6 سبتمبر 2010

فضل الله استغرب صمت الكثير من القيادات والمرجعيّات الإسلاميّة حيال مجزرة كويتا في باكستان:
هناك خطّة استكباريّة خطيرة تهبّ رياحها السّوداء على المنطقة العربيّة والإسلاميّة


رأى سماحة العلاّمة السيد علي فضل الله، أن الهجوم الانتحاري الذي استهدف التظاهرة التي نظّمها حشد من المسلمين الشيعة في مدينة كويتا الباكستانية، هو أعلى مظهر من مظاهر الوحشيّة والعدوان، وصورة بشعة عن العمل السياسي والديني والعملي عند تلك الفئة البعيدة عن الإسلام، مؤكّداً أنّ هناك خطة استكبارية خطيرة تهبّ رياحها السّوداء على المنطقة العربية والإسلامية، لإشعال نيران الفتنة في أكثر من بلد إسلاميّ، وفي مواقع حسّاسة في قلب الأمّة، لتشويه كلّ حركة الجهاد ضدّ الأعداء..

كلام سماحته جاء في بيانٍ أصدره استنكاراً للهجوم الوحشيّ الّذي استهدف تظاهرةً للمسلمين الشّيعة في باكستان، بمناسبة يوم القدس العالميّ.. وجاء في البيان:

لقد مثّل الهجوم الانتحاريّ الآثم على التظاهرة التي نظّمها حشد من المسلمين الشيعة في مدينة كويتا الباكستانية، أعلى مظهر من مظاهر الوحشية والعدوان، وصورةً بشعةً عن العمل السياسي والديني والعمليّ عند تلك الفئة البعيدة عن الإسلام الّذي جاء به رسول الله(ص) ودعا إليه، وقدّم هديّةً للعدوّ الصهيوني وللإدارة الأمريكيّة وكلّ السّاعين لطعن الأمّة في قلبها النّابض، ولحمها الحيّ، وقضاياها الكبرى.

إنّ هذه الجريمة الكبرى في آثارها ومعطياتها ودلالاتها، والتي استهدفت كلّ هؤلاء الواعين الذين هبّوا لإسماع صوتهم المدافع عن القدس الشّريف وعن فلسطين المحتلّة، تؤشّر إلى خطورة ما تذهب إليه تلك العقليّات المعقّدة والحاقدة، والّتي لا تبصر نور الحقّ، ولا ترحم الأمّة في قضاياها ومستقبل أجيالها، بل تمعن في ركوب أمواج الفتنة العمياء، لتسير في الخطّ نفسه الذي رسمه المستكبرون والصّهاينة لهذه الأمّة للإيقاع بها، لتمثّل فعلتها الشّنيعة هذه ردّاً غير مباشر على ما يقوم به المجاهدون في فلسطين المحتلّة، من ملاحقةٍ للمحتلّين الصّهاينة والتصدّي لهم، في عمليّاتٍ بطوليّةٍ أصابت منهم أذى، كما أصابت عمليّة التّسوية المذلّة الّتي يُراد من مفاوضاتها المباشرة الأخيرة التّحضير النّهائيّ لدفن القضيّة الفلسطينيّة.

من المؤسف أن تتمّ هذه العمليّة الإجراميّة في اليوم الّذي يحتفل فيه المسلمون بالقدس، وفي وقت كان لا بدّ من أن تنصبّ فيه كلّ الجهود للعمل على تحريرها، وتوفير كافّة الجهود والإمكانيّات لمواجهة المحاولات الصهيونيّة لتهويدها وإسقاطها بالكامل، لتأتي هذه العمليّة الإجراميّة ضمن حلقةٍ واحدةٍ من حلقات المؤامرة الاستكباريّة لتضييع القضيّة الأساس، وهي قضيّة فلسطين الّتي هي أمّ القضايا في العالم العربيّ والإسلاميّ.. كما جاءت في وقتٍ أحوج ما يكون باكستان إلى العمل الحثيث على إخراج شعبه من المحنة الّتي أصابته جرّاء الفيضانات التي شرّدت الآلاف.

إنّ خطورة هذا العدوان الوحشيّ، تكمن في أنّه يُراد له أن يدفع الأمّة كلّها إلى أتون معركة داخلية، لتمكين المحتلّ في فلسطين وأفغانستان والعراق من تحقيق مآربه وأهدافه وأطماعه.. وإنّنا نستغرب صمت الكثير من القيادات والمرجعيّات الإسلاميّة حيال هذه الجريمة، وعدم تنديدهم بها، وإشارتهم الحاسمة الى ضلال هذا النّهج وانحرافه عن خطّ الرّسالة، وعن نهج الإسلام العظيم الّذي جاء به محمد (ص)، وأراده الله تعالى خلاصاً للبشريّة كلّها؟!

وإذا كان البعض يتحدّث عن أنّ هذه العمليّة جاءت ردّ فعلٍ على اعتداءاتٍ حصلت سابقاً، فإنّنا نقول لهم، فيما لو صحّ ما يدّعونه: أين هو المبرّر الشّرعيّ والقانونيّ للقيام بهذا العمل الإجراميّ، والله تعالى يقول: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}؟! هل عدنا الى الجاهليّة ولكن بعناوين دينية بعيدة عن القيم التي جاء بها الإسلام ودعا إليها؟!

إنّنا ندعو القيادات الإسلاميّة الواعية، والحريصة على السنّة والشيعة، أن يتحرّكوا بسرعةٍ لتطويق هذه الأفعال بالمواقف الحاسمة، وآليّات العمل التي لا بدّ من أن تنبثق عن اجتماعاتٍ ولقاءاتٍ وحدويّةٍ هادفة، لأنّنا نلمح خطّةً استكباريّةً خطيرةً تهبّ رياحها السّوداء على المنطقة العربيّة والإسلاميّة، لإشعال نيران الفتنة في أكثر من بلدٍ إسلاميّ، وفي مواقع حسّاسة في قلب الأمّة، لتشويه كلّ حركة الجهاد ضدّ الأعداء، ولقلب الطاولة على كلّ الإنجازات التي صنعها المجاهدون الشّرفاء الّذين أنقذوا الأمّة من مؤامرات كبرى، ولا زالوا يعملون لردع المزيد من المخطّطات والمشاريع الظّالمة.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

التاريخ: 25رمضان 1430 هـ الموافق: 04/09/2010 م

ليست هناك تعليقات: