احتفاليّ، قد يلتقي أحياناً بالعبث واللهو اللذين ليسا هما الطابع الصحيح لمناسبة تتعلّق بالزمن؛ لأنّ حركة الزمن تعبير عن تساقط أوراق الفُرَص تجاه حركة المسؤوليّة لدى الإنسان، فلا ينبغي أن يملأ الإنسان الزمن، أيّ زمن، بما يضادّ المسؤوليّة في كلّ تجليّاتها وتعبيراتها..

من هنا نجد بأنّ من الضروريّ أن يكون الاحتفال برأس السنة احتفالاً متناسباً مع القيم، محتضناً لزخمٍ يدفع الإنسان نحو مسؤوليّته في الحياة، في نفس الوقت الذي يُمارس فيه معناه الاحتفاليّ..

وفي كلّ الأحوال، فاعتدنا نحن المسلمين الشيعة أن نبدأ احتفالنا بعاشوراء في ليلة رأس السنة الهجريّة، بحيث لا يعود هناك أيّ مناخٍ اجتماعيّ يُمكن أن يحتضن أيّ حالة احتفاليّة برأس السنة الهجريّة، وذلك بهدف تأكيد حضور التأريخ الهجريّ في وجداننا ووجدان أجيالنا الطالعة التي أصبحت منغمسة في بديلٍ آخر لعنوان رأس السنة، فرضه الأمر الواقع في ظلّ غياب البديل، مع التأكيد على عدم تعقّدنا من أيّ تأريخ، ولا سيّما إذا كان دينيّاً يتّصل بأنبياء نقدّسهم، كالسيّد المسيح (ع) فيما يرمز إليه التاريخ الميلادي من ابتدائه بولادته (ع) التي ميّز القرآن الكريم الحديث عنها..

إلا أنّ عدم العقدة من أيّ تأريخ آخر شيء، وضرورة التأكيد على حضور هويّتنا الإسلاميّة من خلال تأريخنا الهجريّ شيء آخر..

ولذلك نشعر بأنّ من الضروري لنا أن نتوقّف عند بداية السنة الهجريّة وقفة مميّزة، وأن نفكّر في الطريقة التي يُمكن أن نجمع فيها بين احتفاليّة عاشوراء واحتفاليّة رأس السنة الهجريّة؛ ولا سيّما أن التأريخ الهجري قد يمثّل جزءاً من عناوين الوحدة بين المسلمين، انطلاقاً من أنّ أيّ عنوان إسلاميّ ينبغي أن يكون موضع اهتمام من جميع المسلمين، لا أن يشعر طرفٌ أنّه معنيّ به وطرف آخر يتقبّل أن يمرّ مرور الكرام

ليست هناك تعليقات: