18 سبتمبر 2008

في معرض استقباله لرئيس الدائرة السياسية والعلاقات الدولية في المنظمة العالمية للمغتربين العرب
فضل الله: الاغتراب اللبناني مؤهّل لإقامة جسور ثقافية عالمية مميزة إن أحسنت الطبقة السياسية التعامل معه


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، رئيس الدائرة السياسية والعلاقات الدولية في المنظمة العالمية للمغتربين العرب، محمد ضرار جمو، الذي قدّم له شرحاً واسعاً حول عمل المنظمة لجمع كلمة المغتربين العرب، وتوحيد صفوفهم بعيداً من العناوين الشخصية أو المذهبية أو السياسية التي قد تباعد بينهم.
ونقل جمو تحيات رئيس المنظمة، فايز سودان، لسماحة السيد مؤكداً أن المنظمة العالمية للمغتربين العرب، رئيساً وأعضاء وعاملين، تنظر باحترام وتقدير كبيرين لسماحة المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله، الذي ساهم في حماية الوحدة الوطنية اللبنانية والوحدة بين العرب، وأن شخصيته تمثل شخصية جامعة يحترمها المغتربون العرب ويقدرون سعيها الدائم لرصّ الصفوف وتوحيد الطاقات العربية، وخصوصاً الاغترابية منها بما يخدم القضية العربية.
وأشار سماحة السيد فضل الله في خلال اللقاء إلى أن المغتربين العرب على قسمين: قسم اندمج في المجتمعات الغربية إلى حد الذوبان وفقد اتصاله بمجتمعه وأمته، وقسمٌ حرص على ألا يفرّط بهوّيته الثقافية والدينية، مع حرصه على الانفتاح على الآخرين والاندماج معهم.
وبعدما أشار سماحته إلى المشاكل التي تعترض الاغتراب العربي والإسلامي في البلدان الغربية على وجه الخصوص والاضطهاد الذي يتعرض له هذا الاغتراب في بعض المواقع بحجة مكافحة الإرهاب، وخصوصاً بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، أكد سماحته أن بعض البلدان الغربية التي يدّعي مسؤولوها أنها توفر كل أجواء الحرية للمسلمين وللعرب في ممارسة شعائرهم الدينية تتعامل معهم كجسم غريب وتضعهم في موقع الاتهام في الوقت الذي تفسح فيه المجال لليهود لكي يأخذوا حريتهم ليس على المستوى الديني، بل على جميع المستويات... ويتساءل سماحته: لماذا لا نلمح أي دور للعرب والمسلمين في هذه الدول مع كونهم يمثلون الجاليات الكبرى فيها؟
وأكد سماحته أن الخلل لا يكمن في كيفية تعامل السلطات في الغرب مع الجاليات العربية والإسلامية فحسب، بل في المغتربين العرب أنفسهم الذين فشلوا في أن يتحولوا إلى حركة سياسية وثقافية فاعلة تتواصل مع أوطانها وتعمل لحساب قضاياها الكبرى، في الوقت الذي يُخيّل للناس أن إسرائيل باتت تحكم أمريكا، وليس ذلك إلا لأن اليهود تحركوا كمجموعة متجانسة وكلوبي مغلق عمل للسيطرة على مواقع القوة المالية والإعلامية والسياسية.
وشدد سماحته على أهمية أن تنطلق منظمات وهيئات عربية تعنى بالمغتربين العرب والمسلمين، وتعمل على تحريك الوعي العام في أوساط جالياتهم في الخارج لربط المغتربين بقضاياهم، لأن المشكلة تكمن دائماً في أننا ننطلق بشخصيتنا الفردية على حساب شخصيتنا الجامعية والموحدة لقضايانا على المستويات العربية والإسلامية.
وتحدث سماحته عن الاغتراب اللبناني الذي يمكنه أن يؤدي دوراً موحداً وجامعاً في المسألة الاغترابية العربية، في حال ابتعدت الطبقة السياسية اللبنانية عن العبث به، وحرصت على عدم نقل مشاكلها في الداخل إلى أوساطه، مشيراً إلى أن لبنان له ميزة خاصة تنطلق من تنوعه الذي يخلق له امتداداً في العالم بعناوينه الكاثوليكية والأرثوذكية والإسلامية والعربية... ومن خلال شعبه الذي يملك ثقافة منفتحة على الحضارات الأخرى، مؤكداً أن التنوع الديني والثقافي والسياسي في لبنان يؤهله لإقامة جسور ثقافية مميزة في العالم إن أحسنت الطبقة السياسية التعامل مع إمكانات اللبنانيين وطاقاتهم، وعرفت كيف توظف هذا التنوع في خدمة القضايا اللبنانية والعربية وحتى في خدمة السلام والحوار بين الثقافات.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 15-9-1429 الموافق: 15/09/2008

ليست هناك تعليقات: