15 سبتمبر 2009

فضل الله : يوم القدس لا بدّ أن يبقى يمثّل الرمز للقضيّة الفلسطينية

اكد العلامة السيد محمد حسين فضل الله إنّ رمزيّة القدس للقضيّة الفلسطينيّة تتحرّك في إطار المفاهيم التي تتّصل بعزّة الأمّة وكرامتها وإيمانها بحقّها الثابت أمام كلّ محاولات القهر والعدوان.

وقال العلامة السيد محمد حسين فضل الله في تصريح خاص مع وكالة مهر للانباء : إنّ رمزيّة القدس للقضيّة الفلسطينيّة تتحرّك في إطار المفاهيم التي تتّصل بعزّة الأمّة وكرامتها وإيمانها بحقّها الثابت أمام كلّ محاولات القهر والعدوان واللعب على عامل الزمن؛ ومن هنا فنعتقد أنّ الأمّة ـ ولو من خلال شعوبها وجهاتها الفاعلة ـ لا تزال تنطلق من هذا المنطلق وتتحرّك في هذا الإطار، ولذلك فلا تزال القدس بالنسبة إليها تمثّل القضيّة والرمز الذي لا يُمكن التنازل عنه في حالٍ من الأحوال؛ لأنّه يمثّل تنازلاً عن الذات وحضورها الفاعل.
واضاف : وينبغي أن نؤكّد ـ في هذا المجال ـ على الدور الذي يلعبه الفلسطينيّون الذين يمثّلون الشعب اللصيق بهذه القضيّة، وهو في نحوٍ من الأنحاء مؤتمنٌ عليها، مهما تكالبت عليه الأمم المستكبرة وحاولت إخضاعه من خلال اليأس من الواقع، والمؤمن لا ييأس؛ لأنّه ينظر بعين الله، تماماً كما تحدّث الله على لسان يعقوب (ع): «ولا تيأسوا من روح الله إنّه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». وفي كلّ الأحوال، فإنّ الفلسطينيّين قد استطاعوا عبر الزمن إعطاء النموذج الفذّ في الصمود في وجه كلّ محاولات الإلغاء، وأثبتوا أنّهم متى تشبّثوا بحقّهم من خلال التمسّك بحبل الله المتين فإنّ أيّ قوّة في العالم لن تستطيع أن تلغيهم أو تسحق إرادتهم.
وتابع العلامة فضل الله : إنّ الإنسان لا يُمكن أن يُلغى أو يُشطب من دائرة الفعل في الحياة إلا عندما يُلغي هو نفسَه، ومتى بقيت إرادة الحياة موجودة فالقضيّة تتحوّل عندئذٍ إلى جذوةٍ متوقّدة في مدى الزمن ومع تعاقب الأجيال.
وحول الموقف الإسلامي الشرعي من تهويد فلسطين , اجاب السيد فضل الله : لقد أصدرنا بياناً أكّدنا فيه أنّه لا يملك أحد في هذا العالم شرعيّة أن يتنازل عن أيّ شبرٍ من فلسطين كلّ فلسطين، فضلاً عن القدس التي تمثّل العمق في الوجدان والتاريخ الإسلامي، ورمزاً أساسيّاً للقضيّة.. كما أصدرنا فتوى حرّمنا فيها أيّ حالةٍ من حالات التطبيع مهما كانت النتائج المترتّبة على حركة الأنظمة العربيّة السياسيّة؛ لأنّ الإنسان المسلم لا يُمكنه أن يشرّع الغصب والاحتلال والظُلم والعدوان، ولا يُمكنه أن يسالم من هو في وجوده يمارس الاعتداء عليه وعلى الأمّة، في حاضرها ومستقبلها.
وفيما يتعلق بمعادلة وقف الكيان الصهيوني للاستيطان المؤقت مقابل تطبيع كامل ودائم من جانب الدول العربية , اجاب السيد فضل الله : للأسف وضع كثير من الأنظمة العربيّة اليوم كقول ذلك الشاعر:
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميّت إيلام
ولكنّنا نقول إنّ المسألة بيد الشعوب؛ لأنّه مهما تحرّكت الأنظمة في العمليّة السياسيّة المذلّة، فإنّ الشعوب هي التي تملك الاستمراريّة عبر الزمن، وبإمكانها إفشال أيّ محاولات جديدة لإدخال الأمّة في مزيد من الذلّ والموت الحضاري والتاريخي. وليس من خيارٍ أمام الشعوب إلا مقاومة كلّ ذلك بشتّى الوسائل، وفي كلّ الميادين، والاستمرار في عمليّة صناعة القوّة في سبيل التغيير في المستقبل إن لم يسعْهُ الحاضر.
وفي معرض اجابته على سؤال بشأن تطوير الاهتمام يوم القدس العالمي بعد مرور ما يقارب 30 سنة على دعوة الإمام الخميني(قده) لإحياء هذا اليوم , قال العلامة فضل الله : لقد كنّا نؤكّد دائماً على أنّ يوم القدس لا بدّ أن يبقى يمثّل الرمز للقضيّة، وإنّ هذه الرمزيّة هي بيد الناس أنفسهم؛ لأنّ الوعي هو الذي يُخرج أيّ مناسبة احتفاليّة من شكلها المجرّد إلى أفقها التوجيهي والتثقيفي وشحن الوجدان الحيّ الفاعل في سبيل إعطاء القضيّة زخمها الأقصى مقدّمة لعمليّة تغيير الواقع.
واردف قائلا : وقد يحسن لنا في هذا المجال أن نشير إلى أنّه لا ينبغي أن تقتصر الاحتفاليّة بيوم القدس على لونٍ واحد، أو على جهة معيّنة، بل لا بدّ أن نضمن أن يكون الاحتفال بيوم القدس شموليّاً، في ألوانه وميادينه وجهاته، بحيث يشعر كلّ إنسانٍ، من موقعه الثقافي أو السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو العسكري والأمني أو ما إلى ذلك، أنّه معنيّ بهذا اليوم، وأنّ بإمكانه التعبير بطريقته عن حضور القضيّة في وجدانه، بما يؤمّن الأرضيّة المؤاتية لتحرّك المجتمع بأسره نحو تلك القضيّة، لا أن يتحرّك جزءٌ من المجتمع من خلال لونٍ واحدٍ يُبقي كثيراً من الناس الذين يعتبرون أنفسهم غير معنيّين بهذا اللون الاحتفالي خارج إطار القضيّة ورمزيّتها.

ليست هناك تعليقات: