15 سبتمبر 2010

سيّدي.. يا كلّ الفرح الآتي مع العيد

نأتيك من بين سنابل العطاء.. من حقولٍ نمت في رحبتيك أجيالاً..

نهرول إلى الحضن الدافئ، نلتمس الفرج في ألق الوجه ولمسة اليد الحانية..

نُسرع الخُطى في خطوات الشّهر الفضيل، إلى أن نغرق في راحةٍ كبرى حرصت على زراعتها وعنايتها لتبلغ شأنها..

نأتيك من عالم صوتك الملائكيّ الّذي كان يتردّد في أصداء المسجد ولا زال: "اللّهمّ أدِّ عنّا حقّ ما مضى من شهر رمضان.. وتسلّمه منّا مقبولاً".. "أعوذ بجلال وجهك الكريم، أن ينقضي عنّي شهر رمضان، أو يطلع الفجر من ليلتي هذه، ولك قِبَلي تبعةٌ أو ذنبٌ تعذّبني عليه"..

نُقبل عليك في نهاية الموسم الرّمضانيّ الّذي ملأته عطاءً ودعاءً، صلاةً وبكاءً، وعظاً وسناءً.. فجعلت النّفوس ترتاح بين يدي الباري عزّ وجلّ..

نهيم بالوجه الكريم، نعرف أنّ المسافة بين القلب والمسجد هي الخطوة في المكان نفسه، ونشعر بأنّ مدرسة "الصّحيفة" و"القرآن" تغشى المكان كلّه، وترعى القادمين الحالمين بالعبور ـ ألقاً ـ إلى غد الرّسالة..

كان العيد مناسبةً للفرح بك، ومحطّةً للاستزادة منك، وفرصةً لاختزان مفاصل الكلام، والانتصار على بقية الأوجاع والآلام..

كنّا نأتيك ونفوسنا تردّد:

هنيئاً لك العيدُ الّذي أنت عيده وعيدٌ لمن "صام" وصلّى وعيّدا

كنت العيد في ربيع حياتنا الحالمة.. وكنت عيد الأمّة كلّها في مساحة الوعي الكبرى الّتي ملأتها غراساً للحقيقة تكبر وتنمو في ربيع الأجيال الآمنة.. كنت الموعظة تجري على كلّ لسان، والمحبّة تطوف في رحاب المكان..

والأمّة، كلّ الأمّة، في همومها ومشاكلها، تجيبُ عن كلّ الأسئلة، وتقرأ الأمس واليوم والغد.. ولا يجرؤ أحد على اللّحاق بك.. ولا يدّعي كلّ هؤلاء أنّهم وصلوا إلى حيث وصلت..

"ماذا هناك".. سيّدي.. حدّثنا عن المؤامرات القادمة..

"ماذا هناك".. افتح عقولنا على المستقبل..

"ماذا هناك" أيّها الوالد، هل تلمح خطّةً للالتفاف علينا؟.. هل تحدّق في لعبة كبرى تُنسج خيوطها خلف البحار.. أين هي فلسطين، ماذا عن الأقصى.. كيف هي القضيّة الإسلاميّة في العالم.. هل لا زلت تخاف علينا؟ هل يقلقك كلّ هؤلاء الّذين شوّهوا صورة الإسلام في عقليّاتهم المعقّدة، وذهنياتهم المتخلّفة..

نلوذ بك.. نستلهم الخطّ والكلمات، ونسير في خطى المرحلة.. نهرول إليك، إلى الحضن الدّافئ في رحاب المسجد.. في فضاء الضّريح..

سيّدي..

"إنّ خير الدّموعِ عوناً لدمعٌ بعثته رعايةٌ فاستهلاّ.."

سيّدي.. يا موسم الفرح الآتي مع كلّ الأعياد..

يا كنزاً.. يا ثقلاً، يا حملاً كبيراً لكلّ الغيارى والمتعبين والحالمين..

سيّدي..

أنا إن ذكرتك فالقوافي في دمي ذكرًى تطول ولوعة تتجدّدُ.

التاريخ: 29 رمضان 1431 ه الموافق: 08/09/2010 م


ليست هناك تعليقات: