1 أبريل 2009


فضل الله استقبل وفداً جزائرياً:
الإنجازات ليست في لقاء الزعامات، بل في مقاربة القضايا المصيرية بروح وحدوية



استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً جزائرياً ضمّ نحو عشرين شخصاً من أئمة وطلاب الشريعة، وأساتذة الجامعات، حيث جرى حوارٌ في مسائل التقريب وخطوات الوحدة في الواقع الإسلامي، إضافةً إلى التحديات الفكرية والثقافية التي تواجه المسلمين في هذه المرحلة الصعبة من تاريخهم.
ورحّب سماحته بالوفد مستذكراً ثورة الجزائر التي انطلق بها العلماء، مشيراً إلى حركة ابن باديس وإلى عطاء مالك بن نبي وفكره، مؤكداً أن العالم العربي والإسلامي يحتاج في هذه الأيام إلى فكر المبدعين، كما يحتاج إلى جهاد المجاهدين، ويحتاج إلى ثورة ثقافية على مستوى تصحيح المفاهيم والخروج من دائرة الغلو والتكفير، كما يحتاج إلى سواعد المقاومين والمناضلين الساعين لإخراج المحتل من بلادهم... لأن المسألة هي في الانتصار على الاحتلال الفكري، وبعدها تصبح إمكانية الفوز على الاحتلال الميداني مسألة أكثر واقعيةً...
أضاف: نشعر بأن هذه المرحلة التي تمر على العرب والمسلمين هي من أصعب المراحل وأكثرها تعقيداً، بصرف النظر عن فكرة الحوار التي يتحدث عنها الكثيرون، والتي جعلوها عنوان المرحلة، وعروس الشعر السياسية التي يمجدونها صبح مساء، لأن المسألة تكمن في أنه يُراد لنا أن نظل ـ كمسلمين وعرب ـ نعيش على هامش هذا العالم، ولا نقرر مصيرنا إلا من خلال ما يقرره الآخرون على مستوى مصالحهم ومستقبل اقتصادهم.
ولذلك، فإننا نلاحظ أنه عندما يُنتخب رئيس أمريكي جديد، تنطلق التحليلات والكلمات؛ كيف سيحل مشاكلنا، وكيف سيقارب قضايانا، من دون أن يتحدث أحد كيف لنا أن نحل مشاكلنا بأنفسنا، وأن نقرر مصيرنا، وأن نمنع الآخرين من التدخل في شؤوننا، ومن رسم صورة مستقبلنا على هامش مستقبلهم وخططهم الاستراتيجية.
وتابع: منذ ما يزيد على الستين سنة، والعرب يلهثون وراء إسرائيل، ويطرحون أمامها المبادرة تلو الأخرى، ويخشون من سحبها... ولا تقابلهم إسرائيل إلا بالمزيد من التهديد والتهويد والاستيطان، فيقابلونها بالمزيد من البيانات الصادرة عن القمم التي تنظر إلى الإنجازات في مستوى المصالحات التي يجلس فيها هذا الزعيم العربي إلى جانب ذلك الزعيم... من دون أن نحصل على إنجازات في مسألة الوحدة الداخلية، أو في رسم البرامج الاستراتيجية، أو في مقاربة القضايا المصيرية بروح وحدوية.
ورأى أن على الجيل الجديد أن يتحرك في نطاقين: النطاق الأول يتمثل بمقاربة القضايا السياسية والثقافية بروحية إسلامية منفتحة على المعاصرة، من دون أن يشكل ذلك خروجاً على ثوابت الشخصية الإسلامية، أو انغلاقاً في دائرة الاختناق الذاتي، وفي النطاق الثاني، أن نواجه المسألة المذهبية بروحية إسلامية وحدوية ترى في المذهبية الفكرية غنى، وفي المذهبية العشائرية فقراً وموتاً وضياعاً، لأنها تؤسس للتكفير والعصبية والشقاق.
وأكد ضرورة الحفاظ على الجزائر في نطاق الخط الإسلامي الحضاري الذي يحتضن الجزائريين جميعاً بعيداً عن إثارة المسألة القومية في البربرية أو العربية، فالإسلام احترم الخصوصيات القومية، ولكنه أراد لها أن تتحول إلى خصوصيات تفاعلية في خط الخير والرحمة، لا أن تتحول إلى عناوين للخلاف والصراع والتنازع، مشيراً إلى وجود مؤامرة خبيثة تريد إبعاد الإسلام عن دائرة الضوء، لذا فإنّ المطلوب هو سعيٌ من قبل الحريصين لتعميقه في نفوس المسلمين وتوضيحه، وشرح مفاهيمه للآخرين بصفته الدين الحضاري الذي يجمع بين الأحكام المدنية، إلى جانب الأمور الروحية والعبادية.



مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 4-4-1430 الموافق: 31/03/2009

ليست هناك تعليقات: