23 نوفمبر 2008

في معرض استقباله رئيس مجلس أئمة المسلمين في ساحل العاج
فضل الله: الإسلام أصبح الشغل الشاغل للعالم ومسؤوليتنا إخراجه من دائرة الانفعال إلى الفعل


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، رئيس مجلس أئمة المسلمين في ساحل العاج، أبو بكر فوفانه، يرافقه الشيخ عبد المنعم قبيسي، ومسؤول العلاقات الخارجية في تجمع العلماء المسلمين، الشيخ ماهر مزهر، وممثل سماحة السيد فضل الله في أبيدجان، الشيخ منير فاضل، وكان عرضٌ لشؤون العالم الإسلامي وشجونه، ومتطلبات المرحلة، سواء على صعيد مسؤولية المسلمين في تقديم الصورة الحقيقية عن الإسلام في العالم والدفاع عنه في مواجهة الحملات التشويهية، أو على صعيد حفظ وحدة المسلمين في الداخل.
وأشار فوفانه إلى التجارب الإسلامية المتعددة للعمل الإسلامي في أفريقيا، والاختلافات التي يعيشها المسلمون وتأثيراتها في ساحاتهم الداخلية وفي وحدتهم وتماسكهم، وفي مشاريعهم الثقافية والفكرية، مؤكداً أهمية العمل المؤسساتي المدروس والذي يأخذ في الاعتبار الظروف المحيطة بحركة الدعوة والمؤثرات الاجتماعية السياسية وغيرها.
وأكد سماحة السيد فضل الله أننا نخاف على أفريقيا من الإستراتيجية الأميركية التي تسعى للسيطرة عليها بالكامل، وخصوصاً أنها القارة التي لم تخرج ثرواتها ودفائنها ومخزونها الغني في مجالات الطاقة وغيرها.
وتطرق سماحته إلى الوجود الإسلامي في ساحل العاج، فشدد على ضرورة الحفاظ على هذا الوجود من خلال التحرك في النطاق العبادي أو الحركي الميداني بالحكمة والموعظة الحسنة، وعدم الدخول في صراع الزعامات في أفريقيا، أو الخوض في النزاعات الداخلية بالطريقة التي يتحول فيها الوجود الإسلامي الاغترابي إلى عامل من عوامل الاضطراب، كما قد يفهمه الآخرون.
ورأى أن الوحدة الإسلامية لا تمثل مجرد مطلب أو رغبة أو توجه، وخصوصاً لدى العاملين للإسلام المخلصين له، بل تمثل مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى المسلمين، كما تشكل ركيزة جودهم واستمرارهم، وبالتالي فإن حمايتها وصونها يمثل صوناً لمقدس بارز من المقدسات، وللموقع الأساسي الذي يضمن قوة المسلمين واستمرارهم على خط التوحيد.
وأشار سماحته إلى مستلزمات هذه الوحدة، والتي من بينها الإصرار على متابعة القضايا الإسلامية الكبرى في العالم، والدفاع عن الإسلام بعيداً من الاستغراق في خصوصيات المذاهب والطوائف، وعدم الخوض بطريقة سلبية في مسارات تعود سلبياتها على الجسم الإسلامي العام، وحسم الأمور في أن مسألة التقريب لا تقبل أن يدخل هذا الطرف أو ذاك في خطوط الإساءة للصحابة أو لأهل البيت وأمهات المؤمنين، أو الابتعاد عن خط النقد الموضوعي والعلمي البنّاء والبعد عن السباب والشتائم وخصوصاً عند استعراض الأمور التاريخية، والتأكيد على أن ما ينتجه المسلمون بمذاهبهم وفرقهم المتعددة على الصعيد الفقهي والفكري والأصولي وما إلى ذلك، يمثل تراثاً إسلامياً يُغني المذاهب ويشكل بمجموعة نتاجاً إسلامياً يحتاجه الجميع.
ولاحظ سماحته أن محاولات الضغط على الوجود الإسلامي في المغتربات تترافق مع الحملات الإعلامية والسياسية والثقافية الجارية لتشويه صورة الإسلام في العالم، مشيراً إلى أن تقصير المسلمين تجاه إسلامهم وقضاياهم يفوق في بعض الحالات ضغط المستكبرين وحملاتهم الوحشية والتشويهية، وداعياً إلى مواجهة ذلك بالوحدة الداخلية في الأوساط وبالاستنفار لمواجهة ذلك ثقافياً وإعلامياً وسياسياً بالوسائل الممكنة والمشروعة.
ورأى سماحته أنه على الرغم من كل المخاطر التي تحيط بحركة الإسلام، وعلى الرغم من الحرب العالمية التي تشنها جهات سياسية وثقافية غربية ضده، إلا أن الإسلام دخل إلى كل بيت وأصبح يعيش في أذهان العالم، وبات محل تداول حتى عند الجهات التي تتنكر لحركته التاريخية ومفاهيمه الثقافية وأسسه العلمية، لقد أصبح الإسلام هو الشغل الشاغل للعالم، وعلينا إخراج المسلمين من دائرة الانفعال إلى دوائر الفعل، ليبرز الإسلام ـ من خلالهم ـ قوياً عزيزاً، منفتحاً، موضوعياً، علمياً، يستهوي القلوب وتحتاجه العقول.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 18-11-1429 الموافق: 16/11/2008

ليست هناك تعليقات: