24 سبتمبر 2008

في معرض استقباله وفداً كنسياً إيطالياً
فضل الله: معاناة المسلمين والمسيحيين في الشرق واحدة


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً كنسياً إيطالياً برئاسة الأب تينو نيغري، رئيس مركز حوار في أبرشية تورينو الإيطالية، والصحافي في التلفزيون الإيطالي، باولو جيرولا، والزميل كميل عيد.
وجرى في خلال اللقاء حوارٌ حول العلاقات الإسلامية ـ المسيحية، ووضع المسيحيين في الشرق في ضوء التطورات التي عصفت بالمنطقة، وخصوصاً في أعقاب الاحتلال الأمريكي للعراق، كما جرى بحثٌ في آفاق الحوار الإسلامي ـ المسيحي ووسائل هذا الحوار وأساليبه، والعلاقة بين المرجعيات الإسلامية والفاتيكان.
وشدد سماحة السيد في خلال اللقاء على أن المرجعيات الإسلامية وعلماء المسلمين من السنة والشيعة بعامة لا يعتبرون أن العنف هو الأساس في العلاقة مع الآخر، ويجدون فيه أسلوباً غير إنساني وغير شرعي، إلا إذا تمثّل في مسألة الدفاع عن النفس ومقاومة المحتل، "وبهذا نلتقي مع منطق الغرب نفسه في أن مسألة الدفاع عن النفس ورفض الاحتلال والعمل على طرده هي مسألة شرعية وإنسانية تقرّها القوانين وتؤكدها الأديان، كما حدث ذلك في الغرب أثناء الحرب العالمية الثانية والموقف من الاحتلال النازي، فلا يكون العنف إلا لمن يوجّه إلينا العنف، حيث لا يمكن أن نقدّم إضمامة ورد لمن يراشقنا بصواريخه ويقصفنا بطائراته، ويعمل على تجريدنا من حقوقنا، ويسعى لتهجيرنا من بلادنا، وإخراجنا من أوطاننا".
ورأى سماحته أن المشاكل التي تعترض المسيحيين في لبنان لا علاقة لها بالمسيحية من الناحية الفكرية أو الدينية، بل هي ناشئة من الصراع السياسي في لبنان ومن كون لبنان دولة لا وحدة للمواطنين فيها، بل هناك نظام طائفي يعمل على تقسيم اللبنانيين كتل بشرية وتجمعات مذهبية وطائفية ليكون الحديث دائماً عن حقوق هذه الطائفة أو تلك، وليضيع الجميع في فوضى الخروج من الدائرة الوطنية إلى الدائرة المذهبية والطائفية التي يمثل فيها المذهب سجناً أو شرنقة يأبى النظام الطائفي أو نظام المحاصصة أن تنفتح على مسألة المواطنة من باب الكفاءة والعطاء وأصالة الانتماء.
وشدد سماحته على احتضان المسيحيين واحترامهم في أوطانهم وبلدانهم في الشرق، مشيراً إلى أن الحديث عن وجود خطة لتهجيرهم من الشرق ليس حديثاً صحيحاً، لأن معاناة المسيحيين والمسلمين في الشرق هي معاناة واحدة، وقد انطلقت في معظم الأحيان من تدخلات القوى المستكبرة والمستعمرة، وقوات الاحتلال التي خلقت فوضى دامية في المواقع التي احتلتها ـ كما حدث في العراق بفعل الاحتلال الأمريكي ـ وما دفع ثمنه المسلمون والمسيحيون على حد سواء، وكما حدث في فلسطين المحتلة أيضاً والذي دفع ثمنه المسيحيون والمسلمون أيضاً.
وأكد سماحته أن تصوير ما يحدث في المنطقة على أنه حرب إسلامية على المسيحيين، كما تحاول بعض وسائل الإعلام الغربية تصويره، هو أمرٌ يحمل في طياته العديد من الدلالات الخطيرة، وينطوي على مؤامرة لا تستهدف الإساءة إلى صورة الإسلام في الغرب فحسب، بل تستهدف الإساءة أيضاً للمسيحيين، كما تستبطن الترويج لمشاكل قادمة ضدهم، مع أن المصلحة والحقيقة تقتضي تقديم الصورة الحقيقية للإسلام الذي أكد على الكلمة السواء في العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، وشدد على الاعتراف بالآخر الديني والسياسي وعدم الجدال مع أهل الكتاب، إلا بالتي هي أحسن.
ورأى سماحته أن مشكلة الحوار الإسلامي ـ المسيحي أنه بقي لافتة يستخدمها البعض دون أن يعملوا على إخراج هذا الحوار من دائرة التوظيف السياسي إلى فضاء الجدال العلمي والموضوعي الذي يأخذ فيه الحوار دوره العميق حتى في القضايا اللاهوتية والفكرية.
وأكد سماحته ضرورة التعامل مع المشاكل التي قد تحدث بين أفراد ينتمون إلى المسيحية وآخرين ينتمون إلى الإسلام في هذا البلد أو ذاك، كما في مصر على سبيل المثال، بحسب طبيعتها وواقعها، كمشاكل فردية تحدث الكثير من المشاكل المثيلة لها بين المسلمين أنفسهم والمسيحيين أنفسهم.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 22-9-1429 الموافق: 22/09/2008

ليست هناك تعليقات: