23 نوفمبر 2008

لا خروج للبنان من عنق الزجاجة ما دمنا أننا نعيش تحت سقف نظام المحاصصة
فضل الله مستقبلاً "تجمع الوفاق الوطني": لماذا نتحدث عن مصالحات مذهبية ولا نتحدث عن مصالحات وطنية جامعة؟


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً من "تجمع الوفاق الوطني"، برئاسة رئيسه، بلال تقي الدين، حيث قدم الوفد لسماحته دعوة إلى المشاركة في الندوة التي ينظمها يوم غد الخميس تحت عنوان "مفهوم المقاومة"، والتي يتخللها كلمات لشخصيات من مختلف الفئات والتيارات السياسية والحزبية في لبنان. وجرى التداول في خلال اللقاء في تطورات الأوضاع الداخلية.
وتحدث سماحته في الوفد مؤكداً أن لبنان لن يخرج من عنق الزجاجة إلى فضاء الحرية إذا استمر نظام المحاصصة الذي أكد الطائفية والمذهبية بعدما كانت عرفاً، فقد جعل هذا النظام من المسؤولين مجموعات تتحرك بفعل حاجاتها الانتخابية والمناطقية لجمع أكبر عدد ممكن من الناس تحت لواء المذهبية، وأصبحت حتى الخدمات رهينة المزاج المذهبي أو السياسي المغلق، فلا يحصل عليها المواطنون إلا من النافذة المذهبية أو الطائفية، بالمستوى الذي جعل من لبنان ولايات غير متحدة.
أضاف: إن هذه الذهنية التي أنتجها نظام المحاصصة جعلت الأحزاب السياسية تتطيّف بعيداً عن عناوينها الكبرى، وجعلت حتى المصالحات تأخذ عناويناً مذهبية بدلاً من أن تكون مصالحات لبنانية تتم تحت سقف المؤسسات، فبدأنا نسمع عن مصالحة شيعية ـ سنية، وأخرى مسيحية ـ مسيحية، وثالثة شيعية ـ درزية، وأخرى تنتظر صلاحيات الأرثوذكس وما إلى ذلك، من دون أن نسأل عن مصير البلد في ظل هذه المناكفات التي أريد لها أن تطبع لبنان بطابعها المزاجي حيناً والسياسي أحياناً، وبذلك فشلت الأحزاب والتيارات في إنتاج وفاق وطني مبني على أسس متينة، وإن أنتجت وفاق الزعامات الذي غالباً ما يتجمد عند حدود مصالح هذا الزعيم أو ذاك، أو عند سقف الظروف الدولية والإقليمية التي ساهمت في ولادته أو في تهيئة الأجواء الملائمة له.
وتابع: إنني أعتقد أن لبنان يحتاج إلى شخصيات مستقلة بالمعنى الإيجابي لا السلبي، حيث ينطلق قرارها من ذاتها ومن رؤيتها الصادقة لما هي مصلحة البلد، وتتصرف وتتحرك لحساب الناس الذين لا ناس لهم، ولذلك فإن المسؤولية تقع على عاتق الجهات الواعية والمسؤولة في أن تسعى لجمع هذه الشخصيات بعيداً عن العناوين والتظاهرات، وأن تبحث عن أولئك الذين لا هم لهم إلا وحدة البلد، والذين يريدون للبلد أن يخرج من كونه بلد الاستخبارات وساحة الصراعات، ليكون وطناً لبنيه ورسالة للآخرين.
وأردف: أنا لا أتحدث عن اللاإنتماء، ولكنني أفرق بين الانتماء إلى زنزانة حزبية أو مذهبية مغلقة، والانتماء إلى فضاء رسالي وسياسي ووطني رحّب وحرّ ومنفتح ومتسامح، وأن لا نجلد البلد على مذبح المصالح الشخصية التي قد يعتقد البعض أنها امتيازات لهذه الطائفة أو لذاك المذهب، وهي في حقيقتها امتيازات لشخصية من هذه الطائفة أو لفئة، وقد رأينا في التوزيعات والتشكيلات والصفقات الرسمية وغيرها أن الذين يستفيدون هم الزعماء وأمراء الطوائف، ولا تستفيد طوائفهم إلا على أساس ما يخدم مصالح هؤلاء الزعماء وأوضاعهم ومشاريعهم، ولذلك فإنني أعتقد أن البحث عن آلية للحل هو جزء لا يتجزأ من البحث الاستراتيجي لإعادة لبنان إلى دائرة الوطن بعدما غاب في ظلمات الزعامات، ولا سبيل لذلك إلا من خلال جيل طليعي منفتح يحمل مشعل التغيير ولا تأخذه في الله لومة لائم.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 14-11-1429 الموافق: 12/11/2008

ليست هناك تعليقات: