5 نوفمبر 2008

استقبل لابيفيار الذي شكره على دفاعه عنه وعن قيم الثورة الفرنسية
فضل الله: ما قمتُ به هو واجب إنساني يتصل بالموقف الإسلامي من الظلم ومن الدفاع عن حرية التعبير


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، الصحافي الفرنسي، ريشار لابيفيار، رئيس التحرير السابق لإذاعة فرنسا الدولية الذي شكره على موقفه المدافع عنه، وكانت مناسبة للخوض في قضايا حرية التعبير في أوروبا بعامة، وفي فرنسا بخاصة، وفي عدد من القضايا الفكرية والسياسية.
وقال لابيفيار: جئت لأشكر سماحة السيد فضل الله على ما صدر عنه من مواقف دافع فيها عن حرية الرأي في أوروبا وفرنسا، وعلى ما خصّني به من موقف دافع به عني شخصياً، وقد كانت لمواقفه هذه ودعواته في هذا الصدد تأثيرات كبيرة في فرنسا، وخصوصاً أنها تصدر عن عالم ديني كبير، ويدافع فيها عن حرية الرأي وحرية التعبير في وجه مؤسسات تزعم أنها تعمل من أجل هذه الحرية، ولكنها تسعى لاضطهادها بطريقة وأخرى.
أضاف: بالنسبة إليَّ كان مهماً جداً أن تتحدث مرجعية دينية كبيرة، كالسيد فضل الله، عن عالمية القيم التي تحدثت عنها الثورة الفرنسية، لأنني أعتقد أننا نلتقي جميعاً على قاعدة هذه القيم التي تحمل عناوين السلام والدفاع عن حقوق الإنسان. ثم إن هذا الموقف الإنساني يواجه ما يفعله الإسرائيليون في هذه المنطقة من تدمير وقتل للأبرياء، إلى جانب الحرب الفكرية والثقافية والإرهاب الفكري الذي يمارسونه في فرنسا وأوروبا، وابتزاز أي موقف نقدي بحجة معاداة السامية، وأنا أعتقد أن هذا الإرهاب لا يقل خطورة عن قتل الناس هنا، وعن الحصار الذي يمارسونه في غزة، مع أننا نعرف بأن ما يجري في فلسطين هو إبادة صامتة للشعب الفلسطيني ويتم ذلك من خلال تواطؤ الكثير من وسائل الإعلام في الغرب.
من جهته أكد سماحة السيد فضل الله أن دفاعه عن لابيفيار هو واجب إنساني يتصل بالموقف الإسلامي من قضية الظلم ومن مسألة حرية التعبير، ومن الدفاع عن القضايا المحقة، لأننا لا نفهم السياسة لعبةً، بل ننظر إليها من زاوية حفظ حياة الناس وتنظيم أمورهم والحفاظ على كراماتهم، ونؤمن بحرية الفكر بالطريقة التي لا تتحول فيها إلى فوضى وعنف.
أضاف: لقد استطاعت الثورة الفرنسية أن تفتح نافذة على الحريات الإنسانية بالرغم مما رافقها من العنف، ولذلك فنحن نشعر أن من واجبنا أن نعلن عن تذمرنا من الطريقة التي يدير فيها الكثير من المسؤولين في فرنسا مسألة الحرية لمجرد التزامهم حرية اليهود والدفاع عن إسرائيل.
وتابع: لقد كنت أنظر بأنه من العار على القانون الفرنسي والقضاء الفرنسي أن يحاكم روجيه غارودي لمجرد أنه حاول أن يناقش مسألة الهولوكوست بطريقة علمية، لأن من حق أي إنسان أن يناقش ما يحدث في العالم، سواء تعلّق الأمر بما حدث لليهود أو المسلمين أو المسيحيين أو العلمانيين، لأننا نعتقد أن مناقشة الأفكار والمعطيات تساهم في تأصيلها، كما أن اضطهاد الفكر يمثل حالة من حالات الفشل في مواجهته، ومحاولة لتعميم الجمود والخمول في المجتمع. ولذلك فإنني أعتقد أن موقف "لابيفيار" مثّل معنى فرنسا في حرياتها الإنسانية، وكنا نتمنى ألا تنطلق الحكومة الفرنسية في سلسلة المواقف السلبية فيما يتعلق بحرية الرأي وحرية التعبير التي يجب ألا تتوقف عندما يتعلق الأمر بإسرائيل أو اليهود.
ونحن ليس عندنا مشكلة مع اليهود كيهود، وليست لدينا عقدة تجاههم، ولكننا ضد الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني من أولئك الذين اغتصبوا أرضهم وعملوا على تشتيتهم في العالم، وخصوصاً أن الإسرائيليين عملوا على غسل أدمغة العالم لاقتناعهم بأن فلسطين تمثّل أرضهم عبر سلسلة من الخرافات والأساطير التي حاولوا أن يقدّموها كحقائق، وهي لا أصالة لها في المنطق الديني والحضاري، ونحن نأسف لأن أوروبا التي لها تاريخها الحضاري والعلمي تخضع لهذا المنطق ولا تتصدى للجرائم الإسرائيلية المتتالية في حق الفلسطينيين، وأوضح صورة على هذه الجرائم حصار غزة الذي ينبغي أن يكون محل إدانة مستمرة من الأوروبيين قبل غيرهم.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 27-10-1429 الموافق: 26/10/2008

ليست هناك تعليقات: