24 سبتمبر 2008

في معرض استقباله المفكِّر البريطاني إمام مسرور برفقة سفيرة بريطانيا
فضل الله: من يربط بين الإرهاب والدين لا يفهم عمق الدين وحقيقته


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، المفكر البريطاني من أصول إسلامية بنغلادشية، إمام إجمال مسرور، برفقة السفيرة البريطانية في بيروت، فرانسيس غاي، ومديرة المركز الثقافي البريطاني، فرانسيس بيرل... وكان حديث عن ورشة الحوار التي أدارها "إمام إجمال مسرور" في النشاط المشترك بين مؤسسة الفكر الإسلامي المعاصر للدراسات والبحوث والمركز الثقافي البريطاني.
وجرى البحث في علاقات الجالية الإسلامية في أوروبا مع الدول الأوروبية، وخصوصاً الجالية الإسلامية والعربية في بريطانيا، وفي المفهوم الإسلامي للهوية، وسبل تحقيق أفضل مناخات التعايش بين الثقافات والحضارات المختلفة، من خلال لغة الحوار والتفاهم، ونبذ العنف والظلم والاضطهاد.
وأشار إمام مسرور، إلى أن أوروبا تحتضن في هذه الأيام حوالي 25 مليون مسلم، وهو رقم كبير يحصل لأول مرة في التاريخ، مشيراً إلى أن ذلك يقتضي تحمل المسؤولية من قبل الجالية المسلمة في أوروبا، بما يؤدي إلى مساهمة المسلمين في تقدم أوروبا ورفاهها، لأن ذلك يمثل مسؤولية أخلاقية ودينية، ويعزز فرص التفاهم بين الشعوب، وأكد على رفض مقولة: "شرق وغرب"، لأننا في عالم واحد، ونحن الآن في أوروبا نعيد بلورة هويتنا، فنتوحد بوطننا وديننا، ونعيد تفسير ما نؤمن به بناءً على ما نعيشه وما نواجهه من تحديات ثقافية وفكرية وغيرها.
من جهته، أكد سماحة السيد فضل الله أن الموقف السياسي تجاه الإدارات الغربية بالنظر إلى سياستها ومواقفها تجاه قضايانا، لا يمنع من أن نتعاطى بإيجابية مع هذه الإدارات لجهة دورها في استقبال المسلمين الذين حملوا الجنسية الأوروبية أو الأمريكية، بعدما تعرضوا لشظف العيش ولضغط الديكتاتوريات الظالمة في بلدانهم.
أضاف: لقد أكدت دائماً أنّ على المسلمين الذين يعيشون في البلدان الغربية أن يتحملوا مسؤولياتهم الشرعية قبل القانونية، في عدم الإساءة إلى البلد الذي يستضيفهم، لأنني أعتبر أنّه عندما يذهب المسلم إلى أي بلد غربي، فهناك عهدٌ ينشأ بينه وبين هذا البلد، ومن شروط هذا العهد، ألا يخالف القوانين التي تمثل النظام العام للناس، وعليه أن يفي بمستلزمات هذا العهد على كافة المستويات.
ليس هذا فحسب، بل إنني أؤكد أنّ على المسلمين الذين يحملون الجنسية الأمريكية أو الأوروبية أو ما إلى ذلك، أن يعيشوا قضايا المجتمع الذي أصبحوا جزءاً منه، مع احتفاظهم بهويتهم الإسلامية.
وتابع: لقد كان يقال سابقاً إن هناك دار حرب ودار سلم، ونحن نقول إن هذه المسألة لم تعد تنطبق على واقعنا، فهناك شعوب مختلطة يعيش بعضها مع بعض، ولا يمكن أن ننطلق في التصنيف على النحو الذي جرى عليه البعض في هذا المجال، ونحن نروي عن الإمام علي(ع) أنه قال: "ليس بلد أولى بك من بلد، خير البلاد ما حملك". فالموقع الذي يحمي إنسانيتك، ويمنحك حرية الحركة في تقديم فكرك، ويحفظ حقوقك، هو الموقع الذي يستحق أن توليه اهتمامك من دون أن تتنكر لبلادك. ونحن نعتبر أن الوطن ليس صنماً نتعبّد له، ولكنه المكان الذي يحفظ لك حقوقك، ولذلك فإننا ندعو إلى أنسنة الوطن.
وأكد أننا ضد الإرهاب من أي موقع انطلق، لأن الإرهاب لا ينتمي إلى أي دين، ومن يربط بين الإرهاب والدين لا يفهم عمق الدين وحقيقته، ولذلك فإن الجاليات الإسلامية في بلاد الاغتراب مسؤولة قبل غيرها، ومن خلال ممارساتها الميدانية وحركتها الثقافية والفكرية والإعلامية، عن أن تقدم صورة الإسلام الحقيقية للآخرين، لتؤكد لهم أن الأخطاء أو الأعمال المسيئة التي يقوم بها بعض المسلمين، تعني أن الإسلام هو كذلك، أو أنه يقبل بذلك، تماماً كما تكون المسألة عندما يرتكب بعض المسيحيين أخطاء، فلا يعني ذلك أن المسيحية تتبنى ذلك.
وختم سماحته داعياً إلى قيام تعاون حقيقي بين الجاليات الإسلامية والنخب الطليعية فيها وبين المجتمع الغربي والسلطات الغربية بالطريقة التي تحفظ فيها حقوق هذه الجاليات وتُحترم فيها تلك المجتمعات وقوانينها.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 23-9-1429 الموافق: 23/09/2008

ليست هناك تعليقات: