1 أبريل 2009

استقبل وفداً إعلامياً دانماركياً
فضل الله: فرص نجاح الحوار في المنطقة ضئيلة، ومن السابق لأوانه التكهن بالنتائج

استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً إعلامياً دانماركياً، ضمّ نحو عشرين مراسلاً وكاتباً ومؤلفاً ومذيعاً ومحرراً، من مختلف وسائل الإعلام الدانماركية المرئية والمسموعة والمكتوبة، حيث جرى حوار في مسائل تتعلق بالحوار بين الشرق والغرب، والحوار الإسلامي المسيحي، وعلاقة المسلمين وجالياتهم بالدول الغربية، ووسائل الدعاية التي تمارسها بعض المؤسسات الإعلامية الغربية للتخويف من الإسلام، إضافةً إلى استعراض الأوضاع السياسية في لبنان والمنطقة، وخصوصاً في أعقاب انتخاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما.

وتحدث سماحة السيد فضل الله في الوفد، مشيراً إلى أن رسالة الإعلاميين تشبه رسالة الأنبياء، وخصوصاً في مسألة الكشف عن الحقيقة والبحث عنها، والسعي لمواجهة كل محاولات تزييفها، مشيراً إلى أن الصحافة تمثل رسالة إنسانية، ثقافية، سياسية بالغة الأهمية والدقة في حياة الشعوب، ومؤكداً ضرورة ألا يُستخدم الإعلام للإضرار بالسلام العالمي، والعلاقات الإنسانية والسمو الحضاري.
ورأى ضرورة احترام حرية التعبير، ولكن على أساس الضوابط الإنسانية التي لا بد من أن تخضع لها هذه الحرية، لأن الإساءة إلى الآخر تختلف عن النقد الموضوعي الذي قد يوجه إليه، مشيراً إلى أن الإسلام احترم الرأي الآخر، وأعطاه الفرصة لكي يعبّر عن نفسه، ودخل معه في نقاش علمي، ورفض الإساءة أو التجريح أو السبّ... ودعا إلى إدارة النقاش على أساسٍ من الدليل والبرهان. ولذلك فإن أمانة العلاقة مع الآخر، سواء أكان شعباً أم فئةً سياسيةً أم دينيةً، تستدعي احترام هذا الآخر في مكوّناته السياسية والثقافية ومقدساته الدينية، ولا تفترض بالضرورة الالتزام بها أو عدم مناقشتها ونقدها في سياق موضوعي وحضاري.
وأشار إلى أن معايير العدالة فيما هي مسألة النقد، ليست معايير واحدة في مختلف الإدارات الغربية، فقد رأينا أن هذه الإدارات تدافع عن الرسوم المسيئة أو تضعها في خانة حرية التعبير، بينما تمنع نقد إسرائيل وتعاقب كل من يتحدث بروحية النقد العلمي عن "الهولوكوست" واليهود، وتضع ذلك في خانة معاداة السامية... وقد رأينا الغرب يسكت عن الإساءات الأخيرة إلى السيد المسيح(ع) وأمه مريم، التي بثّها تلفزيون العدو، في الوقت الذي تلاحق السلطات الغربية كل من يتعرض لليهود بالنقد.
ورداً على سؤال حول مستقبل الوضع في منطقة الشرق الأوسط، قال سماحته: مشكلة هذه المنطقة بصورة عامة، أن حكوماتها أقرب إلى الديكتاتوريات منها إلى الحكومات الشعبية، فالدولة لا تمثل مؤسسة بالمعنى العميق للمؤسسة، بل يحكمها شخص يتحكم بها ثم يورّثها لابنه كما لو كانت ملكه الخاص، أو تحكمها العوائل وقوانين المخابرات والطوارئ... وحتى الانتخابات تأتي ضمن السياق المرسوم لها، والقضاء يخضع للسياسة، والمسؤولون الكبار في منأى عن الملاحقة والمحاكمة، وفي المقابل، نلاحظ أن دول العولمة المتوحشة تجد في هذه المنطقة أرض الثروات والأسواق التي لا بد من السيطرة عليها، لأنها تمثل موقع الحاجة لصناعاتها وتطورها ولجعلها تستهلك ما تصدره هذه الدول.
ورأى أن الإدارة الأمريكية الجديدة لا تزال في مرحلة البحث عن الأسس التي تعيد من خلالها الاقتصاد الأمريكي إلى موقع القوة، لتستعيد سيطرتها الإمبراطورية على العالم، ولذلك فهي ستواصل ضغطها على دول الاتحاد الأوروبي لدفعها إلى تكييف حركتها الاقتصادية والسياسية والأمنية مع مقتضيات المصلحة الأمريكية، هذا مع سعي الولايات المتحدة الأمريكية لمواصلة مصادرتها للواقع السياسي والاقتصادي، وحتى الأمني، في المنطقة من خلال الحلف الأطلسي.
ولذلك فمن السابق لأوانه التكهن بمستقبل الوضع في المنطقة في السنوات القادمة، على الرغم من الإعلان الأمريكي عن الاستعداد للدخول في مرحلة جديدة من مراحل الحوار في المنطقة، وخصوصاً مع إيران ودول الممانعة، لأننا لا نجد فرصاً كبيرة لنجاح هذا الحوار، إلا إذا كانت الإدارة الأمريكية تفكر في إحداث تغيير حقيقي وجذري على مستوى سياستها الخارجية، لأن الإدارة ليست الرئيس وأفكاره وقناعاته فحسب، بل هي الكونغرس والمؤسسات الأخرى...
وعلى كل حال، فإننا عندما نرى تغييراً حقيقياً في السلوك الأمريكي، فسوف نشجعه ونؤكد أهميته.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 29-3-1430 الموافق: 26/03/2009

ليست هناك تعليقات: