12 أغسطس 2008

المرجع الإسلامي السيد «محمد حسين فضل الله» لـ«الشرق»:
لا وحدة وطنية بدون وحدة إسلامية
صحيح أن أخطاء حصلت في أحداث أيار هنا وهناك، ولكن علينا تضييق سلبياتها وصولاً إلى التغلب
عليها وحلها

المرجع الإسلامي، السيد محمد حسين فضل الله، استقبل «الشرق» بقلبه الكبير، وعقله المنفتح على الواقع بكل جوانبه وتداعياته.
لقد أراد سماحته أن يرسم خريطةً سياسيةً واضحة المعالم عمّا يجري حول لبنان من أحداث، ليؤسس حديثه عن الواقع اللبناني على حقائق علمية، وليس على افتراضات غير منظورة.
أجرت صحيفة "الشرق" حواراً مع العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، هذا نصّه:

الحرب على الإسلام

* سماحة المرجع الإسلامي، السيد محمد حسين فضل الله، بما أن لبنان أصبح جزءاً من أزمة الشرق الأوسط الكبرى، (والتي تشمل أزمات أفغانستان، باكستان، إيران، العراق، فلسطين، لبنان، الصراع العربي السوري ـ الإسرائيلي، السودان، الصومال)، والتي يمكن اعتبارها أيضاً جزءاً من أزمة تحويل الإسلام الحضاري «إسلام الوسطية والاعتدال» إلى مشكلة أمنية عالمية. في نظر سماحتكم، أين يقع لبنان حالياً على خارطة هذه الأزمة الكبرى في إقليم الشرق الأوسط؟
ـ عندما ندرس الواقع الإسلامي في العالم وفي المنطقة، التي ترتبط فيها الخطوط الدولية وتتصارع، نرى أن هناك حرباً عالمية على الإسلام الحضاري المتحرك من قِبَل الغرب، مع اختلاف المواقع الغربية شدةً وضعفاً، لأنّ المسألة التي تتحرك وترتكز عليها الخلفيات الذهنية الغربية، هي أن الإسلام الحركي المنفتح على الواقع، والذي ابتعد من خلال تحرك طلائعه عن الانكماش والتقوقع في الدوائر الضيقة التي تجعل منه دين عبادة وأخلاقيات غائمة، قد يمثّل خطراً على وجودها، لأنه يجعل من هذا الإسلام قوةً عالميةً بوسطيتها واعتدالها وفكرها الحضاري، وقوةً بشريةً بحسب الحجم العددي للمسلمين الذي يصل إلى ما يقارب المليار ونصف المليار نسمة، مع ملاحظة أخرى غاية في الأهمية، وهي أن ثروات العالم البترولية مصدرها المناطق الإسلامية.
لذلك فهم، وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي، حوّلوا الإسلام إلى العدو الجديد للغرب، فأصبح من خلال هذه النظرة إليه مشكلةً أمنيةً عالميةً تقتضي، في نظرهم، القضاء عليه باعتباره المحرّك لها، وهذا يمثّل اتجاه الإدارة الاميركية الحالية، وهو تدمير الإسلام، وهذا ما قاله لي وأكّده أحد المسؤولين العرب الكبار في جامعة الدول العربية، وهو شخصية غير عادية، حيث قال لي إنه من خلال دراسته لسياسة الإدارة الاميركية الحالية، تبين له أن هذه الإدارة تريد تدمير الإسلام.
هذا هو الجو الذي يسيطر بالواقع الإسلامي، وبعلاقة الإسلام بالغرب الذي يعتبر أن المناطق الإسلامية يجب أن تبقى البقرة الحلوب التي تدرُّ عليه الثروات، وخصوصاً البترولية، ليبقى هو ينعم بالرخاء، لذلك فهو أطبق على أغلب مناطق البترول، وحاول ويحاول أن يلعب بتفاصيلها مما نتابعه بطريقة أو بأخرى يومياً، إضافة إلى أنّ الغرب رأى في بلادنا مواقع استراتيجية مميزة يمكن أن تؤثر في عملية الصراع الدولي في هذه المنطقة الحساسة من العالم، والتي تمثّل عقدة المواصلات البرية والبحرية والجوية بين الغرب وأفريقيا، وبين ما يسمونه الشمال والجنوب، والتي مثلت في الماضي نقطةً مركزيةً حساسةً أثناء الحرب الباردة القديمة ما بين 1945م و1990م، وهذا ما تمثله الآن من حرب باردة جديدة بين الصين وروسيا من جهة، والغرب من جهة أخرى.
هذا كله دفع بالغرب إلى دراسة وتحليل أسباب نقاط الضعف الموجودة في المناطق الإسلامية، التي سببتها تراكمات تاريخية لبعض الأحداث التي غذَّاها ويغذيها التخلف والأمية الثقافية العلمية، وعوامل التفرقة المنبعثة منها، إضافةً إلى التخلف السياسي. واعتماداً على ذلك، حاول الغرب ويحاول إثارة الفتن بين المسلمين، مستغلاً في ذلك بعض الأوضاع السياسية القلقة في المناطق الإسلامية التي يمكن أن تعطى عنواناً مذهبياً في هذا البلد أو ذاك، ولاسيما أن بعض المشرفين على المناطق الإسلامية يعيشون هذه العقدة المذهبية. وقد تحوّلت الفتنة المذهبية إلى حالة دموية من خلال ما تقوم به منظمات التكفير، التي تكفّر المسلمين لمجرد اختلافهم في بعض الأمور التي يثور الجدل حولها، وهو ما نلاحظه في العراق وأفغانستان، وفي بعض المناطق الإسلامية الأخرى، خصوصاً من خلال العمليات الانتحارية، والتي يذهب ضحيتها الأطفال والنساء والرجال وما إلى ذلك.

* ما العلاقة بين ما يقال له مشروع مكافحة الإرهاب ومشروع الفوضى الخلاقة، أو الفوضى الدينية والسياسية في المناطق الإسلامية؟
ـ إن الخلافات والتراكمات التاريخية في البلاد الإسلامية، انطلقت تغذيتها بالوراثة إلى الولايات المتحدة، ولعلنا نلاحظ في هذا السياق، أنّ مشروع مكافحة الإرهاب الذي وضعته الإدارة الاميركية الحالية، لم يكن مجرد مشروع دفاعي تتحرك أميركا من خلاله لحماية شعبها ومصالحها القومية التي تدَّعيها في المناطق الإسلامية، بل إنّ هذا المشروع يمثّل أيضاً وسيلةً لغاية كبرى، وهي إغراق العالم الإسلامي بالفوضى التي أطلقت عليها هذه الإدارة عبارة «الفوضى الخلاقة»، أو «الفوضى البنّاءة»، والتي تجعل المجتمعات في المناطق الإسلامية تعيش في حال من الفوضى على المستويات كافةً، الدينية والسياسية وغيرها، لمنع أي اتصال أو تواصل بين هذه المجتمعات، استناداً إلى الحساسيات الموجودة هنا وهناك. ونلاحظ أيضاً أنّ أميركا تضغط في كل الاتجاهات حتى تمنع الدول الإسلامية من التلاقي لحل مشاكلها، وهذا ما لاحظناه في التجربة العراقية والأفغانية والصومالية، وفي السودان خزَّان المياه لأفريقيا، والغذاء للعالم الإسلامي، لغناها بالبترول، لذلك لا يريدون أن تنتهي الأزمات في هذه المناطق.

* سماحة السيد، بعد الإشارة إلى هذه الأحداث المترابطة كلها، أعود لأسأل: أين هو موقع لبنان على هذه الخارطة السياسية في نظركم؟
ـ إنّ لبنان يمثل الساحة التي تستطيع أميركا أن تحرك فيها صراعاتها من أجل تنفيذ مشاريعها في المنطقة، أو هذا ما تتصوره، وأذكِّر في هذا المجال، بما قاله الرئيس الأميركي بوش، من أن الواقع في لبنان يدخل في دائرة الأمن القومي الأميركي، لذلك حاولت أميركا أن توظِّف بعض الحساسيات والخلافات السياسية اللبنانية، من أجل أن يبقى لبنان قلقاً ومضطرباً، فهي حاولت في الماضي إيجاد مشكلة إسلامية مسيحية فيه، وتحاول الآن خلق مشكلة سنّية ـ شيعية، لتمنع عنه الاستقرار من خلال الضرب على وتر المسألة المذهبية، وتضخيم ما يجري من أخطاء في هذا الوضع السياسي المعقد الذي نعيشه في لبنان.
لذلك أتصوَّر أنَّ ما حدث من أخطاء، على الرغم من قساوتها، وعلى الرغم من النتائج السلبية الكبرى نتجت منها، أو من خلال الإعلام الداخلي والخارجي الذي أراد أن يحوّل ما جرى إلى مشكلة تمتد لتثير الفتنة في العالم الإسلامي كله، بتصويره أنّ الشيعة يهجمون على السنّة، وما إلى ذلك، للتخفيف من الشعور بخطورة إسرائيل، وتصعيد الشعور بخطورة المقاومة... أتصوّر أنّ كل ذلك يمكن أن يُحَلّ بطريقة أو بأخرى من قبل العقلاء، ومن قبل الزعماء، لمواجهة الأخطاء التي قد تبلغ حد الضخامة تارةً، أو أقل من ذلك تارةً أخرى، وكذلك على الشخصيات الثقافية والإعلامية والتربوية أن تساهم في مواجهة هذه الأخطاء والبحث عن حلولٍ لها.

أحـداث أيـار

* سماحة السيد، هل تنظرون إلى أحداث أيار التي وقعت في بيروت بوجهها التاريخي الحضاري المميز، على أنّها من الأخطاء التي أشرتم إليها، أو أنها صراع من شكل آخر؟
ـ إن الإعلام اندفع لتضخيم ما حدث، بحيث كاد أن يُحدث مناخاً من الفتنة التي تفصل المسلمين السنّة عن المسلمين الشيعة. صحيح أن هناك أخطاءً حصلت كما حصلت في الماضي بين المسلمين والمسيحيين، فقُصِفت بيروت، وقُصِفت المناطق الإسلامية، إلا أن بعض حلفاء المسلمين في موقع الأكثرية، ممن قاموا ببعض هذه الأعمال أو الأخطاء، استطاعت السياسة أن تجعلهم أصدقاء، وأصبح الجميع الآن يعيشون أصدقاء وحلفاء.
لذلك، يجب على جميع السياسيين المسلمين وغير المسلمين، أن يفسحوا في المجال أمام التصالح، لإيجاد خطة للسيطرة على الأخطاء التي حدثت في هذا الجانب أو ذاك، ولاسيّما ما حدث في بيروت التي تمثل خلاصة لبنان، لأن بيروت ليست منطقةً مختصةً بطائفةٍ معيّنة، وإن كان تاريخها تاريخ الطائفة السنّية، لكنها أصبحت الآن تمثل كل لبنان بكل طوائفه بشكلٍ أو بآخر. وعلى الرغم من المشاكل التي حدثت هنا وهناك، والحالات السلبية التي لم نقبل بها، إلاّ أننا نرى أنه لا بدّ للقائمين على شؤون المسلمين من تضييق سلبياتها، وصولاً إلى التغلب عليها وحلها. لذلك نحن رحبنا بتصريح سعد الدين الحريري حينما تحدث عن أنه ليست هناك مشكلة بين السنّة والشيعة.
ونحن نؤكِّد أنّ على الشخصيات الدينية، سواء السنّية أو الشيعية، والشخصيات الثقافية والتربوية والاقتصادية في بيروت وخارجها، أن يعملوا على ردم هذه الهوة التي خلَّفتها هذه الأحداث، وأن ينطلق الجميع لتصحيح العلاقات فيما بينهم، على أساس مواجهة أخطار التحديات التي تحيط بنا. وفي الوقت الذي أشعر بوجود أخطاء فيما حدث في أيار بالنسبة إلى بيروت، إلاّ أنّ الإسلام علّمنا التسامح، وعلمنا العفو {وأن تعفوا أقرب للتقوى} [البقرة:237]، و{إن الله يأمر بالعدل والإحسان} [النحل:90]، ولأننا أخوة، {إنما المؤمنون إخوة} [الحجرات:10]، وأمرنا لبناء مجتمع إسلامي أن نصلح بين المسلمين، قال سبحانه: {وإن طائفتان من المؤمنون اقتتلوا فأصلحوا بينهما} [الحجرات:9].

الوحدة الوطنية والوحدة الإسلامية

* بعد جولة الأفق هذه، كيف ترون الآن الوحدة الوطنية في ظل القلق المخيم على الوحدة الإسلامية؟
ـ عندما ندرس المسألة في لبنان، نرى أنه من الصعب جداً أن نصل إلى وحدة وطنية متماسكة إذا لم تحصل قبلها وحدة إسلامية، لأنّ التعقيدات في داخل الصف الإسلامي، إن لم نتداركها، فسوف تترك تأثيراتها السلبية على الواقع اللبناني كلّه، خصوصاً وأن الواقع في لبنان يتحرك لبنانياً بنسبة عشرين في المئة، وخارجياً بنسبة ثمانين في المئة، لأنّ بعض المحاور الإقليمية والدولية تحاول أن تستفيد من الحرية الموجودة في لبنان، والتي ليست موجودةً في أيّ من الدول العربية أو الإسلامية، لاستخدامها في خدمة مصالحها، دون أن نستخدمها نحن لتوطيد أطر الأخوة فيما بيننا، ومن هذه الحريات: حرية الدين، والحرية الثقافية، والحرية السياسية، وحرية الاجتماع، وحتى حرية المصاهرة. لذلك علينا أن نستحضر عقولنا دائماً في هذا السياق بدلاً من غرائزنا، لنعالج مشاكلنا للوصول إلى وحدة إسلامية توطّد دعائم وحدتنا الوطنية.
علينا أن نجمع قسماً من العقلاء ليواجهوا الإحساس بالخطر المحدق بالواقع الإسلامي في لبنان، وأنا لا أتحدَّث طائفياً، وإنما من خلال الواقع الذي نعيشه، لأنّ الخطر إذا انطلق من لبنان، فإنه سيمتد إلى العالم الإسلامي، وإذا امتد إلى العالم الإسلامي، فإنه سيعود وينقلب على لبنان، وعندها لن يكون هناك أية زعامة إسلامية لأي زعيم إسلامي، ولن يكون هناك أي حل للواقع الإسلامي في لبنان. لذلك أتصور أن علينا أن نستفيد من هذا المناخ التاريخي، لنقوم بعمل تصالحي ضمن خطة معينة، وإذا لم نستطع أن نحل المشكلة مئة في المئة، فعلى الأقل أن نخفف من تأثيراتها السلبية علينا، خصوصاً أن الأعداء يتربّصون بنا، وفي مقدمهم العدو الإسرائيلي الذي سيبقى يخطط ليبقى لبنان ضعيفاً، حتى لا يقوى بوحدته الوطنية، وفي مقدمها الوحدة الإسلامية.

* قبل الأحداث الأخيرة، كنا نسمع أن الوحدة الإسلامية هي بألف خير من خلال المؤتمرات والاجتماعات... فجأةً تبدد كل شيء، هل ترون سماحتكم أن السبب في ذلك هو عدم توصلنا حتى الآن إلى أبسط مرتكزات الوحدة الإسلامية خصوصاً، والوطنية عموماً؟
ـ إنّ الشخصيات الدينية والسياسية ـ ولا أتحدث عن شمولية، ولكنني أتحدث عن ظاهرة ـ كانوا في تصريحاتهم العصبية يصبُّون الزيت على النار، لأنهم كانوا يثيرون العصبيات ويتحدثون بذهنية العصبية المغلقة التي تحاول أن تلعب لعبة الكرة في تسجيل النقاط، وليس في جمع النقاط، والمشكلة أن الكرة التي كانت تتناولها تصريحاتهم هي ـ للأسف ـ الواقع الإسلامي.
إننا نعتقد أن العلماء بشر، وأن السياسيين بشر، وأن الانتماء إلى مجتمع معين أو مذهب معين يدخل في مشاعر الإنسان وأحاسيسه، ولكن على الإنسان أن يكون مسؤولاً بحيث يشعر بخطورة ما يحيط به من أحداث، ومنها خطورة الحرب على الإسلام، وأن لا يستغرق في شوارع بيروت أو شوارع الضاحية، بل أن يستغرق في كل هذا العالم الذي يريد أن ينهب ثروات الإنسان، وأن يستغل مواقعه الاستراتيجية، ويضعف من قوته، ويمنعه من أن يحصل على سياسة الاكتفاء الذاتي، ويمنعه حتى من الخبرة العلمية.
صحيح أن الواقع الإسلامي في لبنان لم يصل قبل الأحداث الأخيرة إلى ثقافة الوحدة الإسلامية، بل اكتفى بالمظاهر، إلاّ أنّ على الشخصيات الإسلامية الآن، وقبل فوات الأوان، أن تعيش الواقع من خلال النظرة الإسلامية الواسعة، عندها ستتوصل إلى حقيقة هامة، وهي أن الأخطاء التي يقع فيها المسلمون في لبنان، لا تجيز لهم التقاطع، لأنه لا يجوز لمسلم أن يقاطع مسلماً آخر، بل علينا أن نتواصل ونتكامل ونتناصح، لنصل شيئاً فشيئاً إلى ثقافة الوحدة الإسلامية، لنعمقها في النفوس قبل أن تكتب نصوصاً.

المصالحة الوطنية

* بعد الإعلان عن اجتماع الدوحة، دعوتم إلى ضرورة أن يرافق المصالحة فيه مصالحة بين المسلمين، لأن في ذلك قوة للمصالحة الوطنية. كيف تنقل سماحتكم هذه الفكرة إلى حيز التطبيق العملي، أو تتصور ذلك في هذا الوقت العصيب؟
ـ إنني أدعو إلى مؤتمر لا إعلام فيه يحضره العلماء الذين يملكون العلم الإسلامي ويخلصون للإسلام، ويحضره السياسيون ورجال الاجتماع من المسلمين، ليتدارسوا وضع خطة واقعية يمكن أن تجمع المسلمين بعضهم مع بعض، وأن لا نستهلك الكلام الذي يقال إن على هذه الجهة أن تعتذر، أو ما إلى ذلك. وعلينا أن ننطلق من خلال أصالتنا الإسلامية لجمع الصف الإسلامي في وحدة متماسكة في إطار الوحدة الوطنية، فلماذا لا نخاطب، نحن أهل القرآن، بعضنا بعضاً بالكلمة السواء التي خاطب بها الله تعالى أهل الكتاب في القرآن الكريم؟

بيروت حاضنة لبنان والعروبة

* بيروت بوجهها التاريخي الحضاري المميز، التي لم تكن عبر تاريخها إلا الحاضنة لكل اللبنانيين، والتي ستبقى كذلك، ما هي الكلمة التي توجهونها سماحتكم إلى أهلها، ونحن على أبواب الانتصار الكبير الذي حققه لبنان بمقاومته على العدوان الإسرائيلي في تموز وآب 2006م من أجل كل لبنان؟
ـ إنني أقول لكلّ أهلي من أهل بيروت، إن بيروت مثلت وتمثل التجربة الإسلامية والعروبية الحضارية، فلقد التقى ويلتقي في داخلها المسلمون على اختلاف مذاهبهم، والمواطنون على اختلاف أديانهم ومذاهبهم السياسية، لذلك أدعو الطليعة البيروتية إلى أن تنطلق نحو بناء مستقبل قوي فاعل ينفتح على أصالة الإسلام المتسامح المنفتح على كل الأديان، وعلى كل الاتجاهات، إسلام الوسطية والاعتدال والحضارة الذي يقبل الآخر ويعترف به.
إنّ الذين يريدون أن يزرعوا الحقد في داخل بيروت وبين أهلها، أو بين بيروت والمناطق اللبنانية الأخرى، هؤلاء يريدون تدمير بيروت، كما يريدون انطلاقاً من تدميرها تدمير كل لبنان، لذلك على أهالي بيروت بأصالتهم العربية والإسلامية، أن لا ينسوا دورهم المميز في هذه الظروف العصيبة، من خلال حرصهم ودفاعهم عن قضاياهم الإسلامية والعربية الكبرى، وأن لا ينسوا أن بيروت تمثل الحاضنة لكل لبنان والقضايا الإسلامية والعربية، وأنّها كانت أول من أيّد ووقف من بين كل العواصم العربية مع الرئيس جمال عبد الناصر في مواجهته للاستعمار، وفي مواجهته لإسرائيل، حيث كانت أول مظاهرة تأييد كبرى في العالم العربي قد خرجت من بيروت.
لذلك نريد أن تبقى بيروت، بيروت العروبة، بيروت الإسلام، بيروت الإنسان، بيروت الحوار، بيروت المحبة، لأننا نرفض أن تكون بيروت الحقد والعداوة والبغضاء، ولاسيما بين مسلميها.
* كيف تختصر سماحتكم، بكلمات، الأزمة النووية الإيرانية؟
ـ إن الغرب، إلى جانب الولايات المتحدة الاميركية، لا يريد لإيران أن تمتلك الخبرة العلمية في المجال النووي، وأنا أعرف في هذا السياق، أن الفتوى الصادرة من أعلى موقع ديني في إيران، تقضي بتحريم صنع القنبلة الذرية. وهناك من يعرف قيمة الفتوى لدى المجتهدين.
كما أنّ الغرب يعرض على المنطقة المساعدة في مشروع نووي سلمي، ولكنه لا يريد للمسلمين والعرب أن يملكوا الخبرة العلمية النووية.
كتب: يحيى أحمد الكعكي

ليست هناك تعليقات: