28 مارس 2009

فضل الله لدى استقباله وفداً إيرانياً:
لقد غرقنا في مشاكل التاريخ ونسينا مسؤولياتنا في الحاضر والمستقبل

استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً إيرانياً ضمّ الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية، الشيخ محمد علي التسخيري، وأمين عام المجمع العالمي لأهل البيت، الشيخ محمد حسن أختري، والسفير الإيراني في لبنان، محمد رضا شيباني، وقد رافق الوفد رئيس رابطة علماء العراق، الشيخ خالد الملاّ، والمستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في بيروت، السيد محمد حسن رئيس زاده، ورئيس جمعية الإمام الصادق.
وجرى في خلال اللقاء بحث في عدد من الأوضاع والشؤون الإسلامية الراهنة، والأفق الذي تطل عليه مسيرة التقريب بين المذاهب الإسلامية، وخصوصاً في ظل المساعي التي تقودها إدارات غربية تتعاون مع الصهيونية العالمية لإحداث شرخ في الساحة الإسلامية، ومنع المسلمين من تحقيق وحدتهم وتضامنهم مع قضاياهم الفكرية والعقيدية والسياسية وغيرها.
وشكر الشيخ التسخيري لسماحة السيد فضل الله مواقفه الداعمة لحركة الوحدة الإسلامية، وسعيه الدائم لإحداث نقلة نوعية في العلاقات بين السنة والشيعة، وخصوصاً بين العلماء... كما قدّر مواقفه الداعمة للمقاومة والمساندة لقضايا الحق في المنطقة في مواجهة الهجمة الأمريكية والإسرائيلية التي تستهدف إيران وقوى الممانعة.
وتحدث سماحة السيد فضل الله، فأشار إلى أن الإسلام يمثل ثروة ثقافية وحضارية، ولكن المشكلة تكمن في فهم هذه الثروة واستيعابها، ثم في تقديمها إلى العالم بالطريقة الحضارية المشرقة، لا على أساس الأساليب التقليدية، لأننا نعلم أن لكل عصر أساليبه وذهنياته، والمشكلة تكمن في أننا غالباً ما نتحدث مع الناس وفق ذهنياتنا الخاصة من دون أن نتعامل معهم على أساس ذهنياتهم وعقولهم، ولذلك كنت أقول إن على الداعية أن يمتلك حسّ المعاصرة، والذي أسميه "شمّ العصر"، لأن شمّ الوردة يعطيك فكرة عن الورد أكثر مما لو قرأت خمسين قصيدة تتحدث عن العطور والورود.. ومعنى أن نشم العصر، أن نتعرف إلى تطلعاته واستراتيجيته، حتى نستطيع الدخول إلى العالم من أبوابه الواسعة.
أضاف: لقد استطاعوا أن يشغلونا وأن يستهلكوا حركتنا بالعصبية السنية الشيعية... وأعتقد أنهم سيعملون على استهلاك حركتنا بالعصبية العرقية والقومية مجدداً... لقد جعلونا نستحضر التاريخ بكل سلبياته، وننسى إيجابياته، والأخطر من ذلك كله، أنهم جعلونا نجمد أمام حركة التاريخ، لننسى مسؤولياتنا وواجباتنا أمام الحاضر والمستقبل.
وشدّد سماحته على ضرورة تطوير الحركة الثقافية، وأن لا تقتصر الأمور في عالم المعممين وغيرهم على استهلاك السياسة بأساليبها التقليدية التي نضيف فيها شكلاً جديداً من أشكال الحركة في الميدان السياسي من دون أن نضيف إليها أي مضمون، وخصوصاً أننا أبعدنا الثقافة في مضمونها القيمي عن السياسة في حركتها الميدانية وتطلعاتها الاستراتيجية، فدخلنا في الاستهلاك والانفعالية السياسية التي لا نحصد فيها إلا نتائج عشوائية وسلبية، دون أن نقدّم نموذجاً صالحاً لمن نعيش معهم، وللأجيال القادمة.
كما شدد سماحة السيد فضل الله على أهمية اللقاءات الأخيرة التي حصلت بين المسؤولين الإيرانيين وبعض القيادات العربية، داعياً إلى تعميق العلاقات العربية ـ الإيرانية على قاعدة حسن الجوار، وطبقاً للقواعد الإسلامية في مسألة الاحترام والمصالح المتبادلة، والانفتاح على قضايا الأمة الكبرى، وخصوصاً القضية الفلسطينية التي دخلت في مرحلة جديدة وصعبة، تحتاج فيها إلى تضافر جهود الجميع لدعم الشعب الفلسطيني الذي يواجه أخطار التهجير والإبعاد والتوطين، إضافة إلى التنكيل والقتل والمجازر والاعتقال في أرضه.



مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 28-3-1430 الموافق: 25/03/2009

ليست هناك تعليقات: