11 أكتوبر 2008

أضعنا شخصيتنا الوطنية بعدما أدمنّا الآخر وعملنا بالوحي القادم من الخارج
فضل الله: لماذا يُعيد هذا اللبنان إنتاج زعاماته بالقاعدة نفسها وبالنسق نفسه؟

استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفد مديري المؤسسات في جمعية المبرات الخيرية، بعد ترحيب سماحته بالوفد تحدّث عارضاً لأهم المشكلات التي تعاني منها الأمة، ومما جاء في كلمته:
لعلّ مشكلتنا في الشرق في شكل عام، وفي الشرق العربي والإسلامي على وجه الخصوص، أننا نفكر في الآخرين أكثر مما نفكر في أنفسنا، وأكثر من ذلك ثمة من يتطلع إلى خيارات الآخرين ليحدد خياراته على أساس ما يتخذونه من قرارات، ولهذا استمعنا في لبنان إلى كلمات من بعض المواقع الدبلوماسية الأوروبية تقول لنا إن اللبنانيين يسألوننا عما نريد ولا يعملون لما يريدونه هم، وكأن المسألة أصبحت في النطاق الذي أدمنت فيه ذهنيتنا الآخر وذابت فيه، إلى المستوى الذي باتت فيه إيحاءات الآخرين خطوطاً سياسية لها مناصروها ولها مساراتها في واقعنا المحلي.
أضاف: إننا في لبنان في خضم هذا الوحي القادم من الخارج والذي تعمل به نماذج من الطبقة السياسية في شكل تلقائي حتى من دون قراءة واقعية لتأثيراته وسلبياته عليها في كثير من الأحيان، وبذلك أدمنت هذه النماذج الخضوع لهذا الآتي إلينا من الخارج، سواء تقدم إلى الساحة من نافذة الجوار أم من خلف البحار، وتلك هي الطامة الكبرى، ذلك أننا أدمنا الآخر إلى المستوى الذي تناسينا فيه شخصيتنا الوطنية وهدّمنا فيه الكثير من أسوارنا المحلية، ولذلك قلت: إنني أحمل مصباح ديوجين في النهار لأعثر على لبناني فلا ألمح إلا أمريكي أو سوري أو إيراني أو سعودي أو مصري وما إلى ذلك... ولا أريد أن أتكلم بلغة التعميم المطلقة، ولكنها الظاهرة التي فرضت نفسها على هذا اللبنان إلى المستوى الذي غاب اللبناني في أصالته وكاد أن يتمرد على جنسيته.
وتابع سماحته: لماذا لم يتجدد هذا اللبنان بروحه وعقليته، ولماذا تصر هذه الساحة الداخلية على أن تعيد إنتاج زعاماتها وفق القاعدة نفسها، والنسق نفسه، فلا وجوه جديدة فاعلة في حياتنا السياسية ولا دماء جديدة تجري في الشرايين السياسية اللبنانية، وحتى إذا جاد الزمان علينا ببعض الوجوه في النطاق السياسي أو الأدبي أو الثقافي أو الديني عملنا على رجمهم بالحجارة، أو زرعنا أمامهم الأشواك المذهبية والطائفية حتى يتمذهبوا ويتطيّفوا ـ في حسابات الآخرين ـ على نحو يُسقط إبداعهم ويحتوي فرادتهم ونجاحهم ويضغط على خصوصيتهم العلمية المميزة.
ودعا سماحته إلى التمرد على هذا الواقع، وإلى رفض هذه البيئة التي كاد أن يطغى الجانب السياسي فيها على الجوانب الثقافية والإبداعية فيقتلعها أو يشوّه صورتها.
ودعا سماحته الأجيال التربوية والثقافية وكل العاملين في المؤسسات اللبنانية المنتجة، سواء أكانوا في مؤسسات أهلية أو رسمية، إلى العودة للقاعدة الأساسية في مسألة الإبداع التي تنطلق من رصد حاجاتنا والانطلاق من مسألة المعرفة بالذات وما تريد بدلاً من التطلع إلى الآخر بعقلية الاندهاش والاستغراب، مع كوننا نعلم نقاط ضعف الآخرين ومآسيهم وبؤسهم.
يتـيــم
من جهة ثانية، استقبل سماحته النائب السابق، الدكتور حسين يتيم، حيث جرى عرضٌ للأوضاع العامة، وخصوصاً الأوضاع الاجتماعية والسياسية في العاصمة بيروت... وشدد سماحته على أولوية ترتيب العلاقات الإسلامية على المستوى السني والشيعي، وخصوصاً في بيروت، مؤكداً ضرورة العمل في النطاق الميداني لصون هذه العلاقات وحمايتها، لأن الأولوية دائماً هي للوحدة الداخلية، وخصوصاً وحدة السنة والشيعة في الخط الإسلامي وفي خط مقاومة الاحتلال ومواجهة كل محاولات التفريق بين المسلمين.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 8-10- 1429 الموافق: 07/10/2008

ليست هناك تعليقات: