15 سبتمبر 2010


ثبوت الهلال والعصبيّة

عندما تظهر بعض الاختلافات في الفتاوى أو في وجهات النّظر، علينا أن لا نأخذ بأسباب العصبيَّة، بل أن نقول إنّ لكلِّ إنسان تكليفه، وهو يحاسَب عند ربِّه، أمّا أن نحاول التّعصُّب ضدّ الّذي يختلف معنا في الرّأي أو في السّياسة أو في المرجعيّة أو في أوائل الشّهور وأواخرها، فإنَّ هذا ليس من التّقوى ولا من الدّين في شيء. نحن تعوَّدنا في الواقع الإسلاميّ كلّه، لا في الواقع الشّيعيّ فقط، على الاختلاف في بدايات الشّهور ونهاياتها، حتى انه في إحدى السنوات، كان هناك ثلاث بدايات مختلفة لشهر رمضان!

إنَّ الحلّ الوحيد، والّذي انطلقنا فيه من أستاذنا السيّد "أبو القاسم الخوئي"(رحمه الله)، هو أنّ مسألة الهلال ليس لها أيُّ ربطٍ بالعيون، بل هي مسألةٌ ترتبط بالنّظام الكونيّ فيما يتعلّق بالزّمن، لأنّ الله تعالى لما خلق الأشهر، لم يكن هناك عيون، ولا كان هناك إنسان {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ}[التّوبة:36]، فقبل أن يخلق الله الإنسان كانت الشّهور. إذاً كيف يكون الفرق بين شهرٍ وشهر؛ هل يوجد حواجز بين الشّهور؟ إنَّ الزَّمن ممتدّ، والّذي يجعل شهراً يختلف عن شهر، هو أنَّه عندما يدخل القمر في المحاق، فذلك يعني أنَّ الشَّهر انتهى، وعندما يخرج من المحاق، وهو الّذي يسمُّونه توليداً، فذلك يعني أنَّ الشَّهر بدأ.

ولذا نحن نقول إنَّ مسألة أوَّل الشَّهر وآخره لا ترجع إلى العلماء، لأنَّهم ليسوا أهل خبرة في ذلك، بل ترجع إلى الفلكيّين، لأنَّهم هم الّذين يحدِّدون لنا متى ولد الهلال، وهل يمكن رؤيته أو لا يمكن، وقد كان رأي السيِّد الخوئي العلميّ، كما قلنا، يرتكز على هذه النّقطة.

ولذلك نحن في كلِّ سنة، عندما نعلن عن الهلال، سواء في أوَّل الشّهر أو في آخره، إنّما يكون ذلك بعد الرّجوع إلى أهل الخبرة في العالم كلّه، أي بعد الرّجوع إلى كلّ الأشخاص المتخصّصين وكلّ أهل الخبرة، ولكنَّ أكثر العلماء من السنّة والشّيعة لا يزالون يعتمدون على الرؤية، لأنَّ النبيّ(ص) يقول: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته». ونحن نقول، كما يقول السيِّد الخوئي، إنَّ الرؤية وسيلة للمعرفة ولتحصيل اليقين. ونحن في وقتٍ أصبحت الحسابات الفلكيَّة الدّقيقة، وبحسب أهل الخبرة، أوضح وأدقّ من الرّؤية، لأنَّ الجوَّ أصبح ملوَّثاً، وأصبح من الممكن أن يرى الإنسان في الفضاء عشرين هلالاً، لأنّ اللّمعان الموجود من خلال هذه العناصر الموجودة في الفضاء، يمكن أن يوهم الإنسان بأنّه يرى هلالاً وما هو بهلال.

ولكن نحن نرى أنّه إذا تولَّد الهلال، وثبت عندنا من خلال أهل الخبرة إمكانيّة الرّؤية، ولو في بلد نلتقي معه بجزءٍ من اللّيل، دخل الشّهر، وإن اختلف الآخرون معنا، فإنهم معذورون في اجتهاداتهم الّتي نحترمها.

ولذلك، المطلوب أن يقوم كلّ واحدٍ منّا بتكليفه، وما نريده هو أن لا نتعصَّب ضدَّ بعضنا البعض، ولا نخلق فتنةً، لأنّ الّذين يصنعون الفتنة في المجتمع، سوف يعاقبهم الله.


ليست هناك تعليقات: