23 أغسطس 2009

دعا العلامة السيد محمد حسين فضل الله، كل المعنيين بالمسألة الفلسطينية إلى البحث عن خطط وبرامج عملية لإعادة المقاومة إلى حيويتها وحركيتها داخل الساحة الفلسطينية،

مشيراً إلى أن تغييب مشروع المقاومة وإضعافه يعني تقدم المشروع الأميركي الإسرائيلي خطوات نحو الأمام، داعياً إلى العمل لإعادة القضية الفلسطينية إلى دائرة الضوء العالمية من الساحة الإسلامية والعربية والفلسطينية بعدما أوشك العدو على احتلال العقول بعد احتلاله للأرض، مؤكداً أن مشروع المقاومة يتعرض لحال حصار غربية ودولية وعربية لكسر شوكته، ملاحظاً تقدم المشاكل داخل الساحة الفلسطينية على مشروع المقاومة والمواجهة.
استقبل العلامة فضل الله وفد لجنة دعم المقاومة في فلسطين، برئاسة الشيخ حسين غبريس، الذي وضعه في أجواء الملتقى اللبناني الفلسطيني الذي عقد تحت عنوان "حق العودة ورفض التوطين"، وبحث الوفد مع سماحته في سبل دعم المقاومة في فلسطين في ظل الضغوط الصعبة التي تنهال على الشعب الفلسطينين والانقسامات الحاصلة داخل الساحة الفلسطينية.
ورأى السيد فضل الله في خلال اللقاء أن مشروع المقاومة في فلسطين يتعرض إلى حال حصار عربية ودولية كبرى تهدف إلى كسر شوكته وشل حركته، مشيراً إلى أن الكيان الصهيوني نجح ـ إلى حد ما ـ في خلط الأوراق داخل الساحة الفلسطينية بالطريقة التي فاقمت من الخلافات بين الفلسطينيين وباعدت بين الفرقاء الأساسيين داخل هذه الساحة، وعملت على تطويق حركة المقاومة، بمساعدة من أطراف عرب في كثير من الأحيان.
أضاف: لقد تقدمت المشاكل الداخلية التي تفاعلت في الأشهر الأخيرة داخل الساحة الفلسطينية على مسألة مواجهة العدو، ولاحظنا استغراقاً متصاعداً بهذه المشاكل بما شغل الساحة عن تدبير الأمور لمواجهة مخططات العدو، حتى أن السجال الداخلي في هذه الساحة يكاد يتركزّ على ما تقوم به هذه الجهة الفلسطينية ضد الجهة الفلسطينية الأخرى، في عملية تخاطب وتراشق مستمرة يتناسى فيها الجميع مشروع المقاومة، أو يجعلوه خلف ظُهورهم، إلى أن سمعنا كلاماً خطيراً قيل بالأمس القريب مفاده أن المفاوضات هي الطريق الوحيد، وأن لا طريق غيره، والحال أن هذا الخيار هو المعتمد منذ عقود من دون أن يحقق للفلسطينيين شيئاً، وفي الوقت عينه نلاحظ أن إسرائيل لا تتحدث إلا عن الحرب في الوقت الذي يتحدث هؤلاء عن المفاوضات العبيثية.
ولفت الى إننا نخشى من أن الخطة المرسومة دولياً والتي بدأت بعض ملامحها العربية تظهر تباعاً تقوم على تسهيل الأمر أمام انتشار متسارع للاستيطان، يقود إلى إلغاء فعلي لحق العودة، ويحقق الطموحات الإسرائيلية الأساسية، من دون أن يمنع ذلك العرب من البدء بخطوات عملية في مسألة التطبيع، وخصوصاً أننا قرأنا كلاماً لأحد المسؤولين العرب لصحيفة إسرائيلية يؤكد فيه بأن حق العودة قد سقط فعلياً، وأن حديث العرب عنه يهدف إلى تحقيق رغبة نفسية معنية فحسب، وبالتالي فهو لا يشير إلى تنازل على مستوى حكمه وسلطته فقط، بل يريد أن يفتح الأبواب بالكامل أمام العدو لاستباحة الساحات العربية الأخرى من الزاوية التي ينطلق منها لإنهاء القضية الفلسطينية بالكامل.
وتابع:علينا أن نبحث عن طريقة نخطط من خلالها إلى عودة المقاومة إلى حيويتها وحركيتها على الساحة الفلسطينية، حتى وإن انطلقت المسألة بشكل جزئي في البداية، لأن تغييب المقاومة عن الميدان الفلسطيني يعني أن مشروع القضاء على القضية الفلسطينية يتقدم إلى الأمام بما يفسح في المجال للطروحات الأميركية الاستسلامية لكي تتقدم خطوات في صعيد الواقع، وعلينا أن نعرف أن جزءاً من الحملة الإسرائيلية المركزّة على المقاومة في لبنان يتصل بفلسطين والمسألة الفلسطينية، لأن العدو يعمل على عزل المسالة الفلسطينية عن المحيط العربي والإسلامي بالكامل، كما يعمل لعزل الفلسطينيين في الداخل كلمة واحدة لحساب مشروع الدولة اليهودية العنصرية الخالصة التي تُنهي مشروع الدولة الفلسطينية واقعياً وإن تواصل الحديث عنه على ألسنة السياسيين أو في وسائل الإعلام، لأنه لم يأتِ وقت تعرضت فيه القضية الفلسطينية إلى هذه الهجمة المركزة الهادفة إلى الاستباحة الكاملة كما في هذا الوقت.
ورأى ان على كل المعنيين بالمسألة الفلسطينية من إسلاميين ووطنيين وعروبيين أن يفكروا جدياً في القيام بخطوات وبرامج عملية تعيد القضية إلى مساحة الضوء العالمية من العنوان الإسلامي والمسيحي والعربي والفلسطيني، لأن القضية هي أن اليهود المحتلين لم يغتصبوا الأرض ويركزوا فيها الاستيطان فحسب، بل عملوا على احتلال العقل الغربي، ومصادرة العقول العالمية عبر أساطيرهم وخرافاتهم، وأخشى أن أقول إنهم أوشكوا على مصادرة العقل العربي، لأننا بدأنا نستمع إلى بعض النماذج ممن يضعهم البعض في دائرة النخبة العربية المثقفة ممن ينصح الفلسطينيين بالنزول عند الشروط الإسرائيلية والأميركية حتى يحصلوا على شيء، أي شيء، كما نستمع إلى نصائح من هؤلاء بضرورة الإنصياع للمنطق الأميركي حتى لو ذهبت الحقوق العربية والإسلامية بالكامل إلى جيوب الأميركيين وخزائنهم وبنوكهم المفسلة؟

ليست هناك تعليقات: