25 سبتمبر 2008

فضل الله: الثلاثاء القادم أول أيام عيد الفطر السعيد


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً أعلن فيه أن يوم الثلاثاء القادم، الواقع فيه 30 أيلول 2008م، هو أول أيام عيد الفطر السعيد... هذا نصه:
بناءً على مبنانا الفقهي القائل بكفاية تحديد أوائل الشهور القمريّة اعتماداً على الحسابات الفلكيّة الدقيقة لإمكانيّة رؤية الهلال، ولو بواسطة الآلات المكبّرة، في أيّ مكانٍ في العالم نشترك معه في ليلةٍ واحدة، فإنّ أوّل شوّال لهذا العام (1429هـ) يُصادف الثلاثاء الواقع فيه الثلاثين من شهر أيلول (سبتمبر) 2008م؛ وذلك لشهادة أهل الخبرة من الفلكيّين بتوفّر شروط الرؤية بواسطة الآلات المكبّرة، وفي بعضها بالعين المجرّدة بمساعدة الآلات، في مناطق عديدة من منطقة أمريكا الجنوبيّة، ويصل مكث الهلال في بعضها إلى 35 دقيقة، وهي مناطق نشترك معها في ليلةٍ واحدة. ومن الجدير الإشارة إلى أنّ إعلاننا وفق المبنى الذي ذكرناه لا يتعارض مع شهادات الفلكيّين في تعذّر رؤية الهلال في مناطق العالم الإسلامي؛ لأنّ أفق الرؤية ـ وفق مبنانا ـ أوسع، بشرط الاشتراك في ليلةٍ واحدة.
كما نُشير إلى أنّه وحيث كان موقع إمكانيّة الرؤية هو أمريكا الجنوبيّة، فإنّ بلداناً عديدةً لا تشترك معها في ليلةٍ واحدة، كأستراليا ونيوزيلندا، ما يعني أنّ عيد تلك المناطق هو الأربعاء، وفقاً لمبنانا الفقهي أيضاً.
نسأل الله تعالى أن يعيده على المسلمين جميعاً بالوحدة والعزّة، وزوال الاحتلال عن كثير من بلداننا العزيزة، وأن يجعل أمّتنا عزيزةً مقتدرةً ومتحرّكة في خير العالم كلّه والإنسان كلّه؛ إنّه سميع مجيب.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 25-9-1429 هـ الموافق: 25/09/2008 م
نداء وجهه إلى العرب والمسلمين بمناسبة يوم القدس العالمي
فضل الله يدعو لتشكيل محور عربي وإسلامي يهتم بقضية القدس وفلسطين


وجه سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، نداءً إلى العرب والمسلمين بمناسبة يوم القدس العالمي، جاء فيه:
نلتقي في هذه الأيام بيوم القدس العالمي الذي أريد له أن يُعيد قضية القدس وفلسطين إلى الواجهة، والأمة تعيش في مرحلة صعبة ودقيقة تحت وطأة الاحتلالات الأجنبية والصراعات الداخلية التي باتت توفر بدورها الغطاء الأكبر للاحتلال الذي يحاول تقديم صورة مشوّهة للعالم عن العرب والمسلمين، بحيث تزعم أنّهم لا يمتلكون الإمكانيات الذهنية والعلمية والواقعية لإدارة واقعهم، وأنهم يتصرفون كمزق متناثرة لا تستطيع النهوض وحل مشاكلها إلاّ من خلال الوصاية الأجنبية والاحتلال المباشر.
أضاف: إن هذا المشهد المأساوي الذي يتنازع فيه المسلمون ويتقاتلون على عناوين الماضي بتشجيع من قوى الاستكبار والمحاور المرتبطة بها، بات يقتضي القيام بحركة فاعلة داخل الأمة لحماية قضاياها من خلال العمل لتشكيل محور إسلامي وعربي يحمل لواء الدفاع عن قضايا الأمة الكبرى وفي طليعتها قضية الدفاع عن الإسلام في مواجهة الهجمة الشرسة التي تستهدفه، والدفاع عن القدس وفلسطين.
وتابع: إنّ الآخرين يعملون على تشكيل محاور داخل الأمة لتتقاتل وتتنازع أو لتتنكر لرسالة الأمة، من خلال عناوين الاعتدال أو محاربة الإرهاب أو ما إلى ذلك، مما لا يتصل بحسابات الأمة وقضاياها، بل يستهدف تطويق هذه القضايا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ولذلك فإننا نجد أن الأمة باتت في حاجة ماسة لتقديم القضايا الاستراتيجية إلى الواجهة، وسحب الكثير من القضايا الخلافية والمذهبية المثيرة للجدل والتي يثيرها الإعلام المعادي أو الإعلام غير الواعي بطريقة انفعالية واستعراضية، ولتكن الأولوية في حركتنا السياسية والثقافية نابعة من حاجتنا لدعم قضايانا والحفاظ على قيمنا بدلاً من التحصن والتمترس خلف عناوين لا تثير في الأمة إلاّ الشقاق والخلاف والنـزاع في الأمة.
إنني في يوم القدس العالمي، أدعو إلى تشكيل محور إسلامي ـ عربي فاعل يهتم بقضية القدس وفلسطين، ويثيرها في المحافل ويدافع عنها في وجه كل محاولات التهويد، ويدعم الشعب الفلسطيني بكل الإمكانات والوسائل المتاحة في ظل الضغوط والحصار والإرهاب الذي يتعرض له بفعل سياسة العدو وممارساته الإرهابية.
أيّها العرب، أيّها المسلمون لقد أضعتم القضية الأساس كما أضعتم البوصلة في خضم نزاعاتكم وخلافاتكم وتوزعاتكم، فهلموا بنا للعودة إلى فلسطين القدس، لأن فلسطين لا تمثّل القداسة في عنوان الإسراء والمعراج وعنوان المسجد الأقصى الشريف فحسب، بل تمثل القداسة العملية في كونها قضية المظلومين والمضطهدين الذين تنكّر لهم الأقربون وحاربهم الأبعدون ووقفت "العدالة الدولية" تتفرج عليهم وتتنكر لحالهم.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 25-9-1429 هـ الموافق: 25/09/2008 م
استقبل دلّول واتصل بالسفير السعودي مهنئاً بالعيد الوطني للمملكة
فضل الله: أدوار عربية ساهمت في المصالحات نأمل أن تنعكس على مناخات العلاقات العربية ـ العربية


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، الوزير السابق، محسن دلول، حيث جرى عرضٌ للتطورات الأخيرة على الساحتين الداخلية والإقليمية في ظلّ المتغيرات الحاصلة على المستوى العالمي.
كما تطرق الحديث إلى الأوضاع في منطقة البقاع الأوسط في أعقاب الأحداث الأخيرة التي جرت فيها، وجرى تقويم سياسي لحركة المصالحات الأخيرة، وما هو مطلوب من الأطراف السياسية والفاعليات الشعبية والاجتماعية لتثبيت الاستقرار السياسي والأمني.
وأمِلَ سماحة السيد فضل الله أن تكون كل المصالحات لحساب لبنان الوطن، ولا تتحرك في نطاق ظرفي ولحسابات انتخابية وسياسية شخصية، أو أن تنطلق ضمن حسابات آنية، "لأننا لا نزال نخشى من أن تعمل بعض القوى الخارجية على الاستفادة من بعض الثغر للدخول أمنياً واستخباراياً على الخط وإعادة التوتر إلى هذه المنطقة أو تلك وافتعال مشاكل متنقلة هنا وهناك".
ورأى سماحته أن لبنان تجاوز مرحلة الحرب الأهلية أو الفتنة بمعناها الواسع على الرغم من بعض المشاكل التي تحدث هنا وهناك. ولكن ثمة حاجة ماسة إلى التزام الخطاب العقلاني الهادىء وضرورة التفات السياسيين والمسؤولين إلى إيحاءات الكلمات التي قد تنطلق من أحاديثهم ومواقفهم، وخصوصاً تلك التي تنطلق في مناسبات شعبية أو أمام وسائل الإعلام، لأن تعقيداتها تصيب الساحة العامة للبلد، ولا تقتصر على من يتأثر بها بفعل حال انفعالية أو عاطفية أو ما إلى ذلك.
وأشار سماحته إلى أن ثمة أدوار عربية رئيسية ساهمت في التمهيد للمصالحات ومناخات الحوار القائمة، متمنياً أن تنسحب هذه المناخات على العلاقات العربية ـ العربية، لأن لبنان لا يمكن أن يتنفّس سياسياً ويرتاح أمنياً، إذا بقي ملف العلاقات بين بعض الدول العربية الرئيسة على حاله من التعقيد.
واتصل سماحته بسفير المملكة العربية السعودية مهنئاً بالعيد الوطني للمملكة، مقدراً جهود المملكة ومساعيها في حركة المصالحات الأخيرة في لبنان.



مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 24-9-1429 الموافق: 24/09/2008

24 سبتمبر 2008

تساءل عن السبب في استمرار ضخّ السيولة المالية العربية في المصارف والبورصات والخزينة الأمريكية
فضل الله: المتغيرات العالمية الخطيرة تفرض على العرب تحصين أوضاعهم من خلال تكتلات اقتصادية وسياسية


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً رحّب فيه بحديث خمسة وزراء خارجية أمريكيين سابقين حول ضرورة الحوار مع دول عربية وإسلامية، وجاء فيه:
لا تستطيع الإدارة الأمريكية أن تنفض يدها مما يحصل من اضطراب سياسي وأمني ومالي في العالم، فهي ليست مسؤولة فقط عن التدمير الذي خلّفته حروبها المتنقلة من أفغانستان إلى العراق، وعن فوضى العلاقات التي طغت على الواقع السياسي في منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، وعن تصاعد الخلافات العرقية والمذهبية والسياسية بين الجماعات والشعوب والأحزاب، بل هي مسؤولة أيضاً عن تداعيات أزمة القوقاز الأخيرة، وعن أسلوب الاستفزاز الذي يسود العلاقات بين الدول، كما أنها تتحمل المسؤولية بطريقة وأخرى عن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي تعصف بأسواق البورصات وحركة الأسهم في العالم والتي أصيب بها الاقتصاد الأمريكي وغيره من الاقتصادات.
إن الصورة التي يبدو بها العالم في هذه الأيام هي صورة الفوضى السياسية والاقتصادية والأمنية التي تجعله أكثر هشاشة من أي وقت مضى، وترتّب مسؤوليات كبرى على أولئك الذين وضعوا أنفسهم في موقع القيادة لهذا العالم، وخصوصاً إدارة المحافظين الجدد، فعملوا على تهديد السلم العالمي والأمن الاجتماعي للبشرية بما يفوق حدود التصور، ومن خلال رؤية سياسية وأمنية ودينية قائمة على الخرافة في بعض جوانبها وعلى العدوان والغزو في جوانبها الأخرى.
ولذلك، فإن العالم بات في هذه الأيام في أمسّ الحاجة إلى أن يكبح جماح الثور الأمريكي الهائج الذي يهدد مصيره من خلال مجموعة معقدة حاقدة لا تزال تبشّر بالحروب وتعلن عن تعطّشها للدماء، كما أن الأصوات التي تنطلق من داخل الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الأيام، ومن بينها أصوات وزراء الخارجية الأمريكية الخمسة السابقين الذين انتقدوا سياسة إدارة الرئيس بوش، وأجمعوا على الحاجة لمحاورة إيران وسوريا، قد تمثل البداية العملية لإشعار هذه الإدارة بخطورة ما صنعته في العالم، وخصوصاً في المنطقة العربية والإسلامية، وقد تمثل محاولة عاقلة لدفع هذه الإدارة إلى التروي وعدم الذهاب في مغامرات عدوانية وتدميرية جديدة في ما تبقّى أمامها من وقت في الحكم.
ونحن في الوقت الذي نرحّب ببروز مواقف أمريكية تدعو إلى إدارة حوار موضوعي ومنفتح مع الدول العربية والإسلامية، نؤكد أن صورة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة لا يمكن أن تتحسن إلا من خلال الحوار الذي يقود إلى الاحترام المتبادل وإلى أن تكفّ أمريكا ـ الإدارة عن أن تكون راعية للإرهاب الإسرائيلي ومعادية للقضايا العربية والإسلامية، ونحن في الوقت نفسه نطلق السؤال أمام الدول العربية: إذا كانت أصوات أمريكية بهذا الحجم تتحدث عن ضرورة الحوار مع هذه الدولة الإسلامية وتلك الدولة العربية، آخذة في الاعتبار تأثيرهما في ساحة المنطقة، فلماذا لا يبادر العرب إلى محاورة بعضهم بعضاً؟.
إننا أمام حال الاضطراب التي تسود الساحة الأمريكية وأمام هذا السقوط على مستوى الهيبة السياسية والاقتصادية والأمنية للإدارة الأمريكية، نتساءل: هل يستفيد العرب من هذا الوضع، وهل سيعمد بعضهم ـ على مستوى الأنظمة ـ لشرب حليب السباع والخروج من دائرة الإملاءات الأمريكية المتواصلة التي أنهكت اقتصادات دولنا، كما أسقطت قراراتها السياسية الاستراتيجية؟ وهل يصل واقعنا العربي في يوم من الأيام إلى ما وصل إليه الواقع في دول أمريكا اللاتينية التي وقفت في وجه أمريكا وغطرستها وتجرأت دولتان من دولها على طرد السفير الأمريكي؟!
إن ثمة من يؤكد في هذه الأيام أن الثروة النفطية العربية التي درّت أموالاً كثيرة على بعض الدول العربية المنتجة للنفط سيذهب منها نحو ألف مليار دولار إلى الخزائن الأمريكية كقروض لدعم الاقتصاد الأمريكي بعد أزمته الأخيرة، وكأن المطلوب من المال العربي ألا يخرج دوره عن دعم الإدارات الأمريكية المتعاقبة عبر صفقات التسليح التي لم تستخدم يوماً للدفاع عن أرض العرب في مواجهة إسرائيل، ولم تشكّل حاجة أساسية للدول التي تبرم هذه الصفقات، أو من خلال ضخّ السيولة اللازمة إلى المصانع والمصارف والبورصات الأمريكية عند حاجة الأمريكيين لذلك!
إننا، وأمام المتغيرات السريعة التي تصيب العالم بالاضطراب اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، وأمام التحولات الضخمة والمتسارعة التي تطاول اقتصاداته الكبرى ومواقعه الاستراتيجية، ندعو العرب والمسلمين إلى المسارعة لتحصين أوضاعهم الداخلية عبر تكتلات اقتصادية تحمي واقعهم من الداخل وتمنع اجتياح أوضاعهم على المستوى الاقتصادي بعد الاجتياح الأمني والعسكري والسياسي، وتعمل للصمود أمام الزلازل التي تضرب العالم على مختلف المستويات، ولا سبيل لذلك إلا من خلال الوحدة السياسية التي تطل على وحدة اقتصادية وعلى تعاون ثقافي وفكري متنوع، وخصوصاً أن ما يربط بين فئات وشعوب العالم العربي والإسلامي من روابط ثقافية ودينية واجتماعية وغيرها هو أكبر بكثير مما يربط بين فئات العالم الأخرى وشعوبها.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 21-9-1429 هـ الموافق: 21/09/2008 م
في معرض استقباله المفكِّر البريطاني إمام مسرور برفقة سفيرة بريطانيا
فضل الله: من يربط بين الإرهاب والدين لا يفهم عمق الدين وحقيقته


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، المفكر البريطاني من أصول إسلامية بنغلادشية، إمام إجمال مسرور، برفقة السفيرة البريطانية في بيروت، فرانسيس غاي، ومديرة المركز الثقافي البريطاني، فرانسيس بيرل... وكان حديث عن ورشة الحوار التي أدارها "إمام إجمال مسرور" في النشاط المشترك بين مؤسسة الفكر الإسلامي المعاصر للدراسات والبحوث والمركز الثقافي البريطاني.
وجرى البحث في علاقات الجالية الإسلامية في أوروبا مع الدول الأوروبية، وخصوصاً الجالية الإسلامية والعربية في بريطانيا، وفي المفهوم الإسلامي للهوية، وسبل تحقيق أفضل مناخات التعايش بين الثقافات والحضارات المختلفة، من خلال لغة الحوار والتفاهم، ونبذ العنف والظلم والاضطهاد.
وأشار إمام مسرور، إلى أن أوروبا تحتضن في هذه الأيام حوالي 25 مليون مسلم، وهو رقم كبير يحصل لأول مرة في التاريخ، مشيراً إلى أن ذلك يقتضي تحمل المسؤولية من قبل الجالية المسلمة في أوروبا، بما يؤدي إلى مساهمة المسلمين في تقدم أوروبا ورفاهها، لأن ذلك يمثل مسؤولية أخلاقية ودينية، ويعزز فرص التفاهم بين الشعوب، وأكد على رفض مقولة: "شرق وغرب"، لأننا في عالم واحد، ونحن الآن في أوروبا نعيد بلورة هويتنا، فنتوحد بوطننا وديننا، ونعيد تفسير ما نؤمن به بناءً على ما نعيشه وما نواجهه من تحديات ثقافية وفكرية وغيرها.
من جهته، أكد سماحة السيد فضل الله أن الموقف السياسي تجاه الإدارات الغربية بالنظر إلى سياستها ومواقفها تجاه قضايانا، لا يمنع من أن نتعاطى بإيجابية مع هذه الإدارات لجهة دورها في استقبال المسلمين الذين حملوا الجنسية الأوروبية أو الأمريكية، بعدما تعرضوا لشظف العيش ولضغط الديكتاتوريات الظالمة في بلدانهم.
أضاف: لقد أكدت دائماً أنّ على المسلمين الذين يعيشون في البلدان الغربية أن يتحملوا مسؤولياتهم الشرعية قبل القانونية، في عدم الإساءة إلى البلد الذي يستضيفهم، لأنني أعتبر أنّه عندما يذهب المسلم إلى أي بلد غربي، فهناك عهدٌ ينشأ بينه وبين هذا البلد، ومن شروط هذا العهد، ألا يخالف القوانين التي تمثل النظام العام للناس، وعليه أن يفي بمستلزمات هذا العهد على كافة المستويات.
ليس هذا فحسب، بل إنني أؤكد أنّ على المسلمين الذين يحملون الجنسية الأمريكية أو الأوروبية أو ما إلى ذلك، أن يعيشوا قضايا المجتمع الذي أصبحوا جزءاً منه، مع احتفاظهم بهويتهم الإسلامية.
وتابع: لقد كان يقال سابقاً إن هناك دار حرب ودار سلم، ونحن نقول إن هذه المسألة لم تعد تنطبق على واقعنا، فهناك شعوب مختلطة يعيش بعضها مع بعض، ولا يمكن أن ننطلق في التصنيف على النحو الذي جرى عليه البعض في هذا المجال، ونحن نروي عن الإمام علي(ع) أنه قال: "ليس بلد أولى بك من بلد، خير البلاد ما حملك". فالموقع الذي يحمي إنسانيتك، ويمنحك حرية الحركة في تقديم فكرك، ويحفظ حقوقك، هو الموقع الذي يستحق أن توليه اهتمامك من دون أن تتنكر لبلادك. ونحن نعتبر أن الوطن ليس صنماً نتعبّد له، ولكنه المكان الذي يحفظ لك حقوقك، ولذلك فإننا ندعو إلى أنسنة الوطن.
وأكد أننا ضد الإرهاب من أي موقع انطلق، لأن الإرهاب لا ينتمي إلى أي دين، ومن يربط بين الإرهاب والدين لا يفهم عمق الدين وحقيقته، ولذلك فإن الجاليات الإسلامية في بلاد الاغتراب مسؤولة قبل غيرها، ومن خلال ممارساتها الميدانية وحركتها الثقافية والفكرية والإعلامية، عن أن تقدم صورة الإسلام الحقيقية للآخرين، لتؤكد لهم أن الأخطاء أو الأعمال المسيئة التي يقوم بها بعض المسلمين، تعني أن الإسلام هو كذلك، أو أنه يقبل بذلك، تماماً كما تكون المسألة عندما يرتكب بعض المسيحيين أخطاء، فلا يعني ذلك أن المسيحية تتبنى ذلك.
وختم سماحته داعياً إلى قيام تعاون حقيقي بين الجاليات الإسلامية والنخب الطليعية فيها وبين المجتمع الغربي والسلطات الغربية بالطريقة التي تحفظ فيها حقوق هذه الجاليات وتُحترم فيها تلك المجتمعات وقوانينها.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 23-9-1429 الموافق: 23/09/2008
في معرض استقباله وفداً كنسياً إيطالياً
فضل الله: معاناة المسلمين والمسيحيين في الشرق واحدة


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً كنسياً إيطالياً برئاسة الأب تينو نيغري، رئيس مركز حوار في أبرشية تورينو الإيطالية، والصحافي في التلفزيون الإيطالي، باولو جيرولا، والزميل كميل عيد.
وجرى في خلال اللقاء حوارٌ حول العلاقات الإسلامية ـ المسيحية، ووضع المسيحيين في الشرق في ضوء التطورات التي عصفت بالمنطقة، وخصوصاً في أعقاب الاحتلال الأمريكي للعراق، كما جرى بحثٌ في آفاق الحوار الإسلامي ـ المسيحي ووسائل هذا الحوار وأساليبه، والعلاقة بين المرجعيات الإسلامية والفاتيكان.
وشدد سماحة السيد في خلال اللقاء على أن المرجعيات الإسلامية وعلماء المسلمين من السنة والشيعة بعامة لا يعتبرون أن العنف هو الأساس في العلاقة مع الآخر، ويجدون فيه أسلوباً غير إنساني وغير شرعي، إلا إذا تمثّل في مسألة الدفاع عن النفس ومقاومة المحتل، "وبهذا نلتقي مع منطق الغرب نفسه في أن مسألة الدفاع عن النفس ورفض الاحتلال والعمل على طرده هي مسألة شرعية وإنسانية تقرّها القوانين وتؤكدها الأديان، كما حدث ذلك في الغرب أثناء الحرب العالمية الثانية والموقف من الاحتلال النازي، فلا يكون العنف إلا لمن يوجّه إلينا العنف، حيث لا يمكن أن نقدّم إضمامة ورد لمن يراشقنا بصواريخه ويقصفنا بطائراته، ويعمل على تجريدنا من حقوقنا، ويسعى لتهجيرنا من بلادنا، وإخراجنا من أوطاننا".
ورأى سماحته أن المشاكل التي تعترض المسيحيين في لبنان لا علاقة لها بالمسيحية من الناحية الفكرية أو الدينية، بل هي ناشئة من الصراع السياسي في لبنان ومن كون لبنان دولة لا وحدة للمواطنين فيها، بل هناك نظام طائفي يعمل على تقسيم اللبنانيين كتل بشرية وتجمعات مذهبية وطائفية ليكون الحديث دائماً عن حقوق هذه الطائفة أو تلك، وليضيع الجميع في فوضى الخروج من الدائرة الوطنية إلى الدائرة المذهبية والطائفية التي يمثل فيها المذهب سجناً أو شرنقة يأبى النظام الطائفي أو نظام المحاصصة أن تنفتح على مسألة المواطنة من باب الكفاءة والعطاء وأصالة الانتماء.
وشدد سماحته على احتضان المسيحيين واحترامهم في أوطانهم وبلدانهم في الشرق، مشيراً إلى أن الحديث عن وجود خطة لتهجيرهم من الشرق ليس حديثاً صحيحاً، لأن معاناة المسيحيين والمسلمين في الشرق هي معاناة واحدة، وقد انطلقت في معظم الأحيان من تدخلات القوى المستكبرة والمستعمرة، وقوات الاحتلال التي خلقت فوضى دامية في المواقع التي احتلتها ـ كما حدث في العراق بفعل الاحتلال الأمريكي ـ وما دفع ثمنه المسلمون والمسيحيون على حد سواء، وكما حدث في فلسطين المحتلة أيضاً والذي دفع ثمنه المسيحيون والمسلمون أيضاً.
وأكد سماحته أن تصوير ما يحدث في المنطقة على أنه حرب إسلامية على المسيحيين، كما تحاول بعض وسائل الإعلام الغربية تصويره، هو أمرٌ يحمل في طياته العديد من الدلالات الخطيرة، وينطوي على مؤامرة لا تستهدف الإساءة إلى صورة الإسلام في الغرب فحسب، بل تستهدف الإساءة أيضاً للمسيحيين، كما تستبطن الترويج لمشاكل قادمة ضدهم، مع أن المصلحة والحقيقة تقتضي تقديم الصورة الحقيقية للإسلام الذي أكد على الكلمة السواء في العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، وشدد على الاعتراف بالآخر الديني والسياسي وعدم الجدال مع أهل الكتاب، إلا بالتي هي أحسن.
ورأى سماحته أن مشكلة الحوار الإسلامي ـ المسيحي أنه بقي لافتة يستخدمها البعض دون أن يعملوا على إخراج هذا الحوار من دائرة التوظيف السياسي إلى فضاء الجدال العلمي والموضوعي الذي يأخذ فيه الحوار دوره العميق حتى في القضايا اللاهوتية والفكرية.
وأكد سماحته ضرورة التعامل مع المشاكل التي قد تحدث بين أفراد ينتمون إلى المسيحية وآخرين ينتمون إلى الإسلام في هذا البلد أو ذاك، كما في مصر على سبيل المثال، بحسب طبيعتها وواقعها، كمشاكل فردية تحدث الكثير من المشاكل المثيلة لها بين المسلمين أنفسهم والمسيحيين أنفسهم.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 22-9-1429 الموافق: 22/09/2008

18 سبتمبر 2008

في معرض استقباله للسفير الإيراني
فضل الله: الحملة على إيران استنفدت أغراضها وأي استهداف أمني لها سيتحول إلى كارثة عالمية


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان، محمد رضا شيباني، يرافقه القائم بالأعمال الجديد، مير مسعود حسانيان، والقائم بالأعمال السابق مجتبى فردوسي بور، حيث جرى بحثٌ للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة.
وتمّ التطرق في خلال اللقاء للأحداث الأخيرة في القوقاز وتداعياتها على المستوى العالمي وعلى مستوى قضايا المنطقة والشرق الأوسط، فأكد سماحة السيد فضل الله ضرورة رصد الحركة الإسرائيلية بدقة في القوقاز من خلال السعي الإسرائيلي المستمر لاستخدام ساحة القوقاز كمنطلق للعدوان على أكثر من موقع، وخصوصاً إيران.
كما جرى البحث في التهديدات الأمريكية الأخيرة لإيران بفرض عقوبات جديدة عليها، وأكد سماحة السيد فضل الله أن الحملات التي استهدفت وتستهدف إيران في ملفها النووي السلمي والتي انطلقت بفعل ضغوط أمريكية وإسرائيلية استنفدت أغراضها، لأنها كانت تهدف إلى التهويل على القيادات الإيرانية والشعب الإيراني، وقد سقط هذا التهويل، ولذلك بدأنا نستمع إلى تصريحات ومواقف من شخصيات أمريكية وأوروبية تدعو إلى التعامل مع إيران بطريقة أخرى.
وشدد سماحته على أن إيران تجاوزت مرحلة الخطر، لأن أي استهداف أمني قد تتعرض له سيتحول إلى ما يشبه الكارثة العالمية، كما أن محاولات اختراقها داخلياً قد باءت بالفشل.
ودعا سماحته إلى تعاون أكبر بين الدول العربية وإيران، وخصوصاً في المجالات العلمية والتكنولوجية، مشيراً إلى أن الإنجازات التي تحققت وتتحقق في إيران على الصعيد العلمي والطبي والبحثي في شكل عام، تمثل نموذجاً راقياً ينبغي أن يستفيد منه العرب والمسلمون جميعاً، كما أن التجارب السياسية والدبلوماسية الإيرانية الأخيرة يمكن استثمارها بما يخدم القضايا العربية والإسلامية الأساسية وعلى رأسها قضية فلسطين.
وشدد سماحته على ضرورة أن تضطلع الدول الإسلامية الكبرى والتي تملك نفوذاً سياسياً ودينياً بارزاً في الساحة الإسلامية، وعلى رأسها إيران ومصر، إلى جانب الشخصيات الإسلامية العلمية بدور عملي في مسائل التقريب والوحدة الإسلامية، حتى لا تبقى قضايا المسلمين الحيوية محل إثارة إعلامية وسياسية يستفيد منها الأعداء، بينما تتعقّد علاقات الدول والمجموعات الإسلامية بعضها ببعض.



مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 18-9-1429 الموافق: 18/09/2008
استقبل الديراني وصلاح وعبد الغني سلام
فضل الله: مصلحة الجميع بتعميق حالات التصالح


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً من جريدة اللواء ضمّ عبد الغني وصلاح سلام، حيث جرى عرضٌ للأوضاع العامة، وخصوصاً الوضع على الساحة الإسلامية في لبنان.
وأكد سماحة السيد فضل الله في خلال اللقاء ضرورة معالجة الوضع الإسلامي معالجةً عميقة، وخصوصاً أن ثمة جهات داخلية وأخرى خارجية يهمها أن يبقى هذا الوضع متوتراً.
وشدد سماحته على أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم على مستوى الخطاب والموقف، مشيراً إلى أن الأخطاء التي حصلت لا تبرّر التشنّج المستمر في الخطاب وتضخيم الأمور، بل إن مصلحة المسلمين جميعاً واللبنانيين بعامة تكمن في تعميق حالات التصالح وتمهيد السبيل لذلك بخطوات تمهيدية في الخطاب واللقاءات المستمرة، وخصوصاً في بيروت.
وأكد سماحته ضرورة معالجة الوضع الإسلامي وبعض المشاكل التي حدثت والأخطاء التي حصلت من خلال قيام مجموعة من أهل الخبرة والعمل من قِبَل مَن يملك الإخلاص للساحة الإسلامية والوطنية، بدراسة ما حدث ويحدث دراسةً موضوعية ميدانية بعيداً من التهاويل، لوضع المسألة في نصابها الواقعي، لأن علينا أن نعمل لمعالجة الوضع اللبناني العام من خلال معالجتنا للوضع الإسلامي، ولأنه لا يجوز بأي شكل من الأشكال خلق السلبيات التي تعقد علاقة المسلمين بعضهم ببعض، أو ما يسيء للسلم الأهلي واستقرار البلد سياسياً وأمنياً.
ثم استقبل سماحته عضو المجلس السياسي في حزب الله، الحاج أبو علي الديراني، حيث جرى عرضٌ للتطورات الداخلية، ولعدد من الشؤون الإسلامية.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 17-9-1429 الموافق: 17/09/2008
استقبل أبو حمدان وعرض معه تطورات الأحداث الأخيرة في البقاع الأوسط
فضل الله: نرحّب بمبادرات تصالحية تجمع الناس في شكل عفوي في المحطات الرمضانية


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، الوزير والنائب السابق، محمود أبو حمدان، والدكتور محمد عباس، حيث تم عرض للأوضاع العامة، وخصوصاً التطورات الأخيرة في منطقة البقاع الأوسط، ومساعي المصالحة التي بذلت مؤخراً في طرابلس وكذلك في البقاع.
وأكد سماحة السيد فضل الله ضرورة الاستعجال في معالجة ذيول الحادث الأخير في البقاع، والعمل على تحقيق مصالحة ميدانية، مشيراً إلى أننا ننظر بارتياح إلى مساعي المصالحة التي انطلقت في أكثر من موقع. ولكننا نتطلع إلى مصالحة في العمق وإلى دفع الناس للانفتاح بعضهم على بعض في شكل عفوي، ومنع التأثيرات السلبية للسجال السياسي من أن تترك بصماتها في الأرض الشعبية الطاهرة، لأن من أخطر الأمور أن يُقاد الفقراء إلى التقاتل تحت عناوين متعددة، ما تلبث الجهات السياسية المعنية أن تتصالح وتتوافق عليها أو على بعضها.
ورأى سماحته أن منطقة البقاع الأوسط في حاجة لرعاية خاصة من الدولة، وكذلك البقاعين الغربي والشمالي أسوةً بالمناطق المحرومة الأخرى، وذلك نظراً إلى المشاكل والصعوبات التي يعانيها العمّال، وخصوصاً المزارعين هناك، والتي لم تحظ بالاهتمام المطلوب في مختلف العهود وعلى مدى العقود الأخيرة، ولاسيما مع تفاعل الأزمة الاقتصادية والمعيشية في لبنان.
وأكد سماحته ضرورة أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم في القيام بمبادرات شعبية تجمع أهالي المنطقة وتوحدهم في المناسبات الرياضية والثقافية وحتى السياسية العامة، مشدداً على أن تكون المناسبات الرمضانية محطات وحدوية جامعة بكل ما للكلمة من معنى، ليجتمع السنة والشيعة في شكل خاص على موائد رمضان في شكل عفوي وحميم، ولتكن هذه المناسبات محطات لتوحيد الصفوف ونبذ الأحقاد وردم الهوة التي صنعتها وتصنعها الأحداث المتفرقة والتي نريدها ألا تطل مجدداً في البقاع أو في أية منطقة لبنانية أخرى.
وشدد سماحته على الخطباء الذين يصعدون إلى المنابر السياسية أو الدينية أن يتقوا الله في الناس ولا ينكأوا الجراحات في أحاديثهم ومواقفهم، وألا يخرجوا عن خطوط الوحدة الإسلامية والوطنية في خطاباتهم، لأن مسؤوليتنا أن نصنع مستقبل زاهر للأجيال لا أن نفتح عقول الناس على أحقاد الماضي وعصبياته.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 15-9-1429 الموافق: 15/09/2008
في معرض استقباله لرئيس الدائرة السياسية والعلاقات الدولية في المنظمة العالمية للمغتربين العرب
فضل الله: الاغتراب اللبناني مؤهّل لإقامة جسور ثقافية عالمية مميزة إن أحسنت الطبقة السياسية التعامل معه


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، رئيس الدائرة السياسية والعلاقات الدولية في المنظمة العالمية للمغتربين العرب، محمد ضرار جمو، الذي قدّم له شرحاً واسعاً حول عمل المنظمة لجمع كلمة المغتربين العرب، وتوحيد صفوفهم بعيداً من العناوين الشخصية أو المذهبية أو السياسية التي قد تباعد بينهم.
ونقل جمو تحيات رئيس المنظمة، فايز سودان، لسماحة السيد مؤكداً أن المنظمة العالمية للمغتربين العرب، رئيساً وأعضاء وعاملين، تنظر باحترام وتقدير كبيرين لسماحة المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله، الذي ساهم في حماية الوحدة الوطنية اللبنانية والوحدة بين العرب، وأن شخصيته تمثل شخصية جامعة يحترمها المغتربون العرب ويقدرون سعيها الدائم لرصّ الصفوف وتوحيد الطاقات العربية، وخصوصاً الاغترابية منها بما يخدم القضية العربية.
وأشار سماحة السيد فضل الله في خلال اللقاء إلى أن المغتربين العرب على قسمين: قسم اندمج في المجتمعات الغربية إلى حد الذوبان وفقد اتصاله بمجتمعه وأمته، وقسمٌ حرص على ألا يفرّط بهوّيته الثقافية والدينية، مع حرصه على الانفتاح على الآخرين والاندماج معهم.
وبعدما أشار سماحته إلى المشاكل التي تعترض الاغتراب العربي والإسلامي في البلدان الغربية على وجه الخصوص والاضطهاد الذي يتعرض له هذا الاغتراب في بعض المواقع بحجة مكافحة الإرهاب، وخصوصاً بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، أكد سماحته أن بعض البلدان الغربية التي يدّعي مسؤولوها أنها توفر كل أجواء الحرية للمسلمين وللعرب في ممارسة شعائرهم الدينية تتعامل معهم كجسم غريب وتضعهم في موقع الاتهام في الوقت الذي تفسح فيه المجال لليهود لكي يأخذوا حريتهم ليس على المستوى الديني، بل على جميع المستويات... ويتساءل سماحته: لماذا لا نلمح أي دور للعرب والمسلمين في هذه الدول مع كونهم يمثلون الجاليات الكبرى فيها؟
وأكد سماحته أن الخلل لا يكمن في كيفية تعامل السلطات في الغرب مع الجاليات العربية والإسلامية فحسب، بل في المغتربين العرب أنفسهم الذين فشلوا في أن يتحولوا إلى حركة سياسية وثقافية فاعلة تتواصل مع أوطانها وتعمل لحساب قضاياها الكبرى، في الوقت الذي يُخيّل للناس أن إسرائيل باتت تحكم أمريكا، وليس ذلك إلا لأن اليهود تحركوا كمجموعة متجانسة وكلوبي مغلق عمل للسيطرة على مواقع القوة المالية والإعلامية والسياسية.
وشدد سماحته على أهمية أن تنطلق منظمات وهيئات عربية تعنى بالمغتربين العرب والمسلمين، وتعمل على تحريك الوعي العام في أوساط جالياتهم في الخارج لربط المغتربين بقضاياهم، لأن المشكلة تكمن دائماً في أننا ننطلق بشخصيتنا الفردية على حساب شخصيتنا الجامعية والموحدة لقضايانا على المستويات العربية والإسلامية.
وتحدث سماحته عن الاغتراب اللبناني الذي يمكنه أن يؤدي دوراً موحداً وجامعاً في المسألة الاغترابية العربية، في حال ابتعدت الطبقة السياسية اللبنانية عن العبث به، وحرصت على عدم نقل مشاكلها في الداخل إلى أوساطه، مشيراً إلى أن لبنان له ميزة خاصة تنطلق من تنوعه الذي يخلق له امتداداً في العالم بعناوينه الكاثوليكية والأرثوذكية والإسلامية والعربية... ومن خلال شعبه الذي يملك ثقافة منفتحة على الحضارات الأخرى، مؤكداً أن التنوع الديني والثقافي والسياسي في لبنان يؤهله لإقامة جسور ثقافية مميزة في العالم إن أحسنت الطبقة السياسية التعامل مع إمكانات اللبنانيين وطاقاتهم، وعرفت كيف توظف هذا التنوع في خدمة القضايا اللبنانية والعربية وحتى في خدمة السلام والحوار بين الثقافات.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 15-9-1429 الموافق: 15/09/2008
إذا كنا نستفيد في المقاومة من سورية، فلا يعني ذلك أننا موافقون على ما تقوم به في الصلح مع إسرائيل»العلامة
فضل الله لـ «الرأي»: إذا صحّ ما نسب إلى الشيخ القرضاوي... فهو حديث فتنة


صحيفة «الرأي» الكويتية التقت العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وكان معه هذا الحوار:
مرتكزات رؤية الهلال

س: في البدء، نبارك لكم حلول شهر رمضان الكريم. وفي هذه المناسبة، نودّ أن نسألكم: ما تفسيركم لاستمرار هذا الخلاف على رؤية الهلال بين المسلمين في هذا العصر؟

ج: إننا نبارك للمسلمين جميعاً هذا الشهر المبارك الذي أنزل الله فيه القرآن وجعله نوراً يقود إلى الحق، وينير القلوب بالمحبة والعدل، ويفتح الحياة العامة للمسلمين على أساس الوحدة الإسلامية التي يلتقي المسلمون فيها على الثوابت العقيدية، والتي يردّون فيها ما اختلفوا فيه إلى الله والرسول، ليكون الحوار هو الأساس في حل الخلافات، سواء كانت خلافات شرعية أو خلافات في بعض فروع العقيدة. وإننا ندعو المسلمين في هذا الشهر إلى أن يؤكدوا وحدتهم الإسلامية في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجه الإسلام كله من دون تفريق بين مذهب ومذهب.
أما في مسألة رؤية الهلال، فلعلّ المشكلة هي أنّ الغالبية من علماء المسلمين الذين يتبعهم الناس، يؤكِّدون حرفية الحديث النبوي الشريف: «صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته»، فيعتبرون أن الرؤية هي الأساس في حكم أوائل الشهور، ولا يرون أنّ للعلم دوراً في هذا المجال. ومن الطبيعي أن الرؤية التي ينطلق بها الشهود قد تختلف من بلدٍ إلى آخر، وبين شاهد وآخر، فهناك من لا يوثق الشهود في هذا البلد وهناك من يوثّقهم في بلد آخر، وعلى هذا الأساس تختلف المسألة.
وهناك نقطة أخرى، وهي أن بعضهم يؤكد أن كل بلد يتبع في الرؤية هذا البلد أو تلك المنطقة. ونحن في هذا المجال ننطلق من فكرة علمية أساسية، وهي أن مسألة الشهر مسألة مربوطة بالنظام الكوني في حسابات الزمن، فالشهر ينتهي بدخول القمر في المحاق، وهذا ما يسمى بالاقتران، ويبدأ عندما يخرج القمر من المحاق، وهذا ما يُطلق عليه التوليد الفلكي. لذلك، فإن الهلال إذا ولد وشهد الخبراء في علم الفلك شهادةً قطعيةً بولادته فإن الشهر يثبت بذلك، خصوصاً أن الحسابات الفلكية هي حسابات قطعية لا يختلف فيها اثنان في كل أنحاء العالم.
ولذلك، فإننا نتصور أن الانطلاق من الحسابات الفلكية الدقيقة هو الذي يمكن أن يوحّد المسلمين في مسألة أوائل الشهور، ونحن نعتبر أن الرؤية هي وسيلة من وسائل المعرفة وليست لها أي موضوعية، وأضرب لذلك مثلاً شعبياً، فلو قال لك شخص ما: إذا رأيت فلاناً فأخبرني، ولكنك لم تره، بل اتصل بك عبر الهاتف، فهل تخبره بوجوده أو لا؟ من الطبيعي أن تخبره، مع أنك لم تره. وهذا يدل على أن الرؤية ليست ملحوظةً كعنصر أساس، بل هي وسيلة من وسائل المعرفة. وعليه، نحن نعتقد أن هذه الخلافات بين المسلمين، سواء في داخل المذهب الشيعي أو في داخل المذهب السني، ستبقى تفرض نفسها في شكلٍ فوضوي على الواقع الإسلامي، ما لم يتم الأخذ بالوسائل العلمية التي ترتكز على أساس الحسابات الفلكية.
والله سبحانه تعالى يقول في كتابه: {إنّ عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض} [التوبة:36]، أي أنّ الله قد ركّز نظام الشهور قبل أن يكون هناك بشر، وقبل أن تكون هناك عيون، ما يدل على أن المسألة مربوطة بالنظام الكوني، تماماً كما قضية الليل والنهار مربوطة بالنظام الكوني، ومما يدل على ذلك، هو أن العلماء المسلمين يتحدثون عن أن هناك كسوفاً للشمس أو خسوفاً للقمر قبل حدوث ذلك بخمسين عاماً، مع أنهم لم يروا الكسوف أو الخسوف، معتمدين في ذلك على أخبار الفلكيين. فإذا كان الفلك يخبرنا عن بعض الظواهر التي تحدث للشمس أو القمر بعد خمسين سنة، فكيف لا يخبرنا العلم القطعي بولادة الهلال في بداية كل شهر؟ لذلك نحن نتصور أن الاعتماد على الحسابات الفلكية، هو الذي ينسجم مع طبيعة النظام الذي جعله الله للكون كله، سواء نظام الجمل، أو نظام الظواهر الكونية.

س: تحدثتم عن الوحدة الإسلامية، وأنتم ممن أفنوا جل عمرهم في العمل والدعوة لتأكيد الوحدة بين المسلمين، لكن واقع الحال هو في تراجع دائم على هذا الصعيد، لماذا؟

ج: مسألة الوحدة الإسلامية هي من المسائل التي أكدتها الثوابت العقيدية الإسلامية، ونحن نعرف أن التوحيد والنبوة والمعاد تمثّل الثوابت التي يلتقي عليها كل المسلمين، وكذلك الإيمان بأنّ القرآن هو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لأنّ الله تكفل بحفظه، وذلك قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر:9]. وعلى مستوى القضايا الفقهية الشرعية، نرى أن المسلمين السنة والشيعة يلتقون في اجتهاداتهم الإسلامية والأحكام الشرعية بنسبة ثمانين في المئة، والشيعة يختلفون فيما بينهم في اجتهاداتهم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى السنة، ونحن نعرف أن الاختلاف في الاجتهاد هو اختلاف فقهي ولا يخرج المسلم عن كونه مسلماً، كما أننا نقرأ في قوله تعالى: {فإنْ تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول} [النساء:59]، فما يختلف المسلمون فيه لا بد من أن يجري الحوار حوله بإرجاعه إلى الكتاب والسنة. وأيضاً نقرأ في حديث النبي(ص) قوله: «كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه». ولكن من الطبيعي وجود اختلاف في وجهات النظر وفي بعض التفسيرات والآراء، كالاختلاف مثلاً حول شخصية النبي(ص)؛ هل هو معصوم في كل الأشياء أم في التبليغ فقط؟ وما إلى ذلك من أمورٍ مما يمكن أن يدور فيها الحوار بين المسلمين.
هذا في الخط العام، فالوحدة الإسلامية إذاً هي القاعدة التي تنطلق من الثوابت الإسلامية. ولكن في الوقت عينه، ونحن نتحدث عن الوحدة الإسلامية، يجب أن نلحظ أن هناك حرباً على الإسلام يقوم بها كثيرون في الغرب، ومن بين مظاهرها، الهجوم على شخصية النبي(ص)، من خلال نشر الصور المسيئة، أو في بعض ما ينسبونه إلى الإسلام، وغير ذلك مما يثار في وسائل الإعلام والأبحاث والكتب، ولا أدعي شمولية الغرب في هذا الشأن، ولكن ذلك الأمر يشكل ظاهرةً في هذا المجال. ونحن نجد أن من مسؤولية المسلمين أن يتوحدوا للحفاظ على الإسلام في الخط العام، ثمّ إذا وجد أي خلاف في بعض المفردات الإسلامية، فإنه من الممكن جداً أن ننطلق في معالجته على طريقة القرآن الكريم {وجادلهم بالتي هي أحسن} [النحل:125]، لأن القرآن أراد لنا أن نجادل أهل الكتاب بالتي هي أحسن، فكيف لا نجادل المسلمين بالتي هي أحسن فيما يختلفون فيه؟! إذاً الوحدة الإسلامية على المستوى السياسي والثقافي في الخطوط العامة، تمثل ضرورةً في الواقع الذي يواجه فيه الإسلام التحديات الكبرى من الشرق والغرب.

بدعة سورة الولاية

س: في هذا الإطار، أثار الداعية الشيخ يوسف القرضاوي أخيراً جملة مسائل تتعلق بالمسلمين الشيعة، منها: أنهم مبتدعون في الدين، وأن كثيرين منهم يعتبرون القرآن الكريم ناقصاً من إحدى السور، وهي كما قال سورة الولاية، وأنهم يسبون الصحابة، إضافةً إلى أنهم يقومون بغزوٍ فكري وعقائدي للمسلمين السنة... وهذه قضايا تعمّق الخلافات بين المسلمين والأمر يحتاج إلى توضيح؟

ج: في الواقع، لقد فوجئت كثيراً بتلك التصريحات المنسوبة إلى الشيخ القرضاوي في مجلة «المصري»، فأنا لم أسمع أنه صدر عنه أي موقف ضد التبشير الذي يراد من خلاله إخراج المسلمين من دينهم وربطهم بدين آخر. ونحن نعرف أن هناك مشكلة كبرى في الجزائر، حيث تذهب فرق التبشير المسيحي من أجل التبشير بالمسيحية في المجتمع الإسلامي، مستغلين الفقر الذي يعيشه المسلمون هناك، ولكننا لم نسمع منه أي تعليق سلبي ضدّ هذا الاختراق، أو ضدّ اختراق العلمانيين أو الملحدين للواقع الإسلامي. وقد تحدثت أيضاً بعض وسائل الإعلام عن تحوّل الآلاف من المسلمين في بعض بلدان الاتحاد السوفياتي سابقاً تحوّل إلى المسيحية، فلماذا لا يثار هذا الأمر ولا يصدر أي موقف للحدّ من ذلك؟!
والحقيقة أن سماحة الشيخ القرضاوي قد دأب منذ زمن على أن يتحدث عن نقطتين: الأولى هي أن الشيعة يسبون الصحابة، والنقطة الثانية هي أن الشيعة يخترقون المجتمع السني من أجل تشييعه وهو ما يمثل من وجهة نظره خطراً كبيراً على المذهب السني. وأذكر أنني تحدثت مع بعض أصدقائنا في (اتحاد العلماء المسلمين) في هذه المسألة. أما قصة سبّ الصحابة، فنحن نعرف أن هناك من علماء الشيعة من أصدر الفتاوى الواضحة في تحريم سبّهم وسبّ أمهات المؤمنين، وقد أصدرت أنا فتوى حول هذا الموضوع نشرت في أغلب صحف العالم، وما زلنا نؤكد، رداً على كل الأسئلة التي تأتينا في هذا المجال، حرمة هذا الأمر. وربما نجد في الشيعة من يقوم بذلك، ولكن قد يمثّل ذلك رد فعل على ما يصدر عن كثير من علماء المسلمين في العالم، حتى من غير الوهابيين من تكفيرٍ للشيعة واعتبارهم مشركين ومرتدّين.
كما أنّ هناك بعض الفتاوى الموجودة لدى بعض علماء المسلمين، ولاسيما في السعودية، يستحلون فيها دماء الشيعة، وهذا ما لاحظنا تطبيقه في العراق وأفغانستان من خلال تجربة «القاعدة»، إذ نجد أن هناك من يستحل دماء المسلمين الشيعة باعتبار أنهم مشركون ومرتدون وما إلى ذلك، ما قد يثير رد فعل في هذا المجال، ولكن علماء الشيعة الواعين يحاولون السيطرة على هذا الموضوع.
ونحن نستوحي من كلام القرضاوي، أنه يعتبر الشيعة مبتدعة، أي أنهم أدخلوا البدعة في الإسلام، لذلك نحن نتساءل: هل دخل الشيخ القرضاوي، وهو الذي يحمل عنوان «رئيس اتحاد علماء المسلمين»، في حوار مع علماء الشيعة؛ معنا أو مع بعض العلماء الذين يحضرون المؤتمرات، في محاولة لتبيان أو توضيح هذه البدعة عند الشيعة؟ إننا لم نسمع بذلك ولم يحصل، ولكنه يطلق القول من غير دراسة علمية موضوعية تقارن بين ما كتب في الماضي وما يكتب الآن من علماء الشيعة الواعين.
ثم إن الشيخ القرضاوي يتحدث عن أن هناك سورة ينسبها الشيعة إلى القرآن وهي سورة الولاية، ويقول إن أكثر الشيعة يعتمدونها، وأنا أقول له، أولاً، إن تسعة وتسعين في المئة، فاصلة تسعة وتسعين من المسلمين الشيعة، لم يسمعوا قط بسورة الولاية. وثانياً، لو أن سورة الولاية كانت ثابتةً عند الشيعة، لكتبت على الأقل في مصحف واحد. وأذكر أنه في لقائي مع الشيخ محمد الغزالي الذي كان وحدوياً، أخبرني أنه يقول دائماً لكثير من علماء السنة في العالم، الذين ينسبون إلى الشيعة في شكل عام تحريف القرآن، أنّه لم يُقدَّم أي مصحف ممّا طُبع ويطبع في إيران أو العراق أو في أي بلد آخر فيه حرف زائد عما يطبع في مصر أو السعودية أو بلدان أخرى. وهذه المسماة سورة الولاية التي ذكرها أحد المؤلفين، هو نفسه يقول: أنا لا أقبل أن تنسب إليّ لأنها من أسخف الكلام. فمن أين استحضر الشيخ القرضاوي هذه المسألة؟ فليدلنا على بعض الكتب الشيعية التي تؤكد وجود سورة الولاية!

س: هل نفهم أنها موجودة عند بعض المسلمين الشيعة؟

ج: ربما كتب هذا في بعض المؤلفات القديمة، ولكن علماء الشيعة ردوا هذا الكلام في شكل مطلق، وكان الرد حاسماً، واعتبروه من الكلام السخيف الذي لا يقبل الإنسان الذي يحترم ثقافته أن يُنسب إليه، فكيف بأن يُنسب إلى القرآن؟! وأنا أؤكد الآن أن أغلب الشيعة لم يسمعوا بهذه السورة قط، فكيف يقول إن أكثر الشيعة يقولون بها؟!
ثم إنه لو كانت مسألة إقناع سني بأن يصبح شيعياً، تشكل، في نظره، خطراً أو غزواً كغزو المبشّرين أوالملحدين للمسلمين، فما رأيه في بعض السنة الذين يصدرون الآن الكتب التي تهاجم الشيعة وتكفرهم وتعتبرهم مشركين مرتدين؟ وما رأيه في بعض السنة في لبنان الذين أقنعوا بعض الشيعة بالتحول إلى المذهب السني؟ هل نقول إن هذا غزوٌ سنيّ؟! ثم إنني أرسلت إلى الشيخ القرضاوي، بواسطة بعض الأصدقاء، أن أعطني إحصائيةً عن حالات التشيّع التي تجري، والتي تشكّل خطر على الواقع السني في البلدان التي ذكر أنها تتعرض لاختراق شيعي، كمصر والجزائر وسورية وغير ذلك؟

س: هل أجابك؟

ج: لم يجب، وأقول له إنك لا تملك أي إحصائية في هذا المجال. ولذلك أعتقد أنه إذا صح ما نسب إلى سماحة الشيخ القرضاوي، فإننا نرى فيه حديث فتنة، وأسأل: ما المصلحة في السعي إلى إثارة الفتنة بين المسلمين من خلال تلك الأقاويل التي ترمي المسلمين بالابتداع؟ وأنا آسف لأن يصدر ذلك من سماحة الشيخ القرضاوي الذي كان من رموز الوحدة الإسلامية وكان يسعى لها.
وإذا كان في التراث الشيعي أكاذيب كثيرة أكد العلماء الشيعة أنها أحاديث موضوعة، فإن في التراث السني أيضاً أكاذيب كثيرة أكد علماء السنة أنها ليست موثوقة. ولذلك قلت لبعض علماء السنة من أصدقائنا: إذا كنتم تريدون أن تتحدثوا عن "خرابيطنا" وأن نتحدث عن "خرابيطكم" فإننا لن نتفق.

الصعـود الشيعـي

س: هل تعتقدون أن للصعود الشيعي في المنطقة علاقة بإثارة هذه الحساسية بين المسلمين الشيعة والسنة؟ ونحن نلاحظ أنه كلما كثر الحديث عن قوة الشيعة، كثرت إثارة مثل هذه المسائل الخلافية.

ج: هل المشكلة هي في الصعود الشيعي أو هي في الصعود الأميركي؟! فمثلاً العراق هو بلد فيه أكثرية شيعية، وقد عاش الشيعة مع السنة مئات السنين من دون أن تكون هناك مشكلة، ونحن نعرف أن علماء الشيعة خرجوا في العام 1920 لمحاربة الإنكليز دفاعاً عن سلطة السنة التي كانت متمثلة بالخلافة العثمانية آنذاك، وقد قبلوا بحكم العائلة الهاشمية التي كانت على المذهب السني، وهم الذين جاؤوا بالملك فيصل ملكاً على العراق، وقبلوا بذلك للتخلص من الحكم البريطاني. ولذلك أنا لا أفهم كيف يتحدثون عن الصعود الشيعي، ولكن الانتخابات التي تمثل المنهج الديموقراطي، جعلت الشيعة هم الأكثرية في المجلس النيابي، إلاّ أنّ الحكومة ليست شيعيةً، ونحن نعرف أن في الحكومة سنةً، وقد دخلت أخيراً جبهة التوافق في الحكومة الحالية، ودخل الأكراد، وهم كلهم سنة.
ولذلك، فإن دخول الشيعة في العملية السياسية هو دخول طبيعي كأي أكثرية في أي مجتمع فيه أكثرية وأقلية. ثم مهما صعد الشيعة في العراق أو في لبنان، فإنهم يبقون أقلية في العالم الإسلامي! فهل يستطيع الشيعة بهذا الحجم أن يسيطروا على العالم الإسلامي كله؟ إن المسألة هي «فتش عن أميركا» وعن السائرين في خط السياسة الأميركية الذين يريدون إثارة الفتنة بين المسلمين، وخصوصاً بعد الثورة الإسلامية في إيران، التي انطلق الإعلام بالحديث عن أنها ثورة شيعية أو ثورة فارسية. ونحن عندما نتابع زيارات المندوبين الأمريكيين إلى المنطقة، ومنهم وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، ونائب الرئيس ديك تشيني، نلحظ أنهم يحاولون الإيحاء دائماً بأن إيران هي العدو وإسرائيل هي الصديق.

س: قد يجد بعضهم في حركة التسلح عند الجانب الشيعي في إيران ولبنان تبريراً للمخاوف؟

ج: إذا كان التسلح الشيعي من أجل محاربة إسرائيل يشكل خطراً، فبماذا نصف أو نفسر التسلح الإسرائيلي من أجل السيطرة على المنطقة كلها من قبل أميركا؟! المشكلة أن هؤلاء الذين يتحدثون عن العروبة والإسلام، أصبحوا أقرب إلى إسرائيل منهم إلى العرب والمسلمين، ونحن نعرف أن أميركا تحاول تعبئة العالم العربي، وفي مقدّمه ما يسمى دول الاعتدال، ضد إيران، ولكنهم يعرفون أن أي حرب ضد إيران سوف تدمر المنطقة كلها، ولذلك فإنهم، رغم بعض الحساسيات التي يثيرونها ضد إيران، أصبحوا يفكرون في أن لا مصلحة لهم في الحرب معها.

المفاوضات السورية الإسرائيلية

س: أنتم من أصحاب فكر المقاومة وخيار المقاومة في المنطقة، وهناك من يتساءل عن سبب عدم صدور أي موقف من «أهل المقاومة» بشأن ما يجري من مفاوضات بين سورية وإسرائيل؟

ج: أولاً، نحن نرى أنّ أكثر الدول العربية هم أصدقاء مقربون لإسرائيل التي تقوم بالمجازر الوحشية ضد أطفال فلسطين ونسائهم وشيوخهم، والتي لا تزال تحاصر المدنيين في غزة مسبّبةً بموت الأطفال والمرضى نتيجة فقدهم الغذاء والدواء، كما أنها لا تزال تحتل فلسطين، سواء في شكل مباشر في بعض الأجزاء، وغير مباشر في الأجزاء الأخرى. وإننا نتساءل: أين هو الموقف العربي الفاعل في مواجهة إسرائيل؟!
ثانياً، نحن نتصور أنّ ما صدر عن سورية من كلام عن إقامة مفاوضات مع إسرائيل في شكل غير مباشر، إنما هو من أجل استعادة أرضها المحتلة، وقد سمعت بعض التصريحات من السوريين تقول إنهم لن يدخلوا في مفاوضات مباشرة إلا بعد انسحاب إسرائيل من الجولان.
ثالثاً، وأنا أتحدث كإسلامي، نحن نرفض أي صلح مع إسرائيل، سواء من قبل سورية أو مصر أو السعودية أو أي دولة أخرى، لأنّ اليهود اغتصبوا ارض فلسطين دون أي شرعية لهم. ونحن نقول بالنسبة إلى اليهود الذين كانوا سابقاً قبل ولادة إسرائيل ليبقوا في فلسطين، ولتكن فلسطين بلداً واحداً كلبنان يضم المسلمين والمسيحيين واليهود. وإذا كنا نستفيد في المقاومة من سورية أو غير سورية، فهذا لا يعني أننا نوافق على كل ما تقوم به سورية في مسألة الصلح مع إسرائيل، وفي اعتقادنا أن مسألة الصلح مع إسرائيل هي مسألة بعيدة جداً، وما يجري الآن ينطلق من خلال بعض الأوضاع السياسية التي قد تستفيد منها إسرائيل وسورية أمام الرأي العام العالمي.

الموقف الشيعي من إسرائيل

س: ذكرتم أن المسلمين الشيعة هم أقلية في العالم الإسلامي، فإذا كان العالم الإسلامي أو العربي تحديداً يريد الصلح مع إسرائيل، فلماذا يحمل الشيعة «السلَّم بالعرض»؟

ج: أنا أتكلم مع المسلمين كافة، وخصوصاً مع السنة، من خلال المنطق الإسلامي، الذي يقضي بأن يُردّ ما اغتصب من الأرض إلى أصحابه ولو كان شبراً واحداً، فكيف الحال في اغتصاب أرض بكاملها ووطنٍ بكامله وشعبٍ بكامله؟! أنا لا أتحدث عن شيعة وسنة، أنا أتحدث عن الإسلام وعن العدل، وقد قرأت في كتاب الله سبحانه وتعالى أن الرسالات بأجمعها انطلقت من قاعدة العدل: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط} [الحديد:25]. وأنا أرى أن العدل هو في إقامة الحق.
وإذا كان السنة هم الأكثرية في العالم الإسلامي، فإن الأكثرية لا تمثل بالضرورة الحق، كما أن الأقلية لا تمثل بالضرورة الباطل، ونحن نقرأ في القرآن الكريم: {ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.
هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإن الأكثرية التي تريد الصلح مع إسرائيل، هي ليست أكثرية الشعوب، إنما هي الدول والأنظمة، فمثلاً اعترفت مصر بإسرائيل، ولكن الشعب المصري ما زال يقاطعها في شكل عام، وهكذا بالنسبة إلى الشعب الأردني. وحين انتصرت المقاومة في لبنان على إسرائيل في العام 2006، واستطاعت أن تقهر الجيش الذي لا يقهر، رأينا كيف وقف العالم الإسلامي والعربي مع المقاومة، على الرغم من أن الحكام كانوا ضدّها، ما يدل على أن الشعوب في قضايا الحقوق السياسية المصيرية التي تمثل حقوق الأمة، لا تفرق بين مذهب ومذهب.

الحوار الإسلامي

س: على صعيد الوحدة الوطنية والوحدة الإسلامية في لبنان، هناك انقسام حاد بين السنة والشيعة توسع وتعمق بعد أحداث بيروت في أيار الماضي. هل يمكن أن يكون لكم، من خلال ما تمثلون من مرجعية إسلامية كبيرة، دور في إطلاق حوار لرأب الصدع وتحقيق مصالحة على غرار المصالحة التي حصلت في الشمال أخيراً؟

ج: أنا دعوت في إطار الوحدة الإسلامية إلى الحوار، حتى بين الوهابيين والشيعة، وسعيت سعياً حثيثاً لتضميد الجراحات وردم الهوة التي حصلت في لبنان، لأن ما حدث في بيروت وفي مناطق أخرى، لم يكن منطلقاً من حال مذهبية، إنما من أوضاع سياسية كان سببها قرارين اتخذتهما الحكومة واعتبرت المقاومة أنهما موجهان ضد سلاحها، فحصل ما حصل في بيروت. وقد قلت للذين لا يزالون يتحدثون عن مسألة بيروت ويسمونها غزوة بيروت أو ما يشبه ذلك، قلت لهم، وبعضهم من إخواننا السنة، إن بيروت قصفت من بعض الجهات اللبنانية في الصراع أيام الحرب الأهلية، وذبحت في مجزرة صبرا وشاتيلا ودمرت، فلماذا أصبح هؤلاء الذين دمروا بيروت، وسهلوا لإسرائيل أن تحتلها، واشتركوا مع اليهود في مجزرة صبرا وشاتيلا، حلفاء وأصدقاء وفريقاً واحداً في السياسة اللبنانية؟ إذا كنتم تعتبرون أن الوفاق السياسي يبرر الصلح مع الجزارين ومع الذين دمروا بيروت وأفسحوا في المجال لاحتلالها من قِبَل إسرائيل، فلماذا لا نحاول من جديد تضميد هذا الجرح بين المسلمين، خطأً كان ما حصل أو صواباً، لأننا لسنا في صدد تقويم ما حدث.
إنني أعتقد أن المسألة هذه تتصل بالخط الدولي الذي تقوده أميركا للعبث بالاستقرار اللبناني، والذي تتحرك في مفرداته وفي خصوصياته بعض الدول العربية. نحن نعرف أن البيروتيين ما زالوا يتحركون مع الشيعة في شكل طبيعي إلا فئة معينة من الناس، والمصاهرة بين السنة والشيعة الموجودة في لبنان ليست موجودة في أي بلد آخر من بلاد المسلمين، ولذلك أتصور أننا إذا أخلصنا للبنان، وانفتحت القلوب بعضها على بعض، وإذا قرّرنا أن نوحّد لبنان في قضاياه المصيرية، فإننا نستطيع أن نصنع لبنان المستقبل.

المصالحات الوطنية

س: هل ترى المصالحة قريبة في بيروت بعد طرابلس؟

ج: رحّبت وأرحّب بالمصالحة في طرابلس، ولكن لبنان الذي يرتكز على النظام الطائفي، والذي لا يزال ساحةً مفتوحةً للمخابرات الدولية والإقليمية، والذي يعتبر بلداً خاضعاً لتأثير الأحداث السياسية الجارية في المنطقة... هذا اللبنان، من الصعب جداً أن يتوحد، لأنه لم يؤسس ليكون بلداً موحداً، ولكن ليكون بلداً مقسماً بين الطوائف، فلكل طائفة منطقتها وسياسيوها ومصالحها وخدماتها وعلماؤها، ولذلك أقول على سبيل النكتة، إن لبنان هو ولايات غير متحدة.

س: رئيس الجمهورية دعا إلى انعقاد الحوار الوطني، هل تؤيد الدعوات إلى توسيع دائرة هذا الحوار؟

ج: نحن نؤيد كل حوار، ولكن بشرط أن يكون الذين يتحاورون يعيشون روحية الحوار، لأننا من خلال تجربة الحوار السابق، رأينا كيف كان المؤتمرون يتحركون من خلال تسجيل النقاط لا تجميعها، ولذلك نحن ندعو اللبنانيين إلى أن يجمعوا النقاط الإيجابية، وأن يتفادوا النقاط السلبية.

بيروت ـ أحمد الموسوي

14 سبتمبر 2008

الإدارة الأمريكية كانت تنتظر ما حدث في 11 أيلول لتنفيذ خططها الجهنمية ضد العالم العربي والإسلامي
فضل الله: شهوة الحروب الاستباقية لا تزال حاضرة في أذهان النخب الأمريكية المتصهينة


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً تناول فيه أحداث 11أيلول بعد مرور سبع سنوات عليها، جاء فيه:
مع مرور سبع سنوات على أحداث الحادي عشر من أيلول، تتوضّح الصورة يوماً بعد يوم في أن هدف الردّ الأمريكي وتداعياته لم يكن إحداث صدمة معينة على المستوى الدولي، بقدر ما أريد له أن يؤسس لاجتياح شبه كامل للعالم العربي والإسلامي، تارةً من خلال الاحتلال المباشر وطوراً من خلال السيطرة على قرارات هذا العالم وأسواقه وحركته الاقتصادية والسياسية.
وإذا كان ثمة من يتحدث في شكل مفصّل ـ وحتى من خلال بعض الكتب التي صدرت ـ عن علم الإدارة الأمريكية المسبق بالطابع الذي كانت ستأخذه هذه الأحداث وبإمكان حصولها في وقت قريب قبل حدوثها، فإن الكثير من الملابسات التي رافقتها أو أعقبتها والكثير من الغموض الذي أحاط بحركة الأجهزة الأمنية والسياسية الأمريكية حيالها، والأحداث التي جرت في المنطقة بعدها، تشير إلى أن إدارة المحافظين الجدد إما كانت تنتظر هذه الأحداث بفارغ الصبر لتفرغ ما في جعبتها من خطط ومن حقد دفين ضد العالم العربي والإسلامي، ولذلك تهاونت مع المؤشرات التي كانت تؤكد حصول مثل هذه الأحداث ـ أو أنها وجدت فيها ما كانت تتطلع إليه من ظروف ودوافع وأسباب تعطيها المبررات التي تريدها للبروز على شكل الأسد الجريح وتنفيذ خططها الجهنمية في احتلال وتدمير ونهب أبرز المواقع الاستراتيجية في المنطقة العربية والإسلامية.
إننا في هذه الأيام، ونحن نطل على الأشهر الأخيرة من عمر إدارة الرئيس جورج بوش، ندرك تماماً أن عنوان مواجهة الإرهاب الذي دخلت من خلاله قوات الاحتلال الأمريكي إلى أفغانستان والعراق، يراد له أن يبقى حاكماً ـ لا على مستوى الهواجس فحسب ـ بل على مستوى الخطط السياسية والأمنية أيضاً ـ لأية إدارة أمريكية قادمة، لأنه لا يوجد من عنوان آخر يسمح للأمريكيين بمواصلة سعيهم للهيمنة على مصادر الطاقة والمواقع الاستراتيجية والاقتصادية العالمية، ويتيح لهم تقييد المحاور الدولية الأخرى وجعلها تسير في ركاب القطار الأمريكي بما فيها دول الاتحاد الأوروبي واليابان وغيرها.
كما ندرك أنّ هذا العنوان (الحرب على الإرهاب) يراد له أن يتحكّم بالحركة السياسية والأمنية وحتى العقيدية لحلف شمال الأطلسي، لأن هذا الحلف الذي حوّلته الإدارة الأمريكية إلى هراوة تضرب بها حيث تشاء في العالم، وخصوصاً في دول أوروبا الشرقية وفي الشرق الأوسط، يراد له ـ أمريكياً ـ ألا يخرج عن السياق المرسوم له، بأن يتبع حركة الجيوش الأمريكية لينزل حيث تنزل ويغزو حيث تغزو، وليبدو كقوة فصل أو قوة سلام حيث تريد الولايات المتحدة الأمريكية للصورة أن تبدو على هذا النحو.
إننا ـ وفي هذه الأيام بالذات ـ نستمع إلى كلام أمريكي صريح يتحدث عن "استخدام قوتنا لمحاولة صوغ نظام عالمي أكثر لطفاً"، ونستمع إلى نخب سياسية أمريكية تؤكد صراحةً أنها تتمنى أن يقع هجوم إرهابي من وقت إلى آخر، لتبرير الحروب الأمريكية في الخارج والقمع على مستوى حركة النظام الأمريكي وحلفائه في الداخل، نعتقد بأن شهوة الحروب الاستباقية لا تزال حاضرة في الأذهان الأمريكية المرتبطة باللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية أو المتطلعة إلى مصلحة إسرائيل من داخل المصلحة الأمريكية.
ونحن في الوقت الذي بدأنا نستمع إلى أصوات أوروبية تتحدث في حذر عن ضرورة أن لا يقتصر دور دول الاتحاد الأوروبي على أن تكون دولاً مانحة، بل أن تشارك الولايات المتحدة الأمريكية في القرار السياسي، نريد لهذه الدول أن تخرج من الزاوية التي حشرت نفسها فيها، وأن لا تطلب من الإدارة الأمريكية أن تسهّل لها السبل لتأخذ دورها في الحركة السياسية العالمية، بل أن تمارس هذا الدور في شكل تلقائي من خلال تطلعها لتحقيق العناوين التي انطلقت منها شعوبها، وخصوصاً عناوين الحرية والعدل والمساواة التي أكدتها الثورة الفرنسية، ومن خلال التزاماتها في مسألة القانون الدولي الذي بات لعبة بأيدي الأمريكيين يحركونه على قياس مصالحهم، فيحيونه في هذا البلد ويميتونه في ذاك بقدر ما تقتضي مصالحهم ذلك.
إننا أمام هذا الواقع، ندعو شعوبنا العربية والإسلامية والقوى الحيّة فيها، ومواقع الممانعة، إلى العمل إلى تحصين ساحاتنا الداخلية بالوحدة والتماسك وعدم الانجرار إلى الفخ الذي نصبوه للأمة وانزلق فيه الكثيرون من دعاة التمذهب والتعصب والتزمّت، وهو فخّ التفتيت الداخلي، ومن ثم العمل على تكوين عناصر القوة الذاتية المقاومة التي تمنع المحاور الدولية ودول الاستكبار من أن تفكر مجدداً في العودة إلى الحروب الاستباقية أو إلى استهداف مواقع جديدة في العالم الإسلامي والعربي، وخصوصاً بعدما بدأت قوة أمريكا بالتداعي، وبدأ الحديث في أكثر من مكان عن رفض قيادتها للعالم أو أن يتحكّم قطب واحد في إدارة الحركة السياسية على المستوى العالمي.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 14-9-1429 هـ الموافق: 14/09/2008 م
فضل الله استقبل مستشار ملك البحرين لشؤون السلطة التشريعية

استقبل سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، في دارته في حارة حريك، مستشار ملك البحرين لشؤون السلطة التشريعية ونائب رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، الدكتور محمد علي بن الشيخ منصور الستري، الذي حمل إلى سماحته تحيات ملك البحرين وتقديره الكبير لدوره على المستوى الإسلامي والعربي، والاهتمام بواقع المسلمين في مواجهة التحديات التي توجّه إلى ساحاتهم، ولاسيما مشاريع إثارة الفتنة المذهبية المتنقلة، مثمّناً دور سماحته في تأكيد مشروع الوحدة الإسلامية التي من شأنها حماية واقع المسلمين من التشرذم والتفتيت، وكانت مناسبة لعرض الأوضاع في البحرين.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 13-9-1429 الموافق: 13/09/2008
استقبل لجنة أصدقاء المعتقل في السجون الفرنسية جورج عبد الله
استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، لجنة أهل وأصدقاء المعتقل اللبناني في السجون الفرنسية، جورج عبد الله، برئاسة جوزيف عبد الله، حيث عرضت اللجنة لسماحته وضعه الصحي والنفسي، وطالبت ببذل الجهود للإفراج عنه، وخصوصاً أنه استوفى كل الشروط المطلوبة، وأن الإفراج عنه بات بمثابة الحق الشرعي الواجب له بموجب القانون الفرنسي.
وأكد سماحة السيد فضل الله مسؤولية الدولة اللبنانية ـ إلى جانب الهيئات والجمعيات الأهلية، في متابعة قضية جورج عبد الله، وخصوصاً أن المسألة دخلت في بازار الضغوط التي تمارس من أكثر من جهة على القضاء الفرنسي ولاسيما الضغوط الأميركية والإسرائيلية، وشدّد سماحته على إثارة هذه القضية إعلامياً وسياسياً، لأنه من غير الجائز أن يهتم العالم بأشخاص معينين كونهم يهوداً وإسرائيليين، مع أنهم من المجرمين والمحتلين، ولا يثير الاهتمام حيال الآخرين لأنهم عرباً أو لكونهم يمثلون عنواناً لمواجهة الاحتلال والصهيونية.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 11-9-1429 الموافق: 11/09/2008
استقبل السفير المصري النائب علي حسن خليل موفداً من الرئيس نبيه بري
فضل الله: لمعالجة القضايا الداخلية بروح انفتاحية تهيء الأجواء لمصالحات شمولية


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، السفير المصري في لبنان، أحمد البديوي، حيث جرى عرضٌ للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، كذلك عرض أجواء التفاؤل التي سادت مؤخراً على الساحة اللبنانية مع انطلاق عجلة المصالحات والاستعداد للبدء بالحوار الداخلي. وجرى تقويم للأدوار العربية في المسألة اللبنانية، والخطوات المصرية الأخيرة في دعوة شخصيات تنتمي إلى المعارضة وغير المعارضة إلى مصر للتشاور في المسألة اللبنانية.
ورأى سماحة السيد فضل الله أن المسألة اللبنانية بدأت تدخل في نطاق الحلحلة، ولكن يؤمل من الدول العربية، وخصوصاً مصر، أن تمارس دورها وتقوم بمبادرة حقيقية لإصلاح الواقع المأزوم والمتوتر في العلاقات العربية ـ العربية، مبدياً خشيته من أن الإدارة الأميركية لا تزال تعمل لمنع الدول العربية من ترتيب علاقاتها فيما بينها بممارسة الضغوط في أكثر من اتجاه، كون إسرائيل المستفيد الأول من استمرار التباعد في العلاقات بين هذه الدول العربية وتلك.
وفي مسألة المصالحة اللبنانية الداخلية، رأى سماحته أن على الجميع تهيئة الأجواء الملائمة لسريان هذه المصالحة في شكل شمولي وواسع، ولكن شرط أن تنطلق من أسس سياسية وميدانية عميقة، وأن لا تبقى الأمور في نطاق اللقاءات الشكلية، بل أن توضع الآليات السياسية والعملية لمعالجة كل القضايا التي قد تشكل خطراً على أية مصالحة تحدث بين اللبنانيين.
وفي المجال الفلسطيني، شدد سماحته على أن تعمل السلطات المصرية على معالجة قضية معبر رفح بالطريقة التي تريح الجانب الفلسطيني وخصوصاً في شهر رمضان، وحتى لا ينطلق الحديث من هنا وهناك بأن الفلسطينيين يتعرضون لحصار إسرائيل ولحصار عربي في الوقت نفسه، مؤكداً أنّ مصر تستطيع تقديم المزيد من الرعاية والحماية للواقع الفلسطيني، مع معرفتنا بحجم الضغوط التي تنهال عليها من كثير من المواقع الإقليمية والدولية، وخصوصاً من الولايات المتحدة الأميركية.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 11-9-1429 الموافق: 11/09/2008
استقبل النائب علي حسن خليل
استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، النائب علي حسن خليل موفداً من الرئيس نبيه بري، حيث وضعه في أجواء التطورات الأخيرة، وخصوصاً ما يتعلق بقانون الانتخاب وعمل المجلس النيابي لإقراره، إضافة إلى الوضع العام في البلاد واقتراب موعد استئناف الحوار الوطني وما يمكن للأطراف المتعددين أن يبذلوه لإنجاح هذا الحوار بعد تأمين المستلزمات السياسية المتعددة له.
وأكّد سماحة السيد فضل الله ضرورة معالجة القضايا الداخلية بروح انفتاحية وبعقلية واقعية تفسح في المجال أمام كل الجهود المبذولة لإخراج البلد من مشاكله السياسية والاقتصادية لتكون محطة الانتخابات النيابية القادمة محطة بناء حقيقية في لبنان لا فرصة لإعادة التوتر والمشاكل، كما يتحدث بذلك الكثيرون.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 11-9-1429 الموافق: 11/09/2008
استقبل ممثل منظمة التحرير عباس زكي
فضل الله حذّر من الحركة الأمريكية الإسرائيلية في المسألة الفلسطينية


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، عباس زكي، الذي وضعه في أجواء زيارة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس إلى لبنان، ونتائجها السياسية وسُبُل توسيع أجواء التفاهم والتعاون بين اللبنانيين والفلسطينيين بما يخدم القضية الفلسطينية، بخاصة وقضايا العرب والمسلمين بعامة.
وأكد سماحة السيد فضل الله خلال اللقاء ضرورة أن يلتفت الفلسطينيون إلى أن الحركة الأميركية الإسرائيلية في مسألة التفاوض مع السلطة هي حركة عبثيّة تستهدف التهيئة للانتخابات الأميركية بما يخدم الحزب الجمهوري ولا تتطلع إلى تحقيق أي مطلب من مطالب الفلسطينيين، بل إلى تقطيع الوقت وتسويف المسألة وترحيلها إلى مراحل أخرى، بما يساهم في تمييعها ويمنع الفلسطينيين من الوصول إلى حقوقهم على مستوى الدولة والأرض.
وشدّد سماحته على أن تنطلق عجلة الحوار الفلسطيني الداخلي حتى لا يفقد الناس داخل فلسطين المحتلة وخارجها الثقة بالفصائل التي ينبغي أن تركز عملها على مواجهة المحتل بدلاً من استمرار الجدل العقيم حول من هو المسؤول عن وصول الأوضاع في فلسطين المحتلة إلى ما وصلت إليه.
بعد اللقاء صرح زكي: قدمنا التهنئة إلى سماحة آية الله العظمى، السيد محمد حسين فضل الله بحلول شهر رمضان المبارك، وقد قدمنا له شرحاً وافياً حول التطورات على الصعيد الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني، وأيضاً نتائج اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، ومجمل النتائج التي أسفرت عنها زيارة الرئيس أبو مازن إلى لبنان. ونحن دائماً بحاجة إلى أن نستمع إلى سماحته لما يتمتع به من رؤية وتجربة غنيّة. ولقد عبّر سماحته عن حرصه على وحدة الصف الفلسطيني وعلى استمرار النهوض والعمل لمصلحة قضية العدل الأولى في هذا العصر، وهي القضية الفلسطينية التي تتطلب المزيد من الجهود لإيجاد المخرج الراهن. وأنا سأنقل إلى القيادة الفلسطينية رؤية هذا الرجل الذي لا يرى نفسه إلا في فلسطين التي تجذبه إليها كما ينجذب إلى مكة المكرمة، ونسأل الله أن يمد في عمره لنصلي سوية في المسجد الأقصى الشريف.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 09-9-1429 الموافق: 09/09/2008
استقبل النائب غازي يوسف
فضل الله: نبّه إلى ضرورة تعميق المصالحات في القواعد الشعبية حتى تتجذّر أمنياً وسياسياً

استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، النائب عن كتلة المستقبل النيابية، غازي يوسف، حيث جرى عرض للأوضاع العامة، وخصوصاً التطورات الأخيرة في طرابلس والمصالحة التي جرت فيها.
وأوضح النائب يوسف أن زيارة سماحة السيد فضل الله هي ضرورية في أي وقت، وقد تشرّفت بزيارته للتهنئة بحلول شهر رمضان المبارك، وكانت مناسبة طيبة للإطلاع على آرائه والاستماع إلى توجيهاته في القضايا السياسية الراهنة، ولمست منه ترحيباً كبيراً بأجواء المصالحة التي حصلت في طرابلس وتمنياته أن تتسع دائرة هذه الخطوة لتشمل البلد كله.
وأكد سماحة السيد فضل الله خلال اللقاء ضرورة تعميق الأجواء التصالحيّة من خلال خطوات عملية تتصل بالجانبين الشعبي والميداني، إضافةً إلى اللقاءات السياسية على مستوى القيادات، لأن من الضرورة في مكان أن تنطلق المصالحات من القواعد الشعبية حتى تتجذّر أمنياً وسياسياً واجتماعياً.
وأشار سماحته إلى أن سعي أي فريق في المصالحة يرتب عليه مسؤوليات كبيرة وخصوصاً على مستوى الخطاب، لأننا نريد لأي خطاب سياسي في المستقبل أن يبتعد عن التشنّج وعن الترويج للفتنة والتقاتل، وأن يفتح الآفاق لخطوات تصالحيّة أوسع، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا من خلال خطوات تمهيدية تبدأ بخطاب سياسي هادئ ورصين وموضوعي، وهو ما نتمنى على الجميع أن يتحرك فيه احتراماً للبنانيين ورأفةً ورحمةً بالبلد.


مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 9-9-1429 الموافق: 09/09/2008
دعا الجميع إلى تحمّل مسؤولياتهم في رفد حركة المصالحات الجارية
فضل الله: لتنازل الطبقة السياسية عن كبريائها لمصلحة الأجيال الشابة
استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً من طلاب الجامعات في حزب الحوار الوطني، جاءه مهنئاً بحلول شهر رمضان المبارك، طرح عليه سلسلة من الأسئلة المتعلقة بالدين والوطن والمقاومة والتعايش بين الأحزاب والطوائف.
وتحدّث باسم الوفد مسؤول قطاع الشباب والطلاب في حزب الحوار الوطني الأستاذ إياد سكرية، وجاء في كلمة:
نزور هذه الدار الكريمة تقديراً منا لسماحة العلامة المرجع السيد فضل الله الذي يحاكي بمرجعيته العقل، ويساهم جاهداً في ترسيخ ثقافة الاعتدال والحوار في زمن التطرف، ونحن بدورنا كشباب في حزب الحوار الوطني، نتوجه إلى الشباب اللبنانيين وندعوهم إلى أن لا يكونوا وقوداً مجانياً لهذا التطرف والاحتقان والشحن الذي يعيشه لبنان.
فضل الله
وتحدث سماحة السيد فضل الله للوفد مرحِّباً به، مشيراً إلى أن "قيمة الإنسان في أن يكون منفتحاً على إنسانية الآخر، لأنَّ الإنسان مهما تنوَّع، سواء في شكله، أو في انتمائه القومي أو الديني أو السياسي، فإنه يبقى في نطاق الوجود الواحد الذي خلقه الله تعالى، والّذي أراد له أن يتحرك في خط التعارف من خلال هذا التنوع.
وأشار سماحته إلى دور العقل في أن يقتحم الظواهر النفسية والفكرية والسياسية والدينية، لينفذ إليها ويحرّك عناصرها في عملية حوارية منتجة تقود إلى الإبداع بدلاً من أن تفضي إلى التنازع والتقاتل والتحاقد.
ورأى أن مسألة الحوار هي مسألة الإنسانية كلّها في حركتها الساعية إلى الإبداع والتطور، وعندما تتوقّف حركة الحوار على مستوى الجماعات والأفراد، وحتى على مستوى حوار الإنسان مع الكون، فإنّ الشلل يصيب الحياة، كما أن الحوار يمثِّل الوسيلة الأساسية لحل المشاكل، لأنَّ العنف الذي يستهدف إلغاء الآخر، هو حركة تدميرية تعقّد حياة البشر ولا تحل مشاكلهم، ولذلك شدَّد الإسلام على أن لا ننطلق بالعنف في مواجهة الآخر إلا في الإطار الدفاعي والوقائي، بينما أفسح في المجال لكل أنواع الجدال والحوار بما يؤسس للتفاهم والتعارف والتقارب، لأن المناخات التي يصنعها الحوار كفيلة بأن تجذب أصحاب القناعات المتباعدة والآراء المتضادَّة وإن لم تؤدِّ إلى تفاهم تام.
ورأى سماحته أن على الطبقة السياسية في نماذجها التي أدمنت صنع المشاكل والأزمات في لبنان، أن تتنازل عن كبريائها وأطماعها لمصلحة الأجيال الشابة الجديدة، التي من حقها أن تسهم في بناء لبنان جديد يتمرَّد على حالات الشحن والحقد التي تُنتجها القيادات المتخاصمة والمتقاتلة، والتي تربك البلد بمواقفها وكلماتها المتعصبة وأوضاعها المعقدة.
وشدَّد سماحته على أن ما يحصل في المنطقة والعالم ينبغي أن يشكل الحافز للبنانيين لترتيب أوضاعهم الداخلية والشروع في حلّ مشاكلهم الكثيرة وأزماتهم السياسية والاقتصادية والمعيشية.
وأكّد سماحته أننا نرحب بكل مسعى لترتيب العلاقات السياسية والأمنية وحل المشاكل المعقَّدة بين كل الأطراف في لبنان، مشيراً إلى ضرورة أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم في رفد حركة المصالحات وتوفير أفضل المناخات، وصولاً إلى الحلول التي تريح الناس جميعاً، وتضع حداً للمشاكل الأمنية وغير الأمنية التي تربك أوضاع الناس في الشمال وغيره.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 8-9-1429 الموافق: 08/09/2008

6 سبتمبر 2008

فضل الله في الإفطار السنوي لجمعية المبرات الخيرية:
نعيش في أزمة أخلاقية كبرى على المستوى السياسي والشعبي ونظام المحاصصة أسقط الحوار الجدي

ألقى سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، كلمة في إفطار جمعية المبرات الخيرية، والذي أقيم غروب يوم الخميس في مبرة السيدة خديجة على طريق المطار بحضور فاعليات سياسية وممثّل لرئيس مجلس النواب، وعدد من الوزراء والنواب ورؤساء الحكومة السابقين، ولفيف من العلماء وشخصيات دبلوماسية وممثل عن الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، وشخصيات اجتماعية وتربوية وفكرية واقتصادية وحشد من المواطنين، جاء فيها:

إن واحدة من بين المشاكل الخطيرة التي نعيشها في واقعنا اللبناني تتمثل في المشكلة الأخلاقية، وأنا أزعم أننا نعيش في أزمة أخلاق ليس على المستوى الاجتماعي فحسب، بل حتى على المستوى السياسي والمستوى الوطني العام.
ولا نريد أن نرمي باللائمة على النظام الطائفي وحده ولا على دوره الخطير في إذكاء نيران هذه المشكلة التي تتصل بجذور تربوية وبيئية واجتماعية، وتنطلق من البيت إلى المدرسة والشارع والمجتمع الأوسع. ولكن نظام المحاصصة عمل على تعميق هذه المشكلة وتركيزها إلى المستوى الذي باتت فيه التشوهات القيمية والأخلاقية محميّة، ولها حرّاسها ومحاموها والمدافعون عنها من الشخصيات السياسية البارزة في الدولة، إلى من هم في حركة المسؤولية السياسية والاجتماعية.
لقد استطاع نظام المحاصصة، أو ما يُعبّر عنه بالنظام الطائفي، أن يقبض على مفاصل الحركة الاجتماعية والأخلاقية في البلد، إضافةً إلى سيطرته على مفاصل الحركة السياسية، بالطريقة التي جمّد فيها الكثير من الاندفاعات الذاتية للإصلاح والتغيير، ليفرض أدبياته القاتلة وأخلاقه المشوّهة على واقع الحركة الرسمية والشعبية في لبنان.
إن ثمّة أزمة خطيرة أظنّها من أخطر الأزمات التي تعصف بلبنان في هذه الأيام، تتمثل في تمكّن نظام المحاصصة والمشرفين عليه من إسقاط كل محاولات الحوار وفرص التلاقي والتشاور والجدال بالتي هي أحسن على المستويات الشعبية، حيث أن الإنسان اللبناني الذي اشتهر بانفتاحه ورحابة صدره وفي كونه حوارياً بامتياز أغلق الأبواب الطائفية والمذهبية والحزبية على نفسه، وقرر ألا يدخل في حوار جدي مع أخيه ومواطنه، وربما حتى مع من يتشارك معه شظف العيش وهموم الحياة، لأن العناوين العامة التي رسمتها الخطوط الطائفية والمذهبية والتي عمّقتها الممارسات السياسية وركّزتها الطبقة التي تدير سياسة الدولة ـ ولا أتحدث عن مرحلة بذاتها ـ خلقت خطوط تماس داخلية منعت اللبنانيين حتى في مستوياتهم الشعبية، بمن فيهم أولئك الذين عاشوا العمر بعضهم مع بعض، من إطلاق الحوار في مجالاته الرحبة وآفاقه الواسعة.
ولذلك، فإننا في الوقت الذي قد نحترم كل المواقف والكلمات الداعية إلى الحفاظ على نظام الحريات في لبنان ورفده بالمزيد من القوانين التي تحميه وتؤكد على فرادته في المنطقة، إلا أننا ندعو إلى دراسة دقيقة لمسألة الحرية في لبنان، وهل هي حريّة مسؤولة أو أن ضوابطها الطائفية والمذهبية والحزبية تتغلب على ضوابطها الأخلاقية.
كما أننا نعاني من أزمة تربوية حادّة انطلقت في بعض جوانبها من افتقادنا للقدوة الصالحة والمرجعية الشريفة في مواقع الدولة المتعددة، وعندما رأى الناس نماذج سياسية غير صالحة، وشخصيات إدارية غير ناضجة تفرض نفسها عليهم بأدبياتها السيئة وعصبياتها القاتلة، عملوا على تقليدها في ظلّ نظام يحرس التخلف ويحمي الفاسدين والفاشلين، ويضع الأسوار الطائفية والمذهبية التي تمنع من محاسبتهم، ولذلك اهتزّت أركان الدولة، ليس على مستوى القوانين ـ في كثير من تجلياتها المذهبية ـ بل على مستوى الإنسان الذي خرّبته الممارسات السياسية العصبية، وإن تحدث هذا المسؤول أو ذاك عن الالتزامات الوطنية، فإننا نرى أن الوطن هو آخر من يحضر، حتى في اللقاءات الرسمية والندوات السياسية التي تتحرك فيها الدولة بمؤسساتها المتعددة.
ولذلك، فإننا بحاجة إلى إعادة إنتاج لصيغة الحوار، أو لصيغه الكثيرة، على المستوى الشعبي، قبل أن تنطلق عجلة الحوار على مستوى الطبقة السياسية، ولا أقول إن علينا تجميد حركة الحوار الوطني، فنحن في أمسّ الحاجة إلى أي نوعٍ من أنواع الحوارات على المستوى الداخلي، وخصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة والصعبة التي نمرّ بها في المنطقة وفي ظلّ التطورات العالمية المتصاعدة، ولكنني أقول للطبقة السياسية اللبنانية العليا على مستوى الدولة والأحزاب، إن عليها أن تتحمل المسؤولية في وقف هذا الشحن الذي يدفع ثمنه الفقراء الذين باتوا يمثلون الأغلبية الساحقة في كل الطوائف، كما أدعو الشعب إلى أن يتحرر من كل دعاة الفتنة والمحرضين عليها، ومن أولئك الذين يعتبرون أنهم حققوا نصراً ذاتياً كلما طوّقوا مبادرة للحوار هنا وحلقة للقاء هنا، وكلما أعادوا الساحة إلى غرائزها وعصبياتها وأحقادها.
أيها الأحبة، إننا نعيش وسط خضم سياسي وأمني هادر على مستوى المنطقة، واضطراب سياسي حادّ على مستوى العالم، كما نعيش في فوضى ذاتياتنا وعصبياتنا، فعلينا أن نعيد بناء ذاتنا على المستوى الأخلاقي في لبنان قبل أن تأكل الآثام السياسية التي اقترفها الكبار البقية الباقية من طهر الطبقة الشعبية اللبنانية بكل مكوناتها وأطيافها وألوانها السياسية والمذهبية والطائفية.
السيد فضل الله لوكالة الأنباء الإخبارية الآذربيجانية:
الذين منعوا التفاهم الوحدوي الإسلامي من الامتداد
في واقع المسلمين، هم الذين شعروا بخطر هذا التفاهم على مصالحهم المذهبية
عن الحوار الإسلامي ـ الإسلامي، بما فيه الشيعي ـ السلفي، وما شهدته الساحة اللبنانية من تفاهمٍ بين حزب الله والتيار السلفي، والذي جُمِّد قبل إطلاقه، وعن العقبات التي تواجه مشروع الاتحاد السني ـ الشيعي، وكيفية التواصل بين الديمقراطية والإسلام، وعن إجراء مفاوضات دينية بين الدول العربية والإسلامية وإسرائيل... حاورت وكالة الأنباء الإخبارية الآذربيجانية، العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، فكان هذا الحوار:
س: إلام تعزو تجميد التفاهم بين حزب الله والتيار السلفي؟ وما هو السبب الذي يدعو الطرفين إلى عدم إكمال هذا الاتفاق؟
ج: لقد كنت من الداعين إلى حوار إسلامي ـ إسلامي، بما قد يتضمّنه ذلك من حوار بين الشيعة والوهابية، من أجل دراسة النصوص الإسلامية في الكتاب والسنّة، التي قد يختلف الاجتهاد لدى الطرفين في تقويم تفسيرها وفهم معانيها، ولتوثيق الأحاديث النبوية المروية عند الجانبين، ودراسة شرعية رأي الصحابة وحديث الأئمة من أهل البيت(ع) حول بعض الموضوعات التي تصدر الفتاوى الشرعية المتعلقة بها، حتى لا تصدر كلمات التكفير والتضليل من هنا أوهناك ضد أتباع هذا المذهب أو ذاك، كما يحصل الآن من قِبَل بعض المسلمين الذين يستحلّون دماء مسلمين آخرين، الأمر الذي قد يستغلّه الاستكبار العالمي من جهة، والواقع التبشيري من جهةٍ أخرى، بما يؤدي إلى إثارة الفتنة بين المسلمين.
وقد ساهم ذلك في تحريك الفوضى العامة والحقد الدفين والعصبية العمياء، كما أدّى إلى إيجاد كثيرٍ من الأوضاع السلبية في الواقع الإسلامي في لبنان، بما تثيره اللعبة السياسية التي تحركها بعض الدول الإقليمية المهتمة بإثارة الفتنة بين المسلمين من أجل الحصول على بعض المكاسب السياسية، وذلك انطلاقاً من ارتباطها بالسياسة الأمريكية التي بشّر رئيسها جورج بوش بالفوضى البنّاءة التي تدفع الصراع إلى المستوى الذي قد يؤدي إلى الاقتتال بين أبناء الدين الواحد والوطن الواحد، وذلك بتوظيف بعض الشخصيات السياسية المرتهنة لأمريكا وحلفائها الذين يتحرّكون بالعصبية العمياء ليحقّقوا من خلال ذلك زعاماتهم المذهبية أو الطائفية.
وقد حاولت بعض الشخصيات الإسلامية أن تلتقي في ساحة التفاهم على الثوابت الإسلامية التي تجمع المسلمين وتدعوهم إلى الحوار فيما بينهم في المسائل الخلافية على المستوى العقيدي وفي الأوضاع السياسية، مؤكِّدين روحية السلام الاجتماعي والأمني بين المسلمين، وهذا ما تمّ التفاهم عليه في الوثيقة الوحدوية بين حزب الله وبعض الجمعيات السلفية، ليكون ذلك أساساً لتفاهمٍ أوسع، ولقاء أشمل، وتجاوزاً لما حدث في الماضي من المشاكل المثيرة للأوضاع السلبية بين السنة والشيعة.
وقد أيّد الكثيرون من المسلمين في لبنان وبعض البلاد العربية هذه الخطوة الوحدوية الجريئة، ولكن بعض المواقع السياسية المستفيدة من تعاظم العصبية بين المسلمين، إضافةً إلى بعض المحاور الرَّسمية في بعض البلدان العربية التي توظف الخلاف المذهبي لحساب خطوطها السياسية، ولاسيما أنّ المرحلة القادمة هي مرحلة انتخابات، والجميع يعمل على الاستفادة من هذا التوتّر المذهبي الذي ينطلق من بعض التراكمات التاريخية المعقدة، للحصول على أصوات الناخبين من أهل السنة بحجة اختراق الشيعة للمجتمع السني، إنّ هؤلاء اعتبروا هذا التفاهم يمثّل خطراً على المذهب والمذهبيين.
وخلاصة المسألة، إن الأطراف الذين يقفون ضد التقارب بين المسلمين ويرفضون اعتصام الجميع بحبل الله خدمةً لطموحاتهم السياسية ولارتباطاتهم الدولية، هم الذين منعوا هذا التفاهم الوحدوي الإسلامي من الامتداد في واقع المسلمين، ومن أن يؤدي دوره الجهادي السياسي ضد الاستكبار والصهيونية، كما أن التخلّف الذي يسيطر على المجتمعات الإسلامية، قد ساهم في الاندفاع للأخذ بأسباب العصبية التي قال الرسول الأعظم عنها إنها في النار.
س: ما هي المشاكل التي تواجه العلاقات السنية الشيعية، وما الذي يعرقل الاتحاد بينهما؟
ج: إنّ ما يثير المشاكل في العلاقات بين السنة والشيعة، التي تمنع الاتحاد بينهما، والتكامل في أوضاعهما ومصالحهما العامة على الصعيد الاستراتيجي في الثقافة والأمن والسياسة والاقتصاد، هو استعادة الماضي البعيد الذي انطلقت فيه الاختلافات المذهبية، وتحريكه في الواقع الحاضر بالطريقة التي تشغل المسلمين عن قضاياهم الحيوية وأوضاعهم المصيرية، والاستغراق في التاريخ المعقد بعيداً عن الحوار الموضوعي الإسلامي الذي أراد الله للمسلمين في كتابه أن يأخذوا به في قوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول}، لنعرف المضمون العقيدي والشرعي والفكري لما أراده الله في كتابه في معاني آياته، ولما أراده الرسول(ص) في سنّته.
وقد استطاع الاستكبار العالمي، وفي مقدّمه أمريكا، والدكتاتوريات المسيطرة على بلاد المسلمين، والتابعة للسياسة الأمريكية، والمنفتحة على الصهيونية اليهودية، أن يستفيدوا من جهل المسلمين من العامة منهم، ومن تخلّف القائمين على شؤون الدعوة والتبليغ في قيامهم بالمسؤولية عن الأمة الإسلامية، مما يحيط بها من الأخطار الكبرى التي تدفع المستكبرين لاحتلال بلدانها، ونهب ثرواتها، وتمزيق وحدتها، وإثارة الفتن المتنوعة في ساحاتها.
س: هناك تباين بين الإسلام والديمقراطية، وهما مبدآن غير متوافقين، فكيف ترى إلى ذلك؟ وما هو الشيء الضروري للتواصل بين الديمقراطية والإسلام؟
ج: إن هناك بعض الخطوط الثقافية التي تختلف فيها الديمقراطية عن الإسلام، وهناك بعض الوسائل السياسية التي تلتقي ـ من خلالها ـ بها، أما في الجانب الثقافي، فإن القاعدة الفكرية التي ترتكز عليها الديمقراطية هي اعتبار أنّ الأكثرية هي التي تمنح الشرعية لأي شريعةٍ أو خط حركي أو مفهوم عملي، بحيث لو رفضت الأكثرية الشريعة الإسلامية في قوانينها وخطوطها الحركية ومفاهيمها العملية، لكانت غير شرعية، بل تكون الشرعية في الجانب المضاد لها، بينما تؤكد القاعدة الإيمانية الإسلامية، أن ما جاء به الكتاب والسنّة في نصوصهما القانونية والثقافية والحركية، هو الذي يمثل الشرعية التي لا بد للمسلمين من أن يأخذوا بها، حتى لو كانت الأكثرية على خلافها، وهذا ما جاء في قوله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنةٍ إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}، وقوله تعالى: {فلا وربّك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلّموا تسليماً}. وقد تحدث القرآن عن أن الأكثرية لا تمثل الحق دائماً، وأن الأقلية لا تمثل الباطل دائماً، بل لا بد من دراسة القضايا على أساس ما جاء به الكتاب والسنّة.
س: يعتبر المحللون السياسيون الغربيون، أنّ الأمة الإسلامية تحتاج إلى إصلاحات كثيرة للتغلب على العقبات بين المسلمين والغرب، ما هو رأيكم في ذلك؟ وهل الأمة الإسلامية تحتاج اليوم إلى إصلاحات؟
ج: إننا نعتقد أن هناك أكثر من مشكلة في واقع الأمة الإسلامية، سواء في قضايا الحكم الذي يسيطر عليه الظالمون التابعون للغرب وللسياسة الأمريكية التي وظّفتهم لإبقاء التخلف في واقع المسلمين خدمةً لمصالحها الاستراتيجية، أو في المفاهيم التي فرضها الغرب على الأمة، مما يتنافى مع القيم الإسلامية والتشريعات القانونية، إضافةً إلى الفساد الداخلي الذي يتحكم بالواقع الاقتصادي والاجتماعي، بما يجعل المسلمين يبتعدون عن القيم الأخلاقية والروحية والشرعية، وهو ما يتمثّل أيضاً بالعصبيات القبلية والعنصريات الإنسانية على مختلف المستويات.
إن الأمة الإسلامية بحاجة إلى إصلاحات كثيرة في كل مواقعها، ولكن ذلك لا بد من أن ينطلق من الخط الإسلامي الأصيل في مستوى العلاقات وحقوق الإنسان، لا على أساس الخطوط الحضارية الغربية المختلفة عن الأسس الحضارية للإسلام.
س: إذا كان الإسلام لا ينفي الحوار بين الأديان، بحسب رأيكم، فلماذا لا تجرى مفاوضات بين الأقطار العربية وإسرائيل على الصعيد الديني؟
ج: إن الإسلام هو دين الحوار فيما يختلف فيه الناس على المستوى الديني في التعدد بين الأديان، وعلى المستوى الثقافي في تنوعات الخطوط الثقافية، وعلى المستوى السياسي في الاختلافات السياسية بين الشعوب والدول والأحزاب والأفراد، ولا مشكلة عندنا في الحوار مع اليهود والنصارى والهندوس والبوذيين، وحتى مع العلمانيين، ولكن مسألة إسرائيل ليست مسألةً دينيةً، بل هي مسألة سياسية، باعتبار أن اليهود احتلوا فلسطين وطردوا أكثر الشعب الفلسطيني من أرضه ورفضوا عودته إلى بلاده، في الوقت الذي اعتبروا فلسطين وطناً قومياً لليهود، وأكدوا أن إسرائيل هي دولة يهودية لا حقّ للمسلمين ولا للنصارى في الانتماء إليها، وما زالوا يحتلون أكثر هذه الأرض بشكل مباشر وغير مباشر، ويقومون بقتل المدنيين من النساء والأطفال والرجال بالأسلحة المدمّرة التي منحتهم إياها أمريكا، ويحاصرون شعبها، فيمنعون عنه الماء والكهرباء والدواء والغذاء، ويصادرون أراضيها في مستوطناتهم وفي الجدار الفاصل.
إن المسألة بيننا وبين إسرائيل ليست حواراً بين اليهودية والإسلام، ولكنها مسألة صراع بين الظالم والمظلوم، ومن المؤسف أن أكثرية العالم المستكبر يقف مع اليهود ضد الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين.
وإننا نسأل الشعب الآذربيجاني: ما هو موقفهم من أية دولة قد تحتل بلدهم، أو من شعب قد يطردهم من أرضهم؛ هل يلجأون معه إلى الحوار أم يلجأون إلى المقاومة...؟ هذا هو الموقف الإسلامي الإنساني الذي لا يحمل الحقد ضد الإنسان اليهودي المسالم، ولكنه يواجه الاحتلال بالمقاومة الشعبية المتنوعة، من أجل أن يحصل الشعب الفلسطيني على حريته، ومن أجل أن لا تهدده الدولة اليهودية بأسلحتها الأمريكية المدمّرة، وسلاحها النووي المخيف.

أجرى المقابلة: علويا صاديخوفا
استقبل مخزومي الذي تحدث عن تقسيم مغانم وأرزاق لكسب المواقع الانتخابية
فضل الله: الوحدة والأمور المعيشية أولوية

استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، رئيس حزب الحوار الوطني، فؤاد مخزومي، على رأس وفد من الحزب، حيث تمّ التداول في الأوضاع الداخلية، والسبل الآيلة إلى تفعيل حركة الحوار الداخلي، والحفاظ على الوحدة الداخلية، والعمل على تضميد الجراحات وحماية الوحدة الإسلامية، إضافةً إلى رصد آفاق المرحلة المقبلة بتداعياتها السياسية والانتخابية داخلياً، والتأثيرات الإقليمية والدولية المتوقعة عليها.
وأكد سماحة السيد فضل الله خلال اللقاء أن الأولوية ينبغي أن تكون في نطاق تعميق أجواء الوحدة على المستوى الإسلامي واللبناني العام، والتصدي لكل محاولات الشحن الطائفي والمذهبي، من خلال القيام بخطوات ميدانية وعملية على المستوى الشعبي، الأمر الذي قد يفسح في المجال لجعل اللقاءات الحوارية الرسمية والسياسية منتجةً، وليتم التصدي لحل المشاكل المعيشية والاجتماعية الصعبة.
وشدد سماحته على مسؤولية الشخصيات والأحزاب والقوى الوحدوية في تحقيق هذه الأهداف، على الرغم من صعوبة المهمة نظراً إلى وجود الكثير من المحاور والجهات الخارجية الساعية لإبقاء الأجواء الداخلية متوترةً وغير مستقرة.
من جهته، أكد مخزومي، بعد اللقاء، أن الزيارة كانت لتهنئة سماحة السيد فضل الله بحلول شهر رمضان المبارك، مشيراً إلى أن المواطن اللبناني يستغرب الوضع السياسي الناشىء بعد اتفاق الدوحة، ولا يعرف إلى أين تتجه الأمور، حيث تزداد الأمور صعوبةً، وخصوصاً الوضع الاجتماعي والمعيشي، وحيث الوضع الحكومي غير مستقر، وهناك اختلافات ومشاكل على تقسيم الأرزاق والمغانم والمكاسب من أجل كسب المواقع الانتخابية لسنة 2009، وكل الخطابات التي نسمعها لا تأخذ الوضع الاجتماعي للناس في الاعتبار.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 4-9-1429 الموافق: 04/09/2008