31 أغسطس 2008

انتقد عملية طرد "لابيفار" ورأى أن فرنسا تخاطر بسمعتها الإعلامية والسياسية لحساب إسرائيل
فضل الله: الفرنسيون يقاربون قضايا المنطقة والمسألة اللبنانية من زاوية الأمن الإسرائيلي


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً تناول فيه مسألة تعاطي السلطات الفرنسية مع "الأقلام الحرة" والصحافيين الفرنسيين الذين ينتقدون إسرائيل، وعلى رأسهم "ريشار لابيفار" وما تعرض له من عملية طرد، جاء فيه:
أظهرت التجارب الأخيرة أن السلطات الفرنسية ـ ومنذ وصول ساركوزي إلى الحكم ـ كانت مخلصة لإسرائيل ربما أكثر من أخلاصها للقضايا والمصالح الفرنسية، إلى المستوى الذي بدأنا نشهد فيه نوعاً جديداً من الملاحقة والمطاردة للإعلاميين الفرنسيين الذين يمارسون أي نوع من أنواع النقد الذي يوجه إلى إسرائيل في مجازرها وظلمها وقمعها للشعب الفلسطيني أو في الجدار العنصري العازل وما إلى ذلك من أمور تتصل بنقد السياسة الإسرائيلية.
ولعلّ من اللافت أن تبتدع فرنسا ـ ساركوزي أساليب جديدة في حركتها القمعية للصحافة تتمثل في معاقبتها لهذه الأقلام الحرة تحت عناوين مسلكية أو إدارية، كما جرى مؤخراً مع رئيس التحرير في إذاعة فرنسا الدولية "ريشار لابيفار"، لتثبت لإسرائيل أنها تفوّقت على من سبقها في إزاحة رموز الإعلام الحر في بلادها بهذه الطريقة التي لا نرى مثيلاً لها إلا في الأنظمة الديكتاتورية القمعية.
لقد كنّا نشعر ـ منذ البداية ـ بأن رئيساً يعتز بكونه صديقاً وفيّاً لإسرائيل، ويعتبرها معجزة القرن العشرين، لا بد من أن يتحرك في نطاق الدعم السياسي لهذا الكيان الذي مثّل معجزة شيطانية وإجرامية وإرهابية بحق في جرائمه الكبرى ضد الفلسطينيين واللبنانيين والمصريين وغيرهم، ولكننا اعتقدنا بأن فرنسا لن تتخلى عن الحدّ الأدنى من اللياقة واللباقة في التعاطي مع الأمور التي تتصل أولاً وآخراً بمبادىء ثورتها، وعلى رأسها حرية التعبير، ولن تخاطر إلى هذا الحد في العمل على طمس شخصيتها الوطنية لحساب كيان جسّد قمة الظلم في الاعتداء على حقوق الإنسان وطرد شعب كامل من أرضه وقتل الآلاف المؤلفة من أطفاله ونسائه وشيوخ بدم بارد.
إننا نلاحظ أن فرنسا ـ من خلال حكومتها الحالية ـ بدأت تخاطر بسمعتها الإعلامية والسياسية وبتاريخ الكثير من رموزها في مسألة احترام حقوق الإنسان وفي عناوين الحرية والعدالة والمساواة لحساب سمعة إسرائيل، وهي لم تعد تلاحق الناس تحت عنوان معاداة السامية فحسب، بل قفزت إلى الواجهة في استخدام أساليب سياسية تطوّق حرية التعبير مباشرة للتأكيد على الولاء الأعمى لإسرائيل، وغير آبهة بأية حركة عربية أو إسلامية مضادة، ربما لأنها تنظر إلى العالم العربي والإسلامي من زاوية ضيقة، أو أنها تعتبر أنه يعيش في حال من عدم التوازن وانعدام القوة، وبالتالي فلا حضور لقضاياه في الذاكرة السياسية الفرنسية، ولا احترام لما يقارب من سبعة ملايين عربي ومسلم يحملون الجنسية الفرنسية.
إننا عندما نستمع إلى وزير الخارجية الفرنسي وهو يتحدث عن روسيا كدولة خارجة على القانون الدولي، نتساءل: لماذا لا يحرص المسؤولون الفرنسيون على تطبيق القانون الفرنسي إذا كانوا عاجزين عن إلزام الدول الأخرى باحترام القانون الدولي، وخصوصاً أن الجميع يتحدث عن الدور الذي قامت به زوجته، والتي سمّاها هو لهذا المنصب ـ في طرد الإعلامي "لابيفار"؟ ولماذا لا تقدم السلطات الفرنسية نموذجاً في تطبيق القانون من خلال احترامها لمواطنيها ولحقوقهم في التعبير والكتابة، أو أن هذه اللافتة المسماة حرية التعبير لا تستخدم إلا عندما يُهاجم الإسلام ويتم العمل على تشويه صورته عبر الإعلام الغربي، وعندما يطالب المسلمون بمعاقبة من يقوم بذلك يُقال لهم: إن قوانيننا لا تسمح بذلك.
إن السلطات الفرنسية الحالية تؤكد من خلال تصرفاتها حيال الأقلام الإعلامية الحرة في بلادها ما قاله الباحث الفرنسي "باسكال يونيفاس" قبل سنوات بأنه من غير المسموح أن يتم انتقاد إسرائيل في فرنسا، وهو الأمر الذي يطرح علامة استفهام كبيرة حول حقيقة الدور الفرنسي في المنطقة، حيث يبدو أن الإدارة الفرنسية الحالية بدأت تتلمّس لنفسها دوراً من خلال الدائرة الإسرائيلية، ما يستدعي إعادة قراءة سياسية وعملية لهذه الحركة الفرنسية ولزيارات المسؤولين الفرنسيين إلى المنطقة، والذين يجعلون أمن إسرائيل في رأس أولوياتهم، حتى في مقاربتهم للمسألة اللبنانية ولعلاقاتهم مع الدول العربية وعلى رأسها سوريا.
إننا في الوقت الذي نشعر أن الإدارة الفرنسية قد بدأت تنحدر ـ في مسألة حرية التعبير ـ إلى المستويات الموجودة في كثير من دول العالم الثالث، لا بل إلى ما هو أدنى من ذلك في بعض الحالات، نأسف لهذا السقوط الفرنسي أشد الأسف، وندعو للتعامل معه بما يستحق، ولكن في إطار الردود العلمية الموضوعية في الحركة السياسية والإعلامية وعدم الإساءة، أو التطرف في ذلك، وعدم السير في الخط نفسه الذي سلكته وتسلكه السلطات الفرنسية في قمعها للإعلام وحرية التعبير، لأن المطلوب من العرب والمسلمين أن يؤكدوا لشعوب العالم أنهم الأكثر إصراراً على احترام هذه الحرية من خلال قواعدهم الشرعية وتراثهم الفكري والحضاري.
وندعو حركات الممانعة، والطلائع المثقفة والواعية في بلداننا، ومنظمات حقوق الإنسان، وكل المنظمات المعنية بالدفاع عن الصحافيين والإعلاميين إلى تبنّي قضية رئيس تحرير إذاعة فرنسا الدولية الذي طرد من عمله وزملائه الذين تعرضوا إلى ما تعرض إليه دونما ذنب إلا لقولهم كلمة الحق وعلى رأسهم صاحب كتاب (حائط شارون) "آلان مينارغ"، ونقول للعرب والمسلمين: لقد كان تاريخكم هو تاريخ الوقوف مع المظلوم ضد الظالم، فعليكم أن تؤكدوا ذلك في الوقوف مع هؤلاء الذين أخذوا على عاتقهم أن يقفوا مع قضاياكم كونها تمثل قضايا الحق والعدل، وإن أي خذلان لهم يمثل خطيئة كبرى تمسّ قضاياكم وقضايا الحرية والعدالة قبل أن تمسهم شخصياً أو تنال من سمعتهم ومكانتهم.
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 29 شعبـان 1429 هـ الموافق: 31/08/2008 م
فضل الله: الاثنين الأوّل من أيلول أوّل أيّام شهر رمضان المبارك

أعلن العلامة المرجع، السيّد محمّد حسين فضل الله، أنّ الاثنين الواقع فيه الأوّل من أيلول/2008م هو أوّل أيّام شهر رمضان المبارك، وذلك استناداً إلى الحسابات الدقيقة لإمكانيّة الرؤية؛ وذلك في كلّ أنحاء العالم.
أصد ر سماحته بياناً جاء فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى
وبعد، فقد ثبت لدينا بالموازين الشرعية الاجتهاديّة أنّ أوّل شهر رمضان المبارك هو يوم الاثنين المصادف للأوّل من شهر أيلول، وذلك استناداً إلى حسابات أهل الخبرة الدقيقة لإمكانيّة رؤية الهلال؛ وذلك في كلّ أنحاء العالم. سائلين الله تعالى أن يعيده على العالم الإسلاميّ بالخير والنصر والبركة وأن يجمع كلمة المسلمين ويوحّد مواقفهم، ويزيل الفتن من مجتمعاتهم، ويحرّر بلادهم من الاحتلال الصهيوني والأمريكي والبريطاني والحلف الأطلسي وسائر القوى الاستكباريّة، وأن يكون شهر خيرٍ وانفتاح بين اللبنانيّين جميعاً.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 23-8-1429 هـ الموافق: 25/08/2008 م
دعا للخروج من عقدة الذنب وبناء استراتيجية دفاعية صلبة تواجه استراتيجية العدو الهجومية العدوانية
فضل الله: لا أحد في العالم يضمن لنا أن العدو لن يعتدي مجدداً على لبنان


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً تناول فيه التطورات الأخيرة في القوقاز، جاء فيه:
إنّ التطورات الأخيرة التي طفت على سطح الأزمات السياسية العالمية، وخصوصاً ما يجري في القوقاز، فيما يشبه الحرب الباردة بأوجه وشعارات ومعطيات جديدة، وتحفز أقطاب دولية للعودة إلى الواجهة، واحتدام الصراع الدولي ووصول المسألة إلى مستويات الصراع المباشر أمنياً وعسكرياً، بعد التصعيد على الجبهات الاقتصادية والسياسية... إن ذلك كله يدفعنا كشعوب، وخصوصاً الشعوب العربية والإسلامية إلى التفكير ملياً في الأسس والوسائل والأساليب التي ينبغي اعتمادها للخروج من دائرة التجاذب، وصوغ استراتيجية جديدة تجعلنا نخرج من دائرة الاستخدام التي أبقتنا لعقود خلت كأحجار شطرنج يُحركّها الكبار على طريقتهم، ليستخدموا الشعوب كأدوات في صراعهم.
ولا يعني ذلك أن تبتعد الشعوب وقوى الممانعة وحركات المقاومة عن إمكانية الاستفادة من عودة التجاذب في المواقع الدولية الكبرى وتراجع الدور الأميركي حيال ما يسمى "قيادة العالم"، ولكن على أساس أن يتم ذلك من خلال دراسة دقيقة لساحاتنا وللتوازنات الدولية والإقليمية، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن عودة التفاهم بين من يسمّون بـ"الكبار" سوف تعني أن الشعوب المستضعفة هي التي ستدفع الثمن، ومن هنا وجب علينا التدقيق في معطيات الأحداث الدولية الأخيرة والنتائج التي قد تتمخض عنها.
ومن هذا المنطلق ندعو إلى مقاربة جديدة لمسألة الاستراتيجية الدفاعية في لبنان، سيما وأننا نشهد حالة تسلح عالمية جديدة، ونلمح إصراراً من كثير من الدول على جعل نطاقها الأمني يتعدى حدودها الجغرافية وحتى القارية، ونرصد رؤية إسرائيلية تنظر إلى أن الأمن الإسرائيلي يصل إلى حدود روسيا، ونشهد معاهدات دولية وتوزيع للصواريخ الأميركية في أوروبا تحت عنوان التهديد الإيراني بما يشير إلى حركة استعداد عالمية غير مسبوقة للانخراط في مناخ من الاضطراب السياسي الذي يصاحبه تلويح مستمر باستخدام القوة.
إن هذه الأجواء وما يرافقها من تهديد إسرائيلي جدي بشن حرب جديدة على لبنان وعلى بنيته التحتية واعتبار "كل الدولة اللبنانية هدفاً" يدفعنا إلى الدعوة للبحث عن أسس صلبة للاستراتيجية الدفاعية التي قد ينطلق الحوار حولها قريباً، وعدم النظرة إلى السلاح المقاوم كعبء ينبغي التفريط فيه أو التخلص منه، إلى جانب التدقيق ملياً في التهديدات الإسرائيلية المتلاحقة كونها تمثّل من جهة دخولاً على خط الحوار الداخلي وإثارة للوضع اللبناني الداخلي ومحاولة للضغط عليه، ومن جهة أخرى كونها تتصل بحركة العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، وتطلع العدو إلى احتفاظه بحرية الحركة في الأجواء اللبنانية وحتى في البر والبحر، حيث يستمر في احتلاله لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا ويرفض الانسحاب من الغجر، ويحاول الدخول إلى قلب طاولة الحوار اللبناني الداخلي كعامل ضاغط بأكثر من اتجاه.
إنّنا نقول للبنانيين بأنه لا يوجد في طول هذا العالم وعرضه أحد يستطيع أن يُقدّم ضمانة للبنانيين بأنّ العدو لن يجتاح لبنان أو يعاود عدوانه من جديد، خصوصاً وأن هذا العالم وقف مع العدو في عدوانه في تموز 2006، وحاول تبرير كل المجازر التي ارتكبها ضد المدنيين كما برر تدمير البنية التحتية اللبنانية، وساهم في منع الوصول إلى وقف إطلاق نار حقيقي ليترك الأمور مشرعة أمام العدو فيختار ما يراه مناسباً لاستراتيجيته العدوانية، وقد سمعنا من بعض الدول التي ساهمت في "اليونيفيل" كلاماً واضحاً عن أنّ هذه المساهمة هي لحماية إسرائيل، كما صرّحت بذلك المستشارة الألمانية "ميركل"، ونحن في هذه الأيام لا نسمع كلمة استنكار واحدة حيال الخروقات الإسرائيلية الجوية شبه اليومية... إنّ هذا الواقع يدفعنا للتأكيد على بناء القوة اللبنانية الدفاعية بشكل فعّال لردع العدو ومنعه من اقتراف حماقات جديدة، فإذا كان العالم يبرر لإسرائيل استراتيجية هجومية عدوانية ضدنا، فلماذا تحكمنا عقدة الذنب في أن نبني استراتيجية دفاعية صلبة وقوية لا يدور الحديث فيها حول السلاح، بل حول الطريقة التي يُستخدم فيها ضمن الحسابات الوطنية الأساسية؟
إنّنا لا نريد للبنان أن يتحوّل إلى محزن لسلاح المنطقة، ولا أن يكون البؤرة المتفجرة في حمّى صراعاتها، ولكنّنا نرفض أن يكون ممراً ومستقراً ومطمعاً للمحتل يغزوه ساعة يشاء، أو أن يكون مستودعاً لمشاريع وتحالفات تناقض مشروع الدولة وقضايا الأمة، بل نريده أن يظل مرهوب الجانب، ليصنع سلامه من خلال قوته الذاتية ووحدته الداخلية، خصوصاً وأننا رأينا من خلال التجارب السابقة أن العرب هم أضعف بكثير من أن يصنعوا سلام لبنان ـ وإن ساهم بعضهم بتبريد أزمته ـ أو أن يعملوا لإخراجه من مشاكله الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، لأن بعضهم ساهم في تفاقم هذه المشاكل وتعقيدها، ولذلك فإننا مضطرون للعمل على أساس أن نقلّع شوكنا بأظافرنا.
أمّا الذين يتحدثون عن المجتمع الدولي فنسألهم: هل يمكن أن يقوم هذا المجتمع بتزويد الجيش اللبناني بالسلاح المتقدم المتطور الذي يستطيع أن يدافع فيه عن وطنه؛ وأن يردع العدو ويمنعه من التفكير مجدداً بغزو لبنان؟. فإذا كان الجواب سلبياً، وهو ما تؤكّده الوقائع والتجارب، فإنّ المسألة تقتضي إعداداً لبنانياً شاملاً، ودقيقاً، وحاسماً على كافة المستويات.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 22-8-1429 هـ الموافق: 24/08/2008 م
شدد على أن يستتبع أي تقارب سياسي اجتماعي محاولات مسؤولة فكرياً وثقافياً وعقائدياً
فضل الله: نرحّب بأي تقارب سني ـ شيعي يواجه التكفيريين والغلاة وصنّاع الخرافات
أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً رحّب فيه بالتوافق بين الأطراف الإسلامية السنية والشيعية، جاء فيه:
إننا ننظر إلى أي توافق يتمّ على الساحة الإسلامية وإلى أي تقارب، وخصوصاً بين السنة والشيعة، نظرةً إيجابية عموماً، وندعو إلى التعامل مع هذا التقارب بروح إيجابية حتى لا تبقى اللقاءات مجرد كلمات كتبت أو مواقف صدرت، بل ترقى إلى مستويات التعاون العملي الذي تتم ترجمته على مستوى الواقع في حركة تواصل وتنسيق يحترم فيها كل فريق الفريق الآخر ولا يسيء إليه أو إلى مقدساته ورموزه وخصوصياته.
ونحن في الوقت نفسه، ندعو كل العاملين للإسلام إلى رصد هذا التقارب وما يحمله من إيجابيات في محاولة لتعميمه في الساحة الإسلامية كلها، وحتى في الساحة الوطنية، وملاحقة ما فيها من سلبيات للعمل على معالجتها بالطريقة التي تحفظ توازن الساحة الإسلامية والوطنية على السواء، لأن أي تقارب يُفضي إلى التعهد بعدم الاعتداء ويجمع صفوف المسلمين ولا يفرقها يمثّل حماية للدين الحنيف وللمجموعات الإسلامية وللمجتمع المدني كله، وقد شهد النبي(ص) حلف "الفضول" الذي يمنع بموجبه أي فريق من الاعتداء على فريق آخر ويجعل القبائل تقف مع المظلوم ضد الظالم، وقال لو دعيت إلى مثله في الإسلام لفعلت... فكيف إذا كانت المسألة تتصل بحفظ المسلمين ورصّ صفوفهم ومنع الفتنة التي يروج لها المستكبرون من أن تأكل الأخضر واليابس في واقعهم.
لقد كنّا نقول دائماً، إن الأساس الذي يجمع المسلمين هو الوثيقة الإلهية المتمثلة في القرآن الكريم وفي سنّة النبي(ص). قال تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول}، ومن الأهمية بمكان أن تنزل هذه الآية إلى الواقع العملي، بحيث نخرج من حالة الشعار والعناوين العامة إلى ساحة التلاقي حول النقاط المشتركة ـ وهي كثيرة ـ للعمل في سبيل تجسيد العزة الإسلامية في صعيد الواقع.
ولذلك، فإننا نؤكد ضرورة أن يستتبع أي تقارب على المستوى السياسي والاجتماعي العام محاولات مسؤولية لتأكيد الوحدة انطلاقاً من الخطوط الثقافية والفكرية والعقائدية التي أكّدها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، لأن ذلك هو الذي يحمي أية حركة للتقارب والتعاون، ويؤصّل انطلاقاتها ويفتح الآفاق الرحبة لتحقيق أهدافها وغاياتها.
وإننا نرحّب بأي سعي جدي لمواجهة الجماعات والحركات والتوجهات التكفيرية وصنّاع الأساطير والخرافات، ومنتجي الغلو والتطرّف داخل الساحة الإسلامية الشيعية والسنية، لأننا نرى في هؤلاء الخطر الداهم على الإسلام والمسلمين وعلى الأمة كلها والدين كله، وقد عانينا من هؤلاء كثيراً في محاولاتهم المستمرة لتضليل وتفسيق وتكفير من يختلف معهم في الرأي، ونريد لأي توجّه يسعى لمواجهة هؤلاء أن ينطلق من قاعدة إسلامية أصيلة يتوحّد فيها السنة والشيعة، وينزل فيها الدعاة والعاملون إلى الميدان ليواجهوا كل أساليب السبّ والشتم واللعن والتكفير بحملة ثقافية إسلامية مدروسة تستهدي كلام الإمام علي(ع): "احصد الشرّ من صدر أخيك بقلعه من صدرك".

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 17-8-1429 هـ الموافق: 19/08/2008 م
دعا المقاومة في لبنان للحفاظ على جهوزيتها التامّة استعداداً لأي عدوان إسرائيلي محتمل
فضل الله يرى في التطورات الدولية الأخيرة سقوطاً مريعاً للأمم المتحدة ويدعو الشعوب لحماية نفسها والبحث عن بدائل


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً علّق فيه على تطورات الأحداث الدولية الأخيرة، وما وجد فيه سقوطاً مريعاً للأمم المتحدة، جاء فيه:
لقد أظهرت الأحداث التي جرت في العقود الأخيرة، وفي الولايتين الأخيرتين للرئيس الأمريكي جورج بوش، على وجه التحديد، مدى الضعف الذي أصاب الأمم المتحدة، وإخفاقها في أن تعالج الأزمات الدولية أو أن تحمي الشعوب والدول الصغيرة في زحف الدول الكبيرة عليها لمصادرة خيراتها وثرواتها وقراراتها، وحتى إسقاط أنظمة الحكم فيها، أو دعم هذه الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لدول أخرى تسير في فلكها وتختزن رؤية سياسية مشابهة لها ومتممة لمصالحها، وهو ما تجلّى بشكل خطير في الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل لتمارس أكبر عمليات القتل والاجتياح ومصادرة الأراضي، كما فعلت في فلسطين المحتلة وجوارها وفي حروبها الإرهابية وجرائمها الوحشية كالذي حدث في تموز من العام 2006 في حربها على لبنان.
وإنّ أحداث العقد الأخير الذي شهد الغزو الأمريكي لأفغانستان، ومن ثم للعراق والذي حصل بعيداً عن أية تغطية من الأمم المتحدة نفسها، حيث أكد الأمين العام السابق للمنظمة الدولية، كوفي عنان، أن الحرب على العراق لم تكن شرعية... وغيرها من الأحداث في فلسطين المحتلة وجنوب لبنان والصومال... تؤكد سقوط الأمم المتحدة سقوطاً مريعاً لحساب الاستراتيجيات التي رسمتها الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي عملت من خلال مجلس الأمن على إفراغ حركة الأمم المتحدة من مضمونها وإسقاط الأهداف التي من أجلها جرى تأسيس المنظمة الدولية لحماية الأمن والسلم العالميين، ولحفظ حق الشعوب في تقرير مصيرها، وصون أرضنا، والحفاظ على سيادتها، وليست التطورات الأخيرة التي حصلت في جورجيا وأبخازيا ببعيدة عن هذا الواقع، بعدما سعت الإدارة الأمريكية لتحريك الكثير من النزاعات وفق خططها الرامية إلى الضغط أكثر على الدول التي تحاول منعها من العودة إلى موقع القيادة في العالم وعلى رأسها روسيا، واستخدام الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية كوسيلة لتحقيق ذلك، وتطويق الدول الخارجة عن هيمنتها بهذه العناوين وغيرها...
لقد تحوّلت الأمم المتحدة، وخصوصاً في السنوات الأخيرة، إلى وسيلة تستخدمها الإدارة الأمريكية المحافظة لقمع الشعوب واجتياح المزيد من البلدان وشرعنة فظائع الاحتلال، وبذلك كفّت المنظمة الدولية عن أن تقوم بأبسط واجباتها تجاه هذه الشعوب وبرز ضعفها تارةً عند اختلال الموازين الدولية وسيطرة نهج القطب الواحد، وطوراً عندما استعاد بعض الأقطاب الدوليين شيئاً من توازنهم ففشل مجلس الأمن حتى في إصدار قرار واضح حول بعض الأحداث كما في الحرب الروسية الجورجية الأخيرة.
إن هذه الحقيقة تؤكد ضرورة أن تتحرك الشعوب، وخصوصاً شعوب العالم الثالث والعالمين العربي والإسلامي والدول المنضوية تحت لواء دول عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية، في سياق محاولات عملية تؤدي إلى تغييرات جذرية في طريقة التعاطي مع ما يقرره الكبار في مجلس الأمن، لأن ما يقررونه لا يأخذ مصالح الشعوب في الاعتبار، وأن يبدأ العمل الجدي لإصلاح الأمم المتحدة وإصلاح نظامها الذي بات عبئاً على الشعوب بفعل سيطرة الدول الدائمة العضوية على مجلس الأمن وبالتالي تحكمها بقرارات الحرب أو السلم في العالم، أو العمل لبناء مؤسسة دولية بديلة تستطيع حماية السلم والأمن العالميين، وتطبيق العدالة بعدما أخذت الاستنسابية طريقها المدمّر في القضايا الدولية وخضعت المعالجات السياسية لمعايير مختلفة ومتباينة تبعاً لمصالح دول الاستكبار ومن يدور في فلكها.
لقد فشلت الولايات المتحدة الأمريكية في قيادة العالم، وأدخلت الأمم المتحدة في أنفاق فشلها عندما عملت على إخضاعها لبرنامجها السياسي وأجندتها الأمنية الأمريكية الإسرائيلية، ولذلك فإن الحاجة تبدو ماسّة ـ وسط هذا المناخ من حال الفوضى والاضطراب الدولي ـ للبحث عن البدائل التي تحفظ للشعوب حقوقها وتمنع الدول الكبرى ودول الاستكبار العالمي من اجتياحها ومصادرة خيراتها وثرواتها وقراراتها.
وعلى دول الممانعة وحركات التحرر أن تضاعف من جهودها لحماية نفسها وشعبها وسط هذه الأجواء الدولية المعقدة، وعلى المقاومة في لبنان أن تحافظ على جهوزيتها واستعدادها في عالمٍ لا يحترم إلا الأقوياء، ولا يحفظ للضعيف حقوقه، ولا يريد لدولنا وشعوبنا أن تستمر إلا من خلال مصالح الكبار، وخصوصاً أننا نرصد استعداداً إسرائيلياً كبيراً للقيام بعدوان جديد على لبنان عندما يشعر العدو بأن الفرصة باتت مؤاتية، وأن اللبنانيين ينامون على حرير الوعود الدولية بأن إسرائيل لن تسعى لاجتياح لبنان وتدميره مرة أخرى.
إننا في ذكرى انتصار لبنان ومقاومته على العدو، نريد للجميع أن يعملوا على تعزيز الوحدة اللبنانية الداخلية وتوفير المناخات السياسية الوحدوية التي تحفظ السلم الأهلي في مواجهة المتربصين به، وتضع البلد على سكة المواجهة الحقيقية مع العدو التاريخي له وللأمة ولكل الأحرار.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 15-8-1429 هـ الموافق: 17/08/2008 م
دعا إلى رسم استراتيجية دفاعية داخلية ضد مرتكبي الجرائمإلى جانب الاستراتيجية الدفاعية لمواجهة العدو
فضل الله: مصالح متداخلة بشكل معقّد بين جهات استكبارية وأخرى متطرفة لضرب الجيش وتفجير البلد


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً تناول فيه تطورات الأحداث الأخيرة في لبنان، وخصوصاً جريمة طرابلس الأخيرة، وجاء فيه:
إذا كان من العجالة بمكان أن نعمد أو يعمد بعضنا إلى تسمية الجهة التي قامت بهذا الاعتداء الآثم على الجيش اللبناني، وعلى اللبنانيين جميعاً، فإننا نستطيع ـ في المقابل ـ أن نجزم بأن هذه الجريمة قد استطاعت أن تدخل على خط الخلافات اللبنانية الداخلية وأن تعبث بالوضع الداخلي، مستفيدةً من التوترات المتفاقمة داخلياً، والسجالات الأخيرة التي فاقت حدود التصور في هذا الانزلاق بالخطاب السياسي الداخلي إلى أدنى المستويات.
إن ذلك يؤكّد أن الأطراف التي تصنع الجريمة في لبنان تعرف كيف تتعامل مع مجريات الأحداث الداخلية، كما تعرف كيف تستغل التوقيت السياسي الذي تجده مناسباً لاستغلال السطحية التي تتحرك فيها الطبقة السياسية اللبنانية في شكل عام، وكل ذلك في سبيل تعميق الخلافات الداخلية ومنع اللبنانيين من اجتراح الحلول اللازمة لمشاكلهم، أو إخماد الحرائق السياسية التي توفر المناخات الملائمة لحرائق أمنية متنقلة على هذه الشاكلة وغيرها.
إننا نعتقد أن هناك الكثير من الجهات التي لا تريد للبنان أن ينطلق بجيشه ومقاومته وشعبه من موقع واحد، وأن لا يكون على أهبّة الاستعداد لمواجهة أي عدوان إسرائيلي قادم، وخصوصاً في ظلّ التهديدات الإسرائيلية الأخيرة، لأن هذه الجهات تريد للبلد أن يبقى مضطرباً من الناحية الأمنية، ومهتزاً على المستوى الاقتصادي، ومتوتراً وغير مستقر من الناحية السياسية، ما يفسح لها في المجال أكثر للعبث بالأوراق الداخلية والإمعان في ربط البلد بمشاكل المنطقة وتعقيداتها، وخصوصاً الأمنية منها.
إننا في الوقت الذي نأمل أن لا يتم وضع ما حدث (الاعتداء في طرابلس) في خانة السجال السياسي الداخلي المتفاقم من باب تسجيل هذا الطرف أو ذاك النقاط على الأطراف الآخرين، إلا أننا ندرك جيداً أن هذا السجال يؤمّن المادة الخام السياسية التي ينفذ من خلالها المجرمون للاعتداء على الجيش والشعب والمؤسسات، كما ندرك أنّ ثمة مصالح متداخلة بطريقة معقدة بين جهات دولية استكبارية وجهات متطرفة، حيث تسعى تلك الجهات لتغيير عقيدة الجيش اللبناني وجعله ينخرط في صراعات داخلية تصرف توجهه عن الحفاظ على وحدة الموقف في مواجهة العدو الإسرائيلي، كما تسعى جهات أخرى لجعله يفقد توازنه الأمني والعسكري ويسقط كمؤسسة راعية للسلم الأهلي الداخلي، فتسقط معها الآمال بحلحلة المشاكل الداخلية المتراكمة، وتنطلق مناخات الفتنة التي تريد هذه الجهات أن تنمو وتتمدد من خلالها لتواصل مسلسلها الإجرامي.
إننا، وأمام هذه الجريمة المروّعة، نقول للبنانيين بكل أطيافهم السياسية وانتماءاتهم الحزبية والمذهبية، لقد أثبت الآخرون أنهم قادرون على التعامل بحقد وحرفنة مع مشاكلكم وتعقيداتكم، فعمدوا إلى صبّ الزيت على النار وإلى نكأ الجراح بهذه الطريقة الوحشية، فهل أنتم في صدد الردّ على هؤلاء من خلال السعي الجاد للحفاظ على هذه الوحدة بالإقلاع عن تلك السجالات التي أنهكت اللبنانيين وفاقمت من أزماتهم، وبالإسراع في معالجة الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية التي يدخل المعتدون من نوافذها للعبث بالداخل، وبالعمل على نزع الألغام السياسية الكثيرة وتفكيك الملفات الأمنية المعقدة قبل أن يخترقها هؤلاء فيعملوا على تفجير البلد في مواقع ومناطق جديدة.
إننا ندعو الجميع إلى رسم الأسس الحقيقية لاستراتيجية دفاعية، وربما هجومية داخلية ضد مثيري الفتن ومرتكبي الجرائم، إلى جانب الإعداد الجاري لرسم استراتيجية دفاعية في مواجهة العدو، لأن لبنان يحتاج إلى عناصر أساسية تحمي وحدته من الداخل كما يحتاج إلى قواعد متينة للحفاظ على قلاعه حصينةً ومنيعةً في وجه العدو الإسرائيلي الحاقد والساعي لتكرار عدوانه.
كما ندعو أحبّتنا ومواطنينا في طرابلس والشمال إلى أن ينطلقوا ليكون كل واحد منهم خفيراً لمواجهة كل هؤلاء الذين يتحركون كخفافيش الليل ليزرعوا الجريمة في واقع هذا البلد الآمن الذي لم يتعوّد على مثل هذه الفتن الدامية التي يُراد من خلالها أن يحترق الشمال ومعه الوطن كله.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 12-8-1429 هـ الموافق: 14/08/2008 م
فضل الله تلقّى اتصالاً من الرئيس الفلسطيني

تلقّى سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، جرى في خلاله عرض للأوضاع المعقّدة التي تمرّ بها فلسطين في هذه المرحلة، والحصار الإسرائيلي المتواصل للشعب الفلسطيني، إضافةً إلى الاستحقاقات المصيرية التي تمرّ بها الساحة الفلسطينية.
وقد أثنى الرئيس عباس على مواقف سماحة السيد فضل الله، الذي تمنّى على الأطراف داخل الساحة الفلسطينية كافةً الانتباه إلى لعبة إسرائيل ومشاريعها الهادفة إلى تمزيق الساحة الفلسطينية الداخلية، داعياً إلى مواجهة كل هذه المشاريع من خلال التعاون لتحقيق وحدة الشعب الفلسطيني، لأن الوحدة تمثّل التحدي الكبير للاحتلال الإسرائيلي، وشدد سماحته على أن فلسطين هي أمانة الله في أعناق الجميع.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 27-8-1429 الموافق: 29/08/2008
في معرض استقباله وفداً نسائياً وشبابياً عراقياً
فضل الله: الإدارة الأمريكية تبحث عن أي مستمسك للبقاء طويلاً في العراق


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً عراقياً من مؤسسة الشباب العراقي ومن مؤسسة المرأة العراقية، وضع سماحته في الأجواء التي يعيشها الشعب العراقي على المستويات الأمنية والاجتماعية وغيرها، مستفتياً سماحته في الأمور الشرعية، وسائلاً عن الموقف السياسي الذي ينبغي اتخاذه حيال عدد من القضايا المستجدة على الساحة العراقية، وخصوصاً ما يتعلق منها بالاتفاقية مع قوات الاحتلال.
ورأى سماحته أن الأوضاع الأمنية الصعبة التي انطلقت من خلال الاحتلال من جهة، وانكشاف الأهداف الأمريكية في السعي للسيطرة على نفط العراق وثرواته والعبور منه إلى المنطقة من جهة ثانية، ساهم في توضيح الأمور للكثيرين في العراق الذين اعتقدوا أن أمريكا تمثل خشبة الخلاص لهم، ولذلك فإننا نعتقد أن الشعب العراقي بمختلف أطيافه وانتماءاته المذهبية والعرقية، بات يقف وقفة واحدة ضد الاحتلال، ولن يقر له قرار حتى يتخلص منه.
وأكد سماحته أن اللعبة الأمريكية في مسألة الاتفاقية الأمنية مع السلطات العراقية قد انكشفت تماماً، لأن الإدارة الأمريكية تبحث عن أي مستمسك يعطيها شرعية الاستمرار في احتلالها، وأنها تسعى للعب على المتغيرات للبقاء طويلاً في العراق، كما أنها تعمل لتوفير أكثر المناخات لفوز المرشح الجمهوري في الانتخابات القادمة، من خلال استخدام المسألة العراقية في هذا الاتجاه.
ودعا سماحته الشعب العراقي إلى التعبير في شكل حاسم، وعلى مختلف المستويات، عن رفضه القاطع لأية اتفاقية أو مذكرة مع الاحتلال الأمريكي لا تلحظ جدولة واضحة للانسحاب الأمريكي وبشكل سريع، ونحن نرى أن العراق لن يستقر إلا بخروج المحتل من أرضه.
وشدد سماحته على أن تقوم المرأة العراقية بدورها الريادي على المستويات الثقافية والسياسية والدينية وغيرها، جنباً إلى جنب مع الرجل، لبناء العراق الحر المستقل البعيد من سيطرة الاستكبار، سواء أكانت هذه السيطرة مباشرةً أم غير مباشرة.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 25-8-1429 الموافق: 27/08/2008
في معرض استقباله للقائم بالأعمال الإيراني
فضل الله: إيران تُحسن قراءة التطورات العالمية

استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، القائم بالأعمال الإيراني في لبنان، مجتبى فردوسي بور، حيث جرى عرضٌ للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، ووضع الدبلوماسي الإيراني سماحة السيد فضل الله في أجواء التطورات الأخيرة على صعيد ملف إيران النووي السلمي، وزيارة الرئيس الإيراني إلى تركيا، كما جرى بحث عدد من القضايا الإسلامية العامة.
ولاحظ سماحة السيد فضل الله، في خلال اللقاء، أن الجمهورية الإسلامية في إيران تُحسن قراءة التطورات في المنطقة والعالم، وتعمل لتثمير المناخات السياسية الإيجابية بما يخدم قضايا المسلمين والعرب والعالم الإسلامي عموماً، مشيراً إلى أن التهديدات التي توجّه إلى إيران من مواقع دولية، وخصوصاً من الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى التهديدات الإسرائيلية، تنطلق من حال الإحباط والفشل التي أصيبت بها هذه المواقع في التعاطي مع الملفات المتعلقة بإيران، كما أنها تحمل إيحاءات تستبطن الجوانب النفسية، والضغوط الإعلامية.
ورأى سماحته أن إيران تجاوزت مرحلة الضغوط التي مُورست ولا تزال تمارس عليها منذ ما يزيد على ثلاث سنوات، وخصوصاً في المسألة النووية السلمية، وأنها باتت أكثر قدرةً على التعاطي مع هذا الملف وغيره بما يخدم قضاياها الوطنية والشؤون الإسلامية والعربية بعامة.
ودعا سماحته إلى إنضاج العلاقات الإيرانية ـ العربية على الطريقة الإسلامية في الانفتاح الأشمل والحوار الصريح بما يؤمّن انطلاقة أرحب لها على جميع المستويات، مشدداً على أن يعي العالم الإسلامي ما يحدث من تطورات عالمية، وأن يسعى لحماية مواقعه من خلال تلمّسه لوحدته الداخلية.
من جهته، قال فردوسي بور رداً على سؤال حول التهديدات الإسرائيلية: نحن نعلم أن إسرائيل هي غدّة سرطانية في المنطقة، وبالتالي فإن عدوانها على لبنان المستمر في الاختراقات الجوية وفي احتلالها المستمر لأراضي لبنانية، تعبيرٌ من تعابير ظلمها المستمر والمتواصل، وقد سمعنا من سماحة السيد ما يؤكد أن تهديداتها هي للاستهلاك الداخلي في كيانها الغاصب، ولكن علينا أن نحذر لأن إسرائيل هي عدو ماكر ويعمل دائماً للاستفادة من دروس الماضي، وخصوصاً ما حصل من انكسار لها في حرب تموز من العام 2006، ونحن نريد للمسلمين والعرب أن يتابعوا رصدهم لما تقوم به إسرائيل، ليس في مناطقهم فحسب، بل في مواقع كثيرة في العالم، وخصوصاً في القوقاز، وسعيها الدائم للإضرار بالمصالح الإسلامية والعربية والاعتداء على الأمن الإسلامي والعربي.
برقية من الحريري
وتلقّى سماحة السيد فضل الله، برقية تهنئة بقدوم شهر رمضان المبارك من رئيس كتلة المستقبل النيابية، النائب سعد الحريري.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 23-8-1429 الموافق: 25/08/2008
فضل الله استقبل وفداً من أمل ومدير الوقف الجعفري في العراق
استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً من قيادة حركة أمل، ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، سلّمه دعوةً لحضور ذكرى اختفاء الإمام موسى الصدر في 31 آب في النبطية، وضمّ الوفد عضوي المكتب السياسي الشيخ حسن المصري وعبد الله موسى، وتمّ خلال اللقاء التداول في آخر المستجدات المحلية والإقليمية.
وكان سماحته استقبل مدير الوقف الجعفري في العراق، السيد صالح الحيدري، وعرض معه شؤون الأوقاف، ولاسيما مشروع إعادة إعمار مرقد الإمامين العسكريين(ع) في سامراء، والذي تشرف عليه منظمة الإيسيسكو.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 20-8-1429 الموافق: 22/08/2008
استقبل وفد جمعية التعليم الديني
فضل الله: لرعاية الأجيال القادمة بوتيرة علمية وتربوية متصاعدة
تربط بين التطور والتقدم ولا تتنكر للأصول الإسلامية


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً من الهيئة الإدارية في جمعية التعليم الديني الإسلامي، برئاسة المدير العام للجمعية، الشيخ علي سنان، الذي قدّم لسماحته دعوة إلى رعاية إفطار الجمعية ولإلقاء كلمة فيه، ووضعه في أجواء عمل الجمعية على الصعيدين التربوي والتعليمي.
وأكد سماحته أهمية الدور الذي تقوم به الجمعية على المستوى التربوي، مشيداً بإنجازاتها وتفّوق طلابها في الامتحانات الرسمية، داعياً إلى استثمار ذلك في مجال تعزيز الرعاية الدينية في خطوط الانفتاح والتسامح التي أكدها الإسلام، متمنياً استمرار العمل على رعاية الأجيال القادمة بوتيرة علمية وتربوية متصاعدة تأخذ في الاعتبار أساليب العصر في التطور والتقدم ولا تتنكر للأصول الإسلامية والمفاهيم الدينية القائمة على احترام الإنسان وتعزيز كفاءاته وإمكاناته بما يخدم المجتمع والوطن.


مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 19-8-1429 الموافق: 21/08/2008
استقبل وفداً من فاعليات منطقة جبيل
فضل الله: لبنان يستحق جهود الجميع لإعادته إلى أحضان المحبة وإبعاده عن خطوط الحقد


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً من وجوه وفاعليات منطقة جبيل، برئاسة القاضي الشيخ يوسف عمرو، شكره على اهتمامه ببلدة جبيل من خلال المشروع الذي أنجزته جمعية المبرات الخيرية في البلدة، والذي يتضمن مدرسة ومسجداً وحسينية ومركزاً ثقافياً ومستوصفاً.
وتحدث باسم الوفد الأستاذ كميل حيدر، شاكراً سماحة السيد على اهتمامه بالمنطقة، مشيداً بالمشروع الذي يمثل معلماً حضارياً وإنسانياً وتربوياً، مشيراً إلى أن الطريقة التي أشيد فيها هذا المشروع تفتح صفحات خالدة من حضارتنا ونمو ثقافتنا بوجهها الإبداعي الهندسي الذي تضاف إليه المسألة الثقافية، ليغدو المشروع صرحاً نموذجياً للعلم ودستوراً للثقافة والحضارة الراقية التي جسدتموها في انطلاقاتكم الفكرية والثقافية والحركية.
وأكد سماحته للوفد أن ما تقوم به جمعية المبرات الخيرية في رفد المسيرة التربوية والثقافية والعلمية في منطقة جبيل وفي إحياء حركة التواصل العلمي والانفتاح الثقافي بين أبناء الوطن الواحد يمثل جزءاً من رسالتها الإسلامية والتي لا ينفصل الجانب الإسلامي فيها عن الجانب الوطني، لأننا نعمل جميعاً لبناء لبنان من خلال الإنسان المنفتح على الآخر في حركة المذاهب والطوائف وفي الدوائر السياسية والثقافية المختلفة.
وشدد سماحته على أن يشترك الجميع في مسيرة البناء، وفي العمل لإعادة اللحمة بين اللبنانيين جميعاً، لأن هذا البلد يستحق منا جميعاً أن نبذل كل ما نستطيع لنعيده إلى أحضان المحبة واللقاء بعدما حاول الكثيرون أن ينفتحوا به على خطوط الحقد والضغينة والبغضاء.


مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 19-8-1429 الموافق: 21/08/2008
شدّد على أن اللقاءات والمصارحات تقود للتصحيح وأن التباعد يقود إلى التراشق
فضل الله لدى استقباله وفداً علمائياً من بيروت: علينا أن نكون وحدويين على مستوى الممارسة

استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً من علماء بيروت برئاسة الشيخ هشام خليفة، حيث جرى بحثٌ في الأوضاع الإسلامية العامة، وسبل توحيد الصف الإسلامي، وخصوصاً بعد أحداث أيار الأخيرة في بيروت.
وأكد سماحة السيد فضل الله في خلال اللقاء أن مسيرة الوحدة الإسلامية قد تكون مسيرة شاقّة ومتعبة للعاملين فيها، بالنظر إلى تراكمات التخلف وإلى الإثارات والحساسيات التي تعمل الكثير من الجماعات ومراكز الدراسات والقوى الاستكبارية على نبشها من التاريخ لدفع المسلمين إلى التقاتل والاحتراب، ولكن العمل في خط توحيد المسلمين وفي نطاق هذه المسيرة هو أفضل الأعمال التي يتقرّب فيها الإنسان المسلم إلى ربّه، وإن رجمه الناس بالحجارة، أو لاحقته سهام المشككين والمتربصين شراً بالإسلام والمسلمين.
أضاف: إن مسألة الوحدة الإسلامية تقتضينا أن نجمّد الكثير من العناوين لمصلحة العمل في نطاق النقاط المشتركة وهي كبيرة جداً في ما بين المسلمين، وأن نعمل على تثقيف القواعد الشعبية بثقافة الحوار والكلمة السواء التي أكدها القرآن الكريم، وأن ننزل جميعاً إلى الأرض لنكون وحدويين على مستوى الممارسة، لا أن نرجع من لقاءاتنا ومؤتمراتنا إلى بيوتنا ونحن نختزن روح الحقد على الآخر أو نضع الشقاق والخلاف كأولوية بدلاً من أن نعمد إلى ترجمة الأفكار الوحدوية، وخصوصاً في مجال الهوة وتقريب وجهات النظر واحترام الآخر في فكره واقتناعاته وخصوصياته.
وتابع: إننا نريد للعلماء المسلمين من السنة والشيعة أن يتحاوروا كعلماء في القضايا التي هي محل جدل وخلاف، لا أن تغلب على حواراتهم المجاملات، أو أن يعملوا على حرق المراحل بالتأكيد الدائم على التزام العناوين العامة والابتعاد عن رسم الخطوط التفصيلية للحوار، لأننا نريد للحوارات الإسلامية أن تؤسس لحال من بناء الثقة من خلال القاعدة التي تقول: "نتعاون في ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً في ما اختلفنا فيه"، وليستمر الحوار حتى في الأمور المختلف عليها، ولنكون الأمة التي تعرف كيف تتفق وتعرف كيف تختلف.
وشدد سماحته على أننا باللقاء والمصارحة نستطيع أن نصحح بعضنا لبعض، أما التباعد فلا يقودنا إلا إلى التراشق والتباغض، مشيراً إلى أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع لتضميد جرح بيروت وغيره من الجروح، لأن الجميع يعرف أن هناك عدواً إسرائيلياً يتربص بنا الدوائر ويكيد للأمة كلها، إضافة إلى محاور الاستكبار الساعية لتدمير الإسلام كله، ولذلك فإن كل من ينفخ في البوق المذهبي ويعمل على إثارة الفتنة بين المسلمين يخدم هؤلاء الأعداء من حيث يدري أو لا يدري.
من جهته أكد الشيخ هشام خليفة في تصريح له أن الغاية من زيارة سماحة السيد محمد حسين فضل الله، وخصوصاً في هذه الظروف، لا تخفى على أحد، وهي ضرورية لأن سماحته يمثل الفكر المنفتح الواسع وفكر التلاقي والوحدة، وهذا ليس بالجديد عليه، وقد تكلمنا مع سماحته في هذه القضية وبلغناه تحيات صاحب السماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني، الذي يُقدّر تماماً العمل الوحدوي والفكر الوحدوي لسماحة السيد فضل الله، وقد ناقشنا مع سماحته ما يدور حول ما حدث في بيروت، وهذا الجرح الذي يجب أن نعمل جميعاً على معالجته ورأب الصدع، لأنه لا يستفيد من أي صراع شيعي ـ سني إلا العدو، وإن كانت هناك من آلام فيجب أن تعالج في قنواتها السياسية والاجتماعية والدينية والعلمائية، ومن خلال الجمعيات واللقاءات وهذا قدر وليس خيار، وعلينا أن نجتمع ونتلاقى وأن نعالج كل المشاكل، وأن نكون في مستوى المسؤولية التي تواجه عدواً خطيراً كإسرائيل.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 18-8-1429 الموافق: 20/08/2008
شدد على أن يستفيد لبنان من المرحلة الجديدة في المنطقة لجعل الحوار الداخلي منتجاً
فضل الله: نخشى من قيام العدو بمحاولات اغتيال جديدة لأنه لا يرتاح لاستقرار الساحة الداخلية

استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً من طلاب الجامعات في لبنان، تحدث باسمه الطالب عباس المعلم الذي ألقى كلمة حيا فيها الوقفة العظيمة الداعمة للمقاومة من قبل سماحة السيد فضل الله، الذي مثّل الأبوة والحكمة في احتضان المجاهدين،
وفي السهر على الوحدة الإسلامية والحرص على وحدة اللبنانيين التي كانت الأساس المتين الذي انطلق منه المجاهدون ليهزموا إسرائيل.
وأكد تجديد التحية لسماحة العلامة فضل الله من طلاب الجامعات في لبنان بذكرى الانتصار على العدوان الإسرائيلي لأنّه يمثِّل الشخصية الوطنية والإسلامية الجامعة والمحتضنة للجميع في خط حماية لبنان وصون وحدته.
وتحدّث سماحة السيد فضل الله في الوفد فأشار إلى أن الشباب، وخصوصاً الشباب الجامعي، يمثِّل طاقة الأمة التي يمكن لها من خلال انفتاحها على القضايا الكبرى وعلى مسؤولياتها تجاه مجتمعها أن تنتج حركة مبدعة في ميادين العلم والثقافة والسياسة وغيرها.
ودعا سماحته الشباب الجامعي إلى التمرد على ثقافة التبعية العمياء، وإنتاج ثقافة إبداعية تفيد الأمة في قضاياها وتصنع الفارق من خلال الروح التجديدية الإبداعية التي لا تتنكر للأصول ولكنّها تعمل على اختراق الحواجز المصطنعة وعلى الاستفادة من أساليب العصر في نقل الفكر الإسلامي المبدع والخلاق إلى كل الأرجاء.
أضاف: إننا نطل على مرحلة جديدة على مستوى العالم كلّه، وعلى مستوى المنطقة ولبنان، وقد بدأنا نسمع من بعض المحاور الدولية خطاباً مغايراً يدعو إلى الحوار وحل المشاكل الدولية بالتفاوض بدلاً من التقاتل فيما يوحي بضعف هذه المحاور وتراجع مشاريعها، وفي الأخص المشروع الأميركي، وهو ما ينبغي لقوى المقاومة والممانعة في المنطقة وللشعوب العربية والإسلامية أن تتعامل معه بالطريقة التي يحفظ قضاياها ويعيد التوازن لموقفها في مواجهة محاور الظلم والاستكبار.
وتابع: إن النظرة التي استهلكها العالم العربي عن إسرائيل أنّها تمثل مجتمعاً قوياً متماسكاً ومتضامناً، أقله على المستوى الأمني والعسكري، هي نظرة غير دقيقة وغير موضوعية، لأننا نشهد اهتزازاً على المستوى السياسي والاجتماعي في هذا الكيان يطل على المسألة الأمنية وغيرها، الأمر الذي يفرض مقاربة أخرى للعدو ترصد عناصر قوته ومواقع ضعفه والأثر الكبير الذي تركته المقاومة والانتفاضة فيه وجعلته يشعر بخطورة ما يستقبله في المستقبل المنظور وفي قادم الأيام.
ورأى أن المرحلة الجديدة التي بدأت تبرز ملامحها في المنطقة ينبغي الاستفادة منها ومن ظروفها الملائمة في لبنان إلى أبعد الحدود، لجعل الحوار اللبناني الداخلي حواراً منتجاً، ولجعله يؤسس لمناخات بناء الثقة بين الجميع بما يُعيد حركة التعاون إلى جسم الدولة ويؤسس لتوافق حقيقي بين الفئات السياسية الأساسية.
وشدّد سماحته على ضرورة أن يسعى الجميع لرفد حركة هذا الحوار، محذراً من أن العدو قد يعمل على تعطيله بوسائله التدميرية المعروفة والوسائل الأمنية منها بخاصة، لأننا نخشى أن يتحرك العدو في عمليات اغتيال تستهدف الشخصيات السياسية وكوادر المقاومة ليحاول إثارة الضوضاء في الداخل، لأنّه لا يرتاح إلى استقرار الساحة اللبنانية الداخلية، وخصوصاً بعدما تبلورت نظرة هذه الساحة حيال مشروع مواجهة العدو، والاستعداد الداخلي لمواجهة أيّ عدوان قد يستهدف لبنان.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 16-8-1429 الموافق: 18/08/2008
يمكن أن تكون التعددية في لبنان نعمة كبرى إذا أحسنّا استثمارها
فضل الله مستقبلاً وفداً عكارياً: عكار توأم الجنوب والبقاع في الحرمان


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً من هيئة علماء المسلمين في عكار، ضمّ الشيخ مروان الرفاعي، والشيخ منذر الزعبي، اللذين وضعا سماحته في الأجواء التي تعيشها عكار على المستويين السياسي والاجتماعي، والسبل التي ينبغي على علماء المسلمين أن يسلكوها لتعزيز الوحدة بين المسلمين وحمايتها.
وتحدّث الشيخ مروان الرفاعي فقال:
تشرفنا بزيارة سماحة السيد فضل الله، المرجعية الإسلامية الكبيرة التي يحترمها علماء السنة والشيعة، وقد وضعنا سماحته في المساعي التي يبذلها المخلصون لحماية خطوط الوحدة بين المسلمين، ومنع أية جهة من اختراق هذه الخطوط وتجاوزها، كما بحثنا مع سماحته في أوضاع عكار وبعض الأمور التي استوجبت منا أن نطرق أبواب بعض المرجعيات الدينية التي أبت أن تستجيب لطلبنا، وقد سألنا سماحته: هل يحتاج العلماء إلى جلسة حوار كما السياسيين للمصارحة والمصالحة، وحتى لمعالجة بعض الأمور ذات الطابع الاقتصادي.
أضاف: إن عكار ترفض الطائفية والمذهبية التي يدعو البعض إليها، وهي محافظة على العيش المشترك، وعلى صداقتها للشقيقة سوريا، لأنها تأبى أن تكون سوريا عدواً وإسرائيل صديقاً...
من جهته، شدد سماحة السيد فضل الله على أن عكار تمثل توأم الجنوب والبقاع في الحرمان وفي الإهمال الذي زحف إليها من خلال التقصير الذي تراكمت مشاكله في العهود المختلفة، مشيراً إلى أن الحرمان صنع الكثير من المآسي للبنانيين، ولكنه أوجد ما يشبه الوحدة في هذه النتائج القاسية والمدمرة التي انعكست على العائلات اللبنانية، بصرف النظر عن انتمائها الديني أو المذهبي... مؤكداً أن قضايا اللبنانيين في مواجهة الحرمان والتقصير وإهمال الدولة والمعنيين هي قضايا واحدة، كما أن قضاياهم في مواجهة أعداء لبنان والعرب والمسلمين وعلى رأسهم العدو الإسرائيلي ينبغي أن تكون واحدة، لأن من أبشع الأمور وأفظعها أن يوضع أصحاب القضية الواحدة في مواجهة بعضهم بعضاً أو أن ترتفع متاريس التقاتل والتدابر بين الفقراء الذين يعيشون الهمّ الواحد ويتطلعون إلى المستقبل الواعد.
ورأى سماحته أن عكار هي موقع من المواقع الإسلامية واللبنانية التي تحتاج إلى احتضان الجميع لها لتكون قلعة حصينة من قلاع الوحدة الإسلامية والوحدة الوطنية بدلاً من إدخالها في أتون الخلافات السياسية الداخلية، مشدداً على أن التعددية في لبنان يمكن أن تكون نعمة من النعم الكبرى في حال استثمرت في خط الحوار والانفتاح، حتى وإن كانت التعددية تخلق بعض الحساسيات. ولكن المشكلة هي في سعي الكثيرين لتعقيد المواقف بين هذه الفئة أو تلك تحت عناوين التعددية مع كونها تختزن كماً هائلاً من عناوين اللقاء والحوار.
وقال سماحته: نريد للشمال، وخصوصاً طرابلس التي تمثل العاصمة الثانية للبنان، أن تعيش أجواء السلام الداخلي فيلتقي فيها المسلمون والمسيحيون على أساس من التعاون والتواصل والتكامل في خدمة المستقبل الذي ينفتح على الحلول الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمواطنين جميعاً، لأن التجربة دلّت على أن التنازع والتقاتل تحت أي عنوان وفي أي محور من المحاور لا يعود بأية نتائج إيجابية على أحد، بل يفضي إلى نتائج سلبية كبيرة على أوضاع المواطنين ووضع البلد، ولاسيما فيما يتطلع له الجميع من سعي لإيجاد مناخات إيجابية تمهّد لحلول واقعية للمشاكل التي قد تأتي من الداخل والخارج.
وشدد سماحته على دور الوحدة الإسلامية وانفتاح المسلمين بعضهم على بعض لإيجاد قاعدة إسلامية تنفتح على القاعدة الوطنية حتى لا تستغل بعض المواقع الإقليمية والدولية الخلافات فيما بين المسلمين أو بينهم وبين المسيحيين لإسقاط قضايا البلد المصيرية.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 10-8-1429 الموافق: 12/08/2008

12 أغسطس 2008

مشكلة اللبنانيين أنهم حزبيون بلا ثقافة
فضل الله: المسيحيون أصيلون في المنطقة ويلزمهم القيام بعملية نقد ذاتي

استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، قبل ظهر اليوم، في دارته بحارة حريك، نقيب المحررين الأستاذ ملحم كرم، وأعضاء مجلس النقابة والمستشارين، حيث كانت جولة أفق في موضوعات الساعة.
وقد استهلّ النقيب كرم اللقاء بكلمة قال فيها: نلتقي اليوم إنساناً من القادة البارزين في مجال الهدى والتنوير، وله أيدٍ بانية في المجال الفقهي والتربوي والإنساني والروحي والعلمي، وهو مؤمن بما قاله الإمام علي(ع): "نعمة الله عليك حاجة الناس إليك".
ثم أجاب سماحته عن الأسئلة التي طرحها الصحافيون، فقال:
إن لبنان لا يزال الساحة التي تلتقي فيها كل أجهزة الاستخبارات، وليس الوطن. كما أن لبنان هو بلد الحرية الدينية والفكرية والسياسية، وأكاد أقول الأمنية.
وأضاف سماحته: لقد تحولت الحرية في لبنان إلى ما يشبه اللعنة، ولكننا نصرّ على التمسّك بها، لأننا نرى أن هذه الحرية التي نتنفّس من خلالها، سياسياً وفكرياً وثقافياً، هي ميزة لبنان التي يفتقر إليها العالم العربي.
وردّاً على سؤال، أجاب سماحته: إن مسؤوليتنا أن نحاول إعطاء اللبناني شيئاً من الوعي حتى نبني وطناً، لأن مشكلة لبنان تكمن في النظام الطائفي الذي كان معبراً للخارج.
وتابع سماحته: إن اللبنانيين حزبيون بلا ثقافة، فعلينا تثقيف اللبنانيين ولاسيما طلاب الجامعات ليفهموا خلفية الشعارات، فلا يكونوا مستعبدين للزعامات الطائفية والمذهبية.
ورأى سماحته أن المشكلة تكمن في أن الزعامات التي كانت سبباً في مأساة لبنان، تمنع الجيل الجديد من إنتاج زعامات شابة جديدة.
ودعا سماحته رداً على سؤال المسيحيين إلى القيام بنقد ذاتي، لأن القضية هي قضية العبقرية المسيحية والعطاء المسيحي والوجود الذي يجب أن يتواصل مع الوجود الإسلامي والعطاء الإسلامي مستعيداً موقعه عند انطلاقة لبنان الاستقلال وما قبله.
وأن لا علاقة للإسلام كدين ومعتقد باستهداف الوجود المسيحي، بل إنّ الفكر التكفيري الذي لا يميّز بين المسيحي والمسلم هو المسؤول عن إنتاج هذا الواقع المؤلم. مجدداً دعوته المسيحيين إلى أن يرتفعوا إلى مستوى المتغيرات الحاصلة في المنطقة.
وقال سماحته: نحن نعتقد أن دور المحرّرين الصحافيين والمحلِّلين أن يفتحوا عقل القارىء على القراءة الواعية لخلفيات الأحداث، فدور المحلِّل والمحرِّر كبيرٌ جداً في تأصيل الفكرة والإضاءة على جوانبها كافة، ومن هذه الأمور التي تمثّل ثقافتنا الإعلامية هي أنه ليس هناك أي شيءٍ لهذه المرحلة محلياً، بل إن المسألة كلها ترتبط بالوضعين الإقليمي والدولي.
وأضاف: إننا نجد في لبنان الساحة التي لا يزال الآخر يتدخّل في شؤونها تحت عناوين مختلفة، ففي الدول التي تُحترَم سيادتها، لا يحقّ للسفير الأجنبي التعليق على قضايا البلد الداخلية. بينما في لبنان نجد الكثير من السفراء الذين يتدخلون في كل شاردة وواردة في المسائل الداخلية، وربما في القضايا الحميمة أيضاً، وقد نجد الإعلام الفضائي اللبناني يستضيف هؤلاء السفراء ليسألهم عن الشأن اللبناني، لتبدو المسألة وكأننا نساعد هؤلاء وغيرهم على إبقاء لبنان ساحة تتحرّك فيها السفارات والاستخبارات، لا للتداول بالمعلومات فحسب، بل لصناعة الوقائع.
واعتبر سماحته: أن علينا أن نعرف أنّ الدول لا تتحرك في لبنان لحساب مصالحنا أو لمصلحة هذه الطائفة وذاك المذهب بقدر ما تتحرّك لحساب مصالحها، كما علينا أن نعرف أن هذه الدول لا تصوغ علاقاتها على قاعدة الصداقة الدائمة أو العداوة المستمرّة. ولكن المسألة بالنسبة إلى أمريكا بالذات هي أنه لا صداقة مستمرة لها ودائمة إلا مع إسرائيل.
وانتقد سماحته محاولة استحضار الماضي في جلسات مجلس النوّاب الأخيرة وعدم النظر في المستقبل، مشيراً إلى أن مسؤوليتنا تكمن في إعطاء اللبنانيين وعياً حضارياً يعين على بناء الدولة على أسسٍ علمية وحضارية متينة.
ورأى أن المرحلة التي نعيشها هي مرحلة دقيقة يضجّ بها العالم بالفتن وحركة الاضطرابات، وأن المسؤولية تقع على عاتق الجميع في جعلِ لبنان يعيش سلامه الداخلي بعيداً عن الرياح الهوجاء التي قد تهبّ عليه من خلال الأعاصير السياسية والاقتصادية والأمنية القادمة بفعل تصادم مصالح الدول، وفي ظلّ الاهتزازات في العلاقات الدولية والإقليمية.
وقال: إن علينا الدعوة إلى المواطنة ليعيش المواطن الشيعي والسني والمسيحي والدرزي في قلب هذه المواطنة، لا أن ينطلق مذهبياً وحزبياً وطائفياً، لأننا بذلك نفتح أعين الخارج على لبنان ونشرّع أبوابه لتحقيق غاياته، لنجد لبنان السوري أو لبنان الإيراني أو لبنان الأمريكي أو الفرنسي أو السعودي، ولا نجد أو نلتقي بلبنان المواطنة المنفتحة على قضايا الإنسان اللبناني بعيداً عن المسمّيات الحزبية والعصبية.
ورأى أن للمسيحيين فضلاً على الثقافة واللّغة العربية، وهو فضلٌ واضحٌ وبيِّن، كما أن أصالتهم تضرب عميقاً في جذور وتراث المنطقة، فلا ينبغي التعامل معهم كدخلاء على المنطقة العربية والإسلامية، ولكنهم كغيرهم يحتاجون للقيام بعملية نقدٍ ذاتي تجعلهم يقفون على دورهم الريادي، ومسؤولياتهم الكبرى التي انطلقوا من خلالها مع انطلاقة لبنان الوطن والدولة.
وحول الوضع في العراق، قال سماحته: ما دامت أمريكا في العراق، فلا مستقبل واضح للعراق، لأن الولايات المتحدة الأمريكية، بإدارتها المحافظة، لا تسمح لأي حكومة عراقية أن تنجح، كما أن الشركات الأمريكية لا تزال تقوم بعملية نهب منظّم للثروات العراقية، ولن يرتاح العراق إلا عندما تكفُّ الولايات المتحدة الأمريكية عن اعتباره جسراً تعبُر من خلاله لتأمين تحقيق مطامعها ومصالحها في المنطقة.
وختم مؤكداً، أن من الصعوبة بمكان أن تقوم الدولة في لبنان إذا كان من يمسك بقرارها يخلص لعلاقاته الخارجية ولارتباطاته بهذا المحور أو ذاك أكثر ممّا يخلص لوطنه وأمّته.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 9-8-1429 الموافق: 11/08/2008
المرجع الإسلامي السيد «محمد حسين فضل الله» لـ«الشرق»:
لا وحدة وطنية بدون وحدة إسلامية
صحيح أن أخطاء حصلت في أحداث أيار هنا وهناك، ولكن علينا تضييق سلبياتها وصولاً إلى التغلب
عليها وحلها

المرجع الإسلامي، السيد محمد حسين فضل الله، استقبل «الشرق» بقلبه الكبير، وعقله المنفتح على الواقع بكل جوانبه وتداعياته.
لقد أراد سماحته أن يرسم خريطةً سياسيةً واضحة المعالم عمّا يجري حول لبنان من أحداث، ليؤسس حديثه عن الواقع اللبناني على حقائق علمية، وليس على افتراضات غير منظورة.
أجرت صحيفة "الشرق" حواراً مع العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، هذا نصّه:

الحرب على الإسلام

* سماحة المرجع الإسلامي، السيد محمد حسين فضل الله، بما أن لبنان أصبح جزءاً من أزمة الشرق الأوسط الكبرى، (والتي تشمل أزمات أفغانستان، باكستان، إيران، العراق، فلسطين، لبنان، الصراع العربي السوري ـ الإسرائيلي، السودان، الصومال)، والتي يمكن اعتبارها أيضاً جزءاً من أزمة تحويل الإسلام الحضاري «إسلام الوسطية والاعتدال» إلى مشكلة أمنية عالمية. في نظر سماحتكم، أين يقع لبنان حالياً على خارطة هذه الأزمة الكبرى في إقليم الشرق الأوسط؟
ـ عندما ندرس الواقع الإسلامي في العالم وفي المنطقة، التي ترتبط فيها الخطوط الدولية وتتصارع، نرى أن هناك حرباً عالمية على الإسلام الحضاري المتحرك من قِبَل الغرب، مع اختلاف المواقع الغربية شدةً وضعفاً، لأنّ المسألة التي تتحرك وترتكز عليها الخلفيات الذهنية الغربية، هي أن الإسلام الحركي المنفتح على الواقع، والذي ابتعد من خلال تحرك طلائعه عن الانكماش والتقوقع في الدوائر الضيقة التي تجعل منه دين عبادة وأخلاقيات غائمة، قد يمثّل خطراً على وجودها، لأنه يجعل من هذا الإسلام قوةً عالميةً بوسطيتها واعتدالها وفكرها الحضاري، وقوةً بشريةً بحسب الحجم العددي للمسلمين الذي يصل إلى ما يقارب المليار ونصف المليار نسمة، مع ملاحظة أخرى غاية في الأهمية، وهي أن ثروات العالم البترولية مصدرها المناطق الإسلامية.
لذلك فهم، وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي، حوّلوا الإسلام إلى العدو الجديد للغرب، فأصبح من خلال هذه النظرة إليه مشكلةً أمنيةً عالميةً تقتضي، في نظرهم، القضاء عليه باعتباره المحرّك لها، وهذا يمثّل اتجاه الإدارة الاميركية الحالية، وهو تدمير الإسلام، وهذا ما قاله لي وأكّده أحد المسؤولين العرب الكبار في جامعة الدول العربية، وهو شخصية غير عادية، حيث قال لي إنه من خلال دراسته لسياسة الإدارة الاميركية الحالية، تبين له أن هذه الإدارة تريد تدمير الإسلام.
هذا هو الجو الذي يسيطر بالواقع الإسلامي، وبعلاقة الإسلام بالغرب الذي يعتبر أن المناطق الإسلامية يجب أن تبقى البقرة الحلوب التي تدرُّ عليه الثروات، وخصوصاً البترولية، ليبقى هو ينعم بالرخاء، لذلك فهو أطبق على أغلب مناطق البترول، وحاول ويحاول أن يلعب بتفاصيلها مما نتابعه بطريقة أو بأخرى يومياً، إضافة إلى أنّ الغرب رأى في بلادنا مواقع استراتيجية مميزة يمكن أن تؤثر في عملية الصراع الدولي في هذه المنطقة الحساسة من العالم، والتي تمثّل عقدة المواصلات البرية والبحرية والجوية بين الغرب وأفريقيا، وبين ما يسمونه الشمال والجنوب، والتي مثلت في الماضي نقطةً مركزيةً حساسةً أثناء الحرب الباردة القديمة ما بين 1945م و1990م، وهذا ما تمثله الآن من حرب باردة جديدة بين الصين وروسيا من جهة، والغرب من جهة أخرى.
هذا كله دفع بالغرب إلى دراسة وتحليل أسباب نقاط الضعف الموجودة في المناطق الإسلامية، التي سببتها تراكمات تاريخية لبعض الأحداث التي غذَّاها ويغذيها التخلف والأمية الثقافية العلمية، وعوامل التفرقة المنبعثة منها، إضافةً إلى التخلف السياسي. واعتماداً على ذلك، حاول الغرب ويحاول إثارة الفتن بين المسلمين، مستغلاً في ذلك بعض الأوضاع السياسية القلقة في المناطق الإسلامية التي يمكن أن تعطى عنواناً مذهبياً في هذا البلد أو ذاك، ولاسيما أن بعض المشرفين على المناطق الإسلامية يعيشون هذه العقدة المذهبية. وقد تحوّلت الفتنة المذهبية إلى حالة دموية من خلال ما تقوم به منظمات التكفير، التي تكفّر المسلمين لمجرد اختلافهم في بعض الأمور التي يثور الجدل حولها، وهو ما نلاحظه في العراق وأفغانستان، وفي بعض المناطق الإسلامية الأخرى، خصوصاً من خلال العمليات الانتحارية، والتي يذهب ضحيتها الأطفال والنساء والرجال وما إلى ذلك.

* ما العلاقة بين ما يقال له مشروع مكافحة الإرهاب ومشروع الفوضى الخلاقة، أو الفوضى الدينية والسياسية في المناطق الإسلامية؟
ـ إن الخلافات والتراكمات التاريخية في البلاد الإسلامية، انطلقت تغذيتها بالوراثة إلى الولايات المتحدة، ولعلنا نلاحظ في هذا السياق، أنّ مشروع مكافحة الإرهاب الذي وضعته الإدارة الاميركية الحالية، لم يكن مجرد مشروع دفاعي تتحرك أميركا من خلاله لحماية شعبها ومصالحها القومية التي تدَّعيها في المناطق الإسلامية، بل إنّ هذا المشروع يمثّل أيضاً وسيلةً لغاية كبرى، وهي إغراق العالم الإسلامي بالفوضى التي أطلقت عليها هذه الإدارة عبارة «الفوضى الخلاقة»، أو «الفوضى البنّاءة»، والتي تجعل المجتمعات في المناطق الإسلامية تعيش في حال من الفوضى على المستويات كافةً، الدينية والسياسية وغيرها، لمنع أي اتصال أو تواصل بين هذه المجتمعات، استناداً إلى الحساسيات الموجودة هنا وهناك. ونلاحظ أيضاً أنّ أميركا تضغط في كل الاتجاهات حتى تمنع الدول الإسلامية من التلاقي لحل مشاكلها، وهذا ما لاحظناه في التجربة العراقية والأفغانية والصومالية، وفي السودان خزَّان المياه لأفريقيا، والغذاء للعالم الإسلامي، لغناها بالبترول، لذلك لا يريدون أن تنتهي الأزمات في هذه المناطق.

* سماحة السيد، بعد الإشارة إلى هذه الأحداث المترابطة كلها، أعود لأسأل: أين هو موقع لبنان على هذه الخارطة السياسية في نظركم؟
ـ إنّ لبنان يمثل الساحة التي تستطيع أميركا أن تحرك فيها صراعاتها من أجل تنفيذ مشاريعها في المنطقة، أو هذا ما تتصوره، وأذكِّر في هذا المجال، بما قاله الرئيس الأميركي بوش، من أن الواقع في لبنان يدخل في دائرة الأمن القومي الأميركي، لذلك حاولت أميركا أن توظِّف بعض الحساسيات والخلافات السياسية اللبنانية، من أجل أن يبقى لبنان قلقاً ومضطرباً، فهي حاولت في الماضي إيجاد مشكلة إسلامية مسيحية فيه، وتحاول الآن خلق مشكلة سنّية ـ شيعية، لتمنع عنه الاستقرار من خلال الضرب على وتر المسألة المذهبية، وتضخيم ما يجري من أخطاء في هذا الوضع السياسي المعقد الذي نعيشه في لبنان.
لذلك أتصوَّر أنَّ ما حدث من أخطاء، على الرغم من قساوتها، وعلى الرغم من النتائج السلبية الكبرى نتجت منها، أو من خلال الإعلام الداخلي والخارجي الذي أراد أن يحوّل ما جرى إلى مشكلة تمتد لتثير الفتنة في العالم الإسلامي كله، بتصويره أنّ الشيعة يهجمون على السنّة، وما إلى ذلك، للتخفيف من الشعور بخطورة إسرائيل، وتصعيد الشعور بخطورة المقاومة... أتصوّر أنّ كل ذلك يمكن أن يُحَلّ بطريقة أو بأخرى من قبل العقلاء، ومن قبل الزعماء، لمواجهة الأخطاء التي قد تبلغ حد الضخامة تارةً، أو أقل من ذلك تارةً أخرى، وكذلك على الشخصيات الثقافية والإعلامية والتربوية أن تساهم في مواجهة هذه الأخطاء والبحث عن حلولٍ لها.

أحـداث أيـار

* سماحة السيد، هل تنظرون إلى أحداث أيار التي وقعت في بيروت بوجهها التاريخي الحضاري المميز، على أنّها من الأخطاء التي أشرتم إليها، أو أنها صراع من شكل آخر؟
ـ إن الإعلام اندفع لتضخيم ما حدث، بحيث كاد أن يُحدث مناخاً من الفتنة التي تفصل المسلمين السنّة عن المسلمين الشيعة. صحيح أن هناك أخطاءً حصلت كما حصلت في الماضي بين المسلمين والمسيحيين، فقُصِفت بيروت، وقُصِفت المناطق الإسلامية، إلا أن بعض حلفاء المسلمين في موقع الأكثرية، ممن قاموا ببعض هذه الأعمال أو الأخطاء، استطاعت السياسة أن تجعلهم أصدقاء، وأصبح الجميع الآن يعيشون أصدقاء وحلفاء.
لذلك، يجب على جميع السياسيين المسلمين وغير المسلمين، أن يفسحوا في المجال أمام التصالح، لإيجاد خطة للسيطرة على الأخطاء التي حدثت في هذا الجانب أو ذاك، ولاسيّما ما حدث في بيروت التي تمثل خلاصة لبنان، لأن بيروت ليست منطقةً مختصةً بطائفةٍ معيّنة، وإن كان تاريخها تاريخ الطائفة السنّية، لكنها أصبحت الآن تمثل كل لبنان بكل طوائفه بشكلٍ أو بآخر. وعلى الرغم من المشاكل التي حدثت هنا وهناك، والحالات السلبية التي لم نقبل بها، إلاّ أننا نرى أنه لا بدّ للقائمين على شؤون المسلمين من تضييق سلبياتها، وصولاً إلى التغلب عليها وحلها. لذلك نحن رحبنا بتصريح سعد الدين الحريري حينما تحدث عن أنه ليست هناك مشكلة بين السنّة والشيعة.
ونحن نؤكِّد أنّ على الشخصيات الدينية، سواء السنّية أو الشيعية، والشخصيات الثقافية والتربوية والاقتصادية في بيروت وخارجها، أن يعملوا على ردم هذه الهوة التي خلَّفتها هذه الأحداث، وأن ينطلق الجميع لتصحيح العلاقات فيما بينهم، على أساس مواجهة أخطار التحديات التي تحيط بنا. وفي الوقت الذي أشعر بوجود أخطاء فيما حدث في أيار بالنسبة إلى بيروت، إلاّ أنّ الإسلام علّمنا التسامح، وعلمنا العفو {وأن تعفوا أقرب للتقوى} [البقرة:237]، و{إن الله يأمر بالعدل والإحسان} [النحل:90]، ولأننا أخوة، {إنما المؤمنون إخوة} [الحجرات:10]، وأمرنا لبناء مجتمع إسلامي أن نصلح بين المسلمين، قال سبحانه: {وإن طائفتان من المؤمنون اقتتلوا فأصلحوا بينهما} [الحجرات:9].

الوحدة الوطنية والوحدة الإسلامية

* بعد جولة الأفق هذه، كيف ترون الآن الوحدة الوطنية في ظل القلق المخيم على الوحدة الإسلامية؟
ـ عندما ندرس المسألة في لبنان، نرى أنه من الصعب جداً أن نصل إلى وحدة وطنية متماسكة إذا لم تحصل قبلها وحدة إسلامية، لأنّ التعقيدات في داخل الصف الإسلامي، إن لم نتداركها، فسوف تترك تأثيراتها السلبية على الواقع اللبناني كلّه، خصوصاً وأن الواقع في لبنان يتحرك لبنانياً بنسبة عشرين في المئة، وخارجياً بنسبة ثمانين في المئة، لأنّ بعض المحاور الإقليمية والدولية تحاول أن تستفيد من الحرية الموجودة في لبنان، والتي ليست موجودةً في أيّ من الدول العربية أو الإسلامية، لاستخدامها في خدمة مصالحها، دون أن نستخدمها نحن لتوطيد أطر الأخوة فيما بيننا، ومن هذه الحريات: حرية الدين، والحرية الثقافية، والحرية السياسية، وحرية الاجتماع، وحتى حرية المصاهرة. لذلك علينا أن نستحضر عقولنا دائماً في هذا السياق بدلاً من غرائزنا، لنعالج مشاكلنا للوصول إلى وحدة إسلامية توطّد دعائم وحدتنا الوطنية.
علينا أن نجمع قسماً من العقلاء ليواجهوا الإحساس بالخطر المحدق بالواقع الإسلامي في لبنان، وأنا لا أتحدَّث طائفياً، وإنما من خلال الواقع الذي نعيشه، لأنّ الخطر إذا انطلق من لبنان، فإنه سيمتد إلى العالم الإسلامي، وإذا امتد إلى العالم الإسلامي، فإنه سيعود وينقلب على لبنان، وعندها لن يكون هناك أية زعامة إسلامية لأي زعيم إسلامي، ولن يكون هناك أي حل للواقع الإسلامي في لبنان. لذلك أتصور أن علينا أن نستفيد من هذا المناخ التاريخي، لنقوم بعمل تصالحي ضمن خطة معينة، وإذا لم نستطع أن نحل المشكلة مئة في المئة، فعلى الأقل أن نخفف من تأثيراتها السلبية علينا، خصوصاً أن الأعداء يتربّصون بنا، وفي مقدمهم العدو الإسرائيلي الذي سيبقى يخطط ليبقى لبنان ضعيفاً، حتى لا يقوى بوحدته الوطنية، وفي مقدمها الوحدة الإسلامية.

* قبل الأحداث الأخيرة، كنا نسمع أن الوحدة الإسلامية هي بألف خير من خلال المؤتمرات والاجتماعات... فجأةً تبدد كل شيء، هل ترون سماحتكم أن السبب في ذلك هو عدم توصلنا حتى الآن إلى أبسط مرتكزات الوحدة الإسلامية خصوصاً، والوطنية عموماً؟
ـ إنّ الشخصيات الدينية والسياسية ـ ولا أتحدث عن شمولية، ولكنني أتحدث عن ظاهرة ـ كانوا في تصريحاتهم العصبية يصبُّون الزيت على النار، لأنهم كانوا يثيرون العصبيات ويتحدثون بذهنية العصبية المغلقة التي تحاول أن تلعب لعبة الكرة في تسجيل النقاط، وليس في جمع النقاط، والمشكلة أن الكرة التي كانت تتناولها تصريحاتهم هي ـ للأسف ـ الواقع الإسلامي.
إننا نعتقد أن العلماء بشر، وأن السياسيين بشر، وأن الانتماء إلى مجتمع معين أو مذهب معين يدخل في مشاعر الإنسان وأحاسيسه، ولكن على الإنسان أن يكون مسؤولاً بحيث يشعر بخطورة ما يحيط به من أحداث، ومنها خطورة الحرب على الإسلام، وأن لا يستغرق في شوارع بيروت أو شوارع الضاحية، بل أن يستغرق في كل هذا العالم الذي يريد أن ينهب ثروات الإنسان، وأن يستغل مواقعه الاستراتيجية، ويضعف من قوته، ويمنعه من أن يحصل على سياسة الاكتفاء الذاتي، ويمنعه حتى من الخبرة العلمية.
صحيح أن الواقع الإسلامي في لبنان لم يصل قبل الأحداث الأخيرة إلى ثقافة الوحدة الإسلامية، بل اكتفى بالمظاهر، إلاّ أنّ على الشخصيات الإسلامية الآن، وقبل فوات الأوان، أن تعيش الواقع من خلال النظرة الإسلامية الواسعة، عندها ستتوصل إلى حقيقة هامة، وهي أن الأخطاء التي يقع فيها المسلمون في لبنان، لا تجيز لهم التقاطع، لأنه لا يجوز لمسلم أن يقاطع مسلماً آخر، بل علينا أن نتواصل ونتكامل ونتناصح، لنصل شيئاً فشيئاً إلى ثقافة الوحدة الإسلامية، لنعمقها في النفوس قبل أن تكتب نصوصاً.

المصالحة الوطنية

* بعد الإعلان عن اجتماع الدوحة، دعوتم إلى ضرورة أن يرافق المصالحة فيه مصالحة بين المسلمين، لأن في ذلك قوة للمصالحة الوطنية. كيف تنقل سماحتكم هذه الفكرة إلى حيز التطبيق العملي، أو تتصور ذلك في هذا الوقت العصيب؟
ـ إنني أدعو إلى مؤتمر لا إعلام فيه يحضره العلماء الذين يملكون العلم الإسلامي ويخلصون للإسلام، ويحضره السياسيون ورجال الاجتماع من المسلمين، ليتدارسوا وضع خطة واقعية يمكن أن تجمع المسلمين بعضهم مع بعض، وأن لا نستهلك الكلام الذي يقال إن على هذه الجهة أن تعتذر، أو ما إلى ذلك. وعلينا أن ننطلق من خلال أصالتنا الإسلامية لجمع الصف الإسلامي في وحدة متماسكة في إطار الوحدة الوطنية، فلماذا لا نخاطب، نحن أهل القرآن، بعضنا بعضاً بالكلمة السواء التي خاطب بها الله تعالى أهل الكتاب في القرآن الكريم؟

بيروت حاضنة لبنان والعروبة

* بيروت بوجهها التاريخي الحضاري المميز، التي لم تكن عبر تاريخها إلا الحاضنة لكل اللبنانيين، والتي ستبقى كذلك، ما هي الكلمة التي توجهونها سماحتكم إلى أهلها، ونحن على أبواب الانتصار الكبير الذي حققه لبنان بمقاومته على العدوان الإسرائيلي في تموز وآب 2006م من أجل كل لبنان؟
ـ إنني أقول لكلّ أهلي من أهل بيروت، إن بيروت مثلت وتمثل التجربة الإسلامية والعروبية الحضارية، فلقد التقى ويلتقي في داخلها المسلمون على اختلاف مذاهبهم، والمواطنون على اختلاف أديانهم ومذاهبهم السياسية، لذلك أدعو الطليعة البيروتية إلى أن تنطلق نحو بناء مستقبل قوي فاعل ينفتح على أصالة الإسلام المتسامح المنفتح على كل الأديان، وعلى كل الاتجاهات، إسلام الوسطية والاعتدال والحضارة الذي يقبل الآخر ويعترف به.
إنّ الذين يريدون أن يزرعوا الحقد في داخل بيروت وبين أهلها، أو بين بيروت والمناطق اللبنانية الأخرى، هؤلاء يريدون تدمير بيروت، كما يريدون انطلاقاً من تدميرها تدمير كل لبنان، لذلك على أهالي بيروت بأصالتهم العربية والإسلامية، أن لا ينسوا دورهم المميز في هذه الظروف العصيبة، من خلال حرصهم ودفاعهم عن قضاياهم الإسلامية والعربية الكبرى، وأن لا ينسوا أن بيروت تمثل الحاضنة لكل لبنان والقضايا الإسلامية والعربية، وأنّها كانت أول من أيّد ووقف من بين كل العواصم العربية مع الرئيس جمال عبد الناصر في مواجهته للاستعمار، وفي مواجهته لإسرائيل، حيث كانت أول مظاهرة تأييد كبرى في العالم العربي قد خرجت من بيروت.
لذلك نريد أن تبقى بيروت، بيروت العروبة، بيروت الإسلام، بيروت الإنسان، بيروت الحوار، بيروت المحبة، لأننا نرفض أن تكون بيروت الحقد والعداوة والبغضاء، ولاسيما بين مسلميها.
* كيف تختصر سماحتكم، بكلمات، الأزمة النووية الإيرانية؟
ـ إن الغرب، إلى جانب الولايات المتحدة الاميركية، لا يريد لإيران أن تمتلك الخبرة العلمية في المجال النووي، وأنا أعرف في هذا السياق، أن الفتوى الصادرة من أعلى موقع ديني في إيران، تقضي بتحريم صنع القنبلة الذرية. وهناك من يعرف قيمة الفتوى لدى المجتهدين.
كما أنّ الغرب يعرض على المنطقة المساعدة في مشروع نووي سلمي، ولكنه لا يريد للمسلمين والعرب أن يملكوا الخبرة العلمية النووية.
كتب: يحيى أحمد الكعكي
أكد أنّ "الأمّة الأمريكية" تمارس التعذيب من خلال إدارة بوش
فضل الله يدعو المنظمات الحقوقية والإنسانية العالمية والعرب والمسلمين إلى فضح الإدارة "الأكثر وحشيةً"

أصد سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً تناول فيه تعذيب الأمريكيين للسجناء بالماء وغيره من الوسائل... جاء فيه:
لقد أصبح بمقدور الإدارة الأمريكية الحالية، وعلى رأسها الرئيس "بوش" ونائبه "ديك تشيني"، أن تتباهى بكونها الإدارة الأكثر وحشيةً في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، إلى المستوى الذي يمكنها فيه أن تشعر بالزهو حتى أمام الإدارة التي أمرت بتدمير هيروشيما وناكازاكي بالسلاح النووي في ذكرى هاتين المجزرتين، لأنها لم تترك وسيلةً من وسائل الإجرام إلا وأقدمت على استخدامها ضد الشعوب، وضد السجناء والمعتقلين، وخصوصاً المسلمين منهم.
فبعد تشريعها لاختطاف كل من ترى فيه خطراً على أمنها، بصرف النظر عن المكان الذي يتواجد فيه في العالم، وبعد استخدامها السجون العائمة في البحر للإبقاء على المعادين لسياستها قيد الاعتقال، واستخدامها حتى الأجواء الأوروبية في نقل هؤلاء عبر طائراتها العسكرية، عمدت إلى تشريع استخدام أكثر أساليب التعذيب وحشيةً، ومنها ما يتعلق بإطلاق الكلاب لتنهش بلحم المعتقلين، إلى التعري وأساليب التعذيب النفسي، وصولاً إلى التعذيب بالماء، وهو الأمر الذي بدأ يثير بعض الجدل داخل الكونغرس الأمريكي نفسه، الذي رفض ذلك مؤخراً، ولكن بعد أن استمرت أساليب التعذيب هذه طوال سنوات حكم بوش وإدارته، الأمر الذي يطرح علامة استفهام كبرى حيال تواطؤ المشرّعين الأمريكيين وصمتهم فيما سبق، وعدم الكشف عن كل الانتهاكات التي أقدمت عليها الإدارة الأمريكية الحالية فيما يتصل بحقوق الإنسان إلا في الآونة الأخيرة، وبعدما دخلت هذه الإدارة في طور إعداد ملفاتها للرحيل.
ولعلّ من اللافت أن يؤكد المتحدث باسم البيت الأبيض، أن مساعدي الرئيس الأمريكي سينصحونه باستخدام الفيتو لإسقاط قرار الكونغرس بمنع تعذيب السجناء، بحجة أن "بعض أجزاء مشروع القرار... تتعارض مع الأسلوب الفعّال لجمع المعلومات"، ليشير إلى أن الأولوية لدى هذه الإدارة تتمثل في انتزاع المعلومات، حتى لو أدّى ذلك إلى انتهاك كل حقوق الإنسان، وحتى في الوقت الذي يُعلن العالم بأجمعه أنه لا قيمة شرعية وقضائية لأية معلومة تُنتزع تحت التعذيب، وهو ما تؤكده القوانين الوضعية، كما أن التشريع الإسلامي لا يعترف بأية اعترافات أخذت تحت التعذيب، ويعتبرها ناشئةً من الإكراه الذي لا قيمة اعتبارية وقضائية له، ولا فرق في ذلك بين صدوره من مواقع إسلامية أو غير إسلامية.
لقد استطاعت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش أن تعيد إحياء الأساليب الوحشية التي كانت تستخدمها ألمانيا النازية، وأن تجعل الناس تترحّم حتى على محاكم التفتيش في أسبانيا، وإذا كان البعض يتحدث عن أن الأنظمة الشمولية تستخدم هذه الأساليب وغيرها في التعذيب، فإننا نعرف أن معظم هذه الأنظمة وهذه الديكتاتوريات نمت تحت عين الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وبدعمٍ مباشر وغير مباشر منها.
وإنّ ما أقدمت عليه الإدارة الأمريكية الحالية في مسألة تعذيب السجناء، وخصوصاً في سجن "أبوغريب" أو في "غوانتانامو"، لا يضاهيه في الوحشية أو يتساوى معه إلا ما تقوم به إسرائيل في سجونها من تعذيب للسجناء العرب والفلسطينيين، وقد بدأت وسائل الإعلام تكشف مدى ابتزاز العدو للجرحى الفلسطينيين لإجبارهم على التعامل معه مقابل معالجتهم أو السماح بإيصال الدواء إليهم، وهو ما يمثل أعلى أساليب الوحشية، والتي يصمت عنها العالم الذي يذكّرنا بمعاهدات جنيف حيال الأسرى كلما تمكّن المجاهدون في لبنان وفلسطين من أسر جندي من جنود الاحتلال، وكأن هذه المعاهدات وقفٌ على العرب والمسلمين، ولا ضرورة للتلويح ببنودها أمام ما يزيد على 11ألف فلسطيني معتقل في سجون العدو، ومئات المعتقلين لدى الإدارة الأمريكية.
إننا نعتقد أن من الواجب على جمعيات حقوق الإنسان في العالم، وعلى المنظمات الحقوقية والإنسانية والعالمية، أن تتحمل مسؤولياتها في فضح الإدارة الأمريكية في كونها الأكثر استخفافاً بحياة البشر وحقوق بني الإنسان، كما أن المسؤولية تقع على عاتق العرب والمسلمين في تعرية هذه الإدارة أمام العالم، باستخدام الأساليب الإعلامية والمواقف السياسية اللازمة، لأن هذه الإدارة ماضية في انتهاك القوانين الدولية وحقوق الإنسان حتى آخر يوم من أيامها، وعلينا كشف ما خفي من حقيقتها وممارساتها الإرهابية الوحشية، لقطع الطريق عليها من أن تقوم بمغامرات وجرائم أفظع في الأشهر الباقية من عمرها، ولتوجيه الرسائل اللازمة لمن يأتي من بعدها، بأن الشعوب لا تسكت على ظلامتها، ولا تنحني أمام جلاديها، وللتأكيد أن الأمة الأمريكية هي أمة تمارس التعذيب من خلال هذه الإدارة الوحشية، وليست "أمةً عظيمةً ولا تعذّب"، كما يقول السيناتور الأمريكي "تشاك هيغل".

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 8-8-1429 هـ الموافق: 10/08/2008 م
حذّر من وجود خطة أمريكية إسرائيلية لمحاصرة الاغتراب اللبناني وخصوصاً في أفريقيا
فضل الله دعا الدولة اللبنانية إلى وضع خطة طوارىء لمواجهة خطة العدو وفضح أهدافه أمام الدول الأفريقية

أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً حذّر فيه من وجود خطة أمريكية إسرائيلية تستهدف محاصرة الاغتراب اللبناني في أفريقيا، وقد جاء فيه:
لطالما حذّرنا من أن العدو الإسرائيلي يعمل بكل طاقاته السياسية والاقتصادية والاستخبارية لطرد الاغتراب اللبناني من أكثر من موقع في العالم، وخصوصاً من القارة السمراء، التي نجح اللبنانيون في تأكيد فرادتهم وتميزهم فيها، وأقاموا أفضل العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والتي أثارت حفيظة العدو الإسرائيلي الذي رأى في هذا النجاح عاملاً منافساً للمغتربين اليهود والصهاينة، فبدأ السعي لتدمير أسس الاغتراب اللبناني في أفريقيا بحجة أن المقاومة سوف تستهدف رجال أعمال صهاينة في أفريقيا انتقاماً لاغتيال الشهيد عماد مغنية.
أضاف: إننا نحذر من أن ما يتداوله إعلام العدو حول الأمن الشخصي لليهود في عدد من الدول الأفريقية يدخل في سياق الترويج الإعلامي الذي قد يستتبعه ضغط سياسي على هذه الدولة الأفريقية أو تلك لفرض قيود صعبة على حركة اللبنانيين هناك، أو التعرض لهم في شكل مباشر، الأمر الذي قد ينعكس على مستوى عملهم وحركتهم، وقد يقود إلى ملاحقتهم بطريقة وأخرى، وهو ما يتوجب على الدولة اللبنانية ومؤسساتها المعنيّة أن تسارع إلى وضع خطة طوارىء عاجلة، والتواصل مع الدول الأفريقية المعنية لتوضيح الأهداف الإسرائيلية وكشفها.
وحذّر سماحته من وجود تنسيق أمريكي ـ إسرائيلي لاستهداف الاغتراب اللبناني في أفريقيا على وجه الخصوص، مشيراً إلى أن العدو إذا نجح في الموقع الأفريقي فسيعمل على تطويق ومحاصرة الاغتراب اللبناني في مواقع أخرى، وخصوصاً في دول الاتحاد الأوروبي وأستراليا وأمريكا.
وأشار سماحته إلى أن الخطة الإسرائيلية ليست وليدة هذه الأيام، وإن كانت تتوخى ربطها بأوضاع سياسية راهنة وبأجواء تعمل على استيلادها واختراعها، وخصوصاً بعدما استطاع اللبنانيون الاندماج مع الأفارقة وإيجاد علاقات صداقة وتعاون معهم، وبعد مساهمتهم في تعزيز عدد من المؤسسات الأفريقية وتأمين الخدمات لها وبعدما تعامل الجميع مع اللبنانيين كتجار ناجحين وكمستثمرين بارزين.
وأكد سماحته أن الحملة الصهيونية على الاغتراب اللبناني لا تنطلق من سعي العدو لتهديم ما بناه اللبنانيون في الخارج فحسب، بل تستهدف أيضاً تعميق الجراح الاقتصادية في الداخل اللبناني بالنظر إلى المساهمات الكبرى للاغتراب اللبناني في التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها لبنان.
وختم سماحته داعياً الدول الأفريقية إلى عدم الرضوخ لما تخطط له إسرائيل، وعدم الوقوع في فخّ الخداع الإسرائيلي، مؤكداً أننا سنسعى على جميع المستويات حتى تستمر الصداقة بين شعوبنا والشعوب الأفريقية على أفضل حال، آخذاً في الاعتبار المبادىء الإنسانية والإسلامية في احترام الآخر وعدم الإساءة له، وفي أن الإسلام أراد للمسلمين أن يكونوا ضيوفاً طيبين ودعاة سلام وحوار أينما حلّوا.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 5/8/1429 هـ الموافق: 07/08/2008 م

5 أغسطس 2008

أمِلَ أن تساهم التفاهمات اللبنانية بولادة تفاهمات عربية ـ عربية
فضل الله: العقبات التي تعترض المشروع المعادي لا يمكن أن تشكل لوحدها رافعة للوضع العربي

أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً تناول فيه التفاهم بين اللبنانيين، وقد جاء فيه:
إنّ ما يفتك بالعالم العربي هو هذه الخطوط السياسية المرتبطة بالمحاور الدولية، والتي تسعى جهدها لمنع هذه الدولة العربية من أن تتفاهم مع دولة عربية أخرى، تماماً كما كان هؤلاء يعملون لمنع اللبنانيين من التفاهم أو التنسيق في العناوين السياسية المشتركة فيما بينهم.
أضاف: إنّ مسألة الفتن الطائفية والمذهبية التي أثيرت في الدوائر الإعلامية والسياسية في العالم العربي والإسلامي، إنما انطلقت من خلال توجيهات وتعليمات دولية، وأميركية منها على وجه الخصوص، حيث أريد للملف السني ـ الشيعي الذي التهب إعلامياً وسياسياً أن يكون ضاغطاً على القضايا الكبرى بحيث ينشغل المسلمون بمشاكلهم الداخلية فيرضخون للاحتلال الأجنبي ويساومون على فلسطين، ويستسلمون للمستكبر الذي يفرض شروطه عليهم، لا بل يحاول أن يفرض نفسه كوسيط لحل القضايا الإسلامية ـ الإسلامية، والعربية ـ العربية.
وأشار سماحته إلى أن العقبات التي تعترض المشروع الاستكباري في المنطقة لا يمكن أن تمثل ـ لوحدها ـ الرافعة للوضع العربي والإسلامي، لأن المشروع الإسلامي والعربي الذي نريد له أن يتقدم بخطوات وحدوية حقيقية لا يزال بعيداً، ولأن إمكانات التخريب والتدمير في الواقع العربي والإسلامي هي أسهل كثيراً من عمليات البناء التي لا تزال تصطدم بأكثر من جدار وحاجز أقامه الأجنبي والمستكبر داخل بيئتنا، ومن خلال موظفين كباراً وصغاراً يحملون الهويّات العربية والإسلامية، من دون أن يتحسسوا مسألة الانتماء لأمتهم وشعوبهم.
أضاف: لقد دعونا سابقاً إلى الحوار الإسلامي ـ الإسلامي ولاسيما الحوار الشيعي ـ الوهابي لا على أساس الكلمات التي تتطاير في الهواء أو كلمات المجاملة، بل ليجلس العلماء من هنا وهناك إلى جانب بعضهم بعضاً ويتدارسوا في كيفية الخروج من هذه البؤرة القاتلة التي يتسلل إليها التكفير والتضليل والتنسيق وما إلى ذلك... لأنني أعتقد أننا نستطيع أن نتقارب إذا اعتمدنا الأسس العلمية الإسلامية في مسألة الحوار، وعند ذلك يمكن أن يؤسس هذا التقارب لرؤية حول المشروع الإسلامي العربي الذي نريده أن يحتضن القضايا العربية والإسلامية، لا أن يكون لكل دولة مشروعها ولكل حركة إسلامية أو وطنية طموحاتها على حساب الطموحات الكبرى لشعوبنا.
وفي المسألة اللبنانية أمل سماحته أن تساهم التفاهمات اللبنانية الأخيرة ـ على الرغم من ولادتها القيصرية ـ بولادة تفاهمات جديدة على صعيد العلاقات العربية ـ العربية، لأنني لا أجد قضية كبرى تستدعي كل هذا التباعد بين هذه الدولة العربية وتلك، ولأن من يتوسط بين هذا الفصيل الفلسطيني وذاك أو حتى بين فصائل الانتفاضة والعدو يمكن أن يتحرك في نطاق الحوار أو التواصل أو التوسط بين هذا الموقع العربي أو ذاك.
وأشار سماحته إلى وجود إمكانية لأن يصبح للنموذج اللبناني تأثيرات إيجابية في الأوساط السياسية العربية، لأن لبنان الذي يتغذى من مشاكل المنطقة يمكن أن يُساهم في تخفيف حدة هذه المشاكل إذا استطاع أن يصوغ تفاهماً داخلياً يرتكز على أسس سياسية متينة، آملاً أن تتقدم علاقات لبنان مع جواره العربي والإسلامي، وأن يحدث ذلك كله هزةً إيجابية في ملف العلاقات بين بعض الدول العربية.
واستقبل سماحته المدير العام السابق لوزارة الإعلام، محمد عبيد، حيث جرى عرض للأوضاع العامة... ثم استقبل البروفسور حازم شاهين.
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 3-8-1429 هـ الموافق: 05/08/2008 م
على الحكومة العراقية أن تعمل لإخراج المحتل أو برمجة انسحابه
فضل الله: العراق يتعرّض لنهب منهجي لثرواته بعد تدمير واقعه الأمني والاجتماعي

استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً قضائياً عراقياً برئاسة القاضي حسين الموسوي، حيث جرى عرضٌ للوضع العراقي، وخصوصاً على الصعيد القانوني ومعاناة القضاة جراء الوضع الأمني وتداعياته الميدانية والسياسية.
وتحدث القاضي الموسوي عن الاتفاقية الأمنية المزمع عقدها بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق، مشيراً إلى أن هذه الاتفاقية إذا صارت واقعاً فسوف تدخل العراق وشعبه في مأساة حقيقية وتشرعن الاحتلال، وهذا ما يرفضه أبناء الشعب العراقي مطلقاً، وطلب القاضي الموسوي من سماحة السيد فضل الله، الذي يحظى بتقدير واحترام كبيرين من كل الأطياف العراقية، أن يسعى جهده لمساندة العراق حكومةً وشعباً على رفض هذه الاتفاقية المشبوهة.
من جهته، أكد سماحة السيد فضل الله الموقف الشرعي الذي سبق وأصدره حيال مسألة المعاهدة مع الأمريكيين، مشيراً إلى أنه لا شرعية لأية حكومة أو سلطة تسلط الاحتلال على شعبها أو تسعى لشرعنة وجوده، مؤكداً أن دور الحكومة العراقية وكل الفئات السياسية في العراق ينبغي أن يتحرك في اتجاهين: الضغط على الاحتلال الأمريكي للخروج من العراق أو انتزاع برنامج محدد من هذا الاحتلال بالانسحاب في الوقت المحدد.
وأكد سماحته أن الاحتلال الأمريكي لم يكتفِ بتدمير الواقع الأمني والاجتماعي للعراقيين، بل ساهم في نهب ثرواتهم من خلال الشركات الأمريكية، وخصوصاً الشركات النفطية، ومنها شركة "هاليبرتون" التي يعمل في إدارتها نائب الرئيس الأمريكي "ديك تشيني"... وهو يحاول في هذه الأيام أن يمنح جيشه المحتل وشركاته الأمنية والنفطية مظلة قانونية تمكّنه من الاستمرار في النهب المنهجي للثروات في العراق، والاستمرار في مصادرة قرارات شعبه لسلخه عن الأمة وقضاياها.
وشدد سماحته على ضرورة التصدي لمحاولات الاحتلال شرعنة وجوده وقوننة عمل شركاته الأمنية أو النفطية، مشيراً إلى خطورة ما يجري في العراق من تدخل للاحتلال في كل تفاصيل الحياة السياسية العراقية وفي عمل الوزارات.
وأكد سماحته ضرورة أن يُعطى القضاء العراقي استقلاليته الحقيقية، بعيداً من تدخلات الجهات السياسية، سواء أكانت رسمية أم غير رسمية، وأن يوضع حدّ لأي تهويل أو ضغط قد يمارسه الاحتلال على هذا القضاء، لأن أي بناء لعراق موحد ومستقل لا بد من أن ينطلق من المدماك القضائي الذي ينبغي أن يكون نزيهاً وعادلاً.
وأشار سماحته إلى أن استهداف المدنيين العراقيين من قِبَل الجهات التكفيرية يوحي بوجود تنسيق غير مباشر بين هؤلاء وبين الاحتلال، لأن استهداف العراقيين الأبرياء يمثل عدواناً على المقاومة نفسها وتعطيلاً لحركتها، وإفساحاً في المجال أمام الاحتلال للتذرّع بالبقاء أكثر، وعدم برمجة انسحابه بحجّة الوضع الأمني، وهو الأمر الذي ينبغي أن يتصدّى له الشعب العراقي ويلتفت إلى مخاطره السياسية والأمنية معاً.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 1-8-1429 الموافق: 03/08/2008
السيد فضل الله لصحيفة (الدار):
لا فزّاعة ولا تهويل شيعياً.. والأمريكيون يحاولون غسل أدمغتنا بالوحل

س: كيف يقرأ سماحة السيد واقع العالم الإسلامي؟
ج: إنني لا أجد أن هناك كياناً اسمه العالم الإسلامي، إنما هناك بلدان يسكنها مسلمون، لكنها تتعامل مع بعضها البعض كما لو لم تكن هناك أية علاقة إسلامية فيما بينها، بل إنّ كلّ دولة تتحرك في علاقاتها بالدول الأخرى على أساس ذاتي من خلال مصالحها التي لا تنفتح على القضايا العامة التي تهم واقع المسلمين جميعاً. وقد لاحظنا أنه حتى عندما أنشئت منظمة مؤتمر العالم الإسلامي، لم تنطلق لتمثل محوراً دولياً يتداخل ويتكامل بحيث يخطط لاستراتيجية مشتركة لإيجاد ما يشبه الوحدة بين المسلمين على المستوى السياسي والديني وحتى الأمني، بل رأينا أن المشاكل التي تحدث بين دولة إسلامية وأخرى، حتى داخل منظمة المؤتمر الإسلامي، قد تصل إلى مستوى حادّ بما يفسح في المجال أمام المحاور الدولية لكي تتدخل لحساب مصالحها الاستراتيجية، لا من أجل حل المشكلة، وهو ما نلاحظه في العلاقات بين الدول العربية، أو بين الدول الأفريقية كما هي العلاقات بين السودان وتشاد، أو بين السودان وأريتريا في بعض الحالات، بل داخل السودان نفسه، حيث نلحظ أنّ هناك تدخّلاً للأمم المتحدة من جهة، وللولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي من جهة أخرى، ما جعل السودان يعيش في فوضى أمنية انطلقت من لعنة النفط بعدما أصبح دولةً نفطية، إضافةً إلى الثروة المائية التي يتمتع بها، والتي لو استقرت البلاد، لأمكن أن تغذي أفريقيا بأجمعها، ولا ننسى أن إسرائيل تتدخل لمحاولة السيطرة على بعض منابع النيل من أجل الضغط على مصر والسودان في هذا المجال.
لا أجد أن هناك كياناً اسمه العالم الإسلامي، إنما هناك بلدان يسكنها مسلمون
أيضاً، نحن لا نجد أن هناك عالما إسلامياً يشعر بقيمة الحجم البشري الإنساني وحجم الثروات الطبيعية المختزنة فيه والمواقع الاستراتيجية التي يمتلكها، والتي يمكن لو توحّد، أن تجعله ينطلق ليكون شريكاً في صنع القرارات في القضايا الاقتصادية والسياسية والأمنية في العالم، ولكنّنا بدلاً من ذلك، نرى أنّ الدول الكبرى تسيطر على العالم الإسلامي، ولاسيما الولايات المتحدة، تعمل على التعامل مع نقاط الضعف الموجودة في هذا البلد أو ذاك، وخصوصاً في إثارة الفتن المذهبية واستغلالها.
فهذه الدول ليست إسلاميةً بالمعنى الثقافي للإسلام، بل هي بلاد يسكنها مسلمون تخضع في حركتها للدول الكبرى، دول العولمة التي يقال إنها الأغنى، لكننا جميعنا نعلم أن الثروات التي يختزنها باطن الأرض في بلادنا هي الأغنى، فهم يعتبرون أن ثرواتنا هي ثرواتهم، ولذلك لا يسمحون لنا بأن نمارس حريتنا فيها، سواء في تحديد الأسعار، أو في تحديد حجم التصدير، وكما نلاحظ الآن، فإنّ الرئيس الأميركي بوش بادر إلى الطلب من بعض الدول رفع مستوى إنتاجها، رغم أننا نعرف أن ارتفاع الأسعار لا علاقة له بمستوى الإنتاج بل بالمضاربات.
إن العلاقات بين الدول الإسلامية ليست علاقات إسلامية، بل هي علاقات معقدة في كثير من الحالات، من خلال التدخلات الدولية التي تحصل، كما هي حال الولايات المتحدة التي تسعى إلى تأليب الكثير من الدول الإسلامية ودول الخليج ومصر والأردن على إيران الدولة الإسلامية، لدفعها إلى اعتبار إيران العدو والمشكلة، واعتبار إسرائيل الصديق والحل للمشكلة.

س: ما رأيكم في مؤتمر حوار الأديان الذي رعته المملكة العربية السعودية في إسبانيا؟
ج: أنا أعتقد أن هذه المؤتمرات تمثل مؤتمرات احتفالية يتحدث فيها الخطباء عن ضرورة احترام الأديان بعضها لبعض، وعن مسألة حل المشاكل المعقدة في العالم، والتحضير لمشروع السلام وما إلى ذلك. لكننا لا نجد أن هناك حواراً علمياً يجلس فيه العلماء والمفكرون من سائر الأديان ليتباحثوا ويتحاوروا في الفكر الذي يحمله هذا الدين أو ذاك، أو في مواقع اللقاء الفكرية والسياسية والثقافية. وأذكر أني أرسلت إلى البابا الراحل رسالةً قلت له فيها إن علينا أن نلتقي، نحن المسلمين والكاثوليك في العالم، من أجل هدفين: الأول يرتبط بالإيمان، وهو قضية توحيد الله مقابل الإلحاد، والثاني هو محاربة الاستكبار العالمي، لأن السيد المسيح كان مستضعفاً، والنبي(ص) كان يتيماً مستضعفاً أيضاً. لذلك فإنّ مسألة الإيمان مقابل الإلحاد، والاستكبار مقابل الاستضعاف، هما الهدفان اللذان لا بد لنا من أن نتعاون جميعاً من أجلهما.
أنا أعتبر أن هذه المؤتمرات تمثل بعض الأجواء التي يتنفس فيها الناس، ما داموا في المؤتمر، بعض الهواء النقي، لكنهم عندما يعودون إلى قواعدهم، يصبحون مصداقاً لقوله تعالى: {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون} [البقرة:14]. لذلك لاحظنا أن الكثير من مؤتمرات الحوار بين المذاهب الإسلامية، أو بين المذاهب المسيحية، أو بين المسيحية والإسلام، لم تستطع أن تمثّل حالة حضارية عالمية يمكن أن يلتقي فيها الجميع في خطة واحدة، وينفتحوا على مسألة الحوار بطريقة موضوعية، وليس كما نلاحظ، أن كل فريق يريد أن يسجل نقطة سلبية على الفريق الآخر دون أن يتحرك خطوةً واحدة إلى الأمام.
س: هل هذا الحوار يشمل أيضاً أشخاصاً من خارج الديانات السماوية؟
ج: نحن نرى أنّ علينا في الواقع الإنساني في شكل عام، أن نخطط لحوار إنساني ـ إنساني، لأن مسألة أن تكون إنساناً، هي أن تنفتح على الإنسان الآخر، وأن تعيش إنسانيتك في إنسانيته، وأن تعترف به كوجود مستقل ينطلق من قاعدة ثقافية معينة قد لا تلتقي بها أو قد تلتقي معه في بعض مواقعها. لذلك طالبنا بالحوار الديني ـ العلماني، والحوار الإسلامي ـ المسيحي، والحوار الإسلامي ـ اليهودي، والحوار الإسلامي ـ البوذي، لأنّ الحوار قد يمنح الإنسان الحالة المعرفية التي تجعله كيف يفكر هؤلاء وغيرهم، لأن المشكلة هي أن أغلب أتباع الأديان، لا يملكون معرفة ما يعتقد به أهل الدين الآخر، ولذلك فإنّهم يطلقون عليهم الأحكام السلبية في شكل حاد، انطلاقاً من أنهم لا يعلمون أو لا يفهمون ما يعتقد به هؤلاء. لذلك فان قيمة الحوار هي أولاً في أن أفهمك وتفهمني، ثم أن نبحث عن مواقع اللقاء في ما بيننا، في ما يمكن أن نتوصل من خلاله إلى الاتفاق على بعض النقاط المشتركة، ثم، إذا أمكننا، أن يقنع بعضنا بعضاً بما نفكر فيه، وهذا هدف كبير في ما يتعلق بالتحرك نحو الوحدة الإنسانية الدينية.

س: ما المقصود بعبارة "التحضير لمشروع السلام"، هل ترى أنها مؤتمرات تحضر للتطبيع مع إسرائيل؟

ج: من الممكن جداً أن يؤدي هذا النوع من الحوار إلى مثل هذا الجو، وقد لاحظت عندما استمعت إلى ندوة عبر إحدى الفضائيات العربية، أن أحد الحاخامات اليهود المشاركين يؤكد ضرورة أن يعترف المؤتمر بحق إسرائيل في الوجود. وعندما قيل له إن هذه المسألة سياسية، وإن المؤتمر يتحدث عن الحوار الديني، قال إننا نعتبر أن إسرائيل هي مسألة دينية تماماً كما هي مكة والمدينة، وأن اليهود فقدوا أرضهم واغتصبت منهم قبل نحو 2000 سنة، ما يجعل قضية إسرائيل تدخل في عمق العقيدة اليهودية، وفي رأيه، ليس يهودياً من لا يعترف بإسرائيل، باعتبار ارتباطها ـ بحسب زعمهم ـ بالمقدسات اليهودية من خلال النبي داود والنبي سليمان.
إننا كنا نتصور أن إخلاص المؤتمر لنفسه يتمثّل في دعوة اليهود الذين لا يعترفون بإسرائيل، لأنه من الصعب إيجاد حوار بين يهود يعتبرون أن إسرائيل هي جزء من الدين، ومسلمين ومسيحيين يعتبرون أن إسرائيل دولة مغتصبة طردت شعباً من المسلمين والمسيحيين من فلسطين، فهذه الدعوات تعطي حالة تطبيعية. ومن المؤسف أن دولاً عربية كبرى كمصر والأردن، مارست بعض التطبيع مع إسرائيل، حتى إن بعض الدول تزود إسرائيل بالغاز بأسعار منخفضة بما يمنحها المزيد من القوة على الشعب الفلسطيني. وقد قرأت أن رجال الإفتاء في هذه الدولة كانوا حائرين في إصدار فتوى بتحريم بيع الغاز لإسرائيل أو عدمه. وأيضاً من المؤسف أن بعض هذه الحكومات قد طبَّعت مع إسرائيل، لكنني أعتقد أن الغالبية من الشعوب العربية لم تنسجم مع حكوماتها في ذلك، ولذلك بقي التطبيع رسمياً ولم ينتقل إلى مستوى الناس.

س: ألا تعتقد أنه من الأجدر أن ندعو إلى حوار إسلامي ـ إسلامي قبل ذلك؟
ج: لقد دعوت منذ زمن طويل إلى الحوار الإسلامي ـ الإسلامي، حتى إنني دعوت إلى الحوار مع الوهابيين، باعتبار أن الكثير من الأفكار السلبية التي ينطلق بها أتباع هذا المذهب أو ذاك، تنطلق من بعض التراكمات التاريخية التي أوجدت حالاً من الضبابية في فهم المسلمين بعضهم لبعض، هذا إضافةً إلى أن القواعد التي ينطلق منها الحكم بكفر هذه الجماعة أو إسلامها، لم ترتكز إلى أسس علمية تحدد ما هو الكفر وما هو الإسلام. ومن الملاحظ أن بعض الفقهاء من بعض المذاهب يستحلون دماء المسلمين من المذهب الآخر، لكنهم لا يستحلون دماء غير المسلمين باعتبارهم من أهل الكتاب.
لذلك، فإنّ الحوار الإسلامي ـ الإسلامي ضروري جداً، لكن ليس عبر إقامة مؤتمرات، فقد أقيمت مؤتمرات كثيرة للتقريب بين المذاهب، لكن القضية تعاظمت حتى أصبحت في مواقع الخطر التي يستحل فيها المسلم دم المسلم الآخر، ويكفِّر فيها المسلم المسلم الآخر، على خلاف ما جاء عن رسول الله(ص) من أن "كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه". لذلك فإني لا أزال أدعو إلى مسألة الحوار الإسلامي، وقد شاركت في بعض المداخلات، كما في "المكاشافات" مع الدكتور عبد العزيز قاسم الذي وجه إليَّ الكثير من الأسئلة في ما يُتهم به المذهب الشيعي، وأجبت فيها إجابات صريحة لم ترضِ بعض الشيعة إضافةً إلى بعض السنة.
س: لنتكلم في الواقع، هناك "فزّاعة" شيعية في العالم العربي الآن، فما هي صدقية هذا الموضوع؟ وهل هناك تبشير شيعي؟

ج: أنا أتساءل: لماذا لا يقال إنّ هناك فزاعةً أمريكية، وخصوصاً أن أمريكا تسيطر سيطرةً شبه كاملة على العالم العربي من خلال سيطرتها على مقدراته الاقتصادية ومواقعه الاستراتيجية الأمنية؟ وهل للشيعة مواقع عسكرية في البلدان العربية؟ وما هي الأخطار التي تصيب العالم العربي من خلال الوجود الشيعي في داخل الجسم العربي، كما هو الوجود الشيعي في البحرين وفي الكويت وفي السعودية وفي عمان وفي الإمارات وغيرها، وهم مواطنون صالحون؟ وإذا حصلت هناك بعض المشاكل فهي مماثلة لأية مشكلة تحدث بين السنة أنفسهم أو بين الشيعة أنفسهم. ولا أعتقد أن هناك مشكلة شيعية في العالم العربي، وخصوصاً أن الشيعة يمثلون أقليةً في العالم العربي، ومهما أخذوا من مواقع، فإنهم لا يستطيعون مواجهة الأعداد الهائلة من السنّة في العالم العربي. ونحن نعرف أنه لا يوجد شيء اسمه المشروع الشيعي، ولا نقبل بأن يكون للمسلمين الشيعة أي مشروع يختلف عن مشروع إخوانهم من أهل السنة، لأننا نتطلع إلى مشروع إسلامي واحد يحتضن القضايا الإسلامية الكبرى، ويسقط كل هذه التهاويل المخترعة حول هلال شيعي هنا، وهلال سني هناك... إننا نتطلع إلى هلال إسلامي يحتضننا جميعاً، على أساس القيم والمفاهيم الإسلامية، وعلى أساس احترام صحابة رسول الله(ص) وأهل بيته، ورفض الإساءة إليهم تحت أي اعتبار من الاعتبارات.

س: وماذا عن دور إيران؟

ج: إنّ إيران في خطابها السياسي وفي علاقاتها بدول الخليج، وحتى في محاولتها لإيجاد علاقات طبيعية مع مصر والأردن، تحاول الانفتاح على هذه الدول والتعاون الاقتصادي معها. وهذا التعاون موجود بين إيران وبعض دول الخليج بما يساوي عشرات المليارات، وفي شكل طبيعي جداً. ولهذا، لا أتصور وجود مشكلة شيعية ـ عربية، ولا أتصور أيضاً وجود مشكلة إيرانية ـ عربية. هناك مشكلة كبيرة جداً هي مشكلة عربية ـ غربية، لأنهم يعتبرون أن العالم العربي يشبه البقرة الحلوب التي يحاولون أن يبتزوها من أجل تنمية اقتصادهم، حتى إن دول النفط العربي تأخذ الأموال ثمناً لهذا النفط، لكنها تودعه بنوك أوروبا وأميركا لتستثمره تلك الدول الكبرى في رخائها، في الوقت الذي يعاني العالم العربي من الفقر والبطالة والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية الكبرى.
والمشكلة الأخرى، هي مشكلة إسرائيل التي تريد السيطرة على العالم العربي، ويسمح لها بامتلاك السلاح النووي، بينما نلمح هجوماً متواصلاً من الدول الكبرى على إيران، وربما دخلت المسألة حتى في التخطيط العسكري ضدها، بزعم أنها تريد أن تقوم بمشروع نووي، وهو ما نفته إيران، حتى على مستوى الفتوى، وأكدت أنها لا تريد إنتاج سلاح نووي، لأنه أمر محرَّم بحسب فتاوى المراجع. بينما نجد أن إسرائيل تمتلك 200 قنبلة ذرية، وصواريخ تحملها بحيث تهدد المنطقة، وقد طالبت الدول العربية بأن تكون المنطقة خاليةً من السلاح النووي، لكن إسرائيل لم تستحِ، بل لم توقِّع على معاهدة حظر الأسلحة النووية، في حين أن إيران وقَّعتها، وهي تتعاون مع وكالة الطاقة الذرية. ولهذا فإنّ الكثير من المسؤولين العرب، تزورهم وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس من أجل أن توجههم إلى أن يعادوا إيران وأن يصادقوا إسرائيل. وأنا أسأل: هل إن مشكلة العراق هي مسألة الاحتلال الشيعي أم الاحتلال الأميركي والبريطاني؟ المشكلة أنهم يحاولون أن يغسلوا دماغنا، لكن بالوحل.

س: هناك من يقول إن المشكلة ليست في الشيعة، بل في تبعيتهم لإيران، ما رأيكم في ذلك؟

ج: نحن نقول إن المشكلة هي في تبعية العرب لأميركا، لأنّ في الشيعة هناك من يؤيد إيران ومنهم من لا يؤيدها، وأيضاً منهم من يقول بولاية الفقيه ومنهم من لا يقول بها. لكن المشكلة أن العالم العربي، في شكل عام، تابع لأميركا في سياساتها، وإلا فما معنى هذه الزيارات المتوالية للوزيرة رايس والمسؤولين الأميركيين، وبينهم الشخص الذي يريد إثارة الحرب في العالم نائب الرئيس ديك تشيني؟ وإذا كانوا يتحدثون عن تبعية الشيعة لإيران، فهل نتحدث باللغة نفسها عن تبعية السنة لأميركا؟ نحن لا نقول إن السنة تابعون لأميركا وإسرائيل، فالسنة في فلسطين يقاتلون إسرائيل ويعارضون أميركا، وبعض السنة يقاتلون الأميركيين وحلف الأطلسي في أفغانستان والعراق، فإذا كان بعض السنة من المسؤولين أو غيرهم يتبعون السياسة الاميركية، فلا يعني ذلك أن السنة في مصر أو الأردن أو الخليج وغيرها أتباع لأميركا وإسرائيل، وإذا كان بعض الشيعة يتعامل مع أمريكا، فلا يعني أن الشيعة في العراق ولبنان وغيرهما هم أتباع لأمريكا.

س: هناك من يطالب بتوحيد الجهاديتين السنية والشيعية...

ج: نحن نعرف أن هناك مقاومة وطنية شيعية في العراق، وكذلك هناك مقاومة سنية، كما أننا نعرف أن الذين حاربوا إسرائيل وحرروا أرض لبنان هم من الشيعة بأغلبيتهم، كما أنّ للسنة في لبنان دوراً كبيراً في المقاومة وفي دعمها وتأييدها، وهم لا يزالون معها ومع جهادها ضد العدو الإسرائيلي.

س: هل يعني ذلك أنك مع توحيد الجهاديتين؟

ج: نحن مع توحيد المسلمين في مواجهة الاحتلال لأي بلد عربي أو إسلامي، ونحن نتحدث عن إسلام واحد لا إسلامات، وعندما نتوحد على مستوى المشروع الإسلامي، فإن الوحدة الجهادية تأتي من داخل هذا المشروع.

س: أيضاً هناك دول عربية يغلب فيها الشيعة، ولكنها محكومة من غيرهم...؟

نحن مع توحيد المسلمين في مواجهة الاحتلال لأي بلد عربي أو إسلامي
ج: إنّ علينا أن نعمل لوحدة المسلمين أولاً، ثم لرفع يد الدول المستكبرة عنهم ثانياً، وبعد ذلك، يتفاهم السنة والشيعة على أن ينطلق الحكم هنا وهناك من خلال الكفاءات، وبعيداً من العناوين المذهبية التي نستهلكها على مستوى الحكم أو على مستوى المعارضة... إننا نتطلع إلى حكم يستهدي الإسلام في مقاصده وشريعته ومفاهيمه بعيداً من كل الأطر التي يعمل الإعلام لجعلها أطر خلاف بدلاً من أن تكون مواقع لقاء ومحبة.

س: هذا يعني أنكم لا تحبّذون وصول الشيعة إلى السلطة؟

ج: نحن لا نشجع على اختلال النظام، وعلينا أن نحفظ نظام الناس. لكن أنا أدعو، كما كنت أقول دائماً لبعض أصدقائنا في الكويت: "لا تقولوا حقوق الشيعة أو السنة، لكن قولوا حقوق الأسرة الكويتية".

س: ما رأيك في زيارة النائب سعد الحريري إلى النجف؟

ج: عندما اتّصل بي هاتفياً قلت له، إن تصريحك في ما يتعلق بالوحدة بين السنة والشيعة كان جيداً، ولكني أعتقد أن من الصعب أن يكون لزيارته تأثير كبير، لأنها تتحرك من خلال عناوين عديدة قد يتصل بعضها بالاقتصاد، ولا تشكل المسألة السياسية أمراً حاسماً فيها.